عيار 21 بعد التراجع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش "احتمالات" اجتياح رفح    طائرات الاحتلال تستهدف منزلًا بجوار مسجد "جعفر الطيار" شمال مدينة رفح الفلسطينية    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    أول تعليق من أسرة الشهيد عدنان البرش: «ودعنا خير الرجال ونعيش صدمة كبرى»    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    بركات: الأهلي يحتاج لهذا الأمر قبل مواجهة الترجي    مصطفى شوبير يتلقى عرضًا مغريًا من الدوري السعودي.. محمد عبدالمنصف يكشف التفاصيل    جمال علام: لا توجد أي خلافات بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    جاله في المنام، رسالة هاني الناظر لنجله من العالم الآخر    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    فريق علمي يعيد إحياء وجه ورأس امرأة ماتت منذ 75 ألف سنة (صور)    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي أنيس الدغيدي يكتب : محاكمة البرادعي (1-2)
نشر في مصر الجديدة يوم 27 - 02 - 2010


الكاتب والروائي أنيس الدغيدي
·الأسرار الخفية لعلاقة البرادعي بهنري كيسنجر والسادات وكورت فالدهايم؟
·حكاية "الإسفين" الذي دَقَّه البرادعي في إسماعيل فهمي وزير الخارجية فأطاح به.
·أخطر تناقضات تقارير البرادعي والتواطؤ ضد العراق لصالح الولايات المتحدة.
·الملف الأحمر الممنوع للبرادعي والعالم الباكستاني عبد القدير خان.
·أسوأ وأسود تقارير سعادته: إسرائيل بريئة ومصر لديها يورانيوم عالي التخصيب.
·قدم للمخابرات الأمريكية تقريراً سرياً عن المفاعل السوري فدمرته إسرائيل.
·في ذمة الله : 36 مليار و800 مليون دولار مصروفات نثرية للوكالة في عصره.
· بتهمة خراب العراق : قضية جنائية عراقية ضد البرادعي بحاجة للمناصرة دولياً
· اعترافات أصدقاء البرادعي ضده : سوداء جداً ومخجلة خالص.
·متى كذب البرادعي .. كذبة سوداء مع سبق الإسرار والترصد والنوايا.
·لماذا قال فيه شارون "ضاحكاً" : هوه البرادعي جِه إسرائيل ليه؟
· متى قرر الإستقالة "الأونطة" من الوكالة ولماذا تراجع..
·أسرار حكاية جائزة نوبل والبرادعي..
· بليكس يستقيل ودافيد كاي يفضح جورج بوش والبرادعي يحصل على نوبل مقابل نهب نفط العراق وتشريد 8 ملايين وقتل مليون و200 ألف وإبادة دولة.
في رحلة الدكتور محمد البرادعي هناك استفهامات عصية على الفهم بلا تفسير وتساؤلات عقيمة الجواب بلا تعبير وعلامات تعجُب غاضبة بحاجة للتنوير والتبصير وتناقضات سلوك غامضة بلا تأويل أو تقدير وجميعها ترقى إلى مستوى الإتهام العنيف لشخصه والقدح في منهجه والنيل من وطنيته منذ خروجه من مصر في أوائل السبعينات وحتى عودته إليها مؤخراً بعد قرابة 40 عاماً عِجافاً وطويلة.
ولد الرجل في 17 يونيو 1942 وهو نفس العام الذي ولد فيه اليهودي المتطرف إيهود باراك وولد معه في نفس الشهر والعام شكري أحمد مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة المتطرف .. وهو أيضاً نفس العام الذي ولد فيه عزة إبراهيم الرجل الثاني في عصر صدام حسين وانتهى أثره وسقط تمثاله بعد أكثر من 35 سنة كرجل ثاني في دنيا سياسة صدام وولد فيه أيضاً النجم الهوليوودي هاريسون فورد صاحب جوائز الأوسكار .. كما ولد فيه العقيد الليبي معمَّر القذافي الذي يحكم منذ الفاتح من سبتمبر عام 1971 أي منذ 41 عاماً وهو نفس العام الذي ولد فيه العقيد علي عبد الله صالح والذي يحكُم منذ 18 يوليو 1978 أي منذ 34 سنة فكيف يبحث البرادعي عن إقامة تمثاله في القاهرة الطيبة؟
أي أن دُفعة الدكتور البرادعي أوشكت أن تغادر مقاعد الرئاسة وسدة الحكم .. فقرر البرادعي أن يبدأ من أول السطر في أرذل العُمر 69 سنة أي في مثل عُمر صدام حسين يوم أن ترك السُلطة بعد 22 سنة حُكم
حصل البرادعي على ليسانس الحقوق عام 1962 من جامعة القاهرة ومنذ أن عمل في "بداية حياته" العملية -وعمره 22 سنة- موظفًا صغيراً في وزارة الخارجية المصرية في قسم إدارة الهيئات سنة 1964م حيث مثل بلاده في بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك ثم في جنيف فقد انقطعت علاقته بمصر بصورة شبه نهائية فلا يعرفها الرجل إلا في الويك إند السنوي والذي قد يتعذر لسنوات لدواعي عمله واهتماماته .. والرجل معه كثيراً من الحق فهو يبحث عن ذاته ونجاحه وتفوقه وهذا مشروع جداً.
