تنشر "الوطن" نص كلمة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، اليوم السبت، في المؤتمر الصحفي العالمي بحضور عدد من الوفود الإعلامية من مختلف بلدان العالم، في إطار الإعلان عن الاستعدادات الخاصة بالمؤتمر الاقتصادي المقرر عقده منتصف مارس المقبل. وأعرب محلب، في بداية كلمته عن شكره لجمهور الحاضرين، الذي يعكس الحرص على المشاركة في هذا الحدث الهام لعرض خريطة الطريق التي ترسم أفاقًا أرحب لمستقبل الاقتصاد المصري، مؤكدًا أنهم وراء رؤية الحكومة بضرورة الانتهاء من الإعداد الجيد لكافة التفاصيل الخاصة بخطة التحرك المقبلة، التي تنطلق من مؤتمر دعم و تنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل". وتابع محلب "لقد عملت الحكومة خلال العام الماضي على وضع خطة تعكس رؤية السيد رئيس الجمهورية لتحقيق تعافي اقتصادي طويل الأجل في مصر، ونحن واثقون أن الجميع يشاركنا إدراك الأهمية البالغة لتحقيق الاستقرار، والرخاء للمواطنين المصريين ليس فقط وصولاً لمستقبل أفضل لأجيالنا القادمة بل للأهمية الاستراتيجية لهذا الاستقرار لكل دول المنطقة ولشركائنا الدوليين. وقدم محلب، ملخصاً لوضع الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة، موضحًا أن وصل معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 7 % حتى عام 2008، وبدا آنذاك وكأن البلاد تتجه نحو تحقيق نمو اقتصادي طويل الأجل على غرار مثيلاتها من الأسواق الناشئة، ومن ثم حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية، الأمر الذي أدى إلى تباطؤ معدلات النمو حالنا في هذا كحال العديد من الدول الأخرى، ولم ينعكس معدل النمو المرتفع على مستوى معيشة المواطنين، أو على خفض معدلات الفقر في المجتمع، كما لم يؤدي إلى خلق فرص عمل إضافية في القطاعات الاقتصادية المختلفة. وأشار إلى أن هذا من أسباب قيام ثورة25 يناير عام 2011، بالإضافةً الاضطرابات السياسية اللاحقة في حدوث مشاكل اقتصادية نعاني من تبعاتها حتى الآن، وفي الوقت الذي تعافت فيه العديد من دول العالم من آثار الأزمة المالية العالمية، ظل الاقتصاد المصري يواجه صعوبات كبيرة استمرت لأكثر من 6 سنوات. ولفت محلب، أنه إدراكاً لضرورة التعامل مع هذه الصعوبات، أكملت الحكومة المصرية مراجعة شاملة للوضع الاقتصادي في مصر. ونتجت عن هذه المراجعة ثلاثة محاور أساسية تبنتها الحكومة، وهي" أولاً، تطبيق إجراءات الانضباط المالي لخفض عجز الموازنة من خلال الخفض التدريجي لدعم الطاقة لغير مستحقيه على مدار خمس سنوات، وإجراء إصلاحات ضريبية من بينها ضريبة القيمة المضافة، وكذا إصدار قوانين جديدة مثل قانون الثروة المعدنية. ثانياً، جذب استثمارات مباشرة لموازنة الأثر الانكماشي المحتمل لإجراءات الانضباط المالي، حيث يتم توجيه هذه الاستثمارات إلى قطاعات البنية التحتية مثل النقل، والكهرباء، والمرافق، وغيرها من مجالات الاستثمار، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للمواطن المصري. ثالثا، تغطية الفجوة التمويلية على المدى القصير، ودعم ميزان المدفوعات لضمان توفير ما يكفي من النقد الأجنبي خلال العامين القادمين. واكد محلب على أننا نتحرك على هذه المحاور بجدية، لنوضح لشركائنا أن مصر تستهدف نموًا حقيقيًا وشاملاً يتضمن فرصًا استثمارية للقطاع الخاص، والعام للوصول لحياة أفضل للمواطن المصري، وهو الأمر الذى دعانا إلى عقد هذا اللقاء للإعلان عن المؤتمر المنتظر. وأكد على دعم ومشاركة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، لانطلاقة عربية نحو مستقبل أفضل، وأفاق أرحب للأجيال المقبلة، وهو ما دعت إليه السعودية، وسعينا إليه، ودعمته الإمارات العربية المتحدة. وأعلن محلب، رسميًا عن مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل" والذي سيعقد في شرم الشيخ، خلال الفترة من 13-15 من مارس العام المقبل، مؤكدًا على أن هذا المؤتمر ليس حدثاً منفصلاً بحد ذاته، وإنما يعد بداية لبرنامج متكامل للتنمية في مصر، قائلاً "ودعوني أنتهز هذه المناسبة لتوجيه رسالة هامة، وهى أننا بحاجة إلى الأجيال الجديدة وإلى الشباب، ومجتمع