الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    وظائف معلم مساعد 2024.. تعرف على الكليات ورابط التقديم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: تصنيف «فيتش» بشأن مصر له دور في تدفق الاستثمار    سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 6 مايو 2024    د.حماد عبدالله يكتب: "الإقتصاد الجزئى " هو سبيلنا للتنمية المستدامة !!    استقرار سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 6 مايو 2024    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    جيش الاحتلال يفرض حظرا للتجوال في مخيم نور شمس بطولكرم    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    إعلان بانجول.. تونس تتحفظ على ما جاء في وثائق مؤتمر قمة التعاون الإسلامي بشأن القضية الفلسطينية    تشكيل غير مناسب.. فاروق جعفر يكشف سبب خسارة الزمالك أمام سموحة    هل استحق الزمالك ركلة جزاء أمام سموحة؟.. جهاد جريشة يجيب    خالد مرتجي يكشف أسباب غيابه عن مراسم تتويج فريق الزمالك للكرة الطائرة    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    أمير عزمي: خسارة الزمالك أمام سموحة تصيب اللاعبين بالإحباط.. وجوميز السبب    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    طقس شم النسيم.. تحسن حالة الجو اليوم الاثنين    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    تصل ل9 أيام متواصلة.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر للقطاعين العام والخاص    بالأسماء.. إصابة 12 من عمال اليومية في انقلاب سيارة ب الجيزة    أنغام تتألق في حفل بأوبرا دبي وسط حضور كامل العدد من مختلف الجنسيات    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حمادة هلال يكشف حقيقة تقديم جزء خامس من مسلسل المداح    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    "وفيها إيه يعني".. فيلم جديد يجمع غادة عادل وماجد الكدواني    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    إنفوجراف.. نصائح مهمة من نقابة الأطباء البيطريين عند شراء وتناول الفسيخ والرنجة    أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منها    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    الباشا.. صابر الرباعي يطرح برومو أغنيته الجديدة    ردا على إطلاق صواريخ.. قصف إسرائيلي ضد 3 مواقع بريف درعا السوري    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    مصرع وإصابة 6 في حادث انقلاب تروسيكل بمطروح    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    مصر في 24 ساعة|اعرف طقس شم النسيم وتعليق جديد من الصحة عن لقاح أسترازينيكا    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    3 قتلى و15 مصابًا جراء ضربات روسية في أوكرانيا    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعي فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صيادون يعشقون الحياة رغم قسوتها ويرفعون شعار «الرزق على الله»

يرفعون شعار «الصبر أقوى حيلة لمواجهة ومحايلة الرزق والأيام».. فوق مياه «الملاحة» يعيشون، ويغزلون من ذكرياتهم وآمالهم «شموس» أيامهم و«شباك» صيدهم أيضا.. تحت شمس الصيف الساخنة و«الحارقة»، وبرودة ولسعة الشتاء «القارصة» يلتمسون الدفء فوق «المياه الباردة» ورزقهم اليومى من «الأسماك»، يصلون لله «حبا» وخشوعا، ويدعونه طمعا فى «رضائه» و«كرمه» و«ستره»، ويده «الحانية» «العليا». يحايلون «الرزق» و«الأيام» ب«الصبر»، والأسماك والمياه ب«الغناء» والابتسامة التى لا تفارق وجوههم، التى شكلتها ونحتتها «الحياة» وقسوتها عليهم، ومع ذلك «يعشقونها».. ويسجدون ل«لله» شاكرين مع فجر كل يوم جديد وغروبه أيضا بصدق وبفرحة طفل صغير محتضنا ملابس العيد، لكن مع اختلاف مشهد فرحتهم، باحتضان شباك صيدهم ب«الأسماك»، كما رصدته وعاشته «إسكندرية اليوم»، خلال يوم كامل عاشته معهم.
