الدستورية العليا أنقذت برلمان 2015 من الحل، هكذا وصف المراقبون المشهد السياسي بعد قرار المحكمة الدستورية العليا التي قضت بعدم دستورية نص المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 في شأن تقسم دوائر انتخابات مجلس النواب. في أعقاب الحكم أعلنت اللجنة العليا للانتخابات تأجيل الانتخابات البرلمانية لحين مراجعة القانون المنظم لها، فيما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بسرعة إجراء التعديلات اللازمة. وكان من المقرر أن تجري انتخابات مجلس النواب علي مرحلتين في مارس وأبريل من العام الجاري. المغازي: الإجراءات كلها من جديد.. ومن حق عز الترشح مرة أخري مصدر: الكشف الطبي سار علي من تقدموا.. ولا يوجد منع للترشح سوي بالوفاة بيان صادر عن رئاسة الجمهورية قال إن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه الحكومة لإجراء تعديلات علي القانون خلال شهر. وذكر البيان أن السيسي "أصدر توجيهاته إلي الحكومة بسرعة إجراء التعديلات التشريعية اللازمة علي القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، بما يتوافق مع الدستور وما تضمنه حكم المحكمة الدستورية العليا. وفي الوقت نفسه هناك حالة من القلق والحيرة انتابت المرشحين خاصة الشباب الذين تقدموا بأوراقهم وسددوا رسوم التقديم والكشف الطبي متسائلين ما هو مصيرنا ومصير أموالنا التي أنفقناها وهو مارد عليه مصدر قضائي بأن هذه الأمور كلها مازالت محل دراسة من قبل اللجنة العليا للانتخابات التي ستعلن عنها في بيان رسمي، هذا بالإضافة الي القلق الكبير الذي انتاب مرشحي الفردي خوفا علي تفكك دوائرهم أو زيادتها. وفي هذا الإطار أيضا هناك أزمة خاصة فمن قام بإجراء الكشف الطبي من المرشحين للتأكد من حالتهم الصحية وإثبات قدرتهم الصحية لأداء العمل في البرلمان والتي بلغ قيمة ماتم دفعه حوالي 30 مليون جنيه وجاء تأجيل الانتخابات لقترة زمنية لم تحدد وقد تطول أو تقصر ولكن هناك تساؤلا شديد الأهمية هل سيعيد المرشحون الكشف الطبي مرة أخري خاصة أنه من الممكن أن يصاب عدد من المرشحين بأمراض في الفترة التي تفصل بين الترشحين الأول والثاني وفي هذه الحالة سيكون من الأصوب أن يعيد كافة المرشحين الكشف الطبي مرة أخري مما يعني دفعهم ل 30 مليون جنيه مرة أخري؟ وهل سيعاد الكشف مرة أخري أم ستخاطر اللجنة العليا باعتماد الكشف الطبي الأول رغم أن الحالة الصحية لأي شخص من الممكن أن تتغير في تلك الفترة. وصرح مصدر طبي من وزارة الصحة "لآخرساعة" أنه سيتم التنسيق مع اللجنه العليا للانتخابات لتحديد هذا الشأن وإخطار العليا للانتخابات لكن من المؤكد أنه سيكون غير مطلوب من أي مرشح تقدم من قبل بإجراء كشف طبي مرة أخري طالما تم قبول أوراقه واجتاز الكشف الطبي بنجاح في المرة الأولي ولا يمنع المرشحين الذين تقدموا من قبل من الترشح إلا حالة الوفاة. ومن خلال رصد محطات حل البرلمان المصري نجد أن الدستورية العليا قد حلت البرلمان عددا من المرات وكانت أسباب الحل وقتها بسبب قانون الانتخابات ونظام القائمة والفردي ففي عام 1984 صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب الذي تم انتخابه بالكامل بنظام القوائم الحزبية. واعتبرت اللجنة أن القانون حرم المستقلين غير المنتمين لأحزاب سياسية من الترشح. وفي عام 1987 صدر حكم آخر من المحكمة الدستورية بحل المجلس الذي تم انتخابه بالجمع بين نظامي القائمة والفردي. واعتبرت المحكمة أن اتساع الدوائر في هذه الانتخابات لم يحقق عدالة المنافسة للمستقلين. كما أن الأحزاب دفعت بمرشحين لها علي المقاعد الفردية. وفي عام 1990 أصدرت المحكمة الدستورية حكماً بحل مجلس الشعب بسبب عدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات وأكدت في حكمها أنه "باطل منذ انتخابه". إلا أن