اتخذ الدكتور البرادعي محل إقامته الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات عمره المبكرة وتعمقت علاقته بهنري كيسنجر اليهودي ثعلب السياسة الأمريكية منذ أن كان مستشاراً للأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون ثم أصبح كيسنجر وزيراً للخارجية بعد زيارة جولدا مائير للولايات المتحدة في سبتمبر 1973.. ثم يحصل البرادعي على درجة الدكتوراه عام 1974 في القانون الدولي من جامعة نيويورك .. في تلك الأثناء حدثت صاعقة حرب أكتوبر التي هزت مقاييس العالم وتربعت على موائد الدراسة في شتى أكاديميات الدنيا العسكرية والسياسية لتُدرس استراتيجتها عسكرياً وسياسياً وأصبح فِقْه صناعة الرِجال والإعتماد عليها بغرض الإختراق السيادي أمراً مُلِّحاً وضرورة مخابراتية وسياسية حتمية تبناها هنري كيسنجر ورجال وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وتوطدت علاقة كيسنجر بالرئيس السادات بشكلٍ لافت للنظر.
وفي تلك الفترة عمل البرادعي "هناك" محامياً ومُفسراً للقانون الدولي وكان ضليعاً في تفسير القوانين وفسر العديد منها في مصلحة الغرب وهذه هي الأمور التي جذبت الغرب إليه .. ومثال ذلك قوله: "إن الوكالة من حقها أن تعمل تفتيشاً خاصاً بغض النظر عن التفتيش في أماكن عسكرية وبغض النظر عن موافقة الدولة أو ترحيبها بهذه الزيارة". وكان هذا الموقف الغريب هو الحقيقة التي جعلت دولة مثل كوريا الشمالية تضع البرادعي في القائمة السوداء لديها.. وجعلته الولايات المتحدة الأمريكية على الأعناق ودعت له بالبركة وطول العُمر.
أوصى كيسنجر السادات بالبرادعي خيراً فهو يراه "مثالاً للمستقبل الدبلوماسي المشرق" وفقاً لتعبير هنري كيسنجر عن البرادعي .. وتلك شهادة الصهيوني كيسنجر فيه.
ضمه السادات إلى إسماعيل فهمي وزير الخارجية بفرمان رئاسي شخصي من السادات وجمعته غرفة واحدة بعمرو موسى في مكتب وزير الخارجية كمساعديه وكان عضواً في الوفد الذي شارك في المفاوضات للتوصل الى تسوية سلمية مع اسرائيل في كامب ديفيد عام 1978.
هَبَّت عواصف كامب ديفيد واشتعل الصراع بين السادات ووزير خارجيته .. ويردد المقربون أن الدكتور البرادعي كان صاحب الإسفين السياسي للرئيس السادات والذي على إثره طلب من إسماعيل فهمي تقديم استقالته .. وقد كان وعاد البرادعي إلى قُمقم الولايات المتحدة وبلاط كيسنجر ترقباً ليصبح مسؤولاً عن برنامج القانون الدولي في معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث سنة 1980م .. ووضعه كيسنجر أستاذا زائرا للقانون الدولي في مدرسة قانون جامعة نيويورك بين سنتي 1981 و 1987 ..
لقد تأثر البرادعي تماماً بصديقه كيسنجر فعشق القانون الدولي وركن إليه وحصل فيه على الدكتوراه .. تماماً كالصديق اليهودي كيسنجر
وكيسنجر متهم بأنه مجرم حرب لدوره الأسود في مجازر وتفجيرات كمبوديا وحكايته مع الديكتاتور الشيلي أوجستو بينوشيه وقد حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1973 بعد دوره مع الرئيس نيكسون في حرب فيتنام وأيضاً كانت الجائزة مناصفة مع الفيتنامي ولي دوك ثو تماماً ك صديقه كالبرادعي مناصفة مع وكالة الطاقة وصديقهما الرئيس السادات مع مناحم بيجين عام 1978 مما يؤكد أن الجائزة سياسية وليست معياراً للكفاءة أو التفرُد
وكيسنجر له دوره الفعَّال في وقف إطلاق النار بين الأمريكيين وفيتنام بعد أن هُزمِت الولايات المتحدة في مستنقع فيتنام .. وكذلك له دوره الفاعل في وقف إطلاق النار في انتصار أكتوبر .. فما أخطر هذا الرجُل الثعلب
والدكتور البرادعي عضواً في منظمات مهنية وسياسية عدة منها اتحاد القانون الدولي والجماعة الأمريكية للقانون الدولي .. وليس من بينها أية منظمة مصرية أو عربية.
في عام 1979 قدمه كيسنجر والسادات للصديق الجديد النمساوي "كورت فالدهايم" على أنه الدبلوماسي المشرق صاحب المستقبل الباسم "أيضاً" وكان فالدهايم وقتها أميناً عاماً للأمم المتحدة .
