في زمن الطرب الجميل كان لحفلات الربيع لعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش طعم خاص بسبب المنافسة بين العملاقين خاصة في حقبة الستينيات وحتي 1970، حيث كان كل منهما حريصاً علي الظهور في ليلة شم النسيم مهما كانت الظروف الصحية وكانا يتنازعان حتي علي إذاعة الحفل في التليفزيون وشبكات الإذاعة.كان كل منهما حريصاً علي ان تذاع حفلته في البرنامج العام وصوت العرب الأكثر انتشاراً ووصولا إلي أقصي نقطة عربية وبالطبع القناة الأولي في التليفزيون. وبلغت الأزمة ذروتها في عام 1970، وتحديداً مساء الأحد 26 إبريل كان فريد سيغني «الربيع» في سينما ريفولي وعبدالحليم «زي الهوي» في جامعة القاهرة وفي تلك الليلة انحازت الإذاعة والتليفزيون لحفل فريد، وأذيع حفل حليم في اليوم التالي. وبعد هذا العام انفرد عبدالحليم بحفلات الربيع بسبب الظروف الصحية الصعبة لفريد في سنواته الأخيرة. وتستطيع القول أن حفلات الربيع بمعناها الحقيقي انتهت برحيل الاثنين. وكان آخر حفلات الربيع بالنسبة لحليم مساء الأحد 26 إبريل 1976. حينما غني العندليب «قارئة الفنجان». في حفلات الربيع قدم عبدالحليم حافظ في حقبة السبعينيات مجموعة من الحفلات التي أحدثت نجاحاً كبيراً وقدم أغنيات أسعدت الملايين في مصر والعالم العربي. في 18 إبريل 1971 شهدت دار سينما ريفولي حفلاً رائعاً لعبدالحليم حافظ غني فيه «موعود» والتي حققت نجاحاً إسطورياً منذ هذا اليوم. وظهر معه من الأصوات الشابة في ذلك الوقت محمد العزبي الذي غني لأول مرة أغنيته الشهيرة «عيون بهية». والرقيقة عفاف راضي التي غنت «والنبي ده حرام» و«كله في المواني» كما غنت شريفة فاضل «آه يالمكتوب» كان بليغ حمدي الموسيقار الفذ هو بطل هذا الحفل حيث كانت جميع الأغنيات من ألحانه. في عام 1972 لم يستطع عبدالحليم أو فريد إقامة حفلات لظروفهما الصحية. وفي مساء الأحد 28 إبريل 1973 وعلي مسرح جامعة القاهرة غني عبدالحليم ثلاث روائع غنائية «حاول تفتكرني» وقصيدة «رسالة من تحت الماء» وقصيدة «يا مالكا قلبي». وتعرض عبدالحليم لأزمة صحية في نهاية الحفل وسقط مغشياً عليه. في عام 1974 لم يستطع حليم الغناء في عيد الربيع. وغني في 30 يونيو «فاتت جنبنا» و«أي دمعة حزن لا». وكان فريد في حالة صحية صعبة جعلته يتفرغ فقط للتصوير آخر أفلامه «نغم في حياتي». في مساء الأحد 4 مايو 1975، غني عبدالحليم في عيد الربيع أغنية «نبتدي منين الحكاية» تأليف محمد حمزة ألحان محمد عبدالوهاب، وغني في الوصلة الثانية أغنية «أي دمعة حزن لا» وكان يبدو في حالة صحية طيبة. وفي مساء الأحد 25 إبريل 1976 كان الموعد مع أكثر حفلات الربيع إثارة للجدل. كان عبدالحليم يشعر باقتراب لحظة الوداع وقدم «قارئة الفنجان» التي ظل بعدها طوال ثلاث سنوات وكان وقتها هو النجم الأوحد بعد رحيل أم كلثوم وفريد الأطرش، ظهر عبدالحليم علي المسرح في حالة إعياء وغضب من سلوك بعض الجماهير علي المسرح في نادي الترسانة. وخرج عبدالحليم عن شعوره تجاه الجماهير، ووقتها خرجت شائعات ان بليغ وراء ما حدث وتعرض حليم بعد الحفل لهجمة صحفية شرسة. ولكن الوجه الآخر لهذا الحفل أن عبدالحليم أبدع كما لم يبدع من قبل في غناء القصيدة، وغناها علي المسرح من منتصف الليل وحتي الساعة الثانية وأربعين دقيقة صباحاً ولأول مرة صاحبه علي المسرح 2 أورج هاني مهني ومجدي الحسيني. وغني في الوصلة الثانية أغنيات «في يوم من الأيام»، و«أبوعيون جريئة» «أهواك»، «توبة» وانتهي الحفل في السادسة والربع صباحا، وكأنه أراد أن يودع الجميع بأكبر قدر من الأغاني وكان هذا الحفل نهاية حفلات الربيع للعندليب. أمجد مصباح