الرئيس السابق مبارك رفض تنفيذ الحكم واستمر المجلس في عمله لمدة 4 أشهر أصدر بعدها مبارك قراراً بوقف جلسات المجلس في أكتوبر 1990، ودعا الشعب للاستفتاء علي حل المجلس. وظهرت نتيجة الاستفتاء بحل مجلس الشعب وتم عقد انتخابات جديدة بالنظام الفردي فقط. وفي عام 2012 تم حل مجلس الشعب المنتخب عقب ثورة يناير بحكم من المحكمة الدستورية بسبب عدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات. وجاءت أسباب حله مشابهة لقرار المحكمة بحل مجلس الشعب في 1990 بأنه "باطل منذ انتخابه". وبهذا يكون قد تم حل مجلس الشعب 4 مرات بحكم الدستورية العليا وذلك في أعوام 1984 و1987 و1990 و2012. وهو السيناريو نفسه الذي تكرر مع قانون تقسيم الدوائر في انتخابات 2015. ورغم تكليفات رئيس الجمهورية بتعديل قانون تقسيم الدوائر في مدة لا تتجاوز الشهر إلا أن المتوقع أن يكون مخالفا لذلك فرحلة إعداد القانون نفسه قد تستغرق أكثر من تلك المدة المحددة. رحلة قانون تقسيم الدوائر الانتخابية منذ صدور القانون من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي في 22 ديسمبر العام الماضي، حتي صدور قرار المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 202 الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية، والتي تنص علي "يحدد نطاق ومكونات كل دائرة انتخابية وعدد المخصصة لها ولكل محافظة طبقًا للجداول المرفقة، بما يراعي التمثيل العادل للسكان وللمحافظات". أخذت أكثر من شهر فمن المتوقع طبقا لمصادر بلجنة الإصلاح التشريعي أن تطول مدة تعديل القانون. وبدأ قانون تقسيم الدوائر في 22 ديسمبر 2014 " وأصدر الرئيس قراراً بقانون بشأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، ونص القانون علي أن أحكامه تسري علي أول انتخابات لمجلس النواب تجري بعد العمل بأحكامه وعلي كل انتخاب تكميلي لها ويلغي كل ما يخالفه من أحكام. وشمل القانون تقسيم جمهورية مصر العربية إلي مائتين وسبع وثلاثين دائرة انتخابية تخصص للانتخاب بالنظام الفردي، كما تقسم إلي أربع دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم، وينص كذلك علي أنه يحدد نطاق ومكونات كل دائرة انتخابية وعدد المقاعد المخصصة لها، ولكل محافظة، بما يراعي التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين. وبعد صدور القانون لم يسلم من الطعون حيث أمام النائب السابق محمد أبو حامد أول طعن أمام محكمة القضاء الإداري مطالبا فيه ببطلان قانون تقسيم الدوائر الانتخابية بمجلس النواب ووقف تنفيذه، وذلك لضم القانون مركزي أخميم وساقلتة بسوهاج في دائرة واحدة. وطالبت الدعوي ببطلان قانون تقسيم الدوائر وما تضمنه من ضم لدائرتي ساقلتة وأخميم بمحافظة سوهاج إلي دائرة انتخابية واحدة، لأنه طبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1833 لسنة 2014، وتم دمج مركزي ساقلتة وأخميم، وهو ما يؤدي لفوز أحد مرشحي المركزين دون غيره ودون مراعاة التناسب السكاني. وفي 27 يناير 2015 قضت محكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة، برئاسة المستشار يحيي الدكروري، بعدم الاختصاصً. وفي 2 فبراير 2015 " أقيمت دعوي قضائية جديدة ضد القانون" طالبت الدعوي التي أقامها عبد الله ربيع المحامي عضو الحزب الناصري، ببطلان قراري اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية بدعوة الناخبين للانتخاب وفتح باب الترشح لمخالفتهما الدستور، وأسندت الدعوي مطلبها إلي ضرورة وقف الانتخابات المرتقبة انتظارًا للفصل في مدي دستورية المواد 3 و4 و5 و10 من قانون مجلس النواب ومدي دستورية المواد 3 و4 من قانون تقسيم الدوائر. وفي 3 فبراير 2015 " قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، برئاسة المستشار يحيي دكروري بعدم