يتبقي ثلاثة أيام فقط ويسدل الستار على قضية "القرن" التي بدأت وقائعها في أغسطس 2011 وحتي سبتمبر 2014. ويواجه الرئيس المخلوع محمد حسنى، يوم السبت القادم، ثلاثة سيناريوهات متوقعة بإعادة محاكمته في اتهامه بالتحريض على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير. كانت محاكمة القرن الأولى برئاسة المستشار أحمد فهمى رفعت، قد قضت بمعاقبة محمد حسنى مبارك بالسجن المؤبد عما أسند إليه من الاتهام بالاشتراك فى جرائم القتل المقترن بجنايات القتل والشروع فى القتل. ومن المتوقع ان تقوم هيئة المحكمة الجديدة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدى إما بتأييد الحكم السابق الصادر ضد مبارك بالسجن المؤبد، وإما تخفيف الحكم، أو القضاء بالبراءة. فى حالة عدم توافر أدلة جديدة تسمح بتخفيف الحكم أو البراءة فإن هيئة المحكمة ستؤيد الحكم، استنادا إلى ما اعتمدت عليه الهيئة السابقة بخلو الدعوى من أي اتصالات لاسلكية، وانه لا توجد أدلة فنية قطعية تثبت أن إصابات المتظاهرين ليست من أسلحة رجال الشرطة. وكانت محكمة النقض قد ذكرت في حيثيات قبول الطعن على إعادة محاكمة مبارك بأن الحكم المطعون عليه أدان المتهمين لقيامهم بأفعال سلبية. واعتبرت النقض أن الطاعنين شريكان بالمساعدة على التحريض على قتل المتظاهرين بمجرد علمهما بوجود عناصر أجنبية مسلحة ولم يتدخلا لوقف الاعتداء. ويتوقع البعض بأن يتم تخفيف الحكم بالمؤبد علي الرئيس المخلوع حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين، وذلك بناء على الحجج القانونية الجديدة التي قدمها دفاعه بالإضافة إلي شهادة الشهود أمام المحكمة والطعن علي جميع الأدلة التي قدمتها النيابة العامة . ويسعي فريد الديب رئيس دفاع المخلوع الي الحصول علي حكم ببراءة موكله أو علي الاقل تخفيفه استنادا الي ما قاله حول أن حكم المحكمة السابق صدر بناء على "رأي شخصي"، دون أدلة على صحة الاتهام، مشيرا إلى انتفاء نية القتل، وإلى أن وقائع قتل المتظاهرين لم تجر بمعرفة قوات الشرطة، وأن المحكمة سعت حثيثا إلى إدانة "مبارك والعادلي"، بغض النظر عن لائحة الاتهام المقدمين بها إلى المحكمة من النيابة العامة. أستند دفاع المخلوع علي أقوال المشير محمد طنطاوي وزير الدفاع إبان ثورة 25 يناير في شهادته أمام المحكمة والذي قال إنه بصفته القائد العام بالقوات المسلحة يشترك مع مجلس الوزراء والمخابرات العامة فى الاجتماعات، التى تنعقد فى الأحداث الطارئة، مثل ثورة 25 يناير حيث تختص القوات المسلحة بمتابعة ما يحدث . كما شهد المشير بأنه ليس لديه معلومات مؤكدة بإعطاء مبارك لوزير الداخلية حبيب العادلى أوامر باستخدام القوة مع المتظاهرين، لكن فى اعتقاده الشخصى أن هذا لم يحدث، وأنه من حق رئيس الجمهورية أن يصدر أوامر وفقا لصلاحياته الدستورية للحفاظ على سلامة وأمن الوطن، ومن المفترض أن كل مسئول يعلم مهامه جيدا ويقوم بتنفيذها. وقال إنه لا يستطيع الجزم بعلم مبارك بحالات الإصابات والوفيات، ويُسأل فى ذلك مساعدى الرئيس السابق، وأن مبارك تدخل لوقف نزيف الدماء، وأعطى أوامر بفتح باب التحقيق فيما حدث بميدان التحرير، وطلب رفع تقارير له عن سبب الأحداث والمسئول عنها. بالإضافة إلي شهادة الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة السابق والذى أكد للمحكمة وجود طرف ثالث بالميدان هم من قتلوا المتظاهرين، نافيا أن تكون الشرطة قامت بقنص المتظاهرين . كما اضاف في شهادته أن الداخلية لم تصدر قرارا باقتحام السجون ومن قام بذلك هي خارجية من حماس وحزب الله لتهريب المساجين التابعين لهم . تتجه مؤشرات عديدة بقضية "القرن" الي امكانية حصول الرئيس المخلوع حسني مبارك علي البراءة خاصة مع طمس الأدلة، فقد لا يكون أمام القاضى سوى هذا الخيار. ويتوقع كثير من القانونين أن يكون الحكم بالبراءة هو قرار محكمة جنايات القاهرة فى قضية قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير ربما لبلوغ أوراق القضية 780 ألف ورقة، ما يشير إلى أن القضية مليئة بالثغرات أو لأن القانون ينص على "ألا يضار الطاعن بطعنه". واستشهد فريد الديب دفاع الرئيس المخلوع فى دفاعه على ادلة تتهم جماعة الاخوان والقوى الاسلامية بقتل المتظاهرين مدللا بذلك فى اقواله بحارس الشاطر المتهم بحيازة سلاح بدون ترخيص، حيث اثبتت تحريات المباحث انه ألقى القبض عليه سابقا يوم 30 يناير اعلى سطح الجامعة الامريكية وهو يقوم بإطلاق النيران على المتظاهرين. كما استشهد الديب خلال مرافعته بقضية التخابر المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي، و35 آخرين، مشيرا إلى أن أوراق قضية مرسي تشير إلى قيام عناصر أجنبية بالتعاون مع عناصر داخلية بقتل المتظاهرين وإشعال البلاد. وأضاف أن المخابرات المصرية علمت بدخول عناصر من حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية ونزول الإخوان في الميادين يوم 28 يناير لعمل فوضى بالبلاد"، مشيرا إلى أن اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية الأسبق شهد أن الحالة الامنية كانت منفلتة نتيجة هروب 23 ألفا و710 سجناء قاموا بحرق المراكز الشرطية وسرقة 15 ألفا و500 قطعة سلاح، تسببت في حوادث القتل والفوضى والشغب والتخريب بالبلاد. وأشار الديب إلى أن عددا من الشهود في القضية قالوا إن الشرطة لم تطلق النيران على المتظاهرين وأن "أصابع الاتهام موجهة إلى جماعة الاخوان المسلمين وحركة حماس وكتائب القسام". ولكن حال حصول مبارك على البراءة لن يمكنه من الخروج من محبسه بسبب صدور حكم قضائى ضده بالسجن 3 سنوات فى قضية القصور الرئاسية برفقة نجليه علاء وجمال المحكوم عليهما بالسجن 4 سنوات. الحقيقة أن القضية معقدة ومتشابكة وغامضة، والحكم فيها سيكون فاصلا في مستقبل مصر، كثيرون ينتظرون الإعدام، ولكنه وفي ظل كل ما سبق أصبح مستبعدا لحين إشعار آخر.