آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الإثنين 29 إبريل 2024    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح مركز البيانات الحوسبة السحابية الحكومية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية برقة شمال غرب نابلس    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    مصرع 5 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي بالمنيا    وفاة المخرج والمؤلف عصام الشماع عن عمر ناهز 69 عاما    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    صحة قنا: 4 حالات مازالوا تحت الملاحظة في حادث تسريب الغاز وحالتهم على ما يُرام    حار نهاراً ومائل للبرودة ليلاً.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    الزمالك: لا عقوبات على مصطفى شلبي.. كان يشعر بالضغط    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    "بحبها ومش عاوزه ترجعلي".. مندوب مبيعات يشرع في قتل طليقته بالشيخ زايد    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    ملف يلا كورة.. الزمالك يتأهل لنهائي الكونفدرالية.. وطائرة الأهلي تتوّج بالرباعية    ميدو: لو أنا مسؤول في الأهلي هعرض عبد المنعم لأخصائي نفسي    بعد حركته البذيئة.. خالد الغندور يطالب بمعاقبة مصطفى شلبي لاعب الزمالك    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    فيصل مصطفى يكتب: عجلة التاريخ    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من مبارك إلى أحمد أبوإسماعيل إلى سامى عنان إلى أحمد أبوالغيط
موسم كتابة المذكرات: غسيل سمعة أم رد اعتبار؟
نشر في الوفد يوم 08 - 10 - 2013

«عبدالناصر» لم يكن لديه الوقت لكتابة تاريخه فى مذكرات، لأنه كان مشغولاً بكتابة التاريخ، بينما الملك فاروق لم يفكر فى كتابة تاريخه لأنه لم يكن لديه تاريخ..
ولكن الرئيس السادات كان حريصاً على كتابة تاريخه بنفسه، فى كتابه «البحث عن الذات» كما يريده ويراه هو لا كما يراه الآخرون، وحتى يقطع الطريق على محاولات الأبالسة من الناصريين للتلاعب بتاريخه من بعده كما ترك هو الكثيرين يتلاعبون بتاريخ عبدالناصر!!
وعندما تصور الرئيس المخلوع حسنى مبارك أن تاريخه انتهى بعد خروجه من الجيش، بدأ سرد تاريخه العسكرى للإعلامى الراحل الأستاذ محمد الشناوى، ورواية مذكراته، امتثالاً لأوامر السادات لتوثيق وقائع حرب أكتوبر وسنوات التحضير لها بعد نكسة 67، وهو الكتاب الذى تنشره جريدة «الوطن» بعنوان «كلمة السر.. مذكرات محمد حسنى مبارك.. يونيو 67.. أكتوبر 73» بعد أن أعاد تحريره والتقديم له الكاتب الصحفى عبدالله كمال.
ولكن عندما لعب القدر لعبته للمرة الثانية مع «مبارك» باختياره رئيساً للجمهورية مثلما حدث فى اختياره المفاجئ له كنائب للرئيس بعد ليلة سوداء من اغتيال الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر 81، رفض نشر المذكرات، لأنه اكتشف أن تاريخه لم يبدأ بعد، وأن عليه التمهل حتى يكتب مذكراته كرئيس جمهورية لتتضمن تاريخاً مشرفاً ووقائع وأحداثاً جساماً وعظيمة، ولكنه بعد 30 سنة كرئيس وسنتين كرئيس مخلوع فى السجن لم يجد فى تاريخه كرئيس ما يقدمه للتاريخ فوافق على نشر مذكراته وهو نائب الرئيس!!
ويبدو أننا فى زمن كتابة المذكرات. فقد انفتحت الخزائن المغلقة أو التى كانت ضائعة بمذكرات الرئيس المخلوع حسنى مبارك والراحل المشير أحمد إسماعيل، بل وبمذكرات الفريق سامى عنان، مستشار المعزول «مرسى العياط» رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، الذى أعلن أنه سينشرها بعد إعلان عزمه للترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى الانتخابات الرئاسية القادمة، ثم جاءت مذكرات وزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط، شاهد على الحرب والسلام، وهو يبدأها من وقت أن كان مساعداً لمستشار الأمن القومى المرحوم حافظ إسماعيل، حيث كان دبلوماسياً فى غرفة العمليات السياسية للحرب على إسرائيل فى أكتوبر 1973.
