في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي احتلت القاهرة مكانة متقدمة بين أجمل المدن لتتفوق قاهرة 1925 علي باريسموسكو ولندن، ولكن الصورة الجميلة اختفت الآن بعد ثورة 25 يناير 2011 حيث انتشرت أكوام القمامة بشكل كبير في الفترة الأخيرة بشوارع القاهرةوالجيزة واحتلت الأرصفة ووصلت إلي نهر الطريق بجوار معظم الأبنية الحكومية والمدارس والمستشفيات وعند أسوار محطات المترو، لم تعد أزمة انتشار القمامة مقصورة علي الأحياء الشعبية والعشوائية فقط بل طالت أيضا شوارع الأحياء الراقية في القاهرة. وفي الوقت الذي تنتشر فيه أكوام القمامة يقف عمال النظافة في الشوارع الرئيسية وفي إشارات المرور يحيون قائدي السيارات الملاكي في إشارة ضمنية منهم إلي طلب مساعدات مالية مستغلين شهر رمضان تاركين عملهم الرئيسي في تنظيف وجمع القمامة، وفي محافظة الجيزة انتشرت أكوام القمامة في معظم شوارع المحافظة في الوقت الذي يقف عمال النظامة بملابس قديمة وممزقة يتسولون في الإشارات والشوارع من المارة وانتشرت أكوام القمامة في أغلب الشوارع الجانبية في شارع فيصل والهرم وميدان الجيزة. «الوفد» رصدت مشكلة انتشار القمامة التي لم تعد تؤثر فقط علي الشكل الجمالي للشوارع الرئيسية أو الفرعية بل بدأت تؤثر علي صحة المواطن المصري وخاصة الأطفال التي تكون نسبة المناعة لديهم ضعيفة، حيث تتراكم القمامة أمام منازلهم ومدارس هم مما تسبب لهم أمراضا لا حصر لها، ورغم أن المواطن المصري يدفع شهريا تسعة جنيهات تضاف علي فواتير الكهرباء إلا أنه لا يحصل علي خدمة مقابل تلك الرسوم التي يدفعها، كما أن أكياس القمامة التي من المفترض الحصول عليها بعد تسديد الرسوم لا يتم تسليمها للمواطنين هذا بجانب ان عمليات فرز القمامة أصبحت تتم في الشارع حيث يقوم عمال النظافة بفرزها والحصول منها علي ما يريدون وإلقاء الباقي في صناديق الزبالة أو يتم تركها في الشارع تعبث بها القطط والكلاب الضالة وكأن الشارع أصبح مباحا لأي شخص يفعل فيه ما يحلو له دون مساءلة قانونية. المواطنون الذين يسكنون المناطق التي بها أكوام القمامة يتساءلون: أين عمال النظافة؟ وأين شركات النظافة التي تحصل علي رسوم مقابل خدمة لا تؤديها حيث لا تقوم بجمع القمامة من المنازل فيما يفتقد الأهالي صناديق القمامة في الأماكن المخصصة لها مما يدفعهم إلي إلقاء قمامتهم في أي مكان بالشارع، والتي تتسبب في أحيان كثيرة في انسداد بالوعات وخطوط شبكة الصرف الصحي، وبالتالي مياه المجاري في الشوارع والمنازل. مظهر غير حضاري ان تراكم القمامة لعدة أيام يتسبب بانتشار الروائح الكريهة والفئران والحشرات التي تسبب أمراضا خطيرة علي الصحة العامة لكل من أحاطت به هذه النفايات، خصوصا في فصل الصيف، كما ان تراكم كميات كبيرة من القمامة في الشوارع وأمام البيوت يشكل مظهراً غير حضاري. يقول عمرو محمد جامع: ان شركات النظافة هي السبب الأول لما يحدث بسبب منعنا من العمل الحر وتوظيفنا براتب 300 جنيه فقط، وتابع «كنا بنشتغل زي الفل أيام الكارو ومفيش حد كان بيلاقي ورقة علي