كان فى استطاعة نظام ما قبل 25 يناير أن يسلم حكم مصر على أسس وقواعد راسخة وثابتة من العدل والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد.. ولكنه أضاع كل الفرص.. اعتمادًا على رؤى فاسدة ومستبدة توج أصحابها على قمة مؤسسات صنع القرار.. فانهار العدل والظلم.. وتفشى الفساد.. فقامت ثورة أطاحت برؤوس النظام.. ولكن استمرت ذيولهم وحملة مباخرهم وأدوات فسادهم وحمقهم.. وتوغلوا فى مؤسسات الدولة.. فجاء حكم الإخوان.. فزاد الغرور والفشل.. والاستبداد ومحاولات احتكار مواقع السلطة فانهار حكمهم.. فتسلم الحكم مجموعة أثبتت فشلاً فوق الفشل.. وكانت معدومة الرؤية السياسية.. فاستسهلت القبضة الحديدية.. فانهار أيضا الحكم الرشيد وانهار العدل.. وارتمت المعارضة فى حضن فرعون جديد.. وضيقت الحريات.. واختفت أصوات المعارضين بحق.. وزاد القمع وزج بالأطفال الصغار فى السجون فى ظاهرة لم يسجلها التاريخ.. لا فى عهد هتلر ولا فى عهد أشد الطغاة استبدادا.. وسقذط معارضون ونخب وجهابذة فى مستنقع خدام عز وجمال.. وأصبح فندق يجمعهم.. ما بين منافق وفاسد وباحث عن مقعد فى بلاط السلطان.. جاءت الأموال من كل فج عميق.. بدون رقابة من برلمان أو غيره.. فأصبح لا حساب ولا رقيب.. وانشغل الجميع فى كيفية الوصول لمشروع حاكم.. باحثين عن تقبيل الأيادى والأقدام إن تفضل ورضى.. بئس النخبة والمعارضة.. فلم يكونوا أفضل لا من حكم فساد ما قبل 25 يناير ولا غباء الإخوان.. فهم أسوأ وأضل سبيلا.. فلم نر لكيان منهم رؤية لوقف بحور الدم.. ولا لكيفية لم شمل الوطن.. لم نر اقتراحًا بتفريغ السجون من الأطفال.. ولا المظلومين من الزنازنين.. لم نسمع صوتا يحذر من القيود المفروضة على الرأى.. لم نسمع صوتا يستمع إلى أنين الجوعى والمرضى وأطفال الشوارع وسكان المقابر.. ومما يزيد الأمر خطورة أن من يتربع اسمًا وشكلاً وليس جوهرًا ولا عمقًا رجل يحمل لواء العدل فى أرفع مؤسسات الدولة القضائية.. ويصمت عن ظلم ساد البلاد والعباد.. ويعجز عن ايجاد رؤية توقف الدماء وتنصف المظلوم.. بشرط ألا يفلت إرهابى أو مجرم من عدل القانون.. لا نريد أن يسطر التاريخ فى صفحاته أن عهد عدلى منصور.. ورجاله «السيسى» و«إبراهيم» كانوا معدومى أى رؤية سياسية.. واستسهلوا الحل الأمنى.. يطبل لهم ويزمر حملة مباخر النظام الأسبق.. لأنهم لا يريدون أن يعود استقرار البلاد.. فيومها سيودعون السجون والمعتقلات.. ويرجع للشعب حقه المسلوب والمنهوب.. يا سادة.. من لا يستقرئ التاريخ.. ويتعظ.. ويعتبر، من ثورات العالم وغضب الشعوب.. وانهيار العدل وشيوع الظلم.. وانتشار الفقر.. سيعجل بكل تأكيد بثورة أشبه بالبركان لا تبقى ولا تذر.. ولن يفلت مؤيد ولا معارض.. ولا غنى أو فقير.. ولن يسلم أحد.. العجيب فى الأمر أن أكثر من يروق له الوضع الحالى فى البلاد هو الفاسد والمستبد والمنافق وعباد بلاط كل حاكم.