سادت حالة من الغضب والاستياء بين راغبى الترشح لخوض انتخابات مجلس النواب، بعد إعلان اللجنة العليا برئاسة المستشار أيمن عباس، رئيس محكمة استئناف القاهرة، الالتزام بحكم الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، الصادر أمس الأول، برئاسة المستشار يحيى دكروري، بقبول دعوى بطلان البند الرابع من قرار اللجنة رقم 70 فيما يتعلق بسريان الكشوف الطبية التي أجريت في فبراير الماضي على المرشحين المتقدمين للانتخابات المقبلة. وعبر الراغبون فى الترشح عن دهشتهم من تراجع اللجنة عن قراراتها، مؤكدين أنه استنزاف وإرهاق لقدراتهم، ووضع أعباء جديدة على كاهلهم، بالإضافة إلى عدم تحقيق التساوي بين من تقدم فى المرة الأولى وقام بعمل الإجراءات المطلوبة، ومن تقدم فى المرة الثانية، وأعلن البعض انسحابهم من المشهد الانتخابى وعدم خوضه للعملية الانتخابية برمتها. وقال مصدر باللجنة العليا لانتخابات مجلس النواب، إن اللجنة تحترم أحكام القضاء، وليس لها أى تدخل من قريب أو من بعيد بشأن الكشف الطبى، وأن وزارة الصحة هى التي تتقاضى الأموال التى تحصل جراء هذه الإجراءات، ورؤية اللجنة تأتى فى إطار احترام حكم القضاء مثلما حدث من قبل بشأن تقسيم الدوائر فى المحكمة الدستورية العليا، لافتا إلى أن الهدف الذى وضع من أجله القرار، كان بعد أخذ وزير الصحة. وعدة جهات أخرى، ولم تنفرد به إطلاقًا، ولكن اللجنة التزمت بهذا الأمر خاصة أن منطوق الحكم تضمن مخالفة صريحة لنص المادة 2 من قانون مجلس النواب، والحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري. وأكد المصدر أنه سيتم غلق باب الترشح في موعده 12 سبتمبر الجاري، واستمرار تلقى تقارير الكشف لمدة 3 أيام تبدأ من 13 حتى 15 سبتمبر الجاري، ويقتصر فقط على المرشحين الذين تقدموا بأوراقهم، وإنه لن يتم قبول أي طلبات ترشح جديدة بعد 12 سبتمبر، وسيقتصر عمل لجان تلقي طلبات الترشح بالمحاكم الابتدائية على تلقي التقارير الطبية من المرشحين واستمارة جديدة بطلب الترشح. قال د. ياسر حسان، مرشح الوفد بالقاهرة الجديدة، أن إجراءات الكشف الطبى التى قررتها اللجنة تعتبر عبئاً جديداً على الراغبين فى الترشح وخوض العملية الانتخابية، ولكن نلتزم بها لكونها حكم قضائى صادر من محكمة القضاء الإدارى وعلى الجميع الإلتزام به. وأكد حسان أنه لا خلاف علي أن الكشف الطبى منذ البداية كان محل خلاف ونقاش كبير فى الوسط السياسى، وأن الجميع إلتزم به لكون الأمر صادراً من الجهات القضائية، ومن ثم إلتزمت به اللجنة العليا، ولكن تكرار الأمر مرة ثانية يعد عبئاً شديداً على المرشحين بشكل كبير وكان من الأولى أن تتحمل الدولة إجراءات الكشف للتسهيل عليهم مؤكدا أنه سيخوض العملية الانتخابية بالرغم من كل هذه الصعوبات والتحديات. وأكد المستشار عيد هيكل، مرشح الوفد، عن دائرة المرج «فردى» ان قرار اللجنة العليا بإلزام المرشحين تكرار الكشف الطبى مرة أخرى استهزاء بالمرشح، قائلاً «لا يجوز ان تتعامل الدولة مع مرشحى مجلس النواب بهذه الطريقة المشينة». واستنكر هيكل استجابة اللجنة العليا للانتخابات لحكم محكمة القضاء الإداري، لافتاً إلي انه كان يجب الطعن على الحكم لعدم تحميل مرشحي البرلمان أعباء مالية, فضلاً عن إهدار المال العام والجهد والوقت. وحمل الحكومة نتيجة تأخر الانتخابات