بين قسوة البحر وفقره وبين سطوة الحكومة يتحدى صناع الشباك أنفسهم محاربين طواحين الهواء من أجل البقاء والعيش، راضين بأقل القليل من المكاسب التي يدفعها الصياد البسيط العائد من البحر محملا بالهموم ومنهكا من التعب ..أحلام بسيطة وأمال محدودة. قد لا تتعدى المكاسب اليومية عن 10 جنيهات لهؤلاء في اليوم بعد ساعات تتجاوز العسر من العمل المتواصل والحرفية ولكنهم على رضا تام بما قسمه الله . ولديهم قناعة ان الصياد يحتاج للترفق به وبحالة وأنه أحوج للوقوف بجانبه في أوقات منع الصيد . من داخل محل صغير لا تتعدى مساحتة 20 مترا بعزبة الصيادين المعروفة بعزبة البهتيني بالاسماعيلية نثر الحاج مجدي الصاوي شعر غزله وبسهولة وخفة نسج من الشعر الأبيض قطع من الشباك اثقلها بقطع صغيرة من الرصاص وبصوت هادئ قال "نفسي حال البلد يتصلح ونفسي الاستقرار والأمن يعم في البلاد ده كل اللي اتمناه ". لم يتجاهل الحاج الصاوي الحديث معنا ولكنه ظل طوال حديثه منتبها لعمله ولغرز الشباك التي ينسجها وهو يتحدث عن عمله في السابق كصياد وإصابته التي اقعدته عن نزول البحر وممارسة الصيد مما اضطره للعمل في حرفة غزل الشباك والتي كان قد تعلمها من والده منذ اكثر من 30 عاما مضت . ويقول الصاوي " لا توجد لدينا تسعيرة في العمل .فحالة الصياد هي المحددة لما يمكن أن يدفعه مقابل صناعة أو تصليح شباكه .فنحن على علم بحال الصياد .وأن رزقه على باب الله وعادة ما يدفعه الصياد نقبله دون نقاش فرزقنا ورزقهم على الله " . وتلتقط أطراف الحديث " رضا البدوي " 46 سنة قائلة " تستغرق صناعة الشبكة الواحدة نحو 30 ساعة من العمل وقد يتم انتهاء العمل منها في فترة تتراوح من 3 إلى 5 أيام والمكسب يصل لنحو 60 جنيها وهو مكسب قليل أمام حجم المتاعب والإرهاق الذي يعاني منه لكنه رزق من الله ونحن لا يمكننا أن نرفع من سعر تكلفة صناعة الشباك فنحن أدرى بحال الصياد وبوضع البحر وقلة السمك ". وتطالب رضا من الحكومة أن تسمح للصيادين بالعمل وتوقف أية أحكام بالغرامان والسجن عليهم بتهمة الصيد ليلا. وتساءلت " كيف للصياد البسيط أن يسعى على رزقه والحكومة تمنعه من الصيد في قناة السويس وتجرم النزول للبحر في الليل وفي نفس الوقت البحيرة ملوثة ومليئة بالصرف الصحي " وتقول أم هاشم فكري 50 سنة وتعمل في غزل الشباك "تعلمت غزل الشباك منذ كنت طفلة صغيرة في منزل والدي الذي كان يعمل صيادا على مراكب الصيد بالمطرية وعقب زواجي اضطررت للعمل في غزل واصلاح الشباك مع مرض زوجي الذي يعاني من انزلاق غضروفي نتيجة حادث تعرض له أثناء الصيد منذ عدة سنوات "وتضيف " المكاسب اليومية قد تتراوح ما بين 5 الى 15 جنيها على حسب طلب الصيادين. فالمكسب في الشتاء يقل حيث يخف نزول البحر عنه في الصيف ". وتقول " أنا أستطيع غزل جميع أنواع الشباك والصنار وصيادين العزبة دائما ما يلجئون الي لاصلاح شباكهم أو غزلها وعادة ما يقوم الصياد بشراء احتياجاته وتزويدني بها حتى أقوم على غزلها وتواصل أنواع الشباك تختلف فهناك شباك الهبله وهناك غزل العايم والسهلية "وهناك أعمال أخرى اقوم بها مثل أعمال التصفية "التصفيف". وتضيف " شاركت في الاستفتاء على الدستور وصوتت بالرفض على الدستور لأنني علمت أن الدستور لم يذكر الصيادين وحقوقهم مما جعلني وزوجي وعدد كبير من الصيادين نصوت بالرفض".وتقول " لا أطالب الحكومة والرئيس محمد مرسي بشيء سوى أن يسمحوا للصيادين بالعمل والصيد في بحيرة التمساح والبحيرات المرة وقناة السويس دون التوقف لدواعي أمنية كما يتردد بالإضافة لوقف فرض الغرامات الباهظة والحكم بالسجن والمحاكمة العسكرية للصيادين بتهمة الصيد في ساعات الليل ". وقالت " نحن أسر الصيادين نعاني أشد المعاناة من فرض عقوبات مالية وأحكام بالسجن ومساءلة أمام القضاء العسكري ونتعرض لظلم فادح ولا حول لنا ولا قوة أمام ما يتعرض له الصياد ".