الصيام مدرسة ربانية يتربى فيها المسلم ويخرج منها على غير ما دخل فللصيام فى نفس المسلم آثار ونتائج، ومن أهم تلك الاثار تحقيق التقوى قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} وفى تلك الآية الكريمة تعليل لسبب الصيام وبيان الفائدة الكبرى منه وهو تحقيق التقوى، وذلك يتحقق عندما يترك شهواته الطبيعية والمباحة امتثالا لأوامر الله سبحانه, واحتساب الأجر عنده سبحانه, فتتربى بذلك إرادته على ملكة ترك الشهوات المحرمة والصبر عنها فيكون اجتنابها أيسر عليه. كما أن فى الصيام تقوى على النهوض بالطاعات والمصالح والاصطبار عليها فيكون الثبات عليها أهون بعد ذلك. والصيام طريق موصل للتقوى بما اشتمل عليه من طاعات وعبادات يتقرب بها المسلم الى الله سبحانه وتعالى. وأهل التقوى هم ملوك الدنيا والآخرة وأهل السعادة الحقيقية, والشرف العظيم, لذلك يقول بعض السلف «لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجادلونا عليه بالسيوف» «يقصد التقوى». والصوم سبب عظيم تتحقق به التقوى لما فيه من قهر النفس وكبح جماحها وكسر شهواتها وامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه, يقول ابن القيم «وللصوم تأثير عجيب فى حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة, وحمايتها عن الاختلاط الجالب لها المواد الفاسدة التى إذا استولت عليها أفسدتها «فالصيام وسيلة ناجحة وطريق قصير وسبب هام لتحقيق التقوى التى تزيل الخوف والحزن وتجلب الأمان والأنس فى الآخرة». وهذه التقوى هى دافع للعبد لعمل الخير واجتناب الشر, فالتقوى أنفع زاد وخير لباس، فالعاقبة والفلاح لأهلها, والنور ملازم لأصحابها, كما أن التقوى هى وصية الله سبحانه للناس أجمعين قال تعالى {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} يقول الحسن البصرى عن المتقين «هم قوم اتقوا ما حرم الله عليهم, وأدوا ما افترضه عليهم».