وعجباً للتناقُض الكبير هنا بين الأصدقاء الثلاثة وبينهم التلميذ النابِه البرادعي ف كيسنجر اليهودي المتطرف وفالدهايم الكاثوليكي الأكثر تطرفاً والذي اتهم بأنه شارك في مذابح نازية ضد اليهود وترحيلهم .. والسادات صاحب الزبيبة الشهيرة وبين هؤلاء الثلاثة نشأ البرادعي فكيف يكون؟
لم تتغير الخارطة الدولية كثيراً برحيل السادات في عام 1981.. فقد خرج كيسنجر من وزارة الخارجية عام 1977 في عهد جيرالد فورد وفي عام 1984 لعب دور الفاعل الخفي في شتى أدوار كواليس السياسة الأمريكية فقد عينه الرئيس رونالد ريغان في عام 1983 رئيساً للهيئة الفيدرالية التي تم تشكيلها لتطوير السياسة الأمريكية تجاه أمريكا الوسطى ثم قام الرئيس جورج دبليو بوش بتعيينه رئيساً للجنة المسؤولة عن التحقيق في أسباب هجمات الحادي عشر من سبتمبر .. ودفع كيسنجر ب محمد البرادعي إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبدعم من كورت فالدهايم الصديق الذي غادر الأمم المتحدة عام 1982 وأصبح رئيساً للنمسا عام 1986 .. فانتقل محمد البرادعي إلى فيينا عاصمة النمسا حيث صديقه الرئيس فالدهايم.
ودخل معه الوكالة فتيان –في نفس اللحظة- دخل معه العالِم المصري الكبير الدكتور يسري أبو شادي وهو خريج كلية الهندسة النووية جامعة الإسكندرية لكن أبو شادي ليس صديقاً لكيسنجر ولا مدعوماً من فالدهايم ولم يكن من زمرة السادات ثم بعد ذلك دخل الدكتور السفير محمد شاكر .. فما القصة ؟
وكانت بداية البرادعي منصباً مهم نسبياً وهو ممثلها في نيويورك
السؤال هُنا : البرادعي ممثل مَنْ ولمصلحة مَنْ ولحساب مَنْ ومَنْ ساعده ووضعه على رأس هذه المؤسسة ولمن يكون الولاء والأمر في الرجل ؟
نكتفي هُنا بأن نقول أنه يعمل ممثلاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية في نيويورك أي يمثل هيئة أجنبية في دولة أجنبية أخرى.
والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس وربما علوم الفَلك والرصد أيضاً تؤكد أن الرجل وثيق الصلة بالولايات المتحدة الأمريكية وصديق مقرَّب للداهية هنري كيسنجر وللرئيس النمساوي فالدهايم .. فأين دور مصر ومكانتها لدى الرجل ؟ هذا ما سنجيب عنه في معرض توقفنا مع الرجل وعلاقته بمصر سواء مديراً عاماً للوكالة أو بعد تقاعده بأمر الست أمريكا صانعة تاريخه وأمجاده.
بعدها وبصورة سريعة تسترعي الانتباه بدأ يصعد إلى مناصب أعلى حيث مديراً للشؤون القانونية ثم مديراً تنفيذياً في الوكالة ثم في سنة 1993 صار مديراً عاماً مساعداً للعلاقات الخارجية حتى عُيِّن رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 1 ديسمبر 1997 خلفًا للسويدي هانز بليكس وذلك بعد أن حصل على 33 صوتًا من إجمالي 34 صوتًا في اقتراع الهيئة التنفيذية للوكالة وأعيد اختياره رئيسا لفترة ثانية في سبتمبر 2001 ولمرة ثالثة في سبتمبر 2005 .. حتى خرج عام 2009 .
وقبل أن نتوقف مع كيف دخل الدكتور البرادعي الوكالة .. وماذا عن أيامه وسنواته فيها وماذا عن أدواره الخفية والمعلنة في كواليس اللعبة يقفز على مائدة البحث تساؤل خطير :
ماذا عن انتماء محمد البرادعي المهاجر دائماً ؟ إلى أي كفة يميل انتماؤه ؟ هل إلى مصر أم أمريكا أم سويسرا أم النمسا أم إلى البرادعي نفسه وعشقه للمناصب ؟
لقد سافر الرجل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهو لم يكمل 25 سنة من عمره .. أي لم يبلغ بعد سِنْ النضوج الفِكري والحنكة الحياتية ولم يختمر لديه البُعد الوطني والمَد القومي .. ومكث في بلاد الغُربة الأمريكية والنمساوية والسويدية وأوروبا قرابة 40 سنة من عمره .. هي وحدها عمر ثان فحصل على الدكتوراه من هناك وعمل في إحدى جامعاتها كمحاضر وفي الوقت نفسه كان يعمل في الوفد الدبلوماسي المصري في الأمم المتحدة وهو قال ذلك في بعض مذكراته ووفقاً لشهادة صديقه ورفيق رحلته الدكتور يسري أبو شادي كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يقول عن البرادعي : "حدثت أشياء ما لا أعرفها ولا أريد استنتاجها أثناء عمل البرادعي في الوكالة وعلاقته بالأمريكان والغرب" .
وفي العام 1997 كان المفروض أن مصر أو الدول الأفريقية أو النامية يكون فيها المدير العام للوكالة ورشحت مصر السفير الدكتور محمد شاكر وقتها الذي حصل على الغالبية في التصويت في مجلس المحافظين لكن لم يحصل على غالبية الثلثين التي تسمح له الحصول على المنصب .