اختصاصها بنظر الدعوي المقامة من "عبد الرافع درويش" رئيس حزب فرسان مصر، والمطالبة ببطلان تقسيم الدوائر الانتخابية وعدم دستورية قانون النواب. وفي 22 فبراير 2015 قررت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عدلي منصور، تحديد جلسة 25 فبراير الحالي، لنظر 4 دعاوي مقامة من عدد من المحامين ببطلان قوانين تقسم الدوائر الانتخابية ومجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، بعد إيداع تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية. وفي 25 فبراير 2015 قررت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، النائب الثاني لرئيس المحكمة، تأجيل نظر 4 دعاوي تطالب بعدم دستورية القوانين المتعلقة بالانتخابات المتضمنة قوانين مجلس النواب، وتقسيم الدوائر، ومباشرة الحقوق السياسية لمخالفتها الدستور، لجلسة الأحد 1 مارس للحكم. وفي1 مارس 2015 قضت المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 202 الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية. وقال مصدر حكومي إننا سنعمل علي قدم وساق من أجل إنجاز المرحلة الثالثة من خارطة الطريق وإنجاز التعديلات المطلوبة مشيرا إلي أن التعديلات التي ستجريها الحكومة علي قانون الانتخابات وفقا لمنطوق حكم المحكمة الدستورية ولتكليفات رئيس الجمهورية ستكون علي جداول تقسيم مقاعد النظام الفردي، وفقا لما أعلنت عنه المحكمة الدستورية في حكمها. وأضاف أن الحكومة في انتظار تسلم أسباب الحكم من المحكمة الدستورية، لبدء إجراءات التعديل لمعرفة ما إذا كان ستتم زيادة أعداد المقاعد أم انخفاض أعدادها. مضيفا أن كل ذلك سيتم تعديله وفقا لما سيتضح من مذكرة أسباب الحكم الخاصة بالمحكمة الدستورية. قانونيون قالوا ل"آخر ساعة" إن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر، بعدم دستورية المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر يترتب عليه وقف إجراءات انتخابات مجلس النواب، وفتح باب الترشح من جديد، وتعديل قانون تقسيم الدوائر في ضوء حكم المحكمة الدستورية وملاحظاتها وإعادة صياغة المادة الثالثة. وقالوا إن الحكم الصادر يترتب عليه وقف إجراءات الانتخابات البرلمانية وإعادة فتح باب الترشح مرة أخري. أنه يترتب علي الحكم أيضا إعادة صياغة المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر التي قضت المحكمة بعدم دستوريتها في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا وحيثياته وملاحظاتها، وهي مهمة رئيس الجمهورية الذي يتولي سلطة التشريع حاليا في ظل غياب البرلمان وفقا للدستور، ويمكن أن يحيل الرئيس القانون علي لجنة لتقوم بإعادة صياغة المادة الثالثة. وأن الطعون التي قضت فيها المحكمة الدستورية العليا ستحال إلي محكمة القضاء الإداري مرة أخري والتي تكون ملزمة بحكم "الدستورية العليا"، وعلي اللجنة العليا للانتخابات أن تصدر قرارا بوقف انتخابات مجلس النواب. وأكد الدكتور عبد الله المغازي أستاذ القانون الدستوري أنه ستتم إعادة تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب الفردية مرة أخري وهو ما سيستغرق وقتا حتي تتم إعادة التقسيم في ضوء حكم "الدستورية" وبما يتوافق مع نصوص الدستور حتي لا يطعن عليه مرة أخري، مشيرا إلي أن كل الإجراءات التي اتبعت وانتهت لإجراءات انتخابات البرلمان ومنها فتح باب الترشح وغيرها ستعاد مرة أخري من جديد وبالنسبة للمرشحين الذين رفضوا من قبل فمن حقهم التقدم للترشح مرة أخري بشرط استيفاء الأوراق وأكد المغازي أن أحمد عز من حقه التقدم للترشح مرة أخري إذا استوفي أوراقه. وبالنسبة للرسوم التي تم دفعها فمن حق المرشحين رفع دعاوي علي الدولة لأنها هي المسئولة عن العملية الانتخابية برمتها لاسترداد ما تم دفعه وبالأخص مصاريف الكشف الطبي.