لماذا كل هذه المذكرات الصدفة؟ المفاجأة أن صاحب المذكرات يكتشف أن لديه مذكرات أو أنه يمكن أن يكتب مذكرات أو يتذكرها أبناء صاحب المذكرات أو ورثته كما لو كانت جزءاً من ميراث مهمل ثم اكتشفوا أهميته وقيمته لنشرها الآن، لأسباب كثيرة لا أعتقد منها ذكرى نصر أكتوبر، لأن هذه الذكرى مرت علينا قبل ذلك 39 مرة فلماذا لم يتم تذكرها إلا فى المرة ال40؟!
ما الدواعى التاريخية والسياسية لكل هذه المذكرات مرة واحدة وفى توقيت واحد؟! وهل نشرها الآن يفيد القارئ أم صاحب المذكرات أم الجهات التى تتبنى نشر هذه المذكرات؟!!، وهل هناك علاقة بسقوط الإخوان لنشر مذكرات مبارك؟!، وما علاقة نشر مذكرات المشير أحمد إسماعيل بعد خلع مبارك؟! ولماذا يعلن الآن الفريق سامى عنان كتابة مذكراته، كما لو كان يكتبها فى حماية القوات المسلحة؟!، ولماذا أحمد أبوالغيط وغيره اختاروا جميعاً ذكرى نصر أكتوبر لنشر المذكرات أو الإعلان عنها؟! هل لأن أكتوبر هو المجد الوحيد الذى تبقى بين كل أعمالهم الأخرى؟!
المذكرات والسير الذاتية نوع أدبى وسياسى رفيع المستوى، إذا كان صاحبها صاحب قيمة تاريخية أو سياسية أو ثقافية، ولكنه يصير غليظاً وثقيلاً على القلب إذا كان متعمداً ومفتعلاً ترويج بطولات زائفة وحكايات قديمة مملة وقريبة من الثرثرة وبعيدة عن السرد لوقائع وأحداث تاريخية محورية، فتفقد المذكرات أهميتها ومعناها التاريخى والإنسانى!!
يبدو أن مبارك لم ير أى قيمة فى سنواته ال30 التى قضاها فى الرئاسة ولم يجد فيها ما يدعو للفخر والاعتزاز لكتابتها فى مذكرات، بينما الذى حققه فى حرب أكتوبر وأدى به إلى الرئاسة أقيم بكثير من دوره فى الرئاسة الذى أدى به إلى السجن؟!!، وتبدو أيضاً أن هذه المرة من المرات القليلة التى يكون فيها مبارك عنده حق فيما يقرره لأنه ما المثير فى مذكرات رئيس خلعه شعبه فى 18 يوماً رغم أنه ظل فى الرئاسة 30 سنة؟ خاصة أن هناك مذكرات نشرت منذ فترة ونسبت لمبارك ولم يعرها أحد أى اهتمام يذكر!!، وأعتقد أنه كان على «مبارك» نشر مذكرات العامين اللذين قضاهما فى السجن متهماً بقتل المتظاهرين، لأنهما سيكونان أكثر تشويقاً وإثارة على طريقة الأفلام الهندية من قراءة مذكراته عن حرب أكتوبر التى يتم الترويج والتسويق لها، كما لو أنها شىء جديد لم تتناوله وسائل الإعلام خلال 30 عاماً مضت، ولم تترك كبيرة ولا صغيرة أو شاردة وواردة فى حرب أكتوبر إلا ونسبتها إلى صاحب الضربة الجوية الأولى التى حققت النصر فى الحرب!!