وفي هذا الوقت كانت مصر واضعة ثقلها على شاكر وبعد ذلك حدث تغيير ما وأيدت الولايات المتحدة والغرب الدكتور البرادعي بالإضافة إلى دول أخرى .. لكن الملفت للنظر أنه في منصب حساس مثل مدير الوكالة فإنه يرتبط بأشياء كثيرة متعلقة بالأمن وعدم تأييد مصر في هذا المنصب يجب أن يوضع عليه ألف تساؤل وتساؤل
لتثور هنا تساؤلات حمراء وسوداء : مَنْ الذي وضع البرادعي على قائمة الترشيح لرئاسة الوكالة ؟ وكيف نجح ؟ وما هو الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية في المجيئ به واختياره وجلوسه على مقعد الوكالة ؟ ولماذا لم يفز مرشح مصر طالما أن الحسابات ومقتضيات الإختيار تتطلب شخصية عربية من ترشيح عربي ؟
والتساؤل المهم هنا : لماذا لم تقم مصر بترشيح البرادعي ممثلاً عنها كمصري لرئاسة الوكاله؟ الجواب لأن مصر كسياسة وإدارة وسجلات أمن قومي واستطلاعات رأي وأبحاث وعي تدرك تماماً مَنْ هو الدكتور البرادعي .. وتؤمن أن وطنيته محل شك وأن ولائه موطن ريب وإن إخلاصه مطعون عليه ومقدوح فيه لكونه مزدوج الجنسية وأن هويته أمريكية وميوله صهيونية وأحلامه غربية لذلك جاء ترشيحها للسفير محمد شاكر .. قد تسألني مَنْ هو الدكتور السفير محمد شاكر وما هو سجل شرفه لترشحه مصر ؟ هو سفير مصر في انجلترا لمدة تسع سنوات كاملة من عام 1988 – 1997 .. تولى خلالها عضوية المجلس الاستشارى لشئون نزع السلاح للسكرتير العام للأمم المتحدة لمدة ست سنوات ورئاسة المجلس عام 1995 وحاصل على دكتوراه فى العلوم السياسية من جامعة جنيف عام 1975 عن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية .. وسفير مصر فى فيينا ومحافظ مصر فى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية 1986- 1988 تولى خلالها رئاسة مؤتمر الأمم المتحدة لتشجيع التعاون فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية فى جنيف في مارس 1987 مندوب مصر المناوب بدرجة سفير لدى الأمم المتحدة 1984- 1986 ونائب ممثل مصر لدى مجلس الأمن 1984- 1985 تولى خلالها رئاسة المؤتمر الثالث لمراجعة معاهدة منع الانتشار الأسلحة النووية وكان ممثلاً للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية د.هانز بليكس لدى الأمم المتحدة 1982-1983 حيث اختاره المدير العام من بين 40 مرشحا لهذا المنصب (لاحظ معي أن قوة كبيرة بقدرة قادر أخرجت محمد شاكر من الوكالة عام 1983 لتحل محله بالدكتور محمد البرادعي عام 1984 ثم تعيد الكرَّة معه ثانية عام 1997 حينما ترشح لرئاسة الوكالة بأن رشحت البرادعي الذي لم يكن في الصورة ليطيح بشاكر وليست هذه القوة الغاشمة سوى الولايات المتحدة الأمريكية ) وقد أمضى شاكر تلك الفترة مُعارا من وزارة الخارجية إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
فماذا عن قصة الترشيح والإنتخاب ولعبة أمريكا وخسارة شاكر وصعود البرادعي ؟
يتضح لنا من مؤهلات وقدرات ومناصب الدكتور السفير محمد شاكر أنه أفضل من البرادعي لشغل هذا المنصب الدولي الهام فضلاً عن التقارير السرية الخاصة المتعلقة بالأمن القومي والسيادة .. لذا فقد رشحته مصر.
وقرعت الانتخابات على المنصب الدولي الهام طبولها وكان أمام الدكتور شاكر مرشح سويسري قوي كان عالم ذرة وتفوق عليه واستقر الأمر علي جولة ثانية للتصويت وطلب شاكر من القاهرة أن يدخل الجولة الثانية ولم يأته الرد أما البرادعي فرشحته المجموعة الإفريقية وهي مجموعة صغيرة من 9 أعضاء .. ولم يدخل البرادعي أمام الدكتور شاكر في الإنتخابات ولا حتي أمام السويسري لأنه قرر عدم دخول الجولة الثانية بعد هزيمته في الجولة الأولى فقد حصل الدكتور شاكر على عشرين صوتاً بينما البرادعي حصل علي خمسة عشر صوتاً فقط وكان لازماً لمن يفوز أن يحصل علي ثلثي الأصوات فأجريت جولة ثانية ولكن القاهرة لم توافق على طلب شاكر وكذلك لم يدخل العالِم السويسري الذي اعتبر نفسه خاسراً ولم يدخل الجولة فدخل البرادعي مرشحا عن المجموعة الأفريقية وكان أمامه مرشحون انسحب بعضهم بناء على طلب الولايات المتحدةالأمريكية من دولهم وبقي مرشح لم يكن شخصية معروفة فحقق البرادعي أغلبية ساحقة.. في ظل غياب الدكتور السفير محمد شاكر فأي كفاءة ونزاهة هنا لصعود البرادعي ؟ وأي مجد صنعه بمفرده ؟ وأي جولات فارقة خاضها وفقاً لقدراته الشخصية تمنحه صكوك التفرد ودرجات التميز؟