«الملاحة».. بحيرة تحكمها الأعراف والتقاليد الصارمة
قال فوزى الجهينى، صياد، عرف نفسه ل«إسكندرية اليوم» وسط مياه الملاحات، بأنه كبير خبراء هيئة تحكيم القطن سابقا: «بحيرة مريوط عبارة عن عدة أحواض للصيد، مساحتها تبلغ نحو 16 ألف فدان، والحوض الحالى الذى نحن فيه يسمى الحوض 306 جنوب كارفور، ويعمل به نحو 3 آلاف صياد وأسرهم، وبجواره حوض الألف فدان من الجهة الغربية، ويسمى حوض أبوعزام، بعدها حوض 6 الآلاف فدان وهو الأكبر مساحة للأحواض السمكية».
وأضاف: «المزرعة السمكية الطبيعية، هى المغذية لجميع أحواض البحيرة، ويطلق عليها اسم (فرقة الجراية)، ويمتد من حديقة محرم بك غرب منطقة كارفور إلى نهاية ترعة النوبارية جنوب المتراس، ومساحته حوالى ألفى فدان ويقع غرب ترعة النوبارية بجوار مصرف العموم وطلمبات المكس»، مشيرا إلى أن هناك حوضاً آخر وهو حوض «الغربية» وتبلغ مساحته نحو 7 آلاف فدان، ويقع طريق جنوب إسكندرية الصحراوى عند كوبرى أبوالخير ومرغم، وهذه ليست المساحة الإجمالية لبحيرة مريوط أو «الملاحات» كما يطلق عليها أبناء «الثغر» ولكنها المساحة الباقية بعد الاستقطاعات التى تمت بها على التوالى منذ عدة سنوات، شملت استقطاع وردم أجزاء كبيرة منها، فمن الجنوب شركات البترول، من الغرب تعديات من شركات خاصة ورجال أعمال، من الشرق «تجفيف» مساحات واسعة منها وتخصيصها مزرعة سمكية للمحافظة، وهو المشروع الذى فشلت جدواه فيما بعد ويسمى الآن الحديقة الدولية وتبلغ مساحتها حوالى 36 فداناً، ومن الشمال استقطع منها مساحات شاسعة منذ ستينيات القرن الماضى، مثل منطقة المنشية الجديدة شمال طريق القبارى السريع، هى جزء أساسى من بحيرة مريوط، بالإضافة لمرور البحيرة بمراحل متعددة من التجفيف لصالح وزارة الزراعة منها مناطق أبيس الأولى والثانية والرابعة والثامنة وامتداد باب العبيد، بالإضافة للتعديات المستمرة على جميع المسطح المائى الذى كانت مساحته فى الماضى تتعدى 70 ألف فدان، ويتناقص الآن بطريقة مفزعة بسبب التعديات المستمرة وتخصيص أراض واسعة منها، لعدد من رجال الأعمال والمستثمرين مما أصابنا بأشد الضرر».
وعن المشاكل قال محمد أبوالوفا حسين، صياد: «الحكومات المتعاقبة فشلت فى حل جميع مشاكل البحيرة، مثل على سبيل المثال وليس الحصر، التلوث الصناعى الناتج عن الصرف الصحى ومخلفات المصانع، الناتجة عن تعديات المستثمرين ورجال الأعمال فى وضح النهار، بالإضافة لعدم التطوير منذ نصف قرن، وإزالة الحشائش والملوثات وعدم شق المصارف وتطهيرها، وتزويدها بسمك «الزريعة» خلال المواسم المتعددة، مما أدى لانفصال كل حوض على حدة، حتى أصبحت البحيرة أماكن مغلقة، وكل مجموعة من الصيادين متواجدون فى حوض معين، لايستطيعون الخروج منه إلا فى حدود مجموعات صغيرة بسبب ضيق المسطح المائى على مستوى البحيرة، وانخفاضها من نحو 70 ألف فدان وانخفاضها إلى نحو 16 فداناً مع الضعف الشديد وإنخفاضية إنتاجها من الثروة السمكية.
