الشائعات لها خطر عظيم وشر مستطير، فكم دمرت من مجتمعات وهدمت من أسر وبيوت، وفرقت بين أحبة، كم أهدرت من أموال وضيعت من أوقات، وكم أحزنت من قلوب. وإذا أردنا أن نعلم شرها العظيم، وأثرها الجسيم، فننظر في حادثة الإفك: كيف أن النبي صلي الله عليه وسلم مكث شهراً كاملاً مهموماً وحزيناً لا وحي ينزل يوضح له الحقيقة، وفي نفس الوقت لا يعرف عن أهل بيته إلا الطهر والعفاف. وإذا أردنا أن نعرف الإشاعة فهي خبر أو مجموعة من الأخبار الزائفة التي تنتشر في المجتمع بشكل سريع. وتنتشر الإشاعة بشكل كبير في المجتمعات الجاهلة وغير الواعية، فالمجتمع الجاهل يكون بيئة خصبة لانتشار الشائعة، كذلك من أسباب انتشار الشائعة انتشار وسائل الاتصالات السريعة، وسيطرتها علي عقول المجتمعات. وتتنوع وتتعدد الشائعات منها: 1- الإشاعة الزاحفة (البطيئة) وهي الشائعة تروج ببطء والناس تروج لها همسا وبطريقة سرية حتي تنتهي آخر الأمر أن يعرفها الجميع. 2-الشائعة السريعة: (الطائرة) وهي الشائعة سريعة الانتشار، وسريعة الاختفاء. 3- الشائعة الراجعة: وهي التي تروج ثم تختفي ثم تعود. وهناك عوامل لانتشار الشائعة منها: الشك العام بمعني يتوقف انتشار الشائعة علي الشك والغموض في الخبر أو الحدث. كما أن هناك دوافع متنوعة ومتعددة للشائعة تتمثل في: الدوافع الشخصية والتي أهمها الحسد، وهناك دوافع ذات أهداف سياسية كالشائعات التي تطلقها قوة سياسية معينة ضد قوة أخري، كما توجد شائعة ذات دوافع اقتصادية من أجل التأثير علي الأسعار. ولقد عالج الإسلام خطر الشائعة معالجة حكيمة وقدم العلاج الناجع لها وقدم عدداً من الحلول منها: التثبت أي التحقق وعدم التسرع في نقل الأخبار قال تعالي في محكم التنزيل (يأيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين) وقد جاءت الأحاديث النبوية في نفس السياق، ففي صحيح مسلم أن النبي قال (كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع). يجب أن نتثبت من أقوالنا وكل ما نقوله، فالعاقل يعلم أنه ليس كل ما يسمع يقال، وأن يتريث الإنسان في نقل الأخبار، وان يتقي الله في أقواله حتى ينجو المجتمع من هذا الخطر العظيم، والشر المستطير، وينعم بالهدوء والسكينة والأمن والاستقرار.