انتقلنا من عصر محاكم التكفير باسم الدين إلي عصر محاكم التفتيش باسم الوطنية.. وانتقلنا من عصر منح صكوك دخول الجنة إلي عصر منح صكوك الوطنية.. خرجت علينا مؤخراً أبواق محاكم التفتيش عن نوايا وضمائر الناس.. في محاولة لأن يجعلوا من أنفسهم أوصياء علي آراء وأفكار الناس.. وبعد أن سقطت راية المتاجرة بالدين ظلماً وعدواناً.. يبدو هناك من يحمل صك المتاجرة بالوطنية.. وللأسف ستجد معظمهم من أبواق بطش واستبداد ورموز للفساد والسفالة وسوقية الحوار.. فبعد أن كان البرادعي أيقونة الثورة.. ومحط الأنظار.. وقبلة الباحثين عن الحرية.. والكرامة وحقوق الإنسان.. ومقاومة الفساد.. تحول بقدرة قادر.. إلي خائن وعميل.. ورغم أنني لم أكن من المهرولين إلي جلسات أو حوارات البرادعي ورغم أنني كنت من الرافضين لأن يتولي أي منصب رسمي.. مقتنعاً بأن يكفيه بأنه ثائر وزعيم لثورة 25 يناير.. وتبادلت أنظمة الحكم تهم توزيع الخيانة والعمالة للبرادعي الذي كان متسقاً في كل العهود مع رسالته.. فقد اعتبره نظام مبارك أنه إله الشر.. ومع تولي المجلس العسكري إدارة شئون البلاد انهالت أبواقه في قذف الرجل بتهم الخيانة والعمالة.. ومع تسلم الإخوان نظام الحكم تولوا نفس المهمة.. وما أن صرح الرجل بعد سقوط حكم الإخوان بأنه ضد فض الاعتصام بالقوة خوفاً من إراقة الدماء إلا وانهالت عليه تهم الخيانة من بعض رفقائه.. وبقايا نظام ما قبل 25 يناير.. يعتقد البعض أن بأيديهم وحدهم منح صكوك الوطنية من عدمه.. حتي وإن رفض كل من له رسالة إعادة الدولة البوليسية.. وانتهاك حقوق الإنسان أو أن يؤدي الفاسدون قسم تولي زمام الأمور في هذا الوطن أمام رئيس الدولة المؤقت.. ففي رأي البعض.. أنه لا يعلو صوت فوق صوت إبادة مخالفيهم في الرأي.. الأمر الذي يؤدي في نهايته إلي خطاب الكراهية وإلي فساد النظام.. والعودة إلي ما قبل 25 يناير.. إذا كانت ثورة 25 يناير انطلقت احتجاجاً علي فساد واستبداد وقمع وانحاز إليها الجيش، وإذا كانت هناك موجة ثانية قامت في 30 يونية.. احتجاجاً علي فشل في الإدارة.. واحتكار في السلطة.. وفتاوي تهدد كيان المجتمع وتقدمه.. فان هذا الشعب لن يسامح أبداً في سفك دماء ولا انتهاك حقوق الإنسان.. أو عودة الدولة البوليسية أو تمكن الفاسدين من تولي بعض المواقع في البلاد.. أو السماح بأي انتهاك حقوق إنسان.. هناك من يريد أن تكون أسير أفكاره وتوجهاته، وأيديولوجياته ولا يسمح لك بأن يكون لك رأي إلا وليد معتقداته وأفكاره التي عفا عليها الزمن.. لا يجب أن تكون هناك تجزئة للمبادئ.. فإذا كنت ترفض الاستبداد والقمع والفساد وخيانة الأوطان.. من أي حزب أو فصيل أو نظام فيجب أن تستمر رسالتك رغم أنف جهابذة محاكم التكفير باسم الدين.. ومحاكم التفتيش باسم الوطنية.