وتعترضنا واقعة مخجلة للدكتور البرادعي في هذا الصدد في بواكير التقدم للترشح على منصب مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهى : أن مصر امتنعت عن التقدم بمرشحها لانتخابات الوكالة لحين أن يبت مجلس لأمن فى أمر إعادة ترشيح د بطرس غالى لفترة جديدة كسكرتير عام للأمم المتحدة وهو ما رفضته الولايات المتحدة الأمريكية .. إذ كان من المستحيل على مصر الحصول على المنصبين فى وقت واحد ووفقاً لشهادة الدكتور السفير محمد شاكر شخصياً فقد قال : "وقد أكد لى السفير الهندى السابق فى الوكالة أمريك ميهتا وسكرتير عام مؤتمر جنيف للاستخدامات السلمية والذى توليت رئاسته بأن الدكتور البرادعى انتهز هذه الفترة الحرجة وقبل ترشيح اسمى رسميا للترويج لترشيحه على أساس أنه مرشح مصر مما أثار بلبلة فى أوساط الوكالة عند تقدمى بالترشيح وهو ما يفسر استفسار الوكيل المختص بالخارجية الفرنسية من السفير على ماهر عندما ذهبنا لمقابلته سويا فى باريس فى شهر يناير 1997 للتعريف بى وتقديمى للخارجية الفرنسية عما إذا كانت مصر لها مرشحين اثنين للمنصب مما أثار امتعاض السفير على ماهر الذي ذكر له بأننى المرشح المصرى الوحيد لذا أتينا لمقابلته " انتهت شهادة الدكتور السفير شاكر .. والسؤال الأحمر بلون حُمرة الخجل : كيف يرتكب الدكتور البرادعي هذه السقطة ويدعي زوراً بأنه مرشح مصر لرئاسة الوكالة طالما أن ذلك ليس حقيقياً ؟ وهو الرجل الذي بلغ من العمر أرذله ويفترض أنه شخصية لها تاريخ وجغرافيا ومش عارف إيه ؟
وتستمر رحلة التساؤلات العصية على الفهم وقافة الغموض لتضرب على غير هدى في ظلمات ودياجير لعبة السياسة لتطرح عشرات اللاستفهامات التي يجب أن يجيب عنها الدكتور البرادعي قبل أن نرحب به .. ف لامرحباً به حتى يجيبنا عن كل تساؤل أحمر أو أسود مهما تعددت ألوانه واشتعلت نيرانه .
ولماذا ناصرت الولايات المتحدة وبريطانيا ترشيح البرادعي ولم تؤيد ترشيح الدكتور السفير محمد شاكر ؟ وما هي حدود لعبة المصالح المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدكتور محمد البرادعي التي جعلتها ترعاه وتربيه وتختاره وتصطفيه وترفعه على رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ؟ وما هي حدود استخداماتها له كذريعة لتدمير الشعوب ونهب ثرواتها؟
وما هي حدود العلاقة العلاقة الحمراء وأنهار الحقد والكراهية التي تعتمل في صدر الدكتور البرادعي "من منطوق أحاديثه واعترافاته " ضد العالم النووي المسلم الباكستاني عبد القدير خان؟
وماذا عن مليارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أين تأتي وأين ذهبت في عصره الميمون؟ وما مصير 36 مليار و800 مليون دولار أمريكياً مصروفات إدارية للوكالة في عصره مجهولة الهوية والنسب ؟
وكيف يستقيل السويدي المسيحي هانز بليكس من منصبه لرئاسة الوكالة اعتراضاً على الولايات المتحدة الأمريكية وإصرارها على الحصول على وثيقة علمية كتقرير تنفيذي من الوكالة لضرب العراق واحتلالها ونهبها فيستقيل بليكس ويقبل "محمد" البرادعي المسلم المنصب فتغزو أمريكا العراق بفتواه المعلبة والجاهزة للتصدير في أي وقت والتي أكدت على وجود "500 طن من الأسلحة الكيماوية وعشرات الآلاف من لترات الجمرة الخبيثة والسموم" وكيف عاد في 2009 ليقول أنا نادم على موقفي من العراق واحتلاله
ولماذا هدد البرادعي بالإستقالة إذا دخلت أمريكا العراق ثم لم يستقل ؟
وكيف أخبر البرادعي إسرائيل بمكان وموقع المفاعل النووي السوري فضربته إسرائيل في 2007 ولماذا ضحك إيريل شارون حينما زار البرادعي تل أبيب للتفتيش على مفاعل ديمونة وقال لمستشاريه : لماذا أتى البرادعي إلى إسرائيل ؟
حيث اكتفى بالتفتيش على مفاعلها النووي من الطائرة الهليكوبتر دون أن يغبِّر قدميه تراب السفر ومشقة البحث ؟ بأمر مَنْ ذهب وبأمر مَنْ عاد بلا تفتيش ؟ ولماذا ذهب أصلاً ؟
ولماذا اختلف البرادعي مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن إيران النووية فركلته بالقدم وأخرجته من ملعب الوكالة الدولية للطاقة .. أم تراها عقدت معه صفقة للعب دوراً سياسياً في مصر ؟ وهل يحمل البرادعي أجندة أمريكية أم إيرانية أم يهودية إسرائيلية ؟
وماذا قال عن المفاعل المصري حينما جاء للتفتيش عليه ؟
عشرات الأسئلة المريبة والعجيبة التي تحاصر الدكتور البرادعي سنتوقف معها في الحلقات القادمة لنفجِّر قنابل الحق في وجه الحقيقة حين نقف فوق الشعرة الفاصلة بين مفهوم : العلماء والعملاء واللُمعاء .
