بنك التنمية والائتمان الزراعي، ضرب بيوت الفلاحين وشردهم وحبسهم وأفلسهم، لأن المسئولين عن البنك ذهبوا بعيداً عن الهدف الذي أنشئ البنك من أجله في أوائل الستينيات وهو خدمة الفلاح والنهوض بالزراعة، إلي تحقيق الأرباح والقروض الاستثمارية وتجارة السيارات والأجهزة الكهربائية ذات الفائدة الأعلي، ما دمر الأرض الزراعية، وأفلس الفلاح ضحية السلف والقروض، الذي لم يجد أمامه سوي بيع الأرض والمنزل أو يرتضي بالسجن بسبب قرض بسيط تجاوزت فائدته 20٪ في الوقت الذي لا يحقق أي مشروع زراعي أرباح 12٪. ولأن الفلاح لم يكن في دائرة اهتمامات الحكومة، فما قيل عن جدولة ديونه البالغة 7 مليارات و600 مليون جنيه كلام في الهواء، ولم يستفد من الجدولة المزعومة، إلا كبار العملاء.. الذين يأمرون، وعلي البنك السمع والطاعة.. وإلي أوجاع المصريين. المنوفية - عبدالمنعم حجازي: أدت السياسة »الربوية« التي يتبعها بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنوفية إلي ضعف المحاصيل، وانصرف الفلاح عن زراعة أرضه واتجه لأعمال أخري بعد إفساد النظام السابق للزراعة وترك الفلاحين يموتون جوعاً. وهناك عديد من القضايا التي أقامها البنك ضد الغلابة والبسطاء من أبناء المحافظة منهم علي سبيل المثال ممدوح الحفناوي الذي صدر ضده حكم نهائي بالحبس في قرض لتسمين عجول ماشية بمركز بالشهداء واضطر للهرب خارج مصر. ومهدي عبدالمقصود باع 6 أفدنة لتسديد القرض ومسعد سيف المحكوم عليه بالحبس 10 سنوات ومحمد إبراهيم الذي باع أرضه وكل ما يملك حتي لا يدخل السجن. تبدأ رحلة العذاب والتي غالباً ما تنتهي بالموت أو بالسجن للحصول علي قرض بدفع 30 جنيهاً رسوم استعلام ثم بيان حيازة زراعية والانتظار شهرين لحين وصول الاستعلام والتوقيع علي 4 نسخ من عقد وكالة غير قابل للإلغاء وعمل توكيل رسمي بالشهر العقاري يعطي البنك الحق في بيع الأرض والمنازل وجميع العقارات ثم التوقيع علي بياض لعقد بيع ابتدائي وعقد بيع المحصول وبوليصة تأمين علي حياة الفلاح وسداد مبلغ التأمين حسب السلفة أو القرض تصل إلي 250 جنيهاً والتوقيع علي إيصالات أمانة وشيكات علي بياض للفلاح والضامن وكأن البنك يتعامل مع مجرمين أو مسجلين خطر وتتراوح نسبة الفائدة للقرض بين 16 و 22٪. طالب كمال صقر نائب رئيس لجنة الوفد بالمنوفية بإنشاء بنك جديد بسياسة جديدة لخدمة الفلاح وتقديم العون المادي والزراعي علي ألا تزيد الفوائد علي 3٪ لأن 9٪ من المديونيات حالياً جميعها عمولات للبنك وفوائد وناشد المسئولين بإسقاط المديونيات وسداد قيمة القرض فقط. الإسماعيلية - ولاء وحيد: مئات من الأفدنة من حدائق المانجو داخل زمام محافظة الإسماعيلية مهددة بالحجز عليها وآلاف المزارعين يحاصرهم الخراب والسجن لعجزهم عن سداد الديون التي تراكمت علي مدار أربعة مواسم ماضية شهد خلالها المحصول انخفاضاً في الإنتاج لأكثر من 05٪. هموم وأعباء وفوائد مركبة وارتفاع أسعار الأسمدة وقلة مياه الري، أزمات تهدد حياة الفلاحين بالمحافظة. ياسر دهشان أحد مزارعي المانجو قال: عجز الفلاحون عن سداد القروض بفائدة 5.5٪ في الموعد المحدد بعد انهيار محصول المانجو ارتفعت الفوائد إلي 31٪ من قيمة القرض البالغ 0054 جنيه علي كل فدان مانجو. وأضاف أن البنك يتعامل مع الفلاح وكأنه مستثمر وليس مزارعاً تحكمه العوامل الجوية وأسعار المبيدات والأسمدة ولهذا وصلت المديونية لدي البنك 06 ألف جنيه بفوائد مركبة رغم أن حجم الدين الأصلي 04 ألف جنيه فقط منذ ثلاث سنوات. وانتقد مصطفي إسماعيل (مزارع) الإجراءات المعقدة للحصول علي القرض وتسديد 006 جنيه كمصاريف للبنك والتوقيع علي 52 مستنداً رسمياً وهناك إنذارات بالحجز أرسلها البنك للعديد من المزارعين الصغار في الوقت الذي لم يقترب فيه من الكبار وطالب إسماعيل بإسقاط ديون الفلاحين المتعثرين في محطات مصر لأنهم الأكثر تضرراً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية. البحيرة - نصر اللقاني: تسبب البنك في تشريد مئات الأسر بعد مضاعفة فوائد القروض، لم يجد الفلاح شيئاً يفعله بعد اضطراره لبيع الأرض أو