ألقى المهندس إبراهيم محلب كلمة خلال الإعلان عن المؤتمر الاقتصادي، جاء فيها: "أود في البداية أن أعرب عن الشكر لجمهور الحاضرين الذي يعكس الحرص على المشاركة في هذا الحدث الهام لعرض خريطة الطريق التي ترسم أفاقا أرحب لمستقبل الاقتصاد المصري. كما أؤكد أن هذا الحرص من جانبكم كان وراء رؤية الحكومة بضرورة الانتهاء من الإعداد الجيد لكافة التفاصيل الخاصة بخطة التحرك المقبلة التي تنطلق من مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل". لقد عملت الحكومة خلال العام الماضي على وضع خطة تعكس رؤية السيد رئيس الجمهورية لتحقيق تعافي اقتصادي طويل الأجل في مصر، ونحن واثقون أن الجميع يشاركنا إدراك الأهمية البالغة لتحقيق الاستقرار والرخاء للمواطنين المصريين ليس فقط وصولا لمستقبل أفضل لأجيالنا القادمة بل للأهمية الاستراتيجية لهذا الاستقرار لكل دول المنطقة ولشركائنا الدوليين. اسمحوا لي أن أقدم لكم ملخصا لوضع الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة، لكي ندرك معا حقيقة هذا الوضع، وصل معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 7% حتى عام 2008، وبدا آنذاك وكأن البلاد تتجه نحو تحقيق نمو اقتصادي طويل الأجل على غرار مثيلاتها من الأسواق الناشئة. ومن ثم حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية، الأمر الذي أدى إلى تباطؤ معدلات النمو حالنا في هذا كحال الكثير من الدول الأخرى، ولم ينعكس معدل النمو المرتفع على مستوى معيشة المواطنين أو على خفض معدلات الفقر في المجتمع، كما لم يؤدي إلى خلق فرص عمل إضافية في القطاعات الاقتصادية المختلفة. وكما تعلمون كان هذا الأمر أحد الأسباب التي أدت إلى قيام ثورة 25 يناير عام 2011. إضافة إلى ذلك أسهمت الاضطرابات السياسية اللاحقة في حدوث مشاكل اقتصادية نعانى من تبعاتها حتى الآن. وفي الوقت الذي تعافت فيه الكثير من دول العالم من آثار الأزمة المالية العالمية، ظل الاقتصاد المصري يواجه صعوبات كبيرة استمرت لأكثر من ست سنوات. وإدراكا منا لضرورة التعامل مع هذه الصعوبات، أكملت الحكومة المصرية مراجعة شاملة للوضع الاقتصادي في مصر. ونتجت عن هذه المراجعة ثلاثة محاور أساسية تبنتها الحكومة وهي، تطبيق إجراءات الانضباط المالي لخفض عجز الموازنة من خلال الخفض التدريجي لدعم الطاقة لغير مستحقيه على مدار خمس سنوات، وإجراء إصلاحات ضريبية من بينها ضريبة القيمة المضافة، وكذا إصدار قوانين جديدة مثل قانون الثروة المعدنية. وجذب استثمارات مباشرة لموازنة الأثر الانكماشي المحتمل لإجراءات الانضباط المالي. حيث يتم توجيه هذه الاستثمارات إلى قطاعات البنية التحتية مثل النقل والكهرباء والمرافق وغيرها من مجالات الاستثمار، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمواطن المصري. وكذلك تغطية الفجوة التمويلية على المدى القصير ودعم ميزان المدفوعات لضمان توفير ما يكفي من النقد الأجنبي خلال العامين القادمين. وإننا نتحرك على هذه المحاور بجدية لنوضح لشركائنا أن مصر تستهدف نموا حقيقيا وشاملا يتضمن فرصا استثمارية للقطاع الخاص والعام للوصول لحياة أفضل للمواطن المصري، وهو الأمر الذي دعانا إلى عقد هذا اللقاء للإعلان عن المؤتمر المنتظر. إننا اليوم لا نعلن فقط عن انطلاق مصر نحو التنمية ولكننا نؤكد أننا بدعم ومشاركة أشقائنا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة سنرسى سويا إطارا لانطلاقة عربية نحو مستقبل أفضل لشعوبنا وآفاق أرحب لأجيالنا المقبلة ولمنطقتنا، وهو ما دعت إليه الشقيقة المملكة العربية السعودية وسعت إليه جمهورية مصر العربية ودعمته الشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة. استنادا إلى ذلك فإنه يسعدني الإعلان رسميا عن مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، فمصر المستقبل والذي سيعقد في شرم الشيخ خلال الفترة من 13 وحتى 15 من مارس العام المقبل. إن هذا المؤتمر ليس حدثا منفصلا بحد ذاته وإنما يعد بداية لبرنامج متكامل للتنمية في مصر، ودعوني أنتهز هذه المناسبة لتوجيه رسالة هامة وهى أننا بحاجة إلى الأجيال الجديدة وإلى الشباب، ومجتمع الأعمال، ومؤسسات المجتمع المدني وإلى شركائنا في