موائد البحث وغُرف التقصي ومناهج التقييم لا تنطلق من فِقْه حدثني قلبي عن ربي بسندٍ صحيح وإنما تعتمد على الواقع والحقائق والإعتراف ونحن هُنا سنقوم باغتراف أقوال الدكتور البرادعي نفسه لنقيِّمه أو على الأقل نذكره بها وفقاً لمبدأ "من فمك ندينك" وكمثال سنتناول مواقفه المنتناقضة والمتناطحة والمتضاربة إلى حد الهرطقة في المسألة العراقية .. فماذا عن سيناريوهات البرادعي المتناقضة في كارثة العراق ؟
استقال بليكس من رئاسة الوكالة اعتراضاً على الولايات المتحدة وقبِلَ البرادعي المهمة على النحو الذي بيناه .. وهُدِد بليكس بالقتل إذا تكلم ولم يصمت الرجل .. ولم يأخذ البرادعي موقفاً حازماً في ذلك التوقيت ليبين فيه موقف الوكالة والحقائق الفنية وهذا كان سيحرج أميركا وحلفاءها في الحرب العراقية .. وقتها وقف الدكتور محمد البرادعي ليؤكد في تقريره الذي ناقشه مجلس الوكالة يوم 5 فبراير 2003م : لم نتعثر حتى حينه على أسلحة للدمار الشامل".
السؤال: ما معنى حتى الآن؟ ولماذا ترك الإجابة مفتوحة وقابلة لكل الحلول وغير حاسمة؟
اعترف بأن أمريكا قد استخدمت حجة زائفة لغزو العراق وأنه أخطأ في التعاطي مع القضية العراقية وأنه كان يتوجب عليه أن "يصرخ بصوت أعلى" ليمنع وقوع الحرب ضد هذا البلد تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل .
لماذا صرح الدكتور البرادعي في فرنسا بقوله : "العراق يتعاون بترحاب فقط في فتح الأبواب ولكننا نريد تعاونا في القضايا الجوهرية والرد على الأسئلة التي لم يشملها التقرير العام" .
والسؤال يا سيدي لماذا لا تطرح أسئلتك على المسؤولين العراقيين بدلا من أن تطرح تشكيكاً من خلال الاعلام الغربي ؟
ثم توالت تصريحاته بأنه يحذر العراق وكأنه بذلك يشهد العالم أن العراق يخفي شيئا والأغرب من ذلك أنه يطالب العراق بأن يثبت أنه لا يملك أسلحة دمار شامل أي ان البرادعي بعد أن عجز عن العثور عن أي دليل ضد العراق عاد ليلقي بعجزه على بغداد أي منطق ذلك ؟
لقد كانت تصريحاته المتكررة عن عدم تعاون العراق مع المفتشين الدوليين تنطلق بغزارة لتحقيق هدف واحد هو التمهيد الإعلامي والنفسي وتهيئة الأجواء لإتمام الحملة العسكرية الأمريكية وبقي على ذلك النهج حتى يوم 22/2/ 2003 أي قبل الغزو الأمريكي للعراق بأيام حيث صرح من طهران : "لم ننجز عملنا بعد والعراق لا يتعاون معنا بشكل تام" وتابع البرادعي"لا يمكننا بصورة خاصة الوصول تماما الى العلماء العراقيين ونأمل في أن يتعاون العراق خلال الأسابيع المقبلة" مع يقين البرادعي التام بأن العراق فعلاً لا يملك هذه الأسلحة وهذا ما ثبت فعلاً فيما بعد وتصريحات البرادعي مؤخراً حينما رفضت الولايات المتحدة أن تجدد له فقال: " إن العراق لو كان يملك أسلحة نووية لما تمكنت الولايات المتحدة من مهاجمته" ثم تابع البرادعي في رواية أخرى : "أمريكا سحقت العراق لأنه لا يمتلك أسلحة الدمار الشامل"
ما هذا التناقُض في الرجل ؟ وهل يبلغ التناقض مداه إلى هذا الحَد في إنسان عاقل ويحمل درجة الدكتوراه وكان يشغل منصباً دولياً رفيعاً ؟
ولسنا ندري سبب سكوته كل هذه السنوات بعد خراب العراق ونهب ثرواته
وقال محمد البرادعي: "كانت أسوأ لحظة استياء في حياتي بالطبع عندما بدأت الحرب وإن فقد مئات الآلاف من الأشخاص لأرواحهم استناداً إلى الخيال وليس حقائق أمر يجعلني أرتجف".