تبويرها بسبب الديون التي تحاصره. خيرة عبدالعاطي - إحدي ضحايا البنك - تمتلك فدانين ونصف الفدان بمنطقة بنجر السكر وحصلت علي قروض ب 52 ألف جنيه لتجهيز الأرض للزراعة وفوجئت بإنذار يطالبها بسداد القرض وفوائده ورغم أن الأرض لم تنتج إلا أنها تفكر في بيعها لسداد البنك قبل دخولها السجن. أما محمود إبراهيم أحد شباب الخريجين حصل علي مساحة 5 أفدنة في نفس المنطقة واقترض 05 ألف جنيه لتسوية الأرض وتمت زراعتها. ولعدم انتظام مياه الري جفت الزراعات وتعرض لخسائر فادحة، وفوجئ بأن ال 05 ألفاً بلغت 701 آلاف جنيه ولم يتمكن من السداد وتم الحكم بحبسه ويتنقل يومياً للهروب من تنفيذ الحكم. هذه ليست مشكلة خاصة لكن غالبية الفلاحين يعانون نفس الأزمة لأن البنك يتعامل بنظام الفوائد المركبة وكأننا مستثمرون وكل ما قيل عن جدولة الديون كلام في الهواء ولم ينفذ. دمياط - جهاد شاهين: اتخذ بنك التنمية وفروعه بمدن دمياط طريقاً آخر غير الذي أنشئ من أجله ولم يقف البنك بجانب الفلاح بل كان مصدراً للمتاعب والمصاعب والتهديد بالحبس. لم يجن الفلاح من البنك شيئاً لأن أموال البنك كانت لموظفيه بضمان الفلاح وأرضه. فقد »لهف« بعض موظفي البنك ما يقرب من 51 مليون جنيه من فرع المعاملات الإسلامية وفرع مدينة الزرقا وقرية سيف الدين. الغريب أن هذه المبالغ حصل عليها بعض الموظفين بضمان الفلاحين ومنازلهم وأراضيهم دون علمهم. والأغرب بات هؤلاء الفلاحين مطالبين بسداد ما »لهفه« الموظفون بعد مطالبة البنك لهم بالسداد. فكانت النتيجة أن باع بعضهم المنازل والأراضي لسداد ديون المختلسين من الموظفين، أما البعض الآخر غير القادر أصبح مهدداً بالسجن رغم إبلاغ النيابة العامة عن هذه الوقائع التي تعود إلي عام 7002 ومازالت قيد التحقيق بالنيابة العامة، إلا أن الملايين المنهوبة لم ترد والتهديد بالحبس يحاصر الغلابة من أبناء دمياط. المنيا - أشرف كمال: تحولت فروع البنك بالمنيا إلي بنوك تجارية استثمارية لتقديم سلف تشطيب الشقق وأخري لا تمت للفلاح بصلة. ويعتمد البنك علي تدوير السلف والفائدة المركبة والتي تعرض حياة الفلاحين وأسرهم للسجن المحقق ما يتطلب إعادة هيكلة هذه البنوك للعودة للمسار الطبيعي وهي خدمة المزارعين للنهوض بالزراعة. هناك ما يقرب من 5.3 مليون حائز لمساحة 94 ألف فدان داخل وخارج الوادي بالمنيا يشكون ارتفاع نسبة الفوائد إلي 5.31٪ والتي يحصلها البنك علي بعض القروض ما يؤدي إلي تراكم الديون ويجبر المتعثرين علي التنازل عن عقاراتهم وممتلكاتهم وحيازاتهم الزراعية لصالح البنك. يؤكد محمد الطويل مزارع أن البنك يشترط التنازل عن الملكيات والحيازات الزراعية والعقارات بالشهر العقاري قبل الإقراض ثم توقيع المقترض علي إيصالات بدون تحديد المبلغ علي (بياض) وأطالب بخفض نسب الفائدة للإقراض الزراعي وجدولة ديون المتعثرين لإنقاذ مئات الفلاحين من السجن المحقق بعد صدور أحكام بحبسهم من جراء القروض والسلف التي تتضاعف قيمتها بطرق مخيفة. قنا - أمير الصراف: مديونيات بنك التنمية والائتمان الزراعي لدي المزارعين في محافظة قنا تجاوزت ملايين الجنيهات وبلغت 5 ملايين جنيه في 6 فروع فقط بشمال المحافظة، وهناك عدد من البرلمانيين السابقين أصحاب الملكيات الزراعية الكبيرة مطالبون بسداد ملايين الجنيهات للبنك. تنوعت مشكلات المزارعين مع بنوك التنمية بين ارتفاع رسوم التأمين لقروض تربية المواشي والتأمين علي حياة المزارع والسيارات، حيث يضيف البنك من 5 : 7 آلاف جنيه للتأمين علي السيارات و063 جنيهاً لرأس الماشية و57 جنيهاً سنوياً لكل 01 آلاف جنيه في وثيقة التأمين علي الحياة وجميعها مبالغ لا يستردها العملاء من البنك. أما المشكلة الكبري فتتمثل في الفائدة اليومية علي القروض الاستثمارية بفائدة 21٪ للقرض قصير الأجل، و31٪ للمتوسط وطويل الأجل، وهو ما يمثل أزمة لصغار المزارعين. ولا شك أن التعثر في سداد القروض الزراعية أقل من القروض الاستثمارية في قنا لأن إدارة البنك تقوم بتحصيل مديونياتها من شركات السكر عند توريد محصول قصب السكر وهو الأكثر زراعة في معظم محافظات الصعيد.