الدكتور بكر إسماعيل الممثل الرسمي لدولة كوسوفا في القاهرة سخر وقته وجهده وقلمه من أجل قضايا منطقة البلقان بصفة عامة، وقضايا «كوسوفا» وطنه بصفة خاصة.. وليس جديداً أن يرتبط بقضايا أمته الإسلامية بشكل عام، فقد أنهي مرحلة تعليمه الجامعي والعالي في رحاب الأزهر الشريف بمصر، وقد ساهم أيضاً في إبراز قضايا الأقليات المسلمة في هذا الجزء الغالي من الأراضي الإسلامية في أوروبا، ذلك الكيان الشامخ العريق الذي تحاول الأيادي الغربية القضاء عليه نهائياً في هذه البقعة من العالم.لقد احتسي د. بكر مرارة العدوان والحروب والدمار والخراب الذي لحق بكل شبر غال في منطقة البلقان.. وهو أيضاً ابن أحد أكبر مشايخ كوسوفا، بالإضافة إلي أنه عضو فعال وشخصية بارزة في مختلف المجالات العلمية والإعلامية والسياسية والثقافية، ويغطي نشاطه أصعدة كثيرة داخل كوسوفا، كما يقوم بدور رائد تجاه بلده في مصر والعالم العربي والإسلامي، وكذلك العالم الغربي ممثلاً ومندوباً وعضواً ومحاضراً وباحثاً، وهو رئيس وكالة «ALBA PRESS» بالقاهرة.ذهبنا إليه في مكتبه وحاورناه، وهذا نص الحوار: بداية.. هل يمكن إعطاؤنا فكرة عن وضع المسلمين في كوسوفا؟ - مسلمو كوسوفا عانوا كثيراً لعدة سنوات، فقد كان الشعب الكوسوفي يرزح تحت نيران الشيوعية لمدة «50» عاماً، لكن بعد صبر طويل حصلت كوسوفا علي استقلالها في العام 2008، وتم الاعتراف بها دولياً، فهناك دول كثيرة اعترفت بكوسوفا منها دول إسلامية، علي رأسها «السعودية والإمارات وقطر والأردن وموريتانيا وجيبوتي والصومال والبحرين وجزر القمر وسلطنة عمان، مما كان له الأثر علي دعم العلاقات الكوسوفية مع الدول العربية والإسلامية، ومؤخراً اعترفت مصر باستقلال كوسوفا، ونأمل في توطيد العلاقة معنا. ما المشكلات التي تواجه مسلمي كوسوفا وكيف يمارس المسلمون هناك شعائر دينهم وما هامش الحرية المتاح لهم؟ - نحمد الله أولاً علي حصول كوسوفا علي الاستقلال، فمنذ ذلك التوقيت أصبح هامش الحرية لدينا كبيراً في ممارسة شعائر الإسلام بشكل كامل حتي الأقليات في كوسوفا يمارسون شعائرهم بحرية كبيرة، وهناك إقبال كبير من شباب كوسوفا لأداء الشعائر بالمساجد حتي النساء هناك أكثر التزاماً بالحجاب، وعددهن في تزايد مستمر، وهذا حدث بعد أن تخلصنا من الشيوعية التي فرضت الإلحاد وحاربت الدين والتدين، فلم تعد لدينا مشاكل في حرية ممارسة الشعائر، ولكن المشكلة التي تواجهنا أن الصرب كانوا قد دمروا البنية الأساسية بنسبة «80%»، فقد كان هناك أكثر من 600 مسجد في كوسوفا، دمر منها أكثر من 300 مسجد تدميراً كاملاً، خاصة أنها كانت تضم بعض المساجد الأثرية، لكن الحمد لله وفقنا الله في إعادة بناء الكثير منها من خلال دعم بعض المؤسسات الإسلامية، وتحسن الوضع أكثر. هل تري أن فتح باب الحوار بين الإسلام والغرب يسهم في تصحيح صورة الإسلام لدي شعوب أوروبا؟ - منذ العام «1994» كنت قد أجريت لقاء مع فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، وسألته نفس السؤال تحديداً، فكانت إجابته أنه لابد من فهم المسلمين إسلامهم أولاً قبل فتح قنوات الحوار مع الغرب، ولهذا أقول كيف نقدم إسلاماً لا نطبقه لغرب لا يفهمه، فعلينا أولاً إصلاح ذات بيننا، وأن نبدأ بأنفسنا، فعند معالجة مشاكلنا وإيجاد الحلول لها وقتها نستطيع تقديم الإسلام بصورة صحيحة للغرب وأوروبا. ما تقييمكم للدور الذي يلعبه الأزهر الشريف في كوسوفا؟ - الأزهر الشريف قبلة العلم، وعلاقة كوسوفا بالأزهر بدأت منذ عام 1928، حينما أغلق المسجد الفاتح، لأن مسلمي البلقان كانوا يذهبون إلي إسطنبول أقرب إليهم، وبدأ علماء كوسوفا ومفكروها في إرسال أبنائهم للالتحاق بالأزهر، وبالفعل كانت الوفود تأتي للأزهر وتخرج الأئمة والدعاة فيه ليصبحوا سفراء الأزهر في بلاد البلقان، وهناك اتفاقية بين الاتحاد الإسلامي أو المشيخة الإسلامية في كوسوفا لتبادل المنح الدراسية بالأزهر، وتقديم الدعم الإسلامي لطلاب كوسوفا، بالإضافة إلي قيام الأزهر بإرسال الدعاة لإحياء ليالي شهر رمضان الدينية، وحضور المؤتمرات في البلقان، وقد طالب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الدول الإسلامية والأجنبية بالاعتراف بدولة كوسوفا المسلمة، مما أسعد مسلمي كوسوفا بدعم الأزهر شيخاً ودعاة ومؤسسة للاعتراف بكوسوفا، ونحن نقدر جهد فضيلة الإمام في هذا الشأن، فهو عالم جليل وشيخ للمسلمين في أنحاء العالم كافة. أخيراً.. هل هناك رسالة توجهها للعالم الإسلامي وماذا تتمني من العالم الإسلامي بالنسبة للشعب الكوسوفي؟ - نتمني من الدول العربية والإسلامية أن تعترف بنا كدولة مستقلة، فقد اعترفت بنا حوالي 53 دولة من أنحاء العالم. ماذا عن المؤسسات الإسلامية في بلادكم وماذا عن الإفتاء في كوسوفا وهل هناك تنسيق بينكم وبين المؤسسات في العالم الإسلامي؟ - لدينا في كوسوفا الاتحاد الإسلامي أو «المشيخة الإسلامية» وهي مؤسسة مستقلة، ومعترف بها لدي الحكومة وهي المسئولة عن شعائرهم وحل قضاياهم، ورئيس هذه المؤسسة أو المشيخة هو نفسه المفتي العام، وهناك اتصال لهذه المؤسسة بالمؤسسات الإسلامية فى العالم الإسلامي، وهناك كلية للدراسات الإسلامية، وهي تابعة للمشيخة الإسلامية في كوسوفا، وكذلك كلية اللغة العربية، وهناك مدارس ثانوية دينية تدرس المناهج الأزهرية في كل محافظة مدرسة للبنين وأخري للبنات، ويتاح لخريجي هذه المدارس استكمال دراستهم الجامعية في أي جامعة خارج كوسوفا أو داخلها، لأن الشهادة التي يحصلون عليها تعادل الثانوية العامة ومعترف بها من الجهات الرسمية داخل كوسوفا.