وحول ما يعتبره "قرارًا سيئًا" اتخذه أضاف البرادعي: "ربما كان ينبغي قبل حرب العراق أن أصرخ وأصيح بصوت أقوى وأعلى لمنع أناس من إساءة استغلال المعلومات التي قدمناها نحن " .. لماذا يرتجف الدكتور البرادعي ؟ ولماذا يعتبر قراره سيئاً طالما أنه لم يتناول حاجة صفراء وهو يكتب تقريره الأسود ؟
هذا كلام خطير يجب أن يُحاكم عليه الدكتور محمد البرادعي محاكمة جنائية وفقاً للقانون الجنائي والدولي وقانون العقوبات وشتى قوانين الفصل في الخطايا البشرية والسياسية والإجرامية فماذا تعني اعترافات البرادعي الأخيرة بعد الخصومة مع الست أمريكا ؟ إنها تعني –وهو وأنا أهل قانون- ونعرف كيف تحمل الإعترافات الضمنية .. واعترافاته تعني أن البرادعي قدم للولايات المتحدة ذرائع وحُجج أوهمته بها الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستلوِّح بها فقط دون غزو فصاغها لها البرادعي في تقريره المشئوم فدخلت أمريكا العراق معارضة فتاوى مجلس الأمن الرافض ومستندة على فتوى الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط فكان المقابل والأجر والثواب هو جائزة نوبل وإلا فليفسر لنا البرادعي ماذا تعني عبارة جورج بوش : "معنا مستندات وتقارير نووية ضد العراق سنخرجها في الوقت المناسب لمن يعترض على دخولنا العراق" ثم ليفسر لنا نصوص ندمه واعترافاته الضمنية وهو حسب علمي ضليع في تفسير القوانين ومواده .. وفقاً لمصلحة أمريكا والغرب
ألم يقف البرادعي في نوفمبر 2009 وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل مغادرته منصبه ليقول : "الولايات المتحدة استخدمته حجة زائفة لغزو العراق ولم تحصل على تفويض دولي وأنا سأشعر دائما بالحسرة لشن حرب مأساوية في العراق .. جرى هذا على أساس حجة زائفة وبدون تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ".
وأكد البرادعي أن مفتشي الأسلحة التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يعثروا على دليل بأن البرامج النووية للعراق تضمنت إنتاج أسلحة دمار شامل .
كتب البرادعي مقالاً في جريدة "الحياة" يعِدُ فيه بأن امتثال العراق لقرار التفتيش أمرٌ ضروري واشترك بذلك في الحملة الدولية والعربية التي صورت هذا الامتثال على أنه طوق النجاه وهدد البرادعي بأنه سوف يستقيل إذا هاجمت واشنطن العراق ؟ وذلك عقب جلسة مجلس الأمن الشهيرة يوم الخامس من فبراير 2003م .. فلماذا هدَّد البرادعي بالإستقالة والسؤال ألأخطر : لماذا لم يستقيل البرادعي طالما أن الذي كان يخشاه حدث وهو الغزو الأمريكي للعراق ؟
لقد قدَّم البرادعي تقريره السلبي إلى المجلس في حدود صلاحياته وفق قرار التفتيش فما الذي دفع البرادعي إلى التهديد بالاستقالة وهو يعلم أن استقالته أو بقاءه لن تؤثر في قرار الغزو الذي اتُّخذ قبل ذلك بسنوات لكن هذا التهديد يعني أن البرادعي قدَّم شيئًا حاسمًا جعل تنفيذ قرار الغزو ممكناً وأشارت تقارير بعدها إلى أن تقرير البرادعي طمأن واشنطن تماماً إلى أن الغزو سوف يكون آمناً وقال بعضها : إن فريق البرادعي وضع بعض العلامات على الأهداف الاستراتيجية وأسهم في تجنيد العملاء حتى يسهِّلوا عملية الغزو .
ما بين التهديد والاستقالة عام 2003م والندم والأسى على دوره عام 2009م حقل ألغام وآبار ديناميت وجُزر معصية وأنهار دم ودخان نفط أحرق الشعب العراقي وأسقط الأمة الجريحة ولا يكفي أن يعتذر البرادعي عن أمر عظمت حوله التكهنات وعليه أن يبرِّئ ذمته فيسجل للتاريخ ماذا كان دوره حقيقة في غزو العراق وضياع أمة عظيمة وشعب فقد القدرة على رؤية المستقبل من جديد .. فالكل تواطأ على غزو العراق بداية من الإدارة الأمريكية ومروراً بالبرادعي وتقاريره السلبية المشكوك في صحتها وعنعنتها ورواتها غير ثقات فلا هي مرفوعة إلى الحق ولا هي موقوفة على العدل .