الأعمال، ومؤسسات المجتمع المدني، وإلى شركائنا في التنمية لمساندة وتدعيم الجهود المصرية لتحقيق هذا البرنامج التنموي الطموح". وأشار إلى أن مبادرة مصر المستقبل هي حجر الزاوية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وتهدف إلى توفير الموارد اللازمة التي سيتم توجيهها إلى المجالات الاجتماعية مثل تحسين فرص الحصول على الرعاية الصحية، وخدمات تعليمية أفضل، وتوفير الطاقة بشكل منتظم، وهي العوامل التي من شأنها دفع عجلة التنمية في مصر، وضمان حياة أفضل للجميع. وقال محلب، إن مصر في طريقها للتعافي، وقد التزمت الحكومة بمواصلة جهودها لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، "واذا نظرتم إلى ما تم تحقيقه بالفعل خلال الأشهر التي تلت تعيين حكومتنا تحت قيادة السيد رئيس الجمهورية، سترون أننا جادون جداً في عملنا"، كما استعادت استقرارها السياسي، وهى تسعى لاستكمال مسيرتها الديموقراطية، وستشكل الانتخابات البرلمانية المقبلة العلامة الفارقة، الثالثة، والأخيرة في خارطة الطريق السياسية. وأضاف محلب، أن تدشين مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل" رسمياً، يعتبر انطلاقة عملية وضع مصر على الخريطة الاستثمارية العالمية، كوجهة مفضلة للمستثمرين الإقليميين والدوليين، ولذا فقد تم حشد جميع طاقات الحكومة للتأكد من نجاح المؤتمر وضمان الإعداد له على أعلى مستوى. وأضاف "ندرك تماماً أنه يتعين علينا القيام بدورنا لتنفيذ الإصلاحات اللازمة في المجالات الاقتصادية ومناخ الأعمال في كافة القطاعات الاستراتيجية"، ونتطلع إلى أن يكون هذا المؤتمر محفلاً نلتقي فيه بشركائنا من الدول، ومنظمات التنمية المتعددة الأطراف، وكذا الشركات المحلية والإقليمية والدولية التي ستشارك في المؤتمر وفي تعافي الاقتصاد المصري. وشدد محلب، على أن ليوم هو الوقت المناسب ليشهد مجتمع الاستثمار والمال العالمي التغييرات التي تقوم مصر بإجرائها لإحداث إصلاحات حقيقية في الاقتصاد ولإطلاق العنان لقدراته الإنتاجية. وفي سبيل تحقيق هذا، تقوم الحكومة بالعمل على ثلاثة محاور رئيسية من شأنها أن تدفع عجلة التنمية والاستثمار، أولى تلك المحاور هو مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري: مصر المستقبل والذي يعد نقطة البداية لرحلة تنموية طويلة الأجل، كما يشكل هذا المؤتمر فرصة لمساعدة شركائنا ومستثمرينا على فهم رؤيتنا لمستقبل أفضل لمصر؛ والتأكيد على استقرار مصر وأمنها والقائم على تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، والإعلان عن البرنامج الإصلاحي المتكامل للسنوات الاربع القادمة، والذي يشمل إصلاحات اقتصادية ومالية تستهدف تحسين مناخ الاستثمار؛ وعرض استراتيجية التنمية المصرية للقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية والسياسات المرتبطة بها، وفرص الاستثمار، والحصول على تعهدات مالية من شركائنا في التنمية بهدف دعم استراتيجية الاستقرار الكلي ومشاريع البنية التحتية العامة ذات الأولوية؛ عرض مشاريع استثمارية مختارة لتوضيح كيف يمكن دعم مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري واستعادة مكانة مصر المتميزة لدى المستثمرين في أسرع وقت ممكن. واستعانت الحكومة بشركتين عالميتين، إحداهما متخصصة في مجال تنظيم المؤتمرات العالمية والدعاية والاتصال والترويج والتغطية الإعلامية العالمية، وهي مجموعةWPP " دبليو بي بي" لتنظيم المؤتمرات، والأخرى شركة لازار للاستشارات المالية والتي تعمل على الإعداد لمحتوى المؤتمر، والتواصل مع الجهات المعنية العالمية لشرح رؤية مصر الاقتصادية والإصلاحية، بالإضافة إلى المتابعة، والتقييم عقب المؤتمر، والمساهمة في توفير جهات تمويل لاستكمال تمويل المشروعات التي سيتم عرضها خلال المؤتمر. وأكد قائلاً "إننا اليوم لا نعلن فقط عن انطلاق مصر نحو التنمية، لكننا نؤكد من جديد أننا نحظى بالدعم المتواصل من أشقائنا في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة على مختلف الأصعدة، ونتعاون مع كافة الهيئات الدولية وشركائنا في التنمية للاستفادة من خبراتهم، ومواردهم التي يخصصونها لمصر، ولهذا