ما أهمية التقارير التى يكتبها العاملون فى الجهاز المركزى للمحاسبات حول أداء الجهات والشركات التى يقومون بالرقابة عليها؟ أين تذهب التوصيات العديدة والملاحظات التى تزخر بها تلك التقارير؟ والتى يستغرق إعدادها عاما كاملا لتتم مناقشتها فى الجمعية العامة للشركة بنهاية العام المالى سنويا. هل تجد تلك التقارير آذانا صاغية تسمع وتتابع وتعمل على علاج الخلل الذى تم رصده؟ هذه الأسئلة طالما راودتنى منذ بدأت متابعة أداء الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام منذ أكثر من عشر سنوات كنت مسئولة خلالها عن نشاط وزارة الاستثمار والشركات التابعة لها. ومن أهم ما كان يعد بالنسبة للصحفيين مادة وافية لإظهار ما خفى فى الشركات كانت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات التى ترصد بكل دقة تفاصيل أداء الشركة والمخالفات التى تقع فيها ونجاح أو فشل إدارة الشركة فى تنفيذ خطة العمل والموازنة التقديرية، وكان حصول الصحفى على التقرير ورد الشركة عليه مكسب بلا شك لحرص الجميع على إخفاء هذه التقارير كلما امكن وقدر المستطاع. وفى تطور مفاجئ قامت وزارة الاستثمار فى عام 2006 بطبع وتوزيع كافة تقارير ومحاضر الجمعيات العامة للشركات وما تشمله بالطبع من تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، فى مجلدات كبيرة حجما وقيمة وتوزيعها على الصحفيين المتابعين لأداء الوزارة، والشخصيات المهتمة بالقطاع عملاً بمبدأ الشفافية، والتى استمرت لمدة عامين فقط ثم اختفى هذا التقليد تماما قيل وقتها ان التوقف بسبب التكلفة الكبيرة للمجلد، والمهم أن تلك الفترة انتهت وعاد الجميع يبحث عن وسيلة للحصول على التقارير كل بطريقته فيما عدا الشركات المقيدة بالبورصة والتى تقدم تقاريرها بشكل ملزم. ما يلفت النظر حقا الجهد المبذول فى الرصد والتحليل والتدقيق للقوائم المالية وأداء الشركات وما يحزن حقا إن ما تم رصده والتنبيه عليه منذ خمس أو ست سنوات فى التقارير، مازال محل رصد، نفس الملاحظات، نفس الأرقام، نفس التوصيات كأنه لا أحد يقرأ، وإن قرأ لا يهتم وإن اهتم لا يتابع التنفيذ. ولهذا تستمر المخالفات والملاحظات والخسائر والتوصيات دون تغيير، اللهم فى بعض الأرقام والمسميات، فالخسائر المرصودة كل عام تتحول الى الخسائر المجمعة، وتزيد أرقامها ولكنها تظل حبرا على ورق لا أهمية له. لماذا إذن كان جهد المتابعة والرصد؟ لماذا تجنيد الموظفين وهم لجان مكونة من رئيس ومراقبين يخصص لهم مقر فى الشركة لهذا العمل؟ لماذا إنفاق الوقت والمال وعشرات التقارير والأوراق والأحبار لو كان مصيرها الأرفف كما سابقتها؟ الاجابة الأسبوع القادم ان شاء الله.