الإرهاب يضرب في مصر، ويستهدف القاهرة والمنصورة في أقل من 48 ساعة، والصورة المنسوخة ب"الكربون" تتجدد، في مشهد دموي لا بد أن تمنع مصر وجيشها وشعبها وقواها السياسية والمدنية تكراره مجدداً بمزيد من الوعي والتكاتف والالتفاف حول مفهوم مصر الدولة لكل مواطنيها . لم تكن القاهرة يوماً في تصور أكبر المتشائمين لتصل إلى هذا الحد من الاستهداف الذي أطل فيه الإرهاب برأسه من تحت رماد نظام سابق حاول إمساك زمام السلطة بعقلية يملؤها التفرد والتهميش والتمسك بالكرسي، في صورة مكررة لما كان من سابقه، فكان مصيره كمصير ذاك، لكن رد فعله جاء دموياً وعنيفاً، ونذكر جميعاً كيف أنه هدد وتوعد مع عزل رأس هرم سلطته محمد مرسي، ونذكر كيف أنه أكد أكثر من مرة أنه لن يتورع عن الخوض في الدم المحرّم . مصر قادرة بكل تأكيد على تطويق تداعيات هذه الأحداث الأليمة والجرائم المدانة، لكنها في الوقت ذاته مطالبة، سلطة انتقالية وجيشاً وأجهزة أمن وشعباً وسياسيين، بمزيد من الوحدة، ومزيد من التنبه والوعي لمخاطر ما تحاول أيدي الإرهاب أن تصل إليه، من إعادة لمآسي شعوب شقيقة أهلك الإرهاب حرثها ونسلها، وضرب مقدراتها ودمر ثرواتها، وفي مصر تبدو الثروة الكبرى المتمثلة بالعنصر البشري أولاً والعنصر العسكري النوعي ثانياً، هي المستهدفة، كونها تشكل ضمانة أمن واستقرار المجتمع . لا يمكن لأي كان مجرد التفكير في أن المشهد قد يتكرر، كون ذلك سيحمل نذراً خطرة ومؤشرات أخطر لما قد تتطور إليه الأمور، ومواجهة ذلك تتطلب حزماً وحسماً، ويقظة أكثر، والمعروف منذ قرابة 3 أعوام أن الشعب المصري قادر على المواجهة، وقادر على وضع حد لكل يد أو أيدٍ تحاول العبث أو بث الفساد . وبعيداً عن إطلاق الاتهامات لهذا الطرف أو ذاك، مع أن التهمة ثابتة على جماعة "الإخوان المسلمين" وأذرعها الإرهابية مهما اختلفت مسمياتها، فإن هناك تطورات على الساحة السياسية لا بد من التنبه إليها جيداً، من قبيل بروز مجموعات تزعم الانشقاق عن الجماعة وتتبنى نهجاً مغايراً لنهجها، وتدعي الرغبة في الانخراط في العملية السياسية بشكل سلمي، فمثل هذه المجموعات تشكل محاذير من طرفين، الأول أن تكون المسألة مجرد إعادة إنتاج للجماعة بقناع مختلف، ما يعني أن الجماعة تحاول التكيف مع الوضع الراهن، والثاني أن تكون هذه الحركات مجرد أدوات ثانوية للتخريب والتعطيل سياسياً . الأمر لا يعني التشكيك بنوايا هؤلاء بقدر ما يدق نواقيس التحذير من مغبة الركون إلى خطاب يتساوق مع اللغة السائدة في مصر حالياً، ويلبس مواقفه مظهراً تقدمياً أو وطنياً، فحتى إن صدقت نوايا هؤلاء وتطابق ما يبطنون مع ما يظهرون فإن المسألة بحاجة إلى وقت لاستيضاح الصورة، وفي ظل ما تقبل عليه مصر من استحقاقات مهمة على رأسها الاستفتاء على الدستور، يغدو الأمن العنصر الأهم والأكثر حيوية للمتابعة، لإحباط أي محاولة للتخريب أو الترهيب أو منع المصريين من قول كلمتهم بكل حرية . نقلا عن صحيفة الخليج