على إحدى صفحات "إجابات جوجل" سأل أحد الأشخاص: "كيف يتحول أذكي طفل في العالم إلي غبي فجأة؟"، رد عليه أحدهم قائلا: "الطفل المصري أذكي طفل في العالم حتي عمر السادسة.. أما بعد ذلك فهو يدخل المدرسة، فقبول الابتدائى يبدأ من ست سنوات، وهنا يبدأ في دراسة المناهج التي تجعل منه متخلفا أو في أحسن تقدير إنسانا يحفظ ليدخل الإمتحان ويخرج منه ناسيا ما كتبه فهو حفظ ولم يتعلم". ويرد آخر: "السبب في أسلوب التعليم المعتمد على التلقين والحفظ مش التفكير والإبداع والبحث والتعلم". ويرد ثالث: "لأنه بعد كده بيشوف غلب ما بيشوفوش أي طفل تانى في العالم فبينشغل بيه"... ولأن هذه المقولة يؤكدها بروز المواهب المصرية في الخارج في كافة المجالات يكون السؤال: لماذا لا يلمع نجم المصريين إلا بعيدا عن أرض الوطن؟ وهل من طريقة للحفاظ على مستويات ذكاء أبنائنا ومواهبهم كما كانت قبل سن السادسة؟ لا تراجع ولا استسلام تقول نيفين عبد الله ،مديرة مركز أجيال للاستشارات والتدريب الأسري، تعليقا على فكرة تراجع الذكاء: إن القدرات العقلية لا تتراجع إلا بسبب إصابات مخية؛ أو اضطرابات نفسية مثلا؛ أو تدهور وظيفة عقلية معينة أو ما شابه؛ ولكن فكرة أن يتراجع مستوى الذكاء فهو ما أكدت أنها لا تعلم دعما علميا له. ولكن ما تعترف به أن القدرات العقلية تتحدد بأكثر من شرط، الأول وراثي وهو القدر الضئيل المحدد للقدرات والاستعدادات الأعلى لدى الطفل؛ والشرط الثاني هو شرط الثقافة التي يعيش الطفل في ظلها، ففي الجاهلية تبرز كثير من المواهب في الشعر واللغة؛ بينما في باريس يبرز الفنانون لأن الثقافة تعبر عن اهتمامات المكان الذي نعيش فيه. أما الشرط الثالث والمحدد الأهم لذكاء أولادنا كما تذكره المستشارة الأسرية فهو البيئة أو "الإثراء"؛ بمعنى الفرص المتاحة لنمو ذكائهم المختلف عبر الممارسة والأنشطة. وتضيف عبدالله: أنه من الهام جدا أن نعرض لأهمية الصحة النفسية للطفل كواحدة ضمن منظومة بناء قدراته العقلية؛ حيث أن المخ كائن وجداني يحجمه التوتر ويدفعه إلى أقصى طاقته الشعور بالأمن والأمان. وتنصح بتعريض الأبناء لكل ما يثير حواسهم وفضولهم واهتمامهم وينمي قدراتهم المتعددة كالرياضة؛ الحركة؛ الفنون بكل أطيافها وأنواعها؛ الخياطة وأشغال الإبرة؛ نوادي العلوم؛ الطهي؛ الخروج للخلاء والتخييم؛ الأنشطة الكشفية؛ الألعاب الجماعية؛ الشطرنج ، وألا يدع الآباء فرصة يتعلم الإبن خلالها شيئا جديدا سواء كان يجيده فتعزز قدرته؛ أو لا يجيده فيجربه ويخلق مسارا جديدا لنمو وصلات مخه. وتلفت نيفين أننا يجب أن نهتم بالتربية في كافة مؤسسات الدولة: النادي، الكشافة، الإعلام ؛ الأسرة؛ المراكز الثقافية، إضافة لاهتمامنا بالتعليم داخل المدارس ويكون ذلك بتطوير طرق التدريس، وطريقة الامتحانات، وإعداد معلم يمكنه أن يمارس طرق التدريس الصحيحة، وأن يمارس دورا تشجيعيا مع طلابه.. وأن نفسح المجالات لممارسة أنشطة حقيقية في المدرسة وليس أنشطة ديكور وإمضاء ودمتم. وعن ضعف الإمكانيات تؤكد نيفين أن مأساتنا الحقيقية تكمن في جودة البشر، وأن نوعية المربين تحتاج لتغيير جذري وأن الأفراد يمكنهم عمل الكثير ومؤسسات العمل المدني في مجال التعليم والتربية أصبحت ضرورة وحتمية لا يجوز إنكارها أو إقصاؤها. قبل الخامسة وعلى النقيض من الرأي السابق تؤكد د.داليا الشيمي ،مديرة مركز عين على بكرة للاستشارات النفسية والاجتماعية، أن الطفل المصري كان أذكى طفل في العالم قبل سن 6 سنوات، ولكنه تم إعلامنا منذ فترة أن هذا السن تم تعديله ليصبح الطفل المصري أذكى طفل في العالم قبل سن خمس سنوات فقط. وذلك من قبل الجهة التي تقوم بمثل هذه الدراسات المقارنة على مستوى العالم كله. وتحمل الشيمي مسئولية تراجع ذكاء الطفل المصري للمناهج التعليمية التي وصفتها بالغريبة والتي يتم تدريسها لأبنائنا في المدارس، وكذلك لطريقة التعليم ذاتها التي تعتمد على التلقين والحفظ وليس الابداع واستخراج ما لدى الطفل ليتم العمل عليه واستغلاله أحسن استغلال. روشتة للذكاء ولكي نحافظ على مستويات ذكاء أبنائنا تنصح الشيمي بعدد من الأمور منها: - توفير التربة الخصبة اللازمة لتعريف الطفل بشتى أمور الحياة، وبالتالي تكون هناك فرصة تتاح له كي يكتشف كل شىء. - إعداد المدارس التي لا تعتمد على أسلوب التلقين والتلقي، ولكن تعمل على اكتشاف مواهب الطفل وقدراته المختلفة، ومن ثم العمل عليها وتحفيزها وتنميتها وتوجيهها التوجيه الأمثل نحو المجال الذي يستثمر طاقات الطفل ومواهبه بأفضل طريقة. - تأهيل "المدرسين" ليتعرفوا على الأنماط المعرفية المختلفة، وتعريفهم أن "صح وخطأ" طريقة غير صائبة للتقييم.. بل هناك طريقة لإعمال العقل ليعرف الطفل " لماذا هذا صح ولماذا هذا خطأ؟"