صناعة النجومية في السينما المصرية أمر ليس بالسهل خاصة عندما تكون الساحة ممتلئة بالقامات التي تجعل من المنافسة مسلحة بكل الأدوات فهناك نجوم صنعتهم المرحلة وهناك من صنعهم مخرجون كبار، لكن الكاتب والسيناريست الكبير مصطفى محرم صنع كثيراً من النجوم والنجمات وأعطى قيمة وأهمية لكتاب السيناريو وهو ما جعله يتوج كواحد من أهم مبدعي عصرهم في كتابة السيناريو في السينما ب 105 أفلام منها 90 فيلماً مثلت مصر في مهرجانات دولية ومحلية حازت على العديد من الجوائز. كما قدم 35 مسلسلاً نقل بها الدراما لشكل آخر بداية من «جلباب أبي» و«الحاج متولي» و«ريا وسكينة» و«الباطنية». محرم يرى أن الدراما الآن تنقل أسوأ ما في السينما ومفرداتها للشاشة التليفزيونية وهذا ليس مطلوباً في هذه المرحلة الفارقة التي تحتاج لمزيد من العمل والجهد والبناء. في هذا الحوار يفتح محرم قلبه للحديث عن أزمة الفن في مصر من سينما ودراما ويسرد مواقف وحكايات عمله من نجوم جيله وكيف كانت علاقته بشادية وسعاد حسني وأحمد زكي وعادل أدهم ونجاحه في تأكيد نجومية كبار عصره، كما يقول أمثال النجوم نور الشريف ومحمود ياسين ومحمود عبد العزيز والفيشاوي ومديحة كامل ونبيلة عبيد ونادية الجندي وكان معه هذا الحوار: بداية كيف ترى شكل الدراما التي تقدم الآن وتوقعاتك لدراما رمضان القادم؟ - للأسف لاترى في الدراما المستوى الذي تتطلبه المرحلة المهمة التي تعيشها مصر وتتطلب الدعوة للانتماء والبناء والعمل والاخلاص للوطن وما يطرح الآن موضوعات.. «هايفة» وللأسف ستستمر دراما «الهلس والقتل والعري والأخلاق المتدنية» طالما هناك منتجون في القطاع الخاص «يسترخصون» الانتاج ويتمسكون بالنجم على حساب الموضوع والانهيار سيستمر طالما هناك غياب واضح للانتاج الرسمي الذي يعتبر رمانة الميزان ويعيد التوازن الفكري والتوجه الوجداني للدراما لأن تأثيرها هى والسينما «رهيب» جداً في تعميق الثقافة الخاصة بالانتماء والعمل وحسب الوطن. لكن البعض يرى تطوراً كبيراً في الدراما التي تقدم الآن؟ - هذا حقيقي وأنا بالمناسبة لست ضدها لكن الواضح جداً هو التطور في الشكل والصورة والاخراج ونسى القائمون عليها أهم عامل للنجاح في الدراما وهو المضمون. وللأسف لم تجد جهات العرض غير هذه النوعية من الدراما التي تحررت من كل قيود والأخلاق والالتزام يقيم وعادات وتقاليد الأسر المصرية وأصبح المنتج الخاص هو الذي يقود الصناعة، وهو بالطبع لا يهمه سوى المكسب المادي دون النظر للقيمة والمضمون المعنوي. وهل ترى التوازن في عودة إنتاج الدولة؟ - لا حل إلا في ذلك بالطبع وقال الدولة تتكلم كثيراً عن تشجيع الفنون والسينما والدراما لكن الواضح أنه مجرد كلام وهذا خطر جداً لأن الدراما في طريقها للانهيار مثل السينما، وتسأل لا أدرى ما الذي قدمه مؤتمر «أخبار اليوم» عن الفنون بتوصياته، ولا أدرى ماذا يفعل اتحاد الاذاعة والتليفزيون في الابداع فهو تفرغ لإدارة وتدبير الأمور المالية ل 45 ألف موظف بدون ابداع ولا أدري أين المدينة وقطاع الانتاج وصوت القاهرة؟ أين الحلول وأين الانتاج وأين السيولة المالية؟ لا حل لتوازن السوق الذي يعتبر من أخطر الصناعات التي تمثل صناعة تنمية الفكر والوجدان الا بتدخل الدولة واعتبارها للانتاج السينمائى والدرامي سلعة استراتيجية وليست استهلاكية، ومع ذلك أنا متفائل بعد توجيه الرئيس لصناع الفن بأن يفعلوا أشياء جيدة في المستقبل في كلامه الأخير. وما رأيك في الأعمال التي حققت نجاحاً جيداً في رمضان الماضي؟ - وللأسف جميعاً ليس لها قيمة والاعلام «هلل وطبل» لأعمال كانت أكثر من سيئة حتى مستوى النجوم الكبار الذين تواجدوا لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن عمل جيد وأصبحوا مجرد متلقين للأعمال بعد أن كانوا يبحثون عنها ويشاركون في صناعتها منذ البداية واكتفوا بجمع الملايين خوفاً من سنهم وضياع الفرص، وأضاف: ما يؤكد أن الفن والدراما تحديداً في طريقها للانهيار إن لم تكن انهارت بالفعل هو بقاء المخرجين الكبار في بيوتهم لاعتماد شركات الانتاج على مخرجين شباب ليس لديهم خبرة الا في الصورة فقط ويذهبون للشركات بمشروعات متكاملة بالنفي والنجوم وللأسف رغم تميز الكثير منهم فإنهم نقلوا آفات السينما للمشاهد في البيوت وأصبح مناخ الدراما استسهالا واستهلاكا واسترخاصا وللأسف لم تقدم الا القليل في التجديد والابتكار الاخراجي ونقلوا فقط «الصور المتحررة» والألفاظ «الوسخة» وأصبح علاقة المتفرج تنتهي بالعمل بمجرد انتهاء عرضه ولا توجد أعمال تبقى في الذاكرة مثل التي كنا نشاهدها في كلاسيكيات الدراما. لكنك قدمت نوعية من الدراما مثل: «الحاج متولي» و«زهرة» و«الباطنية» كانت مثار نقد؟ - بالعكس أنا قدمت شكل جديد للدراما بداية من «جلباب أبي» تعطي نوعاً من العزيمة والدعوة للعمل والطموح وكذلك في «الحاج متولي» و«زهرة» الا لاعتراض البعض على تعداد الزوجات ولأسف كان هذا واقعا موجودا بين «فئة التجار الكبار» لكن البعض كان يخشى مناقشته وعندما قدمت الباطنية وسمارة وغيرها وكلها أعمال قدمت في أفلام وأعدت تقديمها لكن لم أعتمد على نجاح هذه الأفلام وانما قدمت دراما الشخصية التي كانت غائبة عن صناعة الدراما في مصر. وكيف ترى الانفراجة التي حدثت في أزمة السينما؟ - عندما نقدم خمسة أو عشرة أفلام في السينما ينجح منها فيلم أو اثنتان فهذا ليس نجاحاً بالقياس لتقديم 40 و20 فيلما في الماضي كان منها 10 في القمة و10 متوسط والباقي استهلاكي فهذا مطلوب للأسف هذا لن يغير السينما.. ولن يدفعها للعودة وفي كل الفنون أيضاً إلا بتدخل الدولة نحن تطورنا في الشكل لكن نحتاج لتطور في الأشخاص ولابد من ارسال متدربين يتعلمون فنون السينما والمسرح والدراما في الخارج مثلما كان يحدث زمان وفي المسرح نحتاج لتطوير في البشر وليس المكان فقط وبحاجة ايضاً لمسرحيات تتحدى الزمن وليس لخدمة نظام أو مرحلة. وهل اكتفيت بما قدمته للسينما؟ - أرى نفسي أنني أديت مهمتي ب 105 أفلام منها 90 فيلماً شاركت في مهرجانات دولية ونالت جوائز مع كبار المبدعين من النجوم والنجمات في العصر الذهبي للسينما، وأفلامي قدمت نجوما ونجمات من قبل الموهوبين وأعمالا كانت مفخرة ومازالت لجيلهم لكن السينما الآن للأسف لا توجد بها جهات انتاج تريد تقديم شاء جيد وصناعها بحاجة لاعادة نظر. وما الذي يبقى في ذاكرتك عن تاريخك السينمائي؟ - كل أعمالي قدمتها بحب وتفان واخلاص ونجحت وقتها في اعلاء قيمة كاتب السيناريو بعد أن كان النجاح ينسب للبطل والمخرج والمنتج فقط وفي ذاكرتي أفلام نقلت السينما لحالة وجدانية مهمة مثل «اغتيال مدرسة - ليل وقضبان - أغنية على الممر - مع سبق الاصرار - المجهول - أهل القمة - أيام في الحلال - أرجوك أعطني هذا الدواء - السادة المرتشون - الغرقانة - أمواج بلا شاطئ - الباطنية» وكلها أفلام حققت المعادلة التي يحاول الجميع أن يصل اليها الآن جماهيرياً ونقدياً لكن ما يسمي الآن بأفلام المهرجانات لا أؤمن بها وفيها ضعف كبير وأؤمن فقط بمقولة المخرج الراحل الكبير صلاح أبو سيف بأن جمهور السينما مدرب على مشاهدة كل النوعيات من الأفلام. لكنك اتهمت بتمصير مجموعة من أفلامك؟ - عمري ما تجرأت وسرقت رواية أجنبية مثلما يحدث الآن وما حدث هو اقتباس من خلال فيلم «المجهول» مع عزت العلايلي وعادل أدهم وكتبت على السيناريو: «منقولة من رواية سوء تفاهم لألبير كامي». مَن نجوم عصرك كالذين ساهمت في نجاحهم وساهموا في نجاحك؟ - عملت مع كل نجوم هذا الجيل بداية من محمود ياسين وعادل امام ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز وحسين فهمي ونبيلة عبيد ونجلاء فتحي ونادية الجندي وأحمد زكي حتى شادية العظيمة ومديحة كامل وقدمت لهم افلاماً كانت نقلة في مشوارهم مثل محمود عبدالعزيز في «درب الهوى» و«يا عزيزي كلنا لصوص» و«السادة المرتشون» أحمد زكي قدمته في «الراقصة والطبال» وصنعت له «الهروب» وكنت أول من قدم فاروق الفيشاوي. ومن أهم من توطدت بك العلاقة معهم من خلال عملك؟ - نور ومحمود ياسين وحسين فهمي ومحمود عبد العزيز ومن النجمات مديحة كامل أصبحنا أصدقاء بعد فيلم «أغنية على الممر» و«أحزان عاشقة» والوحيدة التي حضرت جنازتها وتعاطفت معها واستمتعت بالعمل مع النجم شادية وكانت كالبحر في انسانيتها هى وسعاد حسني وعمرهم ما ذكروا أحداً بسوء أمامي وشادية عندما عرضنا عليها أنا وأشرف بطولة فيلم «ليل وقضبان» ورفضته وبعد نجاح طلبت من أشرف فهمي أن نقدم لها فيلماً وعرضنا عليها فيلم «أمواج بلاشاطئ» و«امرأة عاشقة» ونالت عنهم جوائز وذهبنا لمنزلها أنا وأشرف فهمى لنقدم لها الجوائز. وأضاف: كنت قريباً جداً من سعاد حسني وكنت ضيفاً على «سفرتها» وكانت عاشقة «للباذنجان المخلل» وكانت تأكله من تحت «السفرة» حتى لا يراها أحد، حقق فيلمها «أهل القمة» و«الجوع» نجاحاً كبيراً معي، أما عادل أدهم توطدت علاقتنا بعد