التنمية لمساندة وتدعيم الجهود المصرية لتحقيق هذا البرنامج التنموي الطموح. إن مبادرة مصر المستقبل هي حجر الزاوية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وتهدف إلى توفير الموارد اللازمة التي سيتم توجيهها إلى المجالات الاجتماعية مثل تحسين فرص الحصول على الرعاية الصحية، وخدمات تعليمية أفضل، وتوفير الطاقة بشكل منتظم وهي العوامل التي من شأنها دفع عجلة التنمية في مصر وضمان حياة أفضل للجميع. إن مصر في طريقها للتعافي وقد التزمت الحكومة بمواصلة جهودها لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وإذا نظرتم إلى ما تم تحقيقه بالفعل خلال الأشهر التي تلت تعيين حكومتنا تحت قيادة السيد رئيس الجمهورية، سوف ترون أننا جادون جدًّا في عملنا. إن مصر بعدما استعادت استقرارها السياسي تسعى لاستكمال مسيرتها الديمقراطية وستشكل الانتخابات البرلمانية المقبلة العلامة الفارقة، الثالثة، والأخيرة في خارطة الطريق السياسية. إن تنظيم مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري: مصر المستقبل، في مصر سوف يدشن رسميا انطلاقة عملية وضع مصر على الخريطة الاستثمارية العالمية كوجهة مفضلة للمستثمرين الإقليميين والدوليين.ولذا فقد تم حشد جميع طاقات الحكومة للتأكد من نجاح المؤتمر وضمان الإعداد له على أعلى مستوى. إننا ندرك تماما أنه يتعين علينا القيام بدورنا لتنفيذ الإصلاحات اللازمة في المجالات الاقتصادية ومناخ الأعمال في جميع القطاعات الاستراتيجية. ونتطلع إلى أن يكون هذا المؤتمر محفلا نلتقي فيه بشركائنا من الدول ومنظمات التنمية المتعددة الأطراف وكذا الشركات المحلية والإقليمية والدولية التي ستشارك في المؤتمر وفي تعافي الاقتصاد المصري. إن اليوم هو الوقت المناسب ليشهد مجتمع الاستثمار والمال العالمي التغييرات التي تقوم مصر بإجرائها لإحداث إصلاحات حقيقية في الاقتصاد ولإطلاق العنان لقدراته الإنتاجية. وفي سبيل تحقيق هذا، تقوم الحكومة بالعمل على ثلاثة محاور رئيسية من شأنها أن تدفع عجلة التنمية والاستثمار، أولى تلك المحاور هو مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري: مصر المستقبل والذي يعد نقطة البداية لرحلة تنموية طويلة الأجل. كما يشكل هذا المؤتمر فرصة لمساعدة شركائنا ومستثمرينا على فهم رؤيتنا لمستقبل أفضل لمصر، والتأكيد على استقرار مصر وأمنها والقائم على تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام. والإعلان عن البرنامج الإصلاحي المتكامل للسنوات الأربعة القادمة، والذي يشمل إصلاحات اقتصادية ومالية تستهدف تحسين مناخ الاستثمار، وعرض استراتيجية التنمية المصرية للقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية والسياسات المرتبطة بها، وفرص الاستثمار. والحصول على تعهدات مالية من شركائنا في التنمية بهدف دعم استراتيجية الاستقرار الكلي ومشاريع البنية التحتية العامة ذات الأولوية، وعرض مشاريع استثمارية مختارة لتوضيح كيف يمكن دعم مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري واستعادة مكانة مصر المتميزة لدى المستثمرين في أسرع وقت ممكن، استعانت الحكومة بشركتين عالميتين، إحداهما متخصصة في مجال تنظيم المؤتمرات العالمية والدعاية والاتصال والترويج والتغطية الإعلامية العالمية وهي مجموعةWPP" دبليو بي بي" لتنظيم المؤتمرات، والأخرى شركة لازار للاستشارات المالية والتي تعمل على الإعداد لمحتوى المؤتمر، والتواصل مع الجهات المعنية العالمية لشرح رؤية مصر الاقتصادية والإصلاحية، ذلك بالإضافة إلى المتابعة والتقييم عقب المؤتمر والمساهمة في توفير جهات تمويل لاستكمال تمويل المشروعات التي سيتم عرضها خلال المؤتمر. وإننا اليوم لا نعلن فقط عن انطلاق مصر نحو التنمية ولكننا نؤكد من جديد أننا نحظى بالدعم المتواصل من أشقائنا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على مختلف الأصعدة، كما أننا نتعاون وبشكل وثيق مع جميع الهيئات الدولية وشركائنا في التنمية للاستفادة من خبراتهم ومواردهم التي يخصصونها لمصر. ولهذا فسيكون مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري: مصر المستقبل منبرا مناسبا للتشاور حول المبادرات الاستثمارية ورفع