أعجبتنى «أم على» كثيراً، ولا تسىء الظن أيها «القارئ الخبيث»، فأنا أقصد الحلوى وعندما غازلتنى بطعمها منذ سنوات، تساءلت فى نفسى ولماذا هذه بالذات يطلقون عليها «أم على»؟! فهل بلغت من الجمال فصارت رقيقة كرقائق الخبز المصنوعة منها؟! ولم أكن وقتها بدأت هوايتى عن «البحث فى المشهور قوله المجهول أصله» وتذوقت طعمها وذبت عشقًا فى رقائقها ولبنها ولم أهتم، وأثناء إعدادى للماجستير فى الكاريكاتير مر على أصل «أم على» أثناء تحليل الصحف، وعلمت أنها كانت فى العصر المملوكى، لكن لم أدون أصلها وفصلها، ظنًا منى أن الذاكرة ستسعفنى وقتما أحتاجها، ثم نسيتها ولا عجب فى ذلك، فإن أول الناس «آدم عليه السلام»، وظللت سنوات تائهاً ومجنوناً، باحثاً عن أصلها، وكأن عشيقًا يبحث عن معشوقته، ولم يخطر ببالى أن أبحث فى جوارب الشيخ «جوجل» إلى أن صادفتنى «أم على» بأصلها وفصلها فى مكتب «وحدة البحث ورصد الدوريات بمركز اللغات بالدراسة» و«رب صدفة خير من ألف معاد»، فعادة مايكرمنى أهل المكتب «أحمد عبدالمغيث، وأحمد حميدو، ومحمد خالد، ومحمد فوزى، ومحيى الدين لاشين » ويغدقون علي أطايب المشروبات – طيب الله أوقاتهم بكل خير- ونظرت إلى مكتبة صغيرة بالمكتب؛ فإذا بها كتب من مجمع اللغة العربية فأخذت منهم كتابًا لأتصفحه «مصطلحات فى ألفاظ الحضارة، الأطعمة والأشربة والملابس» أعدته لجنة ألفاظ الحضارة فى 2017م، فإذ بى أجد ضالتى تسكن الصفحة السابعة، وحينها لمعت عيناى وكأنها وقعت على جوهرة ثمينة، فنظرت إلى «محمد فوزى وأحمد حميدو» ولسان حالى يقول: أتختلون «بأم علي» وأنا أبحث عنها منذ سنوات، ألا تخافون الفتنة، عرفت أن معشوقتى «أم على» كانت من الأطعمة المشهورة فى العصر المملوكى، ويرجع اسمها إلى السيدة «أم على» أرملة «عزالدين أيبك»؛ فقد أمرت الطهاة بخلط رقائق الخبز مع اللبن والعسل، وقامت بتوزيعه على الناس ابتهاجاً بأخذ الثأر لزوجها؛ بعد مقتل ضرتها «شجرة الدر» بالقباقيب الخشبية، وتنصيب ابنها «على عزالدين» ملكاً على مصر؛ فكان ذلك سببًا فى إطلاق اسمها على هذا النوع من الحلوى التى صارت من أحب الأطباق إلى المصريين، وتنزهت بعدها فصارت «أم على بالقشطة» و«أم على بالمسكرات»، فشكراً لمجمع اللغة العربية، وشكراً لوحدة البحث؛ لتحفظكم على «أم على» وكفانا الله شر الضرائر، فكيدهن عظيم.