يظل مرسى جميل عزيز هو صاحب الرصيد الأكبر بين الشعراء فى كتابة أغانى عبدالحليم حافظ ويعود اللقاء الأول بينهما لحظة أن حضر عبدالحليم ومحمد الموجى لزيارته فى منزله بالزقازيق وعرفه بنفسه ومعه خاله وشقيقه إسماعيل الذى كان يغني أيضاً فاستمع مرسى جميل عزيز إلى عبدالحليم وهو يغنى "ولد الهدى" للسيدة أم كلثوم، وفوجئ بأنه يغنيها بإحساس جميل مختلف، وفور أن اقتنع به والموجى أعطاهما أغنية "مالك ومالى يا بو قلب خالى" والطريف أنه أعطى المذهب للملحن محمد الموجى وأغلق عليه الحجرة وقال له: حاول تلحنه وعندما استمع إلي ما لحنه ورضى عنه أعطاه أول كوبليه ثم الثانى وأعطاه كلمات الكوبليه الأخير وهو يودعهم أثناء ركوبهم القطار متجهين للقاهرة، و انتقل هذا الدور إلى السينما حيث لعب دوراً مهما فى ظهور "حليم" لأول مرة عندما استغل "مرسى" صداقته الشخصية والفنية والمخرج والمنتج الراحل حلمى حليم، واصطحب معه عبدالحليم لكى يدخل بلاتوه السينما لأول مرة فى حياته لعمل اختبار تصوير، بعده قال حلمي حليم: "حواجبه عالية" فعمل له رتوش وأعاد الاختبار فنجح، وأقنع مرسى جميل عزيز حلمى حليم بتحويل القصة المليودرامية لفيلم "أيامنا الحلوة" إلى فيلم غنائى جماعى ليصبح لعبدالحليم دور فيه كما قام مرسى جميل عزيز بكتابة الأغاني الأربعة للفيلم الذى تأخر عرضه حتى مارس 1955 ليعرض بعد أسبوع واحد من بدء عرض فيلم "لحن الوفاء"، الذى بدأه عبدالحليم بعد "أيامنا الحلوة". وإلى جانب الأغانى العاطفية الشهيرة التي كتبها لعبدالحليم وحققت نجاحاً كبيراً بعدما عرفت الناس به كتب له أغانى الشباب والأمل والأغانى الوطنية والدينية، والأغنية ذات الطابع الشعبى وقد ربط الكثيرون ممن كتبوا عن "العندليب" وعن حياته الشخصية بين أغانى مرسى جميل عزيز وبين ما قالوا أنها قصص عاطفية في حياته، وقال بعضهم ان الصداقة والقرب بينهما جعلا فارس الأغنية يعبر عن تلك القصص الحية فى أغانيه. ورغم أن مرسى جميل عزيز لم يكن يفاضل بين أغانيه إلا أنه قال عن "راح" انها تعادل "فى يوم فى شهر فى سنة" وأغنية "حبك نار" بلغت من نجاحها وشهرتها أن الجماهير كانت تطالب عبدالحليم بغنائها وهى تقوم بإشعال النار فى الأوراق والجرائد مما أدى إلى اشتعال حريق فى حفلة فى دار سينما "ريفولى" وتم استدعاء المطافى. بينما أغنية "يا خلى القلب" التي كتبها مرسى جميل عزيز كانت على هيئة حلم وكان اسمها الأصلى "حلم" وقد تكلف تصويرها لذلك مبلغا كبيراً من ميزانية فيلم "أبى فوق الشجرة" بينما قال مفيد فوزى عن أغنية "الليالى" التى لحنها محمد الموجى أن مرسى كتبها للسيدة أم كلثوم، وعندما استمع إليها عبدالحليم قال له: أنا شايف نفسى فيها، فاعتذر مرسى جميل لكوكب الشرق وأعطاها لعبدالحليم، وربما تكون الأغنية الوحيدة التى تم استغلالها مسجلة فى أغنية أخرى، فقد ظهرت مقاطع منها بصوت عبدالحليم فى أغنية "التليفون" لشادية. أما "أعز الناس" التى لحنها بليغ حمدى، فعلى الرغم من أنها لم تغن فى حفلة ولم تظهر فى فيلم سينمائى إلا أنها حققت شهرة ونجاحا كبيرين وأصبحت اسماً لكتاب مجدى العمروسى عن عبدالحليم الذى تحدث فيه عن مرسى جميل عزيز وعلاقتهما معاً قبل أن يصبح اسماً لسهرة تليفزيونية عن مرسى جميل عزيز وأخرى عن عبدالحليم. ومن الأغانى الوطنية غنى حليم لمرسى جميل عزيز "بلدى يا بلدى" فى الحفل السنوى لأعياد الثورة وهي الحفلة الشهيرة التي قامت فيها أم كلثوم بتقديم أغنية وطنية ثم أعقبتها ولأول مرة لها فى أعياد الثورة بأغنية عاطفية طويلة مما جعل عبدالحليم يصعد المسرح متأخراً وقال دعابته الساخرة التى أغضبت أم كلثوم. وفى فصل من كتاب لمصطفى أمين بعنوان "أهو ده مرسى" أوضح كيف كان يتم العمل بينه و"حليم" وذكر أنه عندما كان مرسى جميل عزيز يكتب فى منزله بالزقازيق أو الإسكندرية ويرن جرس ا لتليفون فى بيت عبدالحليم بصوت "الترنك" كان يسرع إليه قائلاً: "أهو ده مرسى" وعندما كان يسأله: "فاضل أد إيه؟ يرد عليه: ربنا يسهل ياعبدالحليم". ومهما حاول عبدالحليم إعادة السؤال كان رد مرسى جميل عزيز عليه لا يتغير. وفى آخر حفلة للعندليب بالإسكندرية بمسرح محمد عبدالوهاب الصيفى أصر عبدالحليم أن يدعو فارس الأغنية وأسرته لحضور الحفل خاصة وأن منزله يقع على البحر بجوار المسرح مباشرة وعلى بعد أمتار منه فوافق مجاملة منه، حيث المعروف أن مرسى جميل عزيز لا يحضر الحفلات الغنائية بما فيها حفلات أم كلثوم التي تقدم فيها أغانيه وعند صعود عبدالحليم المسرح وجه تحية كبيرة لجميل ولأسرته وغنى "فى يوم فى شهر فى سنة" وليلتها ولدت كلمات أغنية "من غير ليه" التي كان مقرراً أن يغنيها "حليم" فى حفلة الربيع أوائل أبريل 1977 وكان وقع الصدمة كبيراً على مرسى جميل عزيز عندما جاءه خبر وفاة عبدالحليم فى لندن وحباً لذكرى صديق عمره وافق لأول مرة على إجراء حوار تليفزيونى حيث كان يكره الأضواء وحكى قصة أول لقاء بينهما وألقى بصوته متأثراً كلمات "من غير ليه" وذكر أن صوت عبدالحليم يشبه نعومة القطة السيامى التى تجلس على حجرك، وبعد رحيل العندليب رفض مرسى جميل عزيز أن يغني أحد "من غير ليه" حتى غناها الموسيقار محمد عبدالوهاب.