مستوى التعاون بين القطاعين العام والخاص من جهة وشركاء مصر للتنمية من جهة أخرى. أما ثاني المحاور التي تعمل عليها الحكومة فهو محور تسوية منازعات الاستثمار، وكما تعلمون جميعًا فهناك لجنة تابعة لمجلس الوزراء، وتعمل على الوصول إلى تسوية ودية لتلك النزاعات على أساس من سيادة القانون وعلى نحو يضمن الحفاظ على المال العام ويحقق التوازن العقدي بين أطراف تلك العقود. وتضم اللجنة في تشكيلها مختلف الجهات ذات الصلة بتسوية مثل هذه النزاعات. تساهم التسويات التي يتم إبرامها من خلال اللجنة في توفير عوائد نقدية للدولة، بالإضافة إلى المزايا الأخرى والتي تتمثل في توفير الكثير من فرص العمل في المشروعات وكذلك تنشيط القطاعات المرتبطة بتنفيذ هذه المشروعات وعلى رأسها قطاعي الإسكان والسياحة، كما يتم بموجبها تجنيب الدولة مخاطر لجوء الشركات إلى التحكيم الدولي وما يترتب على ذلك من غرامات مالية باهظة وقد استطاعت اللجنة منذ إنشائها تسوية عدد من المنازعات بلغت خمس عشرة منازعة لمشروعات بعض الشركات المحلية والأجنبية والتي تتخطى قيمتها الاستثمارية عدة مليارات من الجنيهات وآخر هذه التسويات هي التسوية الخاصة بشركة الفطيم للتنمية العقارية فيما يتعلق بمشروعها بمنطقة القاهرة الجديدة" كايروفيستيفال سيتى"، هذا بالإضافة إلى المحاولات الجادة والمكثفة الجارية حاليا لحل مشاكل أخرى لكبار المستثمرين. والمحور الثالث والأخير الذي تعمل الحكومة عليه هو محور تهيئة مناخ استثماري جاذب يقوم على العدالة وإتاحة المعلومات يستطيع أن ينافس لجذب الاستثمارات الدولية. وفي سبيل تحقيق ذلك واستكمالا لمنظومة الإصلاحات المصاحبة للمؤتمر والتي تهدف إلى استعادة الثقة في مناخ الاستثمار المصري، يجري حاليا التنسيق فيما بين الوزارات المعنية من أجل تعديل الأجندة التشريعية والتي تتضمن أولويات تعديل القوانين المختلفة والتي لها أثر إيجابي ومباشر على تحسين مناخ الاستثمار في مصر. لقد أرسلنا رسائل قوية للمجتمع الدولي تؤكد التزامنا بتحقيق الاستقرار والإصلاح الاقتصادي والنمو الشامل. كما سيكون مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري" مصر المستقبل" فرصة لنظهر للعالم أن مصر تزدهر وأنها مستعدة للمستقبل. إننا نسعى إلى تحقيق الإصلاح الاقتصادي والوصول إلى معدلات نمو مرتفعة في ظل الزيادة السكانية المطردة التي نشهدها، وقد يرى البعض في هذا عبئا على الدولة ولكننا نرى الطاقة الكامنة في الشباب فرصة عظيمة لنا وميزة تنافسية يجب أن نغتنمها، فمصر تحتاج إلى استثمارات كثيفة العمالة وعالية الإنتاجية، وعلاوة على ذلك فإنها تحتاج إلى استثمارات لإصلاح البنية التحتية والهيكلية بهدف تحقيق نقلة نوعية في اقتصادها ووضعه على طريق التنمية الشاملة. وتهدف هذه الإصلاحات إلى تحسين مستوى معيشة للمواطنين، خلق فرص عمل إضافية، معالجة الفجوة المتزايدة بين البنية الأساسية والطاقة في مصر والحد من انقطاعات المياه والكهرباء، إطلاق مبادرات لتحقيق التنوع في الصادرات المصرية ذات القيمة المضافة المرتفعة. سوف تحظى الاستثمارات بالدعم الحكومي اللازم لتذليل العقبات التنظيمية والبيروقراطية التي تواجه نمو القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية، والحكومة ملتزمة بإزالة هذه العقبات بهدف خلق بيئة مناسبة لجميع المستثمرين. وهنا يكمن الهدف من وراء التعديلات على قانون الاستثمار وقانون المشتريات الحكومية وقانون التعدين الجديد وإطار إدارة الأراضي الجديد. إن من أولويات القانون إيجاد نظام النافذة الواحدة بهدف تبسيط جميع الإجراءات وعمليات الترخيص وتوحيدها. نحن نعمل في الوقت الراهن على تطوير سياسات تهدف إلى تهيئة أجواء مناسبة أمام جميع المستثمرين تسود فيها الشفافية وسيادة القانون. ولهذا، سيتم إدخال تعديلات تهدف إلى تسهيل إجراءات الإفلاس وتصفية الشركات والسماح بتأسيس شركات الفرد الواحد. لقد قمنا بإدخال تعديلات على قانوني المنافسة ومنع الاحتكار كما نلتزم بدعم سيادة القانون واستقلالية هيئاتنا التنظيمية، وإننا على قناعة بأن مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، فمصر المستقبل سيكون بمثابة المحفز لعودة استثمارات القطاع الخاص إلى مصر".