يظل الحديث عن تنمية الصعيد، وحل مشاكل المستثمرين والاستثمارات فيه، لا يخرج عن نطاق الحلقات النقاشية والحوارات، أما التحرك الفعلي علي أرض الواقع فهو أمر يسير بسرعة السلحفاة، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيارات المسئولين والوزراء والشو الإعلامي. رجال الأعمال وجمعيات مستثمري الصعيد، طرقوا جميع الأبواب لعرض مشاكلهم، والعوائق التي تحد من تنمية الاستثمار في الصعيد، ودائماً ما كان الأمر ينتهي عند باب الخروج لدي كل مسئول، إلا أن توجيهات الرئيس بالاهتمام بتنمية الصعيد أعادت الأمل مرة أخري لدي المستثمرين في الصعيد ومجتمع الجنوب كله الذي عاني الإهمال عقوداً طويلة، خاصة بعد تصريحات وزير الاستثمار القائلة بأن تنمية الصعيد، والمشاركة في مشاريعه إجباري وليس اختيارياً علي القطاع الخاص، وجاءت بعض تصريحات جماعة بيت المقدس الإرهابية مؤخراً حول نقل نشاطهم إلي الصعيد، عقب الضربات المتتالية التي تلقوها من الجيش، وأيضاً من قبائل سيناء التي أعلنت مشاركتها للجيش في محاربة هذه الجماعة، كل هذه الأمور جعلت من تنمية الصعيد قضية قومية لا تحتمل التأجيل أو البقاء في حيز الأحاديث دون تطبيق علي أرض الواقع. محمود الشندويلي، رئيس جمعية مستثمري سوهاج، قال: إن مشاكل الاستثمار في الصعيد مزمنة، ومتوارثة بين الحكومات علي تعاقبها، ولكن الظروف الحالية تقضي بضرورة تغير منهجية التعامل مع الاستثمار في الصعيد، إذا أرادت الدولة أن يكون هناك تنمية حقيقية ملموسة علي أرض الواقع في الصعيد، وأهم خطوة للتحرك لتنمية الجنوب هي تحديد طبيعة الحوافز التي ستقدم إلي المستثمرين في محافظات الصعيد لتشجيع رجال الأعمال لضخ استثمارات في هذه المناطق التي تعاني الإهمال، والتحجيم الذي نتج عنه فوزها بأعلي نسبة في معدلات البطالة بين شبابها علي مستوي الجمهورية، كما جعلها الأولي في معدلات الهجرة للعاصمة الكبري. وأضاف «الشندويلي» أن الصعيد لديه مقومات للحصول علي فرص استثمارية أكبر كثيراً عن الموجود حالياً، لكنها نحتاج لعوامل النجاح، أهمها اللوجستيات مثل الموانئ لتسهيل التصدير، حيث يتواجد بالصعيد أربع مناطق صناعية إلا أنها مناطق فقيرة - علي حد وصفه - تحتاج بنية تحتية وتعمير وإمكانات لتدريب العمالة. لم يختلف كلام، علي حمزة، رئيس جمعية مستثمري أسيوط، نقيب صناعيين الصعيد، عن «الشندويلي» إلا أنه أضاف باحتياج الصعيد لاكتمال منظومة الاستثمار مثلها مثل باقي المحافظات، حتي يأتي قانون الاستثمار الجديد بثماره المرجوة، سواء تعديلات تشريعية تخص بعض القوانين مثل قانون العمل، أو تغيرات في الأنظمة العاملة علي الاستثمار مثل: المحليات والأنظمة المصرفية، التي تمثل العائق الأكبر أمام الاستثمار في الصعيد، حيث يعاني الجنوب كله من ندرة التمويل من البنوك. وأشار «حمزة» إلي تخصيص الحكومة 200 مليون جنيه في موازنة العام المالي الجاري 2014/2015 لدعم التنمية في الصعيد، إلا أنه حتي الآن لم يتحدد أسلوب الاستفادة من هذا المبلغ البسيط، رغم إعلانها عن العديد من الخطط لتنمية الصعيد.. وأضاف أن الصعيد لديه مساحات شاسعة من الأراضي غير المأهولة سواء من ناحية الشرق أو الغرب، تنمية هذه المساحات وبناء مجتمعات عمرانية بها سوف يسهم بشكل كبير في تغيير الصعيد كله، خاصة في ظل وجود البحر الأحمر إلي الشرق من الصعيد مما يسمح بإقامة موانئ تجارية، تسهم بشكل كبير في إنعاش الاستثمارات بالصعيد. محمد جنيدي، رئيس مستثمري 6 أكتوبر، قال: إن مشاكل الاستثمار في الصعيد لا تختلف كثيراً عن أي مناطق أخري علي مستوي الجمهورية، إلا أنها الأقل نصيباً في اهتمام الحكومات، وباتت تنميتها والاستفادة منها أمر ضروري بعد المشاكل التي ظهرت وتفاقمت من إهمالها.. مضيفاً أنه آن الأوان أن يتمتع أهالي الجنوب بكل الخدمات المقدمة لمواطني العاصمة ومحافظات بحري، خاصة أن الصعيد يمتلك من المقومات ما يؤهله لجذب المزيد من الاستثمارات وجعلها في مصاف المناطق الصناعية. جمعية رجال الأعمال قررت أن يكون لها دور محوري لتشجيع القطاع الخاص للاتجاه للاستثمار في الصعيد، وأيضاً أن تشارك وبقوة في حل مشاكل مستثمري الصعيد، بأن تكون وسيطاً فاعلاً بين المستثمرين والجهات المختصة سواء علي مستوي المحافظات والمحليات أو الوزارات وحتي البنوك، وكانت البداية الفعلية لهذا التوجه بعمل المائدة المستديرة التي نظمتها لجنة المسئولية الاجتماعية برئاسة الدكتورة نيفين عبدالخالق، التي جاءت بعنوان «الاستثمار في الصعيد.. الفرص والتحديات» التي ناقشت فرص الاستثمار في محافظتي أسيوطوسوهاج، وهي بداية لعقد سلسلة من المؤتمرات والفعاليات سيتم تنظيمها لإلقاء الضوء علي الفرص الاستثمارية بكافة المحافظات بالدلتا والصعيد خلال الفترة المقبلة. كان من رأي المهندس حسين صبور، رئيس الجمعية، أن من حل مشاكل أزمات العاصمة يبدأ بتنمية الصعيد الذي تسببت الهجرة منه والنزوح إلي العاصمة في معظم مشاكل العاصمة، متوقعاً أن يصل عدد سكان القاهرة في 2050 إلي 40 مليون نسمة. وأضاف أن جمعية رجال الأعمال المصريين ستلعب دوراً محورياً في تشجيع القطاع الخاص للاتجاه إلي الاستثمار في محافظات الصعيد، وأقامت مشروعات تنمية بها بالتنسيق مع المحافظين كجزء من مسئولياتها الاجتماعية دون النظر إلي موازنة الدولة.