لقد اطلعت على بعض قوانين التأمينات والمعاشات فى البلدان العربية، وقد ركزت اهتمامى على قوانين البلدان المتقاربة فى المستوى الاقتصادى من مصر، مثل دولة المغرب، والسودان، وسلطنة عمان، وتونس، وقد أخذت فكرة جيدة عن كيفية احتساب مرتب التقاعد. أغلب هذه البلدان، خاصة الفقيرة منها، حددت نسبة لا تقل عن 83% من آخر راتب تقاعد عليه العامل، كما أنها وضعت حدًا أدنى لمرتبات التقاعد مهما اختلفت سنوات التقاعد، فى المغرب ألف درهم كحد أدنى لراتب المتقاعد، يصرف المبلغ لمن اشترك لمدة خمس سنوات، هذا مع نسبة زيادة سنوية تتراوح بين 3 و5% كل عام، إضافة إلى العلاوات الاستثنائية التى تصرفها الحكومات عند ارتفاع الأسعار. ونسبة احتساب مرتب التقاعد تختلف من بلد إلى آخر، لكنها لا تصل إلى المستوى المتدنى غير الآدمى الموجود فى مصر، لهذا كنت جادا عندما طالبت الحكومة المؤقتة الحالية أن تضع آلية جديدة لاحتساب مرتب التقاعد، وكنت جادا أيضا عندما ذكرت أن 2500 جنيه هو أقل حد أدنى من الممكن أن يعيش به مواطن وأسرته فى مصر. نحن يجب أن نتعامل مع مستوى الفقر وليس مع النسبة الناتجة عن احتساب مكافأة التقاعد فى آلية عفا عليها الزمن، ليس من المعقول أن أخدم مصر 20 و30 سنة وفى نهاية «المتمة» تدفعنى إلى سلة المهملات، ليس من المقبول بعد أن أعطيتها شبابى وصحتى تتحول عنى وتجعلنى أتسول أنا وأسرتى طوال الشهر. الحكومة المؤقتة الحالية برئاسة جدو ببلاوى بالفعل تواجه مشكلة سيولة وقلة مواد، وبالفعل لن تستطيع أن تحل مشكلة الأجور والمعاشات خلال الفترة المؤقتة، لكن هى مطالبة بأن تضخ خطة وآلية جديدة للأجور والمعاشات، مطالبة بأن تضع نسبة جديدة لاحتساب مكافأة تقاعد العامل، وألا تقل عن آخر راتب كان يتقاضاه فى عمله، وحكومة جدو ببلاوى مطالبة أيضا أن تضع خطة لعملية إصلاح المعاشات تستند إلى النسبة الجديدة، فتضع حدا أدنى للمعاشات وليكن 3 آلاف جنيه، يعاد النظر فيه كل 5 سنوات، والحكومة مطالبة بأن ترفع جميع المعاشات بشكل تدريجى إلى الحد الأدنى وإلى الحد الذى يتناسب والدرجة الوظيفية وسنوات الخدمة، وهذا خلال سنوات بسيطة لا تزيد على 3 سنوات، وتعلن هذا للمواطنين، وتوضح لهم أن مواردها المالية تمكنها من زيادة مكافأة التقاعد هذا العام إلى كذا، فى خطة لرفعه إلى كذا، خلال كذا سنة. الحكومة كذلك مطالبة أن تفكر فى مصادر لتمويل آلية المعاشات الجديدة ولكى تمول عملية إصلاح المعاشات، على سبيل المثال أن ترفع البنزين 92 إلى 225 أو 250 قرشًا للتر، وأن ترفع سعر الكهرباء بأن تضع 10 جنيهات كحد أدنى على كل فاتورة، أن تضع 10 جنيهات مماثلة على مياه الشرب، أن تضع 5 جنيهات على فاتورة الغاز، أن تبيع أسطوانة الغاز بعشرة جنيهات، أن تضع من جنيه إلى 5 جنيهات على الخدمات التى تقدم للمواطنين، رخصة القيادة، رخصة السيارة، جواز السفر، بطاقة الرقم القومي، شراء التكييفات، تركيب عدادات الكهرباء أو المياه أو الغاز، القطارات المكيفة، تسجيل الشقق والأراضى والسيارات، إقامة دعاوى قضائية، تحرير محضر فى الشرطة بدمغة جنيه أو خمسة جنيهات، رسوم الطرق السريعة، رسوم سنوية على الشاليهات والشقق فى القرى السياحية. الحكومة يجب ان تفكر فى كيفية توفير الأموال لعملية الإصلاح، ونظن ان هذه الموارد كافية جدا حتى لسد عجز الموازنة، كما نطالب الحكومة المؤقتة بأن تنظر للمعاش الذى يصرف لمصابى وشهداء الثورة، اظن انه يصل 1500 جنيه فى الشهر، وهو مبلغ لا يصرف لمن خدم مصر 30 أو 36 سنة، لهذا من الأولى رفع مكافأة التقاعد ومساواتها كخطوة أولى بمكافأة مصابى وشهداء الثورة. مصر تحتاج إلى آليات جديدة لكى تنهض بها وتنتشلها من القاع الذى وقعت فيه منذ سنوات، وهذه الآلية تحتاج إلى عقول شابة مغامرة، وليس إلى أياد مرتعشة، حكومة الببلاوى إما أن تكون حكومة تضع آليات للمستقبل أو حكومة تضيع على مصر سنة من عمرها.