فيلم «المجهول» وقضينا شهراً والنصف في كندا كان لا يتعامل ولا يقترب من أحد بسهولة، وكان انساناً طيباً جداً ومن الذين استمتعت بالعمل معهم نجلاء فتحي وعرضت عليها العودة للعمل، قالت للأسف يا مصطفى «الجو قفل نفسي» وكذلك ميرفت أمين ممثلة هايلة ونبيلة عبيد ونادية الجندي نجمتان تمتلكان دسماً فنياً عالياً وعملت مع سمير صبري منتجاً وممثلاً اكتشفت أنه انسان جدع وصاحب صاحبه ومن الجيل الجديد قدمت نجومية غادة عبد الرازق وفتح لها الباب وكذلك عبلة كامل. وكيف ترى جيل السينما الحالي؟ - بصراحة صعب أكمل فيلم سينمائي الآن لكن أرى أن كريم عبد العزيز أفضل نجوم جيله ولو سمحت الظروف لا أمانع من العمل معهم بشرط أن يتوافر المناخ الانتاجي المناسب. بعد 35 مسلسلا في الدراما بماذا يعود مصطفى محرم؟ - أكتب الآن مسلسل «أولاد منصور التهامي» لصديقي نور الشريف وهو عمل مختلف في الشكل والمضمون ويرصد ظاهرة مهمة في المجتمع، لكن يبدو أن حظه في الظهور للنور في رمضان سيتأخر بسبب ظروفه الصحية، وأنتظر استكمال مسلسل «مولد وصاحبه غايب» لهيفاء وهبي والحقيقة لا أعرف سر عدم استكماله والموقف بين المنتج والبطلة وأنتظر أيضاً حل مشكلة «عصر الحريم» مع المنتج وأشك أن هناك إبعاد مؤامرة منه على المسلسل. هل تشعر بالحزن لعدم تواجد أعمالك في رمضان؟ - اطلاقاً لأن اعمالي تعرض طوال العام باستمرار وهذا دليل نجاحها لأن العمل الذي يعرض هكذا أكيد له جمهوره ونجاحه ويكفي أن مسلسلاتي صنعت أيضاً جيلاً من النجوم والنجمات مثل غادة عبدالرازق وعبلة كاملة في «جلباب أبي». وما مطالبك لمرشح البرلمان القادم؟ - مطلبي أولاً من الشعب أن يختار مرشحه القادم بتجرد وحيادية والمهم أن يختار المثقف الواعي بقضايا وطنه وخطورة المرحلة وأن يستحق أن يمثل الشعب لأن عصر المتاجرة واللعب بالمصالح انتهى ونتمنى الا تتكرر نفس وجوه الماضي وأن يكون قادراً على التشريع والمراقبة خاصة أنه يأتي في ظل وجود قوي ونشط ووزارة أداؤها ضعيف وأنصح أيضاً الشعب بالعمل لأنه لم يعد لدينا أمل سوى العمل وأن نواكب خطوات الرئيس السيسي على الأرض ونعمل على دعمه وتحقيق طموحاته وتطلعاته في العبور بنا نحو المستقبل مع بداية انطلاق مشروع قناة السويس. وهل ترى أن مصر وجهها سيتغير قريباً؟ - الواقع على الأرض يؤكد اننا بحاجة ل 10 سنوات حتى يتغير واقعنا وندخل في فلك الدولة المنتجة وأن نستغل عزيمة الرئيس وحكمته وإرادته القوية للتغير لكن بمفرده لا يستطيع عمل شىء الا إذا كان الشعب المخلص وراءه لأنه يشعر إنه واحد منا ولا يسكن في برج عاجي مثل مبارك. كيف ترى رحيل الملك عبدالله في هذا الوقت الفارق؟ - بالتأكيد خسرناه وخسرنا حكمته وعطاءه وحبه لقوميته وعروبته ووطنه ودينه، لكن أعلم تماماً أن أسرة آل سعود يتوارثون الحكمة والعطاء والاخلاص للعرب وإن شاء الله الدعم السعودي لمصر سيستمر على يد الملك سلمان وأسرته ووطنه لأنه نسيج وكيان وعروبة واحدة.