ورغم تقديرى للجهود التى يبذلها الزميل عبدالله كمال للترويج والتسويق للمذكرات كما كانت حدثاً فريداً وموضوعاً لم نكتشفه من قبل، ناسياً أن الإعلام الحكومى والموالى للنظام المخلوع ظل 30 سنة يحاول إقناع الشعب المصرى بأن مبارك هو بطل حرب أكتوبر وقائد الطيران الذى كان مفتاح النصر، ومع ذلك ظل الرئيسان عبدالناصر والسادات فى ضمير الشعب هما أبطال هذه الحرب التى بدأت معركتها بعد أيام من نكسة 67 بما عرف بحرب الاستنزاف واستمرت حتى وصلت إلى نصر أكتوبر، وأن الشعب ظل مقتنعاً، رغم كل محاولات غسيل المخ الإعلامى، بأن دور «مبارك» كان مثل كل قادة الجيش ولم يتفرد فى شىء يميزه، مع الاعتراف فى الوقت نفسه بالمجهود الكبير الذى بذله فى إعادة بناء القوات الجوية وتجهيزها للمعركة الكبرى ولكن مثل قادة المشاة والبحرية والدفاع الجوى، وغيرهم، حيث إن نصر أكتوبر لم يتحقق سوى بمشاركة كل قوات وأفراد القوات المسلحة من أكبر قائد إلى أصغر جندى، بل إن هذا النصر العظيم شارك فيه كل الشعب المصرى دون استثناء، وبالتالى فإنه من المفترض أن مذكرات مبارك عن حرب أكتوبر ليست مفاجئة ولا كنزاً ثميناً عثر عليه بالصدفة ونحن نعيد بناء الدولة!!، ولا أعتقد أنه كان من المناسب نشرها الآن والتسويق لها بهذه الصورة الدرامية كما لو أن مبارك كان أسيراً لدى إسرائيل طوال 40 سنة وعاد ليحكى أسرار بطولاته فى الحرب التى لم نسمعها من قبل!!، خاصة أن الدولة بعد 30 يونية، وبعد التخلص من حكم الإخوان، وفى ظل ما يحاول بقايا المحظورة والمخدوعين فيهم الترويج بأن ما حدث انقلاب، ليس على «مرسى العياط» المعزول، ولكن على ثورة 25 يناير، وأن مذكرات «مبارك» فى هذا التوقيت الساخن ليس إلا محاولة من الفلول للانقضاض على الثورة، ولتجميل صورة المخلوع المريعة كمتهم فى قتل المتظاهرين الشباب بالرصاص الحى فى كل ميادين مصر خلال ثورة ثناير، بل إن البعض يرى أن هذه المذكرات تنشر بمباركة القوات المسلحة سعياً لإنقاذ المخلوع مبارك من حبل المشنقة!
القائد الحقيقى
أما بالنسبة إلى مذكرات المشير أحمد إسماعيل، «مشير النصر الأوراق الخاصة للمشير أحمد إسماعيل»، وزير الدفاع فى حرب أكتوبر، فإننى أعتقد أنها تستحق أن يقرأها كل أبناء مصر، فالرجل واحد من أبرز قادة انتصار أكتوبر، ويبدو أنه ظل مرتين الأولى كما رواها عندما استدعاه الفريق أول محمد فوزى، القائد العام للقوات المسلحة، يوم 14 يونية 1967، أى بعد النكسة بتسعة أيام، من الإسماعيلية إلى القاهرة لمقابلته، حيث توجه إلى منزله ليستبدل ملابسه الميدانية التى لم يكن استبدلها طوال أسبوعين، ثم ذهب إلى مقر القيادة، لكنه لم يجد القائد العام فى مكتبه، ولكن عرف بقرار إحالته إلى التقاعد، ولكن عبدالناصر أعاده إلى الخدمة بعد 10 ساعات فقط، وكان عبدالناصر قبل ذلك أفشل مؤامرة المشير عبدالحكيم عامر، القائد العام للقوات المسلحة، وشمس بدران، وزيرالحربية، لاستبعاد أحمد إسماعيل، بتعيينه كرئيس لهيئة تعمير الصحارى.
أما المرة الثانية، فحدثت عندما وافق «عبدالناصر» على إحالته إلى التقاعد بعد 6 أشهر من توليه مهام رئيس أركان القوات المسلحة بعد النكسة، وذلك بدعوى أنه قام بتحريك قوات فى البحر الأحمر للتدريب دون علم الوزير الفريق أول محمد فوزى، الذى أخطر بدوره الرئيس بذلك، ورأى المشير إسماعيل أن هذا كان ظلماً وافتراء، وكان مؤامرة مقصودة لاستبعاده، وهذه رواية المشير إسماعيل فى مذكراته، بينما هناك رواية أخرى لهذه الواقعة عرفت باسم حادثة الزعفرانة وهى التى وقعت يوم 9 سبتمبر 1969 يومها كان جمال عبدالناصر والفريق أول محمد فوزى، وزير الحربية، واللواء أحمد إسماعيل على، رئيس أركان الحرب، الذى خلف الفريق عبدالمنعم رياض إثر استشهاده فى مارس 69 يتحركون من رئاسة هيئة العمليات لحضور مناورة حية لفرقة مدرعة حين وصلت أخبار نزول إسرائيلى برمائى على شاطئ خليج السويس فى منطقة الزعفرانة وأعلنت إسرائيل بفرقعة إعلامية مدوية أن قواتها الآن على أرض أفريقيا، وأنها لم تواجه البتة أية مقاومة مصرية، فأمر عبدالناصر من فوره أحمد إسماعيل بالتوجه لموقع الحدث وإدارة المواجهة من هناك على الطبيعة، لكن أحمد إسماعيل، فضّل العودة للقاهرة مخالفاً أوامر قائده ومقنعاً نفسه بأن أداء أفضل ينتظره من غرفة العمليات عنه من الزعفرانة واستشاط عبدالناصر غضباً من فعلة أحمد إسماعيل فأمر بعزله فى التو واللحظة ومعه قائد البحرية اللواء فؤاد ذكرى، والذى فشل فى تحريك قطعة بحرية واحدة تعترض الإنزال.
