• منذ أحداث يناير 2011, شاعت على ألسنة النخبة والعامة, بعض المصطلحات والتعبيرات الخاطئة التي لا تعبر بدقة عن جوهر الحدث أو تنقل مفهوماً بغير معناه المقصود. ولقد كان ذلك الخطأ فيما أعتقد إما عن قصورٍ في استخدام أدوات التعبير أو عن عمدٍ لغاياتٍ ومواءماتٍ سياسية أو عن مسايرةٍ لما يقرع الآذان دون تدبر وإمعان. • وفي الحقيقة فإنني أرى أن استخدام تلك المصطلحات على هذا النحو في الخطاب العام يؤدي إلى اضطراب وتباين الفهم لدى المواطنين وسوء إدارة وتوجيه الرأي العام, وبالتالي إضعاف التماسك الشعبي الذي يمثل القوة الرئيسية لمصر في مواجهة تحديات الداخل والخارج في الحاضر والمستقبل, وهو ما دعاني لأعرض لبعضٍ منها فيما يلي: (1) مصطلح الإسلام السياسي أو التيار السياسي الإسلامي فهو تعبيرٌ خاطئٌ وخطير من جميع الجوانب وأتمنى تجريم استخدامه. فبادئ ذي بدء فإنه يوحي بعدم وحدانية الدين الذي ارتضاه الله للبشرية, فمادام هناك إسلامٌ سياسي فلابد أن يكون هناك إسلامٌ بتصنيفات أخرى. ومن جانب آخر فإن وصف أي تيارٍ أو اتجاهٍ سياسي بالاسلامي هو خطأ فادح وافتئات على الدين, لأن مدلول ذلك الوصف يعني أن هذه الأفكار أو الرؤى أو التوجهات أو المبادئ التي يعتنقها ويطلقها ذلك الفصيل أو ذاك إنما هي ما يأمر بها الدين الإسلامي على وجه الحصر والقطع واليقين, فإذا رسخ هذا المفهوم لدى الشعب المتدين بطبيعته, فلا تثريب عليه إذا انساق خلف ذلك الفصيل مهما كانت مثالية وممارساته غير المشروعة. وبنفس القدر من الخطأ كان ما سبق للدولة وأجهزتها الأمنية أن انزلقت فيه, وهو ترديد مصطلح «الجماعات الإسلامية» على تلك الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي كان يتم القبض عليها في جرائم جنائية بحته تندرج تحت قانون العقوبات. إنني أتمنى أن ينتبه كل المهتمين بالشأن العام وخاصة عبر وسائل الإعلام المختلفة, إلى أهمية وحساسية وتأثير المصطلحات المستخدمة في هذا الإطار بالذات, وأرى نسبة أي توجه سياسي أو ثقافي أو اقتصادي إلى شخص القائل به أو الحزب الذي يروج له, وإذا كانت هناك ضرورة لوصف مجموعة من القوى السياسية التي تنضوي تحت الشكل الإسلامي, فيمكن استخدام مصطلح «التيار السياسي اليميني أو المتأسلم». (2) لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين, تعبيرٌ من التعبيرات الجانحة التي أرى أنها تؤدي إلى عكس الهدف المراد منها. ذلك أن ما أظنه ببساطة أن الهدف من هذا التعبير هو التحذير والمنع من المتاجرة بالدين لتحقيق مكاسب سياسية ودنيوية بعيدة عن لب الإيمان والعقيدة الدينية, وهو هدف نبيل ولكن ذلك التعبير لا يؤدي إليه لأنه بلفظه ومعناه يتعارض مع الثوابت الدينية الراسخة في الوجدان المصري, فالدين الإسلامي هو دين عقيدة وشريعة وفيه قال رب العزة: «ما فرطنا في الكتاب من شيء» وفيه قال رسوله الكريم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبداً, كتاب الله وسنتي», وبالتالي فإن الدين يعلمنا ضمن ما يعلمنا السياسة، ومثال ذلك قول الحق سبحانه وتعالى لرسوله الكريم: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة», كما أن ممارسة السياسة مثلما يمكن أن تكون بآلياتٍ وسبلٍ غير أخلاقية, يمكن أن تكون بأدبيات وقيم نبيلة تستند إلى مرجعيات دينية صحيحة. لذلك أتمنى الإقلاع عن استخدام ذلك التعبير المشار إليه الذي اُبتدع في السبعينيات وكانت له آثار وتداعيات سيئة. (3) استخدام مصطلح الثوار أو المعارضة عند الحديث عن الفصائل الإرهابية المسلحة في سوريا, أراه مصطلحا خاطئا بل مضللاً عن عمد للوعي العام, بعد أن أدرك الجميع حقيقة تلك الفصائل والهدف الخسيس الذي تسعى إليه في إطار المؤامرة الكبرى التي تستهدف المنطقة العربية بأسرها. وأتمنى ألا نخادع أنفسنا ولا نركن إلى وهم الخيال والعواطف وأن نعي جيداً ما اعترى المنطقة من أحداث ونضعها في قالبها الصحيح ونعبر عنها بشجاعة تعبيراً دقيقاً صادقاً, فالعدو واحد وشروره تستهدف كل الدول العربية. حفظ الله مصرنا الغالية , وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل. لواء بالمعاش