تابعت بكل أسف قضية السيدة البريطانية التي ادعت أنها اغتصبت فى أحد الفنادق بمدينة شرم الشيخ، استمعت لمعظم ما عرضته برامج التوك شو مساء، وما تناقلته وكالات الأنباء والمواقع الخبرية، وأعتقد أننا تصرفنا بشكل خاطئ فى هذه القضية، وأننا تعاملنا مع ما قيل بأنه حقيقة، ومثل اللى على رأسه بطحة بيحسس عليها، قمنا بجلد أنفسنا وأصدرنا قرارات إدانة وطالبنا بتطهير الفنادق من الرجال المرضى، حتى ان احدى مذيعات التوك شو تعاملت مع القضية بمنطق الآمر الناهي وحشدت ضد الفندق والعامل المتهم بالاغتصاب، وضغطت بشكل مؤسف على وزير السياحة لكى يصدر قراراً بإعدام الذكور والفنادق بشرم الشيخ، وأظن أنني سمعتها تردد ما ذكر فى الصحف أو النشرات البريطانية: لا تركبوا المواصلات العامة، ولا التاكسي، ولا تمشوا فى الشوارع، ولا تجلسوا بمفردكم تجنباً للتحرش والاغتصاب، وكأن شباب مصر ورجالها ليست لهم وظيفة سوى الجرى خلف البنات والسيدات فى الشوارع والمواصلات والفنادق والكافيهات والمؤسسات والهيئات والحدائق، والمدهش أن وزير السياحة وقع فى فخ اللى على رأسه بطحة، وأصدر قرارات متسرعة وغير مدروسة شوهت صورة مصر والسياحة والعاملين بها قبل أن يتحقق من الواقعة، وقيل إنه قام بإغلاق الفندق وإلغاء رخصته، وقيل إنه اتصل بالسيدة فى بريطانيا وتأسف لها، وهو ما يعنى أن الوزير تحقق وأثبت أن السيدة اغتصبت بالفعل، وأنه نيابة عنها اكتشف العامل قليل الأدب المغتصب، كيف والمغتصبة فشلت فى التعرف عليه؟ السائحة البريطانية (40 سنة) ادعت اغتصابها لاحدى الصحف البريطانية، وقد سمعنا بالخبر من العاصمة البريطانية رأساً، وقيل إن أحد أفراد الأمن قام باغتصابها بعد أن قام بتوصيلها إلى غرفتها، وقيل إنها سكيرة، وقيل إنها تقدمت بشكوى إلى السفارة البريطانية ولم تتمكن من إثبات اتهامها، وتردد أن السفارة نصحتها بأن تغادر وتعود إلى بريطانية، وذكر أنها رفضت العودة وفضلت البقاء والاستمتاع بإجازتها. السيدة البريطانية حسب ما سمعت وما نشر فى المواقع الخبرية والصحف، لم تقم بتحرير محضر بالواقعة فى قسم الشرطة، كما أن السفارة البريطانية لم تحرر هى الأخرى محضراً بالواقعة. ما ذكر ونقل وتردد ونشر يؤكد أن القضية فى مرحلة ادعاء، وأن المدعية فشلت فى إثبات روايتها، كما أنها لم تتمكن من التعرف على من اغتصبها، والأغرب من هذا أنها لم تتقدم للشرطة ولم تقطع إجازتها، إذن ما ينشر ويتردد ويذكر وينقل هو محض ادعاء، والمفترض أن نتصدى له، إما ان تثبت السيدة صحة قصتها أو أن تصمت، لذا كان على وزير السياحة ان يتصرف من منطق الدولة وليس من باب كشك سجاير، وكان عليه رفع دعوى تشهير ضد الجريدة البريطانية لقيامها بتشويه صورة مصر والسياحة المصرية بدون تقديم دليل على الواقعة. إذا كانت السيدة قد تعرضت لواقعة اغتصاب فى مصر فلماذا لم تتقدم بشكوى للسلطات المصرية؟، لماذا فضلت الإعلان عن واقعة اغتصابها هذه للصحف البريطانية وليست للصحف المصرية؟ كان على الوزير أن يخرج فى مؤتمر صحفى بحضور السفير البريطانى، ويدين ما نشر فى الصحيفة البريطانية قبل أن تتأكد من الواقعة، ويشكك فى صحة الواقعة، ويتساءل لماذا لم تقم السيدة البريطانية باللجوء إلى أجهزة الأمن فى شرم الشيخ؟، لماذا لم تخطر وزارة السياحة أو محافظ جنوب سيناء؟، ويدعو أمام العالم أجمع السيدة لزيارة مصر لمدة أسبوع تقوم خلاله بإثبات صحة الواقعة، وأن تتعرف على العامل الذي ادعت أنه اغتصبها، لكي يحال إلى جهات التحقيق وينال عقابه العادل، جرائم التحرش والاغتصاب تقع فى جميع بلدان العالم، وإذا ثبتت صحة واقعتها وهو وارد ينال المجرم عقابه، وحتى تثبت السيدة البريطانية قصتها نحن نرفض تشويه صورة مصر والسياحة بها، مصر دولة كبيرة ولها مؤسساتها وأجهزتها وتاريخها وليست كشك سجاير يدار من خلال الندب فى التوك شو أو بالقرارات الوزارية الانفعالية غير المدروسة. لهذا أطالب أصحاب الفندق الذي أصدر الوزير قرارا بإغلاقه، وأطالب العاملين به بعدم الاستجابة لقرار الوزير لأنه غير قانوني ولا يعتمد على إدانة حقيقية، مصر لم تعد عزبة يصدر فيها الوزير القرارات التي ترضى أريحيته، يجب أن تثبت جهات التحقيق الإدانة، وساعتها يعاقب من فعل الجريمة ولا المنشأة والعاملون بها، حتى إذا كان صاحب المنشآت يشجع على الاغتصاب والتحرش يحال للتحقيق ويعاقب ولا تغلق منشأته، فما ذنب سائر العاملين بها؟، وما الجريمة التى اقترفتها المنشأة لكي ندمرها ونشوهها بهذا الشكل؟، ليس من أجل ولد مريض اغتصب سيدة فى حالة سكر نشوّه صورة مصر وندمر السياحة بها ونغلق بيوت عشرات العمال.