، ولماذا استنتجنا هذه النتيجة بالذات. - تقديم وسائل الإعلام ما يتلاءم مع الأطفال وما يحتاجونه بالفعل في كل مرحلة، وما يشكل وعي وإدراك الأبناء بما يتيح تنمية قدراتهم ومهاراتهم بأي شكل وبكل شكل، وعدم التركيز على العنف وعنصري الخير والشر بما لا يدع مجالا لخيار ثالث بينهما، وهو خطأ كبير ينشأ عليه أبناؤنا. موهوب في بيتي وعن دور الأسرة في اكتشاف موهبة الطفل التي تتشكل في مرحلة مبكرة وكيفية تنميتها، ينبه عمرو عكاشة ،فنان الكاريكاتير واستشاري التربية الفنية، الآباء والأمهات إلى أن السنوات الأولى من عمر الطفل هى الفترة الهامة التى تؤسس فيها أشياء كثيرة من ضمنها شخصيته.. لذلك ينبغى على الأهل أن ينتبهوا جيدا لطفلهم في هذه المرحلة.. وأنه فى نهاية السنة الأولى يظهر على بعض الأطفال اهتمام بسيط بأشياء قد لا ينتبه لها الآباء.. فنجد أحد الأطفال يتأثر بالموسيقى دونا عن غيره.. ونجد طفلا آخر يتجه للأقلام ويحاول الرسم.. بينما نجد آخرين يحبون فك وتركيب ألعابهم.. وهنا يأتى أهمية الدور الذي يلعبه الأب والأم في ملاحظة بداية اهتمامات أطفالهم. ويقدم عكاشة نصائح متعلقة بكل مرحلة قائلا: - - بعد اكتشاف موهبة الطفل وعندما يدخل مرحلة الحضانة على الآباء أن ينتبهوا جيدا لملحوظات المشرفات عن طبيعة الطفل، فالطفل الاجتماعى بطبعه يمكن الاهتمام به بشكل مختلف عن الطفل الانطوائى الذى يتجه للرسم ويفرغ فيه انفعالاته، أما الاجتماعى فيمكن مع العناية به أن يصبح شخصا قياديا لمجموعة عمل.. وبالطبع يمكن أن يؤدى ذلك إلى تنشئة قائد سياسى ناجح، ولن يتم ذلك إلا من خلال التعاون المثمر بين المدرسة والمنزل. - - - لكل مرحلة عمرية مجموعة من السمات تظهر من خلال الرسم فالخصائص التى تميز المرحلة من 5سنوات الى 7سنوات...تختلف عن المرحلة من 7 الى 9 سنوات والتى تختلف عن المرحلة من 9الى 11 سنة...وهنا يأتى دور مدرس التربية الفنية الذى ينبغى أن يقوم بدور مكتشف المواهب، والمحلل النفسى الذى يستطيع من خلال تحليل رسوم الأطفال معرفة الطفل الذكى من الطفل المتأخر عقليا. وهو الدور المفقود الآن حيث يتم تدريس الرسم كمادة فقط، فى حين أن التربية الفنية تربى الحس الفنى وتكتشف مواهبهم لأنه ليس من المعقول أن يصبح جميع الأطفال رسامين. - - - بعد أن يكتشف الأهل موهبة طفلهم ينبغى عليهم ألا يتركوا كل شىء للظروف، بل لابد من تنمية الموهبة عن طريق المتخصصين.. فإذا كانت الموهبة موسيقية عليهم إلحاق الطفل بدورات متخصصة فى قصر الثقافة القريب من المنزل...أو إلحاقه بدورات كلية التربية الموسيقية التي تلائم سنه، ونفس هذا الكلام ينطبق على الطفل الموهوب فى الشعر. - - - الاهتمام بإلحاق الأطفال بالمسابقات وتعريضهم للتنافس لأن ذلك يؤدى إلى تفجر طاقة الإبداع لديهم خاصة إذا حصل الطفل على شهادة تقدير فهى بمثابة حافز يدفعه الى المزيد من التقدم. - - - من المهم أن يدرك الآباء أن الطفل الموهوب فى الرسم ليس من الضرورى أن يصبح فنانا.. بل إن الطالب الذى يدخل كلية الطب وهو يحمل هذه الموهبة من الممكن أن يكون جراحا ماهرا من خلال رصده للتفاصيل التى تعلمه من خلال الرسم.. ونفس الكلام ينعكس على طالب الهندسة الذى يمكن أن يقدم تصميمات ثورية بناء على خلفيته الفنية. - - 8- وفى النهاية.. بنبغى على جميع الآباء أن يعلموا أنه ليس فقط التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر، بل إن صقل الموهبة فى الصغر يمكن أن تغير مسار أبنائهم كليا فى الكبر وتجعلهم ناجحين دوما فى حياتهم.