وهناك رواية أخرى لعملية الزعفرانة التى يسميها الإسرائيليون بالعبرية «رڤيڤ رذاذ» حيث تم إنزال قوات برمائية إسرائيلية بالزعفرانة يوم 9 سبتمبر 1969 وفى اليوم التالى، أقال جمال عبدالناصر «فؤاد ذكرى»، قائد القوات البحرية المصرية واللواء أحمد إسماعيل على، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، بعد أن امتلك الجيش المصرى راداراً متقدماً ومن أجل حمايته من قصف الطائرات الإسرائيلية، قاموا ببناء رادار آخر كنوع من التمويه لحماية الرادار الأصلى، ووضعوه فى موقع قريب حتى يجذب إليه القصف الإسرائيلى، كما قاموا بتخفيف الحراسة عن الرادار الأصلى، وصلت الحراسة إلى 3 عساكر فقط، حتى يظن الإسرائيليون أنه الرادار المزيف، وعن طريق تتبع الموجات الصادرة من الرادار المتقدم حدد الإسرائيليون موقعه، فتمت عملية إنزال قوة مدرعة برمائية إسرائيلية على منطقة الزعفرانة على خليج السويس وهى تبعد 150 كيلومتراً على الأقل عن خطوط الجبهة ولا تمثل أى منطقة حيوية أو أهمية تكتيكية تماماً، وتقدمت القوات الإسرائيلية فى منطقة صحراوية فى ظل دعم جوى تجاه أحد الرادارات المصرية المعزولة وغافلت قوة الحراسة المسلحة بأسلحة فردية خفيفة وصرعتهم رغم المقاومة البطولية منهم، وقامت بفك الرادار بكل بطء وحملته إلى إسرائيل على مروحية.
وقد استخدمت إسرائيل فى هذه العملية مدرعات عربية مأسورة من حرب 67 مما أدى إلى تحركها بسهولة على الطرق وسط تهليل العربات المارة على طريق البحر الأحمر لظنهم أنها قوات مصرية، وقبل انسحابها فتحت القوات الإسرائيلية النار على العربات المدنية فقتلت العديد ومنهم محافظ البحر الأحمر المار بالصدفة تجاه القاهرة.
وكان جمال عبدالناصر يحضر مناورة اختبارية للفرقة 21 المدرعة الجديدة عند حدوث تلك الغارة وسارع بالانصراف إلى القيادة فور علمه بالخبر وأوفد اللواء أحمد إسماعيل على، رئيس الأركان، لاستطلاع الموقف بنفسه، وبعد انتهاء الغارة، تبين ل«عبدالناصر» أن أحمد إسماعيل أوفد مستشاره السوفيتى إلى موقع الغارة واكتفى هو بالمتابعة من مكتبه مما اعتبره عبدالناصر مخالفة للأمر الصادر لرئيس الأركان وتهاوناً فى التعامل مع الغارة، مما استدعى عزله فى اليوم التالى وتعيين اللواء محمد صادق، قائد المخابرات الحربية وقتها، رئيساً للأركان.
