كل عام وأنت «عادى» بقلم:أ.د. يحيى الرخاوى الاربعاء , 31 أغسطس 2011 03:30 -1- قال الشاب لأخته: أغلقى هذا «الهباب» قالت: يا سلام!! دع أنت الحجرة إن لم يكن يعجبك قال: .. إنهم يمضغون الكلام ويعيدون مص مصاصة الآراء، وكل واحد منهم يفتى، وكأنه فتح عكا قالت: بينى وبينك، هم خير من يمثلنا، لقد سمعت أبى وأمى يتناقشان ولم أفهم حرفا مما يقولان قال: وهل أنت يعنى التى تقولين كلاما له معنى؟ قالت: على الأقل أحاول أن أفكر قال: هذا ما هو ما تتوهمينه، أنت تدورين حول نفسك، تماما مثل هؤلاء الذين يملأون الشاشات ليل نهار، حقهم يسمونها «ثورة التوك شو» قالت: إياك أن تقلل من قدر الثورة، دعنا نفرح قال: أنا شبعت فرحا، وحين توقفت عن الفرح ملأنى الخوف من زحمة التفكير، فقررت أن أواصل الفرح وأتوقف عن التفكير. قالت: تتوقف عن ماذا؟ وهل أنت كنت تفكر أصلا؟ أنت تنزل وتروح وتجىء وخلاص قال: على قدر حالى، على الأقل أحسن من هؤلاء الذين تشاهدينهم ليل نهار، مالذى يقولونه بالله عليك؟ قالت: عادى -2- ........... قالت المرأة لزوجها: ...وأنت بالصحة والسلامة قال الرجل: عادى قالت: عادى ماذا؟ ألم تقل لى كل سنة وأنت طيبة؟ قال: لم يحدث قالت: نعم؟! نعم! هل أنا أهلوس قال: عادى قالت: ماذا هو هذا العادى؟ قال: الذى تقولين عليه قالت: الهلوسة أمر عادى؟ يا رجل حرام عليك، لم يعد أى شىء عاديا، الأمور كلها تغيرت قال: الحمد لله على سلامتها قالت: على سلامة من؟ قال: على سلامة «الأمور»، مادامت قد تغيرت قالت: المفروض أن كل شىء أصبح «غير عادى»، ألم تقم ثورة؟ أم أنك ليس عندك فكرة؟ قال: ماذا تقولين، أنا أكثر المنتمين إلى الثورة، ألم أصحبكم إلى ميدان التحرير أنت والأولاد من بدرى بدرى؟ قالت: والله أنا لست متأكدة من موقفك، أنا استغربت، بصراحة داخلنى شك أنك تتفرج، أو ربما كنت تتقى الاتهام بالسلبية، وكلام من هذا قال: بصراحة أنت التى تجاوزت حدودك، حاسبى فى كلامك ونحن فى العيد، كل سنة وانت طيبة قالت: أخيرا؟ !! طيب : وأنا طيبة كيف، والبلد ليست بلدنا؟ قال: بل بلدنا ونصف قالت: لقد استولوا على خيرها وتركوها لنا على الحديدة قال: أين هى قالت: هى ماذا؟ قال: الحديدة؟ قالت: أنا لا أمزح، هل هذا عيد بالله عليك؟ قال: الذى فى قدرتى عملتُه قالت: يا فرحتى قال: يعنى أسرق؟؟ قالت: عادى، ما دامت هذه هى الطريقة لنعيش ونعيّد قال: لم يعد هناك شى يمكن سرقته قالت: خيبتك بليغة حتى فى السرقة قال: علّمينى ربنا يخليك قالت:عيد هذا؟ أم غم أزلى؟ قال: غم أزلى -3- قالت البنت لأخيها: هل سمعت أبى وأمى قال أخوها: نعم قالت: هل فهمتَ شيئا؟ قال: فهمت أننا فى مصر قالت: مصر يعنى ماذا؟ قال: يا نهارك اسود، هل أصابتك العدوى؟ مصر هى الخير كله قالت: أنت الذى تخرّف قال: طبعا، ثورتنا سوف تنتهى إلى خير، غصبا عنك قالت: غصبا عنى أنا؟ أنا فخورة بما فعلنا، وقد حذا حذونا الجميع، وها نحن قد حررنا ليبيا ،هذه ثالث بلد تتحرر، وعقبال اليمن وسوريا قال: هل أنت التى حررت ليبيا بالسلامة؟ قالت: نعم طبعا، أنا، أنا أمثل الثوار، ونحن ندعم بعضنا بعضا . قال: على عينى ورأسى، لكن والنبى خلوا بالكم من القناصة، والقراصنة إعملى معروفا قالت: تعنى من؟ قال: خذى عند : الناتو يستعد ليقبض الثمن، ولعابه يسيل على حقول البترول، والجماعات المخيفة تلوح لنا إما بصكوك الغفران، أو التهلكة . قالت: لكل شىء ثمنه، وبرغم كل ذلك فالانتصارات تتوالى. قال: عقبال فلسطين قالت: لا لا، فلسطين شىء آخر قال: يعنى ماذا؟ قالت: فلسطين تحكمها عصابتان، ويحتلها أجنبي، وحين تستقل ويحكمها ديكتاتور سوف تتحرر قال: الله الله !! خريطة طريق أسلك، لعل هذا يكون أسرع لاستعادة الحرية والأرض معا قالت: يبدو أن استعادة الأرض أسهل من استعادة الحرية؟ قال: يعنى ماذا؟ قالت: إيش عرفنى،!؟ -4- قال الشاب لصاحبه: أختى قال صاحبه: مالها؟ قال: قارفانى فى عيشتى قال صاحبه: ماذا تفعل؟ قال: تسألنى فيما ليس لى فيه، وتضطرنى أن أفكر قال صاحبه: تضطرك أنْ ماذا؟ قال: أن أفكر قال صاحبه: وهل أنت لا تفكر؟ قال: لم أجد له فائدة؟ قال صاحبه: ما هذا الذى ليس له فائدة قال: التفكير قال صاحبه: حلال عليك، لكننى أحبها قال: تحب من ؟ قال صاحبه: أحب مصر قال: آه ! ظننت .... قال صاحبه: ظنك فى محله، أنا أحب مصر وأحب أختك وهى تحبنى، وقد اتفقنا أن نعمر سيناء معا قال: هكذا خبط لصق؟ قال صاحبه: بعد أن نتزوج طبعا، هل تأتى معنا ؟ قال: والله فكرة، على شرط أن تبعد عنى أختى فلا تضطرنى أن أفكر قال صاحبه: عادى -5- قال الرجل لزوجته: هل أخبرتك؟ لقد قابلت صاحبى زميل الدراسة الذى كنت تغارين منه، قالت: ياه !! بعد هذا العمر؟ قال: لست أعرف ما الذى ذكّره بى، قال إننى وحشته فجأة قالت: وكيف حاله قال: زفت قالت: لماذا؟، لماذا زفت؟ قال: كفر بالله قالت: كفر بمن؟ قلت: قلت لك «بالله»!! أستغفر الله الغظيم قالت: لماذا؟ يا عينى عليه قال: لجأ إليه بعد جمعة 29 يوليو، أصابته صرْعة لا يذكر تفاصيلها، خرج منها ناسيا هائما على وجهه وكان ما كان قالت: ماذا كان؟ قال: مخه ضرب، وراح يردد أنه اكتشف لماذا خلقنا الله قالت: وهل هذا كفر؟ قال: يقول إنه وجد أن الله خلقنا ليملأ بنا فراغ الدنيا، قالت: وماذا فى هذا؟ قال: قال كلاما كثيرا بعد ذلك يشرح فيه فكرته، أخاف أن أعيد نَصّ كلامه، استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم قالت: إياك أن تقابله ثانية قال: أنا لا أخاف من هذا الكلام الفارغ ، أنا دينى متين كما تعلمين قالت: أنا لا أعلم شيئا، إبعد عنه وخلاص قال: لقد أقنعته قالت: أقنعته بماذا؟ قال: بأنه مجنون قالت: وأنت؟ قال: سيد العاقلين قالت: تسلم لى! قال: تسخرين ثانية؟ قالت: طبعا تسلم لى، إن لم تسلم لى تسلم لمن؟ قال: لمصر قالت: اسم الله، تماما مثل بنتنا المهفوفة التى سوف تذهب مع خطيبها لتعمير سيناء قال: والله فكرة قالت: فكرة ماذا، هل جننت مثل صاحبك؟ قال: عادى قالت: الله يخرب بيتك، ما حكاية عادى هذه قال: إيش عرفنى قالت: كل سنة وانت طيب قال: خيرها فى غيرها قالت: ما هذا؟ من هى؟ قال الرجل :»هى» غيرها ، يعنى التى ليست «هى» -6- قالت البنت لأخيها : كان عندك حق أن تترك الحجرة، يبدو أن التوك شو هذا مرض معد فعلا قال أخوها : عادى
www.rakhawy.org أستاذ الطب النفسى كلية الطب جامعة القاهرة