ليس كل ما يضحك يقال.فليس كل ما يضحك جميل ولطيف, فالزغزعة قادرة على أن تضحكك رغما عنك وكذلك نفسين حشيش. وهناك غازات تجعلك تضحك بلا سبب والأطفال قد يضحكون علي ما لا يضحك البالغ بل ربما جعله يغضب أو أويتحسر.وقد فرق النقاد والدارسون بين الضحك وبين الكوميديا.فليس كل ما يضحك كوميديا بالضرورة.ويقول كبار النقاد: إن كل كوميديا جيدة تحتوي علي مواقف مأساوية تهز الوجدان.ولذلك غالبا تكون كتابة الكوميديا أصعب بكثير من التراجيديا. لا يمنع هذا أنه في أحيان قليلة قد يأخذ التهريج مستوي يعبر عن الجدية ويكون أكثر تأثيرا وهو استثناء تجده مثلا عند شارلي شابلن عندما يعذبه الجوع فيبدأ في أكل حذاء يتخيله دجاجة ويمصمص المسامير كأنها العظم,وأسأل هل كان يهرج أم يصرخ؟!. عرفنا الإجابة عندما هرب من أمريكا خوفا من اضطهاد المكارثية. وحلقة برنامج باسم يوسف الأخيرة يمكن تصنيفها كبرنامج مضحك لا يقصد منها إلا التهريج وإضحاكنا فقط.وهو فن يمتع الكثيرين كبارا وصغارا ومعوقين. وينفر منه البعض إذا كان تافها. وفي السنوات الأخيرة تدهورت أحوال المسرح كغيره من الأشياء.فكتبت منذ سنوات كثيرة أن المسرح الخاص سائر إلي زوال وهو ما حدث بالفعل فهو يكرر التيمات المسفة القديمة وإنتاجه أصبح مكلفا للمنتج وخسارة للممثل.فضلا عن أن المجتمع كان يموج بالإسفاف والابتذال والقبح في كل نواحيه وكأن حرية الإسفاف قد عمت الجميع.أما مسرح الهيئة فهو قطاع حكومي يتولى فيه الموظفون المعينون مهمة التأليف والتمثيل والإخراج بالواسطة إلا فيما ندر. وهكذا انتقل التهريج من المسرح إلي التليفزيون الذي أصبح يقدم التهريج مصورا في يوم واحد في شكل برامج سريعة تقدم الممثلين لنضحك عليهم وفي الحقيقة هم الذين يضحكون علينا. وآخر صيحة الآن هي برنامج البرنامج.وبداية من اسمه نجد أنه ليس له اسم واضح! يعني أي شيء! ومقدمة باسم يوسف ساخر ومهرج لطيف ويستعين بفرقة من الشباب يشاركونه اللطف السخرية علي الشخصيات السياسية وغيرها وغالبا ما يستحقون السخرية. ولا يهم أن كل ذلك لا يصنع كوميديا فهي ليست قدرا علينا بعكس التهريج فهو قدرنا الدائم وحتى تتغير نسبة الأمية التي يقال إنها أربعين في المئة من الشعب وقد أتاح غباء وجهل وثقل دم الإخوان منجما هائلا من السخرية والتأليس والتهريج واستخدام كلمات بذيئة بشكل ملتو بحيث يفهم المتفرج المعاني «الأبيحة» المقصودة ولفت نظره بصفارة تغطي علي الكلمة. والحقيقة أنهم يستحقون أكثر من ذلك فأعمالهم مازالت أكثر قباحة وبذاءة وبمثابة اللزق علي القفا.وكل هذا يحسب للتهريج ولا بأس به إطلاقا.لكنه لا يحسب للكوميديا.غير أن آخر حلقة في البرنامج كانت أشبه بعمل سياسي رمزي وطني تقدمي حر ليبرالي إلخ!. وهنا وقع في العيب. إذ كان غريباً أن يسخر من الذين يبيعون شيوكلاته عليها صورة السيسي, مع أنهم لم يفعلوا سوي الارتزاق من شعبيته كالذين يبيعون العلم المصري في المظاهرات.فما وجه السخرية هنا ؟ أم قصد أن ينتقد بشكل غير مباشر الملايين الذين وثقوا بالسيسي ويرونه الأمل الباقي وهو ما اتضح من تعليقات الناس الغاضبة علي الفيس بوك فيما عدا الإخوان بالطبع!. أم كان يوحي لنا أن السيسي لا يفرق عن مرسي أو الضباط الذين حكمونا؟ لكنه لم يشر ولو من بعيد لمن هو الأنسب منه, إلا إذا كان هو باسم يوسف نفسه لأن دمه شربات؟!.رأيي المعلن أننا عشنا الحكم العسكري لستة قرون.لكن السيسي لم يرشح نفسه حتى الآن.ولذا كان الأولي أن يسخر من صور نجيب وناصر والسادات ومبارك إذا كان يري السيسي من ضمنهم مع أن الرجل لم يفعل إلا أنه استجاب للشعب عندما طلب منه الدفاع عنهم. أما إذا كان هدف باسم جني أكثر الأرباح فمن حقه أن ينافس المنتج السينمائي الأول حاليا والذي لا يفقه في السينما إلا جمع الأموال لكن باسم قادر علي هزيمته. إلا إذا كان يطمح أن يكون رئيسا للجمهورية. وهو حقه أيضا فريجان الممثل تولي رئاسة أمريكا أعظم ديموقراطية عرفتها البشرية!.أما ايزنهاور العسكرى فكان فلته لا يقاس عليها. فعلا ليه لأ ما يترشحش باسم ؟..هو مرسي أحسن منه في إيه؟!