على أية حال، فإن نشر مذكرات المشير أحمد إسماعيل قد يكون مناسباً من الناحية الموضوعية، حيث تنشر فى إطار احتفالات كل الشعب المصرى وليس فقط القوات المسلحة بمناسبة مرور 40 عاماً على نصر أكتوبر، والرجل من أبرز قادة هذا النصر بل واحد من الرجال الذين شاركوا فى كل الحروب ضد إسرائيل بداية من حرب 48 وحتى 73، ويستحق الاحتفاء به وتقديره حيث إن الجيش الذى حقق هذا النصر العظيم كان هو قائده المباشر، بل إنه كان أول واحد سيدفع الثمن وسيتم الإطاحة به إن لم تتم محاكمته، إذا فشلت خطة الحرب ولم يتم هزيمة إسرائيل، ولذلك من الأهمية الاستفادة من الدروس والعبر فى تجربته الميدانية وعلمه الاستراتيجى العسكرى، ولكن هناك سبباً مهماً، إن لم يكن وحيداً فى تأخير وتأجيل نشر مذكرات قائد بهذا الحجم والقيمة لمدة 40 عاماً وهو أن مبارك كرئيس كان هو المانع الوحيد لنشر مذكرات المشير أحمد إسماعيل، لأنه لم يكن يريد بطلاً آخر يسبقه فى تحقيق نصر أكتوبر حتى ولو كان وزير الحربية فى هذه الحرب، رغم أن هناك الكثير من قادة حرب أكتوبر كتبوا مذكراتهم من زاوية مسئولياتهم ومهامهم فى الحرب وبالتالى كان حجم منافسة «مبارك» فى حجم دوره فى الحرب ليس كبيراً ولم يشكلوا تهديداً للتقليل من دور «مبارك» فى نصر أكتوبر ولكن مذكرات القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية الذى قاد الجيش فى هذه الحرب تبدو مهمة لأن دوره أكبر وإنجازاته أعظم من مبارك وبالتالى كان من المستحيل نشر مذكراته التى كتبها عن هذه الحرب بخط يده، وظلت حبيسة الأدراج خلال حكم مبارك مثلما كان الرجل نفسه حبيساً وحزيناً منذ أن قام الرئيس عبدالناصر بإحالته إلى التقاعد عام 69 حتى أعاده الرئيس السادات رئيساً للمخابرات العامة عام 71 ثم وزيراً للحربية عام 72، وأنه كان من سابع المستحيلات أن يجد أبناءه بعد وفاته عام 74 صحيفة حكومية بالطبع أو حتى معارضة تنشر لقائد الجيوش فى حرب أكتوبر مذكراته عن الحرب سواء أيام السادات بطل الحرب والسلام أو أيام المخلوع مبارك!!
مذكرات عنان
فى المقاطع السمعية للرئيس مبارك التى تم إذاعتها مؤخراً وتم تسجيلها خلسة وبدون علمه، يسأله الذى يسجل الحديث خلسة وبدون أن يدرى «مبارك» عن ترشح الفريق سامى عنان لرئاسة الجمهورية فيرد مبارك أنه «ماينفعش ومايقدرش يمسك البلد»، وبهذا الرأى كما أعتقد أنهى مبارك على أى دور سياسى لعنان فى المستقبل، ولا أعتقد أن كتابة مذكراته كما يشاع يمكن أن تكون شيئاً إذا أراد أن تكون مذكرات سياسية لأن دوره السياسى أصلاً كان عبارة عن عدد من الأيام، بدأت عندما أقلعت الطائرة به من أمريكا يوم 28 يناير 2011 أثناء إلقاء مبارك خطابه الأخير حتى وصل إلى مطار القاهرة الساعة 12 ظهراً، يوم السبت الموافق 29 يناير، إلى أن تخلى مبارك عن السلطة وتولى المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد ثم انتخاب عضو الإخوان رئيساً للجمهورية، ثم عزل المشير طنطاوى والفريق سامى عنان عن منصبيهما وتعيينهما مستشارين للمعزول مرسى العياط، وطوال عام من ممارسات عضو الإخوان المسلمين ضد الشعب المصرى والدولة المصرية لم يفكر لا المشير ولا الفريق فى تقديم الاستقالة من هذا المنصب الشرفى، إلا أن سامى عنان سارع بتقديم استقالته التى نشرتها الصحف يوم الاثنين 1 يوليو 2013 أى بعد 30 يونية ولا تعليق!!
هذه كل ممارسات عنان السياسية ولا أعتقد أنها تستحق المذكرات، فمعظمها عبارة عن حكايات وليست دوراً بمعناه الفاعل والمؤثر فى الأحداث خاصة فى وجود المشير طنطاوى كرئيس للمجلس العسكرى ووزير للدفاع، وأن هذا الدور لم يتعد قوله رأياً أو وجهة نظر أو تنفيذ أوامر المجلس العسكرى، ولكن إذا كانت المذكرات عسكرية فهذا كلام آخر، وسيكون لها أسئلة أخرى وهل هى عن دوره فى حرب أكتوبر أم كرئيس أركان حرب القوات المسلحة، منذ العام 2005؟!! عموماً فإن الرجل له الحق فى كتابة مذكراته كما يشاء وكيفما يشاء وللناس الحق أيضاً فى تقدير أهميتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.