الأرض، لكن بعد ما منعونا وشغلونا في شركة مبقاش حد يشتغل بنفس عشان الواحد مننا كان بيحصل أضعاف المبلغ ده شهريا». وأمام الإدارة العامة لمحطة معالجة زنين التابعة لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة تجمعت تلال القمامة وبسؤال حسين عبده أحد العاملين بالشركة عن أسباب تراكم تلال القمامة، قال ان الأهالي تستسهل إلقاء القمامة بجانب سور الشركة، ورغم أننا قمنا أكثر من مرة بإزالتها إلا أنهم يعاودون وضعها مرة أخري ونظرا لكبر حجم القمامة فان السيارات الخاصة بنقلها لم تعد تعيرنا أي اهتمام وشكونا أكثر من مرة للحي دون فائدة. وتلتقط منه طرف الحديث أم صابر من سكان المنطقة وتقول: يجب رفع رسوم تحصيل جمع القمامة من فاتورة الكهرباء نظرا لعدم توافر الخدمة مؤكداً ان جامع القمامة الحر كان يعمل علي أكمل وجه حيث يعرفه الأهالي ويصلون إليه في أي وقت، ولم نكن نري مثل هذه الأكوام التي تسبب لنا حالة من الضيق بسبب رائحتها الكريهة بالإضافة إلي انتشار الحشرات مثل الذباب والناموس والفئران والتي تعرض حياة أطفالنا للخطر. وتضيف زينب فهمي إحدي سكان شارع فيصل ان حراس العقارات المجاورة يلقون القمامة في الحديقة المقابلة لعقارنا لان الصناديق لا تكفي فيأتي جامعو القمامة ليلتقطوا ما ينفعهم منها فقط ويتركوا الأكياس مبعثرة فالقمامة وصلت لدرجة إعاقتنا عن مرور الشارع. وتستطرد: كل واحد لا يهمه غير نفسه وأهم حاجة إنه يرمي الزبالة بعيداً عن بيته. القمامة في المهندسين ولم يختلف الحال كثيرا في المهندسين عن فيصل وبولاق الدكرور ففي شارع شهاب والذي يعد من الشوارع الرئيسية بالمنطقة تنتشر أكياس القمامة بين كل عمودين من أعمدة الإعلانات والإنارة بينما تتصدر أكوام القمامة مدخل شارعي عدن وسوريا، ويقول عبدالله محمد صاحب محل ملابس بالمنطقة. المشكلة ليست في القمامة فقط ولكن فيما يترتب عليها من ناموس وفئران وأمراض، وحمل عبدالله كلا من الحي والسكان مسئولية انتشار القمامة قائلاً: الحي لا يهتم بشارع رئيسي مثل شهاب والسكان أيضا يهملون ويلقون القمامة في الشوارع كما سيطرت حالة من الغضب علي سكان مناطق مدينة نصر والمعادي والزاوية الحمراء بسبب انتشار القمامة بالشوارع مما دفعهم إلي تقديم الشكاوي لرؤساء الأحياء التابعين لها خاصة مع انتشار ظاهرة حرق القمامة لتقليل كمياتها والتي تتسبب في إصابة الأطفال بالعديد من الأمراض الصدرية والرئوية. 3 ورديات ومن جانبه نفي مختار أبوالفتوح المتحدث باسم هيئة النظافة بالجيزة وجود أكوام القمامة بالشوارع قائلا: ان الهيئة تعمل وفقا لخطط ممنهجة لمنع تواجد القمامة بالشوارع كما انه تم عمل ثلاث ورديات لعمال النظافة خلال اليوم حتي يقوموا بجمع القمامة ولا تعطي أي فرصة لتجمع أي مخلفات في الشوارع. واستطرد «أبوالفتوح» انه تم عمل تقسيمات للشوارع والمناطق للقضاء نهائيا علي القمامة فمثلا في شارع فيصل الذي يضم 198 شارعا جانبيا تم تطوير العمل به وتنظيف وزراعة الحدائق الوسطي بالشارع لمنع الأهالي من إلقاء القمامة بها والتغلب علي تلك الظاهرة.