البرلمانية بسبب إعادة الكشف الطبى مرة أخرى وعدم اعتماد الكشف الطبى السابق، قائلاً «لست مقتنعاً بالكشف الطبى من البداية وهذه ظاهرة جديدة». وأبدى نافع هيكل مرشح الوفد عن دائرة الصف على المقعد الفردى انزعاجه، من إعادة الكشف قائلاً «ما يحدث تشتيت لأفكار المرشحين وهناك شىء يحدث فى الخفاء لتعطيل العملية الانتخابية وإحراج رئيس الجمهورية امام العالم». وأوضح أن المرشحين بعد أن تقدموا بأوراق ترشحهم أمام اللجنة وحصلوا على إيصال استلام أوراقهم والرمز الانتخابى، فإن ما حدث يعد إهدار للمال العام واهداراً للوقت والجهد ويصيب المرشحين بالإحباط وعدم الثقة بالنفس. أضاف أنه خسر أموال الدعاية الانتخابية بعد طبع الرمز الانتخابى الخاص به على اللافتات التى تم تصميمها بعد تقديم الأوراق، قائلاً «مش عارفين الهدف أيه من اللى بيحصل». وتخوف مرشح الوفد، من أن يخرج محامٍ بعد انعقاد البرلمان ليطعن على الحالة الصحية لأحد المرشحين بعد إجرائه عملية جراحية او تعاطى مخدر مما يهدد بحل البرلمان أو فصل العضو، لافتاً إلي ان عملية إعادة الكشف الطبى ليست طبيعية وغير قانونية وهناك اتجاه لإحراج رئيس الجمهورية ومؤامرة تتم لتعطيل العملية الانتخابية. ورأى محمد فؤاد، مرشح الوفد عن دائرة العمرانية، أن خطأ الدولة في تشريع قوانين غير دستورية بها عوار أو اخطاء لا يجب أن يتحمله المرشحون، مؤكدا أن إعادة الكشف الطبي مرة أخرى ودفع أموال لذلك يمثل عبئاً على المرشحين خاصة الفئات غير القادرة منهم كالشباب والمرأة وذوي الإعاقة. وأكد فؤاد أن الكشف الطبي الذي تم إجراؤه في السابق كان مفيدا للمرشح حيث استطاع أن يطمئن على نفسه وعلى صحته من خلال كشف شامل، لذلك فإن الأموال الذي دفعها لم تمثل عبئاً عليه، أما الكشف الطبي الجديد المقرر فإنه سيتضمن كشفاً نفسياً ومخدرات وهو ما يعد عديم الفائدة بالنسبة للمرشح. وأفاد فؤاد أن هذه الأشياء تعرقل سير العملية الانتخابية فضلا عن حالة الإرباك التي تحدثها للمرشحين ووضعهم في ظروف ضغط هم في غنى عنها، مبينا أنه يجب أن يكون هناك رؤية واضحة وشاملة وتريث وحرص خلال هذه المرحلة علي العبور بمصر هذه الفترة. وأشار مرشح الوفد عن دائره العمرانية، إلي ان الإيجابية الوحيدة في إعادة الكشف الطبي هي ضمان حقوق الشعب والتأكد من سلامة المرشحين بعدم تعاطيهم لأشياء مخالفة للقانون تتعارض مع قيامهم بدورهم البرلماني المنوط بهم بأكمل وجه. ووصف محمد عبدالنبي، مرشح الوفد عن دائرة الهرم إعادة الكشف الطبي للمرشحين ب«الأمر الساذج» مبينا أن هذا القرار يتعارض مع مبدأ إعطاء فرصة للشباب للمشاركة في الانتخابات وذلك بسبب الأموال التي سيتكلفونها مرة أخرى. وأشار عبدالنبي إلي أن المرشحين لن يستطيعوا الانتهاء من اوراق الكشف الطبي في المدة المحددة، لافتا إلي أن الأيام الثلاثة التى تم تحديدها لقبول الكشف الطبي غير كافية، وستجعل بعض المرشحين يحجمون عن الترشح حيث إنه من الأفضل أن يكون لفترة أطول من هذا. ولفت عبدالنبي إلي أن القرار بإعادة الكشف الطبي بعد طمأنة المرشحين بعدم إجرائه يؤكد حالة التخبط التي تعاني منها لجنة تعديل الانتخابات منذ توليها المنصب، مشيرا إلى أن الأحزاب طالبت كثيرا بتغييرها دون استجابة. وقال المهندس حسين منصور، مرشح الوفد، بدائرة الخليفة والمقطم والدرب الأحمر، إن قيمة الكشف الطبي 2850 جنيها تحتاج لنقاش حاد، والمرشحون في حالة استياء ويعتبر ابتزازاً واستهزاء من الحكومة بالمرشحين وكنا نريد إعادة الكشف بمبلغ رمزي وليس بدفع نفس القيمة مرة اخري وهذه المسألة سوف تستدعي الطعن علي القرار. وتساءل منصور: «ماذا تريد اللجنة العليا؟ وهل تريد الحكومة إعطاء الانتخابات لأشخاص معينة؟ وهذا الأمر يوحي بأنه لا يوجد انتخابات بسبب هذا التأجيل؟، وأبدت فاطمة الخليل، مرشحة الوفد بالدائرة الثانية عشرة بولاق أبوالعلا، استياءها من إعادة الكشف الطبى مرة اخرى على المرشحين، مبينة أن ذلك يعد استهزاء بالمرشحين وعدم مراعاة لظروفهم المعيشية، مكملة بقولها «إذا كانت اللجنة اخطأت فما ذنبنا نحن كمرشحين». أكدت أنه قد يتم الطعن علي الانتخابات مرة أخرى لان الطعون لم تنته، متسائلة «هل سيتم اجبارنا على إعادة الكشف مرات عدة بكمية عدد الطعون؟». وأوضحت انها ذهبت لتقديم أوراقها الانتخابية إلا انهم رفضوا استلام هذه الأوراق، مؤكدين ضرورة أن تعيد الكشف الطبى مرة اخرى، مضيفة «أنها مضطرة لإعادة الكشف مرة أخرى وإلا سيصبح ما دفعته فى الجولة الأولى كأن لم يكن، وتابعت بقولها « بكملة المصاريف طالما أن الدولة لم تحترمنا». وقال سعد بدير، مرشح حزب الوفد، فردى، عن الدائرة الخامسة عشرة قسم الوراق، أنه ليس لديه أى مانع من إجراء الكشف الطبى و التأكد من صحة جميع المرشحين، إلا أن المبلغ المدفوع لوزارة الصحة باهظ جداً. وأضاف أن حق الترشح مكفول لكل مواطن، والمبالغ المالية تقف عائقاً امام تحقيق حٌلم المواطن البسيط للترشح للبرلمان. وأكد محمد عونى، مرشح حزب الوفد، فردى، عن الدائرة السادسة عشرة منشأة القناطر، إن إعادة الكشف الطبي هى عبء على المرشح وإهدار للوقت، وأن الشهادات الطبية المستخرجة من جهات موثوق بها كافية، كما أن اجراءات الفحوص الطبية تجرى بشكل عشوائى ولا يوجد اى نظام داخل المستشفيات. وشدد مرشح حزب الوفد بدائرة منشأة القناطر علي أنه كان يجب على الدولة اجراء الفحوصات الطبية على المرشحين لمجلس النواب القادم مجاناً دون دفع أى مبالغ مالية. أعرب يحيي أبوشنب مرشح الوفد عن دائرة أبوالنمرس في الجيزة عن استيائه الشديد من قرار المحكمة بإعادة الكشف الطبي للمرشحين. وقال: صدمت من القرار وقال متعجباً: متي تنفذ الانتخابات دون عرقلة أو تأجيل؟ إلي متي يظل حال الدولة هكذا في تآخر ودون انتظام؟ وأضاف ان الانتخابات بالشكل الحالي تحتاج إلي رجال أعمال، وواصل قائلاً: «أنا راجل إمكانياتي بسيطة هعمل أيه كل يوم. الانتخابات عايزة رجال أعمال مش عايزة اللي زينا». وأكد أن أمواله سوف تذهب في المصاريف التي لا فائدة منها بسبب التأجيل في ميعاد التنفيذ المحدد لها. وقال ما يحدث هو تهريج من الحكومة في الوقت الذي يتحتم علينا سرعة النهوض بالبلاد وقيام مؤسسات الدولة، مشيرا إلي أن الانتخابات بعد ثورتين عظيمتين 30 يونية وثورة 25 يناير لابد أن تكون مكتملة ومنظمة علي أكمل وجه لان طموحات وآمال الشعب تبني علي هذا البرلمان الذي يمثل كافة الشعب. وأضاف أن المدة التي قامت الحكومة بمدها سوف تجعل البرنامج الانتخابي غير منتظم، وخصوصا أن فترة الحملة الانتخابية قصيرة جدا. وقال إنه مضطر لإعادة الكشف الطبي ولكن دون رضا عن القرار العقيم الذي لا فائدة منه سوي العرقلة والتأخير الذي لا فائدة منه.