هو رجل من هؤلاء الذين يضعون أرواحهم على أكفهم، عملهم فى الغالب بعيد عن الأضواء، لكنه فى الفترة الأخيرة ومع تزايد العمليات الإرهابية والتفجيرات التى باتت تشهدها البلاد، أصبح هؤلاء بؤرة الحدث، انه خبير المفرقعات، أول من يتحرك حال ورود أى بلاغ أو نبأ عن وجود أجسام غريبة، فيسرع إلى مكان الحدث بلا خوف أو تردد لمواجهة شبح الموت، الذى يحلق بالمكان، وهو يعلم أنه قد يكون الضحية الأولى لهذه القنبلة أو هذه العبوة المتفجرة.. لكنه لا يبالى فى سبيل انقاذ المدنيين الابرياء.. وفى حوارى مع المقدم السيد حسن خبير المفرقعات بالإدارة العامة للحماية المدنية.. أكد لى أن الخطأ الأول فى مهنته هو الأخير، وأنه يواجه وزملاؤه دومًا أهوالاً ومخاطر بصورة يومية تضعه بين خيارين، إما أن يصل هو ومن استنجدوا به إلى بر الآمان.. أو تصعد روحه قبلهم إلى خالقها. حول المخاطر التى يواجها.. بلاغات المواطنين.. الشدات الواقية وطرق حماية خبراء المفرقعات أمنيًا.. وغيرها من الأسئلة.. كان الحوار. سألناه: من الملاحظ زيادة عدد البلاغات في الفترة الأخيرة.. فكم وصل عددها؟ وصل عدد البلاغات إلي 1101 بلاغ منذ شهر 8/2013 حتي نهاية عام 2014 منها 534 سلبياً و567 إيجابياً. كيف يسير العمل في إدارة الحماية المدنية؟ تنقسم إدارة الحماية المدنية إلي إدارتين: أولاهما: إدارة المفرقعات والتي تقوم بالكشف عن المفرقعات، وثانياً: إدارة تأمين البلاغات وهي إدارة التعامل ويبدأ عمل إدارة الكشف التي تقوم بتمشيط المكان مستخدمة أجهزة الكشف وبعد التأكد من أن البلاغ إيجابي يبدأ عمل إدارة التعامل. وماذا عن «بدلة» خبير المفرقعات وهل يمكنها حمايته من الموت؟ البدلة مكونة من الخوذة، الجاكت والبنطلون، ويوجد بالبدلة قميص مكيف لتحمل شدة الحرارة ويتراوح وزنها من 28 إلي 35 كيلو بالواقي، ويكون في الأمام وليس الخلف لذا نجد ضابط الكشف يذهب إلي العبوة الناسفة بوجهه ويرجع بظهره إلي الخلف، وكلما زادت العبوة عن 3 كيلو، صارت حياته مهددة بالخطر!. ولماذا تحدث حالات استشهاد بين خبراء المفرقعات؟ استشهاد عناصر الشرطة مسألة قدرية لا علاقة لها بضعف أو قوة البدلة، كما انه لايمكن ان يكون هناك أى خلل فى السترة الواقية من الشظايا وخاصة أن ارتداء تلك السترة يكون من منطقة الصدر الى الحوض مؤكداً انه لا يمكن ان يكون هناك عيب فى تعامل الضابط مع المفرقعات وخاصة انه يتم اخضاعه لفترة من تدريب ولا يسمح له بالنزول فى مهام ميدانية الا بعد اجتياز تلك الفترات التى تؤكد انه على قدر عال من الكفاءة والقدرة علي التعامل مع الهدف. وما هي طرق التعامل مع العبوات الناسفة؟ يتم التعامل معها يدوياً في حالتين عند وجود العبوة علي رهينة أو عند وجودها في محطة نووية، أما في الأحوال العادية، فهناك الوضع الآلي والوضع نصف الآلي حيث يتم استخدام «الروبوت» في الوضع الآلي وهو الذي يذهب لفحص العبوة الناسفة ويتم التحكم فيه عن بعد بالريموت كنترول، أما بالنسبة للوضع نصف الآلي فيذهب ضابط المفرقعات أول مرة لتصوير العبوة بجهاز «الإكس راي» عن قرب لتحديد مصدر الطاقة بها، ثم يعود بظهره لأخذ مدفع المياه لضرب العبوة في مكان الطاقة لتشتيتها بعد تحديد المكان بالليرز ويتم ذلك بعد وضع جهاز التشويش علي بعد 5 أمتار من العبوة لقطع وسائل الاتصال بها. وكيف يتم التنسيق بين إدارة الحماية المدنية وبقية الإدارات بوزارة الداخلية؟ بعد التأكد من صحة البلاغ، يتم إخطار القيادة الأعلي ثم تقوم بدورها بإخطار الوزارة ثم تبدأ كل الجهات في التحرك، فيبدأ المرور في التحرك لعمل طرق بديلة ثم تقوم قوات الأمن والأمن المركزي بالتحرك لعمل كردون وإبعاد المواطنين عن مكان البلاغ، وتأتي الإسعاف لنقل المصابين، وكذلك المطافئ تحسباً لوقوع الحرائق، كما يذهب الأمن الوطني لعمل الفحص السياسي وتقوم الإدارة بكتابة تقرير مفصل. وما هى مراحل التعامل مع العبوة الناسفة؟ ما هي الأجهزة المستخدمة للكشف عن المفرقعات؟ هناك جهاز «سنفر» لشم الأبخرة، حيث يصدر صفيراً في حالة احتواء العبوة علي متفجرات، وهناك أيضاً جهاز «ألفا سكس» للكشف عن المعادن التي تحتوي علي مفجر وبطارية حتي لو تم إخفاؤها بعناية، كذلك هناك جهاز أشعة إكس الثابت أو المحمول، ويوجد الجهاز الثابت بالمطارات والموانئ أما المحمول فيأخذه خبير المفرقعات معه لتصوير العبوة. ما هي من وجهة نظرك الأسباب التي أدت إلي استشهاد النقيب ضياء فتحي رغم ارتدائه بدلة المفرقعات؟ لقد كان الشهيد «ضياء» في مركز الانفجار ورغم صغر حجم العبوة الناسفة إلا أن الموجة الانفجارية كلها اتجهت نحوه ولم تحتمل البدلة شدة الانفجار، والغريب أنه حملها بيده ولم يستخدم الذراع الطويلة لحملها وهو ما يمثل لغزاً كبيراً! وكم يبلغ سعر البدلة الواحدة؟ سعر البدلة يتراوح ما بين «850» و«900» ألف جنيه وبالطبع لا يتم تجربتها قبل شرائها. ويفترض أن البدلة الواقية تقى الجسم القنبلة لا يزيد وزنها على «5كيلو» من مادة «تى. إن، تى» ومع ذلك نجد أن العبوة التى انفجرت فى الشهيد ضياء فتحى كانت صغيرة لم تصل الى نصف كيلو! ومع ذلك لم تقه البدلة من الموت. وإذا نظرنا الى كل دول العالم سنجد ان ضباط المفرقعات يمارسون عملهم فى أمان ولم نسمع عن حوادث الموت التى نراها فى مصر. وهل هناك طلقات معينة يتم استخدامها لتفتيت العبوة؟ هناك نوعان من الطلقات، طلقة الخرطوش، ويتم استخدامها مع الأجسام الخفيفة كالعبوات الكرتونية البلاستيكية وتكون علي بعد 10-15 سم من العبوة، وهناك الطلقة «الإيفون» ويتم استخدامها مع الأجسام الصلبة كالصاج أو المعدن الخفيف وتكون علي بعد 5 أمتار من العبوة. وكيف يتم التعامل مع السيارات المفخخة؟ هناك مجموعة من «البكر والحبال» نستخدمها لفتح تلك السيارات، ونقوم في البداية بإحضار الكلاب للكشف عن المفرقعات، فإذا جلس الكلب، عند الباب أو الموتور نتأكد من وجود قنبلة، ونبدأ التعامل بمجموعة من البكر والحبال يتم تركيبها علي السيارة لفتحها عن بعد، ونقوم بفصل التيار الكهربائي لأن القنبلة تستمد الطاقة من الموتور. بجانب الروبوت.. ما هي الأجهزة المستخدمة في التعامل مع العبوة؟ هناك حقيبة العدة وتسمي «البوتقة» وهي تشبه «حلة» كبيرة، تقوم بحمل العبوة بالذراع إن أمكن ذلك - لوضعها في البوتقة ويتم غلقها أوتوماتيكياً ثم تنفجر بعد ذلك بداخلها في مكان بعيد. وأخيراً خطورة المهنة تستدعي تدريبات خاصة.. أليس كذلك؟ هناك فرق تدريب بمعهد الحماية المدنية وفرق تعامل أيضاً تجري في أمريكا، حيث يتم تدريب الضباط علي أحدث المعدات سواء في الداخل أو الخارج. لو اتيحت لك الفرصة لتغيير طبيعة عملك الخطيرة هل تفعل؟ لا أنا أحب عملى واتمسك به رغم أنى ادرك حجم المخاطر التى أواجهها فى كل لحظة.. عندما أخرج من منزلى أودع اسرتى وأردد الشهادة كل صباح ليقينى اننى قد اغادرهم ولا أعود مرة أخرى فأراهم مرة أخرى، فالخطأ الأول فى عملى هو الخطأ الأخير. وإلى متى يستمر تساقط شهداء من الشرطة؟ نحن فى حالة حرب حقيقية مع الإرهاب، وفى الحرب هناك احتمالات كبيرة لسقوط شهداء وضحايا، رجال الشرطة لا تخاف ولا تهاب الإرهاب، وسنظل فى الميادين نحمى أمن مصر، وسنضع أرواحنا على اكفنا فى كل لحظة من أجل أمن مصر وأمن المواطن.. لهذا خلقنا، وهذه هى مهمتنا حتى النهاية.