ركبت المترو.. فلم أجد مقعداً شاغراً كالعادة لأجلس عليه.. فاستسلمت للأمر الواقع.. ووقفت مضطراً.. وفتحت الجريدة التى كانت معى لأقرأها.. وبدأت القراءة بالصفحة الأولى.. وبعد قليل سمعت بهمهمات بين الجالسين أمامى.. مصحوبة بمصمصة الشفاه من النساء.. فلم أفهم سبب ما يدور، خاصة أن كل ذلك كان مصحوباً بنظرات الاستنكار الموجهة لى، شككت فى نفسى.. حتى إننى قلت قد يكون فيه حاجة غلط فى ملابسى.. فربما بفعل استعجالى.. قد أكون قد نسيت إغلاق سوستة البنطلون.. وعلى الفور.. وضعت يدى على السوستة لأتدارك الأمر.. ولكن المفاجأة أن السوستة مغلقة وزى الفل.. وازدادت حيرتى، خاصة مع تصاعد موجة الاستنكار.. ولكن الغريب فى الأمر أننى وجدت عيونهم جميعاً متجهة صوب الجريدة التى أقرأها.. وعلى الفور قلبت الجريدة لأعرف ما بها.. وآثار كل هذا الاشمئزاز.. فإذ بى أجد صورة بشعة.. منشورة بعرض الصفحة الأخيرة بالكامل.. يعنى على ثمانية عمود بلغة أهل الصحافة.. لامرأة ترتدي مايوه بكينى ساخناً.. ومستلقية على وجهها فى استرخاء كامل.. وجسدها بالكامل عار إلا ما رحم ربى.. والكارثة الكبرى أن ناشر الصورة الفضيحة لم يكتف بذلك.. وإنما وضع علم مصر خلف هذه الصورة الفاضحة والخادشة للحياء! وعلى الفور طويت الصحيفة.. وشعرت بحالة خجل شديدة لم أمر بها فى حياتى كلها.. وكأنى عامل عملة.. لأن ركاب المترو عاملونى وكأننى شريك لصاحب الجريدة فى جريمته.. وحسماً لهذا الوضع المحرج.. انتظرت وصول المترو لأول محطة تالية، وهبطت سريعاً.. لأستقل قطاراً آخر.. وأنا ألعن الصحافة ومن اخترع الصحافة.. بعد أن تسببت لى فى هذا الوضع المزرى الذى كنت فيه.. ويقينى لو أن ركاب المترو أدركوا أننى أعمل بنفس هذه المهنة التى يعمل بها صاحب هذه الصحيفة.. فربما تطور الأمر من مجرد نظرات الاستنكار إلى استخدام الأيدى وربما أصعب من ذلك! أظنكم الآن شغوفين لمعرفة هذه الصحيفة الفضيحة.. وصاحبها الذى ارتكب هذه الجريمة فى حق الصحافة وقرائها.. بل وفى حق مصر كلها التى أهان علمها ووضعه كخلفية لامرأة عارية؟! الغريب يا سادة أن هذه الصحيفة ذائعة الصيت.. أما صاحبها فهو واحد من أشهر صحفيي مصر.. وتجد مكانه دائماً «ملاصقاً» لمقعد رئيس الجمهورية سواء فى لقاءاته برؤساء التحرير.. أو فى لقاءات الرئيس بكبار الإعلاميين.. فصاحبنا باسم الله وما شاء الله.. صاحب برنامج شهير فى الفضائيات.. يعنى شغال بروحين! أما الصحيفة التى ارتكبت هذه السقطة الصحفية فهى صحيفة «الفجر».. التى يرأس تحريرها الأستاذ الفاضل عادل حمودة! وهنا يأتى السؤال المهم ما الذى يدفع صحفى شهير كعادل حمودة لارتكاب هذه السقطة الأخلاقية فى حق قارئه.. وفى حق بلده التى حول علمها الوطنى لمسخرة ومهزأة بأن جعل منه خلفية لامرأة عارية؟! وما الداعى لحشر علم بلاده فى هذه المهزلة.. التى نشرها بعرض الصفحة الأخيرة بالكامل؟.. هل حول الرجل صحيفته إلى صحيفة «بورنو» كاملة الأوصاف؟! إذا كان الأمر كذلك فعلى السيد «حمودة» أن يضع على الصفحة الأولى لجريدته عبارة للكبار فقط! الأهم من ذلك كيف تسمح الدولة وهى راعية الأخلاق بحكم الدستور بمثل هذه الصور الخادشة للحياء.. وكيف تصمت على إهانة علم مصر بهذا الشكل، وهى التى هاجت وماجت من اسبوعين لمجرد قيام الراقصة الجورجية «صافيناز» بالرقص ببدلة رقص عليها علم مصر.. حتى وصل الأمر للمطالبة بترحيلها وطردها من مصر.. والآن ماذا أنتم فاعلون يا سادة مع من ارتكب جرماً أشنع فى حق مصر والمصريين؟! وهل للسيد عادل حمودة حصانة تجعله فوق القانون وخارج نطاق المساءلة؟! أرجو ألا يصدعنا أحد بالقول إن هذه حرية الصحافة لأن حرية الصحافة لا تعنى على الإطلاق حرية الوقاحة والانحطاط.. حسبنا الله ونعم الوكيل.