الدستور الذي تعرفه الناس هو أن تأكل وتشرب وتتعلم وتتعالج وتتنقل وتمارس حرية التعبير، ويحصل الجميع بدون استثناء علي نفس الحقوق ويؤدوا نفس الواجبات. إنجاز الدستور المطلوب يحتاج من لجنة الخمسين تقديم المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الأخري حتي يأتي الدستور معبراً عن توافق وطني يحقق مصالح الشعب ويعبر عنه تعبيراً دقيقاً دون تمييز ونثق بأن اللجنة بما تضم من خبرات وطنية سوف تكثف جهودها لنرى دستوراً محققاً للديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان، ومحافظاً علي الهوية المصرية، ومراعياً لإقامة التوازن بين السلطات، ومطلقاً للحقوق والحريات، ومانعاً لاستبداد أي سلطة بالشعب. التعديلات الدستورية التي تتصدي لها لجنة الخمسين في ظل الاختيار الموفق لرئيسها الدبلوماسي السياسي الوطني عمرو موسي تعتبر الدستور رقم 15 في تاريخ مصر بعد دستور الاخوان المعطل أو دستور نصف الليل الإقصائي الذي فصلته لجنة المائة أو لجنة الغرياني علي مقاس التيار الديني في العام الماضي، والذي دس فيه التيار السلفي بزعامة ياسر برهامي مادة الفتنة رقم 219 المفسرة لمادة الشريعة وبدأ رحلة مصر مع الدستور كالآتي في عام 1866 صدرت لائحة تأسيس مجلس شوري النواب في عهد الخديو اسماعيل، وفي عام 1882 صدرت اللائحة الأساسية في عهد الخديو توفيق وفي عام 1883 صدر القانون النظامي في عهد الخديو توفيق أيضاً، وفي عام 1913 صدر القانون النظامي في عهد الخديو عباس حلمي الثاني وعرفت مصر الدساتير بمفهومها الحالي بداية من دستور 1923 في عهد الملك فؤاد الأول ودستور 1930 أيضاً، وصدر دستور 1956 ثم دستور 58 ودستور 64 في عهد عبدالناصر، وصدر دستور 1971 ودستور 80 في عهد السادات وصدر دستور 2005 ثم دستور 2007 في عهد مبارك، وكان آخر تعديل دستوري تم في عهد مبارك وصدر يوم 26 مارس 2007 وتضمن تعديل المادة 76 من دستور 2005 والتي تعتبر أطول مادة في تاريخ الدساتير في العالم حوالي 600 كلمة وتتضمن طريقة ترشيح رئيس الجمهورية. المهمة التي تتصدي لها لجنة الخمسية حاليا هي الخطوة الثانية في خارطة الطريق التي رسمتها ثورة 30 يونية بعد الاطاحة بحكم الاخوان الفاشل، البعض يريد دستوراً جديداً لنسف دستور الاخوان الطائفي وحجة هؤلاء أن الاخوان قاموا بحشو جميع مواد الدستور بقنابل قابلة للانفجار في أي وقت ولا يصلح معها إلا النسف وإعداد مواد جديدة، والبعض يكتفي بالتعديل لكنه يخشي الترقيع، ووضعت لجنة العشرة خارطة طريق للجنة الخمسين بعد قيامها بحذف بعض المواد وتعديل بعضها ولن تتضح خريطة الدستور إلا بانتهاء عمل لجنة الخمسين. مازال الشعب المعني بالدستور لا يعرف مصير مجلس الشوري ونسبة العمال والفلاحين ونظام الانتخابات وهل يستمر العزل السياسي لقيادات الحزب الوطني، وهل لو استمر يضاف إليه قيادات الاخوان أم سيلغي العزل من الدستور، نظام الحكم يحتاج إلي ايضاح، ماهي سلطات رئيس الجمهورية، من يعين رئيس الوزراء هل الرئيس كما كان متبعاً في جميع الدساتير السابقة، أم سيختار مباشرة من الحزب الحائز علي الأغلبية البرلمانية، ماهو مصير المادة 219، واختصاصات المحكمة الدستورية العليا، وما مستقبل حرية الصحافة في الدستور الجديد، لماذا يتم النص في الدستور علي هذا العدد الكبير من المواد المتعلقة بالسلطة التشريعية، لماذا الحصانة للنائب ومكافأته ينص عليها في الدستور، لماذا لا يتم تحجيم الحصانة للحد من استغلالها ولماذا لا تنقل إلي القانون هذه القضايا فسوف تجيب عنها لجنة «موسي» خلال الأيام القادمة.