ماذا يعني مصطلح الإسلامي السياسي؟ وكيف ينبغي التعامل مع التيارات الدينية الحديثة؟ وماهو دور الازهر في المرحلة الجديدة التي تعيشها البلاد؟ وكيف نتجنب فوضي فتاوي الفضائيات؟.... اسئلة كثيرة تهم المسلمين جميعا حملناها الي الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الاوقاف لشئون الدعوة وهذه كانت اجاباته: * مبدئيا:كيف ترون مصطلح الإسلام السياسي الذي شاع أخيرا؟ ** من الأمور المجمع عليها لدي دارسي الأديان أن الدين الإسلامي الذي جاء به النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم يقوم علي عناصر أربعة: عقائد وأخلاق وعبادات ومعاملات, وجاء شاملا لكل نواحي الحياة: الاجتماعية والاقتصادية والسياسية....إلخ. حيث قامت دولة الإسلام علي أكتاف أبنائها تحكمها الشريعة الغراء في كل مناحي الحياة. مما رسخ في أذهان المسلمين أن الإسلام دين ودولة وشريعة وحياة. وقامت الحركات الاسلامية لتحيي هذا الدور الذي غيب في ظلال الاحتلال. فأطلق الغرب الذي يكره وجود الحركات الاسلامية حتي المعتدلة منها التي تدين بمفهوم الاسلام الشامل الذي يصنع الحياة ويؤثر فيها ويصبغها فأطلق علي ممارساتهم: الاسلام السياسي. ويذكر أن أول من استخدم هذا المصطلح هو هتلر, حين التقي الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين إذ قال له: إنني لا أخشي من اليهود ولا من الشيوعية, بل إنني أخشي الإسلام السياسي! فهو مصطلح غربي ممن أرادوا الدين الإسلامي كغيره من الأديان الأخري التي حصرت نفسها في علاقة الإنسان بربه, وأمر الآخرة فقط, دون أن يكون له سلطان وهيمنة علي دنيا الناس, أو كما يقول أحد رموز العلمانية:( أراد الله للإسلام أن يكون دينا, وأراد به الناس أن يكون سياسة)! ولهذا فقد اجتهدوا في الترويج لفكرة فصل الدين عن السياسة ومايدعمها من شعارات ومصطلحات. ومن تلك المصطلحات: مصطح الإسلام السياسي الذي أطلقة أولئك علي كل جماعة إسلامية تهتم بقضايا الأمة. وهو مصطلح غير مريح أو كما عبر عنه المفكر الكبير الدكتور محمد عمارة في كتابه الإسلام السياسي والتعددية السياسية من منظور إسلامي( إنني لا أستريح كثيرا لمصطلح الإسلام السياسي رغم شيوع هذا المصطلح, وصدور الكثير من الكتابات حول هذا الموضوع وتحت هذا العنوان. وفيما اذكر, وفي حدود قراءاتي, فإن أول من استخدم مصطلح الإسلام السياسي هو الشيخ محمد رشيد رضا. لكنه استخدمه في التعبير عن الحكومات الإسلامية التي سماها الإسلام السياسي ويعني الذين يسوسون الأمة في إطار الأمة الإسلامية. لكن مصطلح الإسلام السياسي يستخدم الآن, ومنذ العقود الثلاثة الماضية وصعود المد الإسلامي والظاهرة الإسلامية, بمعني: الحركات الإسلامية التي تشتغل بالسياسة, وفي هذا المصطلح الإسلام السياسي شبهة اختزال الإسلام في السياسة, لأنه ليس هناك إسلام بدون سياسة. إن هذا المصطلح يحمل تشويها كبيرا للمقاصد الشرعية من العمل السياسي, وقد يعطي إيحاء بوجود إسلام سياسي وآخر دعوي وثالث خيري وهكذا, بينما الإسلام واحد, وهو دين شامل لا يتجرأ لكل مناحي الحياة, ولم يكن المسلمون يفصلون بين العمل السياسي والدعوة في يوم من الأيام, بل كانت جميعها كلا متكاملا. إذن فالإسلام السياسي تقصد به: ممارسة الجماعات الإسلامية التي انتشرت في العالمين العربي والإسلامي للعمل السياسي سواء عبر جمعيات أو منظمات أو أحزاب سياسية لتكوين دول إسلامية تحكم بما أنزل الله تعالي وتطبق الشريعة الإسلامية في كل مناحي الحياة. * هل أنتم مع أم ضد التيارات الدينية المختلفة مثل الإخوان والسلفية والصوفية وغيرها خاصة أن معظمها مستحدث لم نسمع به من قبل؟ ** وجود التيارات الدينية باختلاف مدارسها ظاهرة طبيعية ومر علي بعض هذه التيارات مايقرب من قرن من الزمان, بعضها يحصر نشاطه في الدعوة الي الدين وعمل الخير والبر والمعروف. وبعضها الآخر يوسع نشاطه بالاضافة الي ماذكر ليشمل جانب الحكم والسياسة. وكل عمل بشري بطبيعة الحال يكتنفه الخطأ والصواب. ولذلك نحن معهم فيما يحسنون ويصيبون فيه الحق. وننصحهم اذا ماتجاوزوا بقصد أو بغير قصد, * عملا بقول الرسول صلي الله علي وسلم: الدين النصيحة, قلنا لم؟** قال: لله ولرسوله وبكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. * مع وجود رئيس دولة ينتمي في الأساس الي جماعة الإخوان... هل تتوقعون مكانة ودورا اكبر لعلماء الدين في بناء الدولة الجديدة؟ ** بالطبع نتوقع اهتماما اكبر بالدعوة وعناية كبيرة بالدعاة. لكن هذا يتوقف علي سياسة الوزير المرتقب تعيينه. بالإضافة الي وجود القائمين بالدعوة وقادتها. * مارأيكم في زيارة الرموز الدينية للقدس؟ ** الامر أخذ اكبر من حجمه بكثير وهي قضية اجتهادية تقبل الرأي والرأي الآخر ولايجوز ان تعالج الا في هذا الإطار. فالفلسطينيون انفسهم بعضهم يؤيدها وبعضهم يرفضها. * كيف تقيمون الفضائيات الدينية المتخصصة ومامدي تأثيرها في تشكيل الوعي الديني للناس؟ ** الفضائيات قامت بدور كبير في العقد الاخير... تميز بعضها او بعض برامجها بالوسطية في حين تميز البعض الاخر بغير ذلك. لكن لاشك انها أسهمت لحد بعيد في تشكيل عقول ابناء الأمة في بعض الاحيان بإيجابية وفي احيان اخري بسلبية. وكل عمل بشري يكتنفه الصواب والخطأ وكنت اتمني ان تكون هناك قناة ناطقة باسم الازهر تعني بنشر الدين بوسطيته وتجلي موقف الازهر من القضايا اليومية المختلفة. * هل أنتم راضون عن الدور الذي يلعبه الأزهر الشريف حاليا؟ وكيف يمكن تطوير هذا الدور في المرحلة المقبلة؟ ** الأزهر قام بدور لابأس به علي الصعيد السياسي. لكنه لم يبدأ بعد التغيير الحقيقي في مهمته الاساسية وهي تعليم ابناء المسلمين تعليما يليق بمكانة الازهر الدولية والتاريخية. وأود ان يعني القائمون علي شأن الازهر بأن يولوا قضية التعليم كل اهتماماتهم لأن الخريج علي مستوي الأمانة التي يحملها ومازالت العملية التعليمية بحاجة الي بذل مزيد من الجهد لتخريج جيل يواكب العصر. * أيهما أفضل في اختيار شيخ الأزهر: الانتخابات أم التعيين؟ ** قطعا الانتخاب أفضل لكن ضمن معايير مقبولة. * كيف يمكن التغلب علي فوضي الافتاء التي نتج عنها الكثير من الفتاوي الغريبة؟ ** التغلب علي فوضي الفتاوي يكون بسن تشريع يجرم من يتصدي للفتوي من غير اهلها. وعمل قناة واذاعة خاصة بالفتوي تقوم بها دار الإفتاء وتسهيل الاتصال بها علي مدار الساعة. * كيف يمكن التفريق بين طاعة أولي الامر وبين النفاق والرياء للحاكم؟ ** طاعة ولي الامر تكون في كل مامن شأنه صلاح حال العباد والبلاد.... والوقوف خلفه فيما يحقق مصلحة الوطن واجب كل مواطن. اما النفاق فهو مدحه والمبالغة في الثناء عليه وإن اخطأ وهذا مايرفضه الدين. * ماهي الفتوي التي تتمني أن يعرفها كل مسلم في شهر رمضان؟ وماهي الفتوي التي تقول عنها خطأ شائع؟ ** ان الله تعالي جعل الدين يسرا ولم يكلفنا الا بما نقدر عليه, وان العبادات للتهذيب وليست للتعذيب ومقصودها تحقيق العبودية لله من جانب وتحسين الاخلاق والسلوك من جانب آخر أما. الخطأ الشائع فهو اعتقاد البعض بأن موعد الإمساك يعني ابتداء الصوم والامتناع عن المفطرات والصحيح انه فقط للاستعداد حتي لايفاجأ الانسان بأذان الفجر وربما لم ياخذ دواءه.