ثلاث جمل مهمة جاءت على لسان الفنان الكبير محمد صبحى خلال برنامج «بوضوح»، تقديم عمرو الليثي في الحلقة التي عرضت مساء السبت الماضى علي قناة الحياة. الجمل الثلاث لخصت ما يدور في الحياة الفنية والثقافية المصرية. الأولى إن المسرح المصرى مات، ولا يوجد ما يسمي «حركة مسرحية» الآن في مصر. وأرجع صبحي السبب إلى الفترة التي تم فيها انقسام المسرح بين مسرح القطاع العام ومسرح القطاع الخاص. ولو دققنا كثيراً في كلام الفنان الكبير فسوف نجد أنه لمس بيده عين الحقيقة، فالمسرح المصري عبر تاريخه الطويل فاطمة رشدي والريحاني ويوسف وهبى وأمينة رزق والمهندس ومدبولى وسميحة أيوب وعادل خيرى وزكي طليمات وغيرهم لم نكن نلاحظ أو حتي نسأل هل هو إنتاج القطاع الخاص أم العام. الكل كان يسعي إلي تقديم أعمال جادة بمفهوم المسرح، وفي حقيقة الأمر وقتها أيضاً لم يكن الفنان أو الدولة تبخل على هذا الفن، بل كان يلقي كل الدعم من كل الناس. الفنان لم يكن يسأل عن الأجر، والمخرج كان كل همه العثور علي نص يليق به وبفريق العمل، والمؤلف كان يسعي وراء القضية التي تهم الناس. والدولة من جهتها لم تكن تبخل بالميزانية، ولم يكن مدير المسرح يبحث عن مجد شخصى أو مجاملة لأحد أصدقائه الآن ولم أقصد فترة فتوح أحمد ولكن أقصد ال30 سنة الأخيرة شاهدنا عروضاً مسرحية تم إنتاجها مجاملة لمؤلف أو مخرج أو ممثل، كما شاهدنا المسرح الخاص يتحول إلى كباريه وعروض «استربتيز» علي الهواء، وبالتالى انفرط عقد المسرح وتفرق دمه بين الدولة والفنانين. الجملة الثانية التي أصاب بها الفنان الكبير عين وكبد الحقيقة هي رفضه لإلغاء الرقابة علي المصنفات الفنية، وهاجم صبحي بعض الذين هاجموه بسبب رأيه هذا. بقوله إن الهدف من رغبته بعدم إلغاء الرقابة هو منع الفن الذي يعتمد علي «قلة الأدب»، مشيراً إلي أنه من العيب أن نجد كماً هائلاً من الأعمال الدرامية أو السينمائية تظهر المرأة المصرية علي أنها سيدة خائنة تحركها غرائزها وهو أمر لا يليق بالمرأة المصرية علي حد قوله. وهنا يجب أن نرفع القبعة للفنان الكبير محمد صبحي لأن الذين يريدون إلغاء جهاز الرقابة هم أنفسهم الذين يروجون للفن الهابط، وهم الذين صدروا لنا مشاهد العُرى والجنس والشذوذ، وكأن قضايا مصر توقفت عند هذا الحد. والجميل أن الفنان محمد صبحي عاد إلي الماضى بقوله إن المخرج في الخمسينيات والستينيات كان يعبر عن الاغتصاب أو أي مشهد جنسي بمدلول مثل غلق الشباك أو البرق والرعد، حتي لا يخدش حياء المشاهد. وهي حقيقة تؤكد أن ما وصل إليه الفن المصرى لا يعبر عن الشخصية المصرية ولا المجتمع المصري بكل عاداته وتقاليده، لذلك عندما يخرج هذا الكلام من فنان مصرى بحجم وقيمة محمد صبحي فهذا يعني أن مازال لدينا فنانون كبار يدافعون عن الفن الجاد، ويتصدون لكل من يحاول هدم فنوننا الرفيعة. الجملة الثالثة التي خرج بها الحوار ذكرت في إطار رفضه لعدم تفاعل وزير الثقافة جابر عصفور وفتح قنوات اتصال مع فناني مصر بقوله كنت أتمني أن يحرص وزير الثقافة علي الاجتماع بفناني مصر، كنت أنتظر دعوته لنا جميعاً والاجتماع بنا في أحد المسارح حتي يتعرف علي وجهة نظرنا في شتي القضايا التي تهم الفنان والفن المصرى. وأبدى «صبحى» استياءه الشديد من عدم وضع استراتيجية للوزارة. وتساءل أين الثقافة الجماهيرية ودورها؟ كما طرح «صبحى» علامات استفهام حول عودة مهرجان المسرح التجريبى بقوله أين المسرح التقليدى حتي نفتح الباب لإقامة هذا المهرجان؟ مضيفاً أنه هاجم فاروق حسني عندما قرر إنشاءه. وخلال حديثه أيضاً أكد صبحي أنه رفض منصب وزير الثقافة أربع مرات لأنه فنان في المقام الأول. ولم ينس صبحي في حديثه عن قناة السويس الجديدة، حيث أكد أنه بصدد الإعداد لعرض مسرحي ضخم يُعرض خلال حفل افتتاح القناة الجديدة، إلي جانب إعداده لعدة عروض أخري منها «غزل البنات» وعرض آخر بعنوان «خيبتنا»، إلي جانب حديثه في بداية الحلقة عن برنامجه الجديد والذي يجمع فيه بين التوك شو والعروض المسرحية والدراما التي تعبر عن هموم المواطن واستدعائه العديد من الشخصيات التى قدمها عبر مشواره المسرحى مثل عم أيوب في مسرحية «الجوكر». «صبحى» أكد أن هناك عروضاً من عدة قنوات للفوز بحق بثه، وأن المشاهد التي قدمها خلال حلقة «بوضوح» من حلقة «بايلوت» أعدها حتي يتعرف علي السلبيات والإيجابيات.