وعجباً للبرادعي وقد جاء يسفح دموع الندم ويطلب صكوك الغفران والتوبةوالإنابة بعد كل ذلك كيف يطلب هذا بعد تشريد شعب ونهبه وسرقته وقتل قرابة مليون مواطن عراقي وتحويل مصافي نفطه إلى تكساس من أجل الشريف الأمريكي السابق ؟
وما هي حجم الخطايا الكبيرة التي لا تُتغفر واستيقظ لها ضمير البرادعي "مؤخراً"؟
إن جرائم خيانة أمانة المقاعد والوظائف العامة لا تقبل الغفران يا دكتور برادعي وخطايا تدمير الشعوب غير وارد فيها صكوك التوبة لأنها جرائم إبادة جماعية وسرقة شاملة ونهب منظم وتدمير غير تقليدي لذا فقد صنفها الشارع على أنها جرائم استثنائية لا تجوز فيها المغفرة ولا يُقبل عنها اعتذاراً ولا يجوز فيها سوى القصاص فمتى نراك في ساحة القصاص القانوني على جريمة هتك أعراض العراقيات بمعرفة جنود الإحتلال وتثكيل الأمهات وترميل الزوجات وبتر أعضاء الرجال وتشويه الأطفال ونهب النفط وهدم الدور والبيوت وتشريد الشعب العراقي بأكمله بسبب "فتواك" المعلبة التي صدرتها لجورج بوش مقابل مقعد مدير عام الوكالة الدولية للطاقة النووية " مقعد فقط مقابل هدم دولة وسقوط أمة؟
يا للنخوة يا دكتور.. ألا تذكر يا دكتور برادعي موقف دافيد كاي مبعوث التفتيش الموفد من قِبل السي آي إيه للتفتيش النووي على العراق والذي أمره جورجد تينيت وجورج بوش أن يعد تقريراً مزيفاً عن وجود أسلحة دمار شامل وأسلحة نووية غير تقليدية في العراق لتكون ذريعة تعضِّد دخوله العراق ؟ ماذا فعل دافيد كاي يا برادعي ؟ استقال وترك منصبه وفضح جورج بوش واحترم ذاته فاحترمه التاريخ تماماً ك هانز بليكس فلماذا بعتَ أنتَ بلداً عربياً مسلماً مقابل مقعد زائل ونافق وزاهق وباطل؟
حتى ولو كانت نوبل هي الجائزة الأخرى مقابل هدم دولة وسرقتها وتشريد شعبها ويقفز هنا على مائدة البحث سؤال أحمر بلون الدم العراقي المسفوح والشرف المنكوح لماذا لم يحصل الدكتور الوزير هانز بليكس سلفه على جائزة نوبل في حين مُنحِت للبرادعي ؟ وقبل الجواب يجب أن نتوقف مع بليكس ومَنْ هو لنعرف قدره الخبراتي وقيمته الأخلاقية وقامته العلمية .. ولد "هانز" عام 1928 في بالسويد ودرس في جامعة أبسالا ثم جامعة كولومبيا إلى أن حصل على درجة الدكتوراة من جامعة كمبريدج البريطانية وفي عام 1959 نال درجة الدكتوراة في القانون من جامعة أستكهولم بالسويد ثم عُيِّن في عام 1960 أستاذاً مساعداً للقانون الدولي.. وحصل على تقدير عدد من الهيئات فنل الدكتوراة الفخرية من جامعة الدولة في موسكو 1987 كما حصل على جائزة هنري دي وولف سميث –واشنطن 1988 وتدرج منذ 1963 في المناصب المختلفة بالخارجية السويدية حتى عُيِّن وزيراً لخارجية السويد في أكتوبر من عام 1978 - وظل من عام 1961 حتى عام 1981 عضواً في وفد السويد لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة كما ظل من 1962 إلى 1978 عضواً في وفد السويد لدى مؤتمر نزع السلاح في جنيف .. ألَّف بليكس عدة كتب في القانون الدولي والقانون الدستوري وتولى قيادة لجنة الحملة الليبرالية المؤيدة للإبقاء على برنامج الطاقة النووية السويدي وذلك في سياق استفتاء عام 1980 .. وعين في منصبه الحالي في يناير 2000 وتولى رئيس لجنة التفتيش مهامه في الأول من مارس في ذلك العام وكتب الدكتور بليكس كتبا عدة تتعلق بالقانون الدولي والقانون الأساسي. وفي عام 1981 أصبح مديرا عاما للوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو المنصب الذي احتفظ به حتى عام 1997 .. وقد يتقوَّل قائل : إن بليكس لم يكن في عهده أزمة خطيرة مثل أزمة العراق .. فيأتيه الجواب .. إن بليكس جاء لرئاسة الوكالة عام 1981 على أنقاض ضرب المفاعل النووي العراقي في التويثة ولم يلبث عام 1986 حتى ضُرِب المفاعل النووي الروسي تشرنوبل وقيل انفجر والحقيقة لدينا بالوثائق غير ذلك ولها معنا حادث وحديث آخر وعاصر بليكس أثناء رئاسته للوكالة سقوط الإتحاد السوفيتي وتحوله إلى دويلات وكل كارثة من الثلاث تجيز له جائزة نوبل لو كان سار مع الولايات المتحدة الأمريكية .. لكن بليكس لم يبع لأمريكا خصوصاً أنه جاء بعد ريتشارد باتلر الإسترالي الكاريزمي الشخصية والمنحاز بالكُليِّة لإسرائيل وأمريكا فآثر بليكس الإعتدال ومكث في الوكالة 17 سنة تحت حماية شرفه وكلمته وأخلاقه وحيدته .. أما البرادعي أبو 12 سنة في الوكالة فحصل على جائزة نوبل مناصفة مع الوكالة لبيع العراق للشريف الأمريكي جورج بوش فخاس البيع وإن جاء الندم متأخراً ألا يحصلا بليكس على جائزة نوبل وقد خدم 17 سنة مريرة مليئة بالصراع ولا يحصل رئيس الوكالة الذي كان قبل بليكس وهو سيغفارد ايكلوند على جائزة نوبل وهو الذي خدم من عام 1961 – 1981 أي عشرون عاماً ويحصل عليها البرادعي لماذا ؟ أليست الجائزة سياسية وتعبث الولايات المتحدة الأمريكية بعورتها فمتنحها لمن تشاء وترضى؟
ولقد صرَّح الدكتور البرادعي إن نصيبه من جائزة ستذهب إلى دورٍ لرعاية الأيتام في بلده مصر وأن نصيب الوكالة سيستخدم في إزالة الألغام الأرضية من الدول النامية.
وللحديث بقية
الكاتب والروائي أنيس الدغيدي
[email protected]
مرشح انتخابات الرئاسة 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.