فسيكون منبراً مناسباً للتشاور حول المبادرات الاستثمارية، ورفع مستوى التعاون بين القطاعين العام، والخاص من جهة، وشركاء مصر للتنمية من جهة أخرى. وتابع، أما ثاني المحاور التي تعمل عليها الحكومة فهو محور تسوية منازعات الاستثمار، و"كما تعلمون جميعاً فهناك لجنة تابعة لمجلس الوزراء، وتعمل على الوصول إلى تسوية ودية لتلك النزاعات على أساس من سيادة القانون وعلى نحو يضمن الحفاظ على المال العام ويحقق التوازن العقدي بين أطراف تلك العقود"، وتضم اللجنة في تشكيلها مختلف الجهات ذات الصلة بتسوية مثل هذه النزاعات. وتساهم التسويات التي يتم إبرامها من خلال اللجنة في توفير عوائد نقدية للدولة، بالإضافة إلى المزايا الأخرى، والتي تتمثل في توفير العديد من فرص العمل في المشروعات، وتنشيط القطاعات المرتبطة بتنفيذ هذه المشروعات، وعلى رأسها قطاعي الإسكان والسياحة، كما يتم بموجبها تجنيب الدولة مخاطر لجوء الشركات إلى التحكيم الدولي، وما يترتب على ذلك من غرامات مالية باهظة. واستطاعت اللجنة منذ إنشائها تسوية عدد من المنازعات بلغت خمس عشرة منازعة لمشروعات بعض الشركات المحلية والأجنبية، والتي تتخطى قيمتها الاستثمارية عدة مليارات من الجنيهات، وآخر هذه التسويات هي التسوية الخاصة بشركة الفطيم للتنمية العقارية فيما يتعلق بمشروعها بمنطقة القاهرة الجديدة "كايروفيستيفال سيتى"، هذا بالإضافة إلى المحاولات الجادة والمكثفة الجارية حالياً لحل مشاكل أخرى لكبار المستثمرين. أما المحور الثالث، والأخير الذي تعمل الحكومة عليه هو محور تهيئة مناخ استثماري جاذب يقوم على العدالة، وإتاحة المعلومات يستطيع أن ينافس لجذب الاستثمارات الدولية، وفي سبيل تحقيق ذلك واستكمالاً لمنظومة الاصلاحات المصاحبة للمؤتمر والتي تهدف إلى استعادة الثقة في مناخ الاستثمار المصري، يجري حالياً التنسيق فيما بين الوزارات المعنية من أجل تعديل الأجندة التشريعية والتي تتضمن أولويات تعديل القوانين المختلفة والتي لها أثر إيجابي، ومباشر على تحسين مناخ الاستثمار في مصر. وأشار محلب، إلى إرسال رسائل قوية للمجتمع الدولي تؤكد على تحقيق الاستقرار، والإصلاح الاقتصادي والنمو الشامل، كما سيكون المؤتمر فرصة لإظهار أن مصر تزدهر وأنها مستعدة للمستقبل، إننا نسعى إلى تحقيق الإصلاح الاقتصادي والوصول إلى معدلات نمو مرتفعة في ظل الزيادة السكانية المطردة التي نشهدها، فالطاقة الكامنة في الشباب ميزة تنافسية يجب أن اغتنامها، فمصر تحتاج إلى استثمارات كثيفة العمالة وعالية الإنتاجية، وعلاوة على ذلك فإنها تحتاج إلى استثمارات لإصلاح البنية التحتية والهيكلية بهدف تحقيق نقلة نوعية في اقتصادها ووضعه على طريق التنمية الشاملة. وتهدف هذه الإصلاحات إلى تحسين مستوى معيشة للمواطنين؛ وخلق فرص عمل إضافية؛ ومعالجة الفجوة المتزايدة بين البنية الأساسية، والطاقة في مصر، والحد من انقطاعات المياه، والكهرباء؛ إطلاق مبادرات لتحقيق التنوع في الصادرات المصرية ذات القيمة المضافة المرتفعة، كما ستحظى الاستثمارات بالدعم الحكومي اللازم لتذليل العقبات التنظيمية، والبيروقراطية التي تواجه نمو القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية. وأكد على أن الحكومة ملتزمة بإزالة هذه العقبات بهدف خلق بيئة مناسبة لجميع المستثمرين، وهذا هو الهدف من وراء التعديلات على قانون الاستثمار وقانون المشتريات الحكومية وقانون التعدين الجديد وإطار إدارة الأراضي الجديد، إن من أولويات القانون إيجاد نظام النافذة الواحدة بهدف تبسيط جميع الإجراءات وعمليات الترخيص وتوحيدها. وتابع "نحن نعمل في الوقت الراهن على تطوير سياسات تهدف إلى تهيئة أجواء مناسبة أمام جميع المستثمرين، تسود فيها الشفافية وسيادة القانون، ولهذا، سيتم إدخال تعديلات تهدف إلى تسهيل إجراءات الإفلاس، وتصفية الشركات، والسماح بتأسيس شركات الفرد الواحد، أدخلنا تعديلات على قانوني المنافسة، ومنع الاحتكار كما نلتزم بدعم سيادة القانون، واستقلالية هيئاتنا التنظيمية". واختتم محلب، قوله "إننا على قناعة بأن المؤتمر، سيكون بمثابة المحفز لعودة استثمارات القطاع الخاص إلى مصر".