أضاف: المصدر الوحيد للمياه الصالحة لتنمية الثروة السمكية فى أحواض البحيرة هو مصرف العموم، الموجود على طلمبات المكس وترعة النوبارية التى تعتبر أحد مجارى مياه النيل، موضحا أن جزءاً من المسطح المائى يسمى «المنصب» وهو المساحة المخصصة للصيد لكل أسرة أو عائلة، وهو يتوارث بوضع اليد وتبلغ مساحته عادة من 5 أفدنة إلى 10 أفدنة، ولا يجوز بيعه أو التنازل عنه، وتخطر به الجهات المختصة، وبالبحيرة نحو ما يقرب من 25 «منصباً» متوارثة من الجدود إلى الأبناء منذ ما يزيد على المائة عام، ويختلف الصيد فى «المنصب» عن الصيد الحر «المترجل»، الذى لا يملك فيه الصياد عادة سوى مركبه وشباكه، وله حرية الحركة والصيد فى جميع الأحواض مقابل ما يعرف بنظام «المشاركة» فى إنتاج صيده لأصحاب «المنصب»، حسب العرف السائد فى البحيرة والمتوارث بين الصيادين عن آبائهم وأجدادهم.
وكشف عن أن البحيرة لها «جمعية الصيادين» عمرها نحو 100 عام، ولا تقدم أى خدمات للصيادين وتتبع الاتحاد التعاونى التابع لوزارة الزراعة، وبها لجنة نقابية وأعضاء مجلس إدارة للصيادين، وهى حاليا متوقفة عن ممارسة أداء أعمالها بسبب عدم اكتمال النصاب القانونى لها بسبب وفاة ثلاثة من أعضائها.
أضاف «حسين»: المصرف الرئيسى للتلوث فى الملاحات أو «البحيرة» هو مصرف «القلعة» الذى يصب فيه الصرف الصناعى من شرق المحافظة، لأكثر من خمسمائة مصنع وشركة، وبالتعاون بين جمعية الصيادين ونقابتهم وبالجهود الذاتية خلال الفترة الماضية، تم تحويل المياه الملوثة به إلى مصرف دائرى مستقل، يأخذ هذه المياه ويصرفها فى نهاية مصرف العموم من جهة المتراس بعيدا عن البحيرة، وظهرت بشائر نتائجه فى الإنتاج السمكى فى المسطح المائى لحوض 6 آلاف فدان، الذى يعتبر الحوض الرئيسى والمغذى الأول والأخير للبحيرة بعد فترة «احتضار» لمدة أكثر من 30 سنة.
وطالب باستكمال إتمام المصرف، وتدعيمه وتطهير باقى المسطح المائى من جميع الحشائش وهذا نداء عاجل للجهات المسؤولة حيث يعيش من خير هذه البحيرة أكثر من 30 ألف صياد وأسرهم، من جميع أنحاء المحافظة، ومن محافظات أخرى مثل سوهاج، قنا، دمياط والدقهلية ومحافظات أخرى- حسب قوله.
رمضان».. حكاية يومية تبدأ من «الطراحة» فجراً وتنتهى ب «الزغزغة» ثم «البيع» و«الكانون»
عند الفجر يستيقظ رمضان محمد إبراهيم (51 سنة) والذى يعمل «صيادا» فى «الملاحات» كما يطلق عليها أبناء المحافظة، يصلى لله حبا وخشوعا.. ويدعوه طمعا فى الرزق.. وفى هدوء وسكينة وصفاء السماء.
يتناول بعدها إفطاره من يد زوجته، ويغادر منزله البسيط فى منطقة المتراس بحى «الورديان» متوجها إلى عمله وعالمه، مواجها برودة الجو ب«ابتسامة» بسيطة لاتفارق وجهه، ملتمسا «الدفء» فى «رزقه» من أسماك البحيرة، و«يد الله» التى يلتمس «حنانها» و«كرمها» عليه.
فى السابعة صباحا، يصل إلى منطقة «الملاحات» بالقرب من كوبرى محرم بك ومنطقة أرض «كارفور»، وعلى أحد جانبى الطريق فى مكان محدد، يستقل مركباً صغيراً قابعاً فى المياه، وتحجبه عن الأنظار بعض الحشائش، ويطلق عليه بلغة الصيادين «فلوكة» لا يتجاوز عرضها 45 سنتيمتراً، وطولها نحو 5 أمتار، وهى وسيلة رزقه وانتقاله أيضا داخل البحيرة من «عشته» هو وأشقاؤه وعائلته من وإلى البر، مستعينا فى التحكم فى حركة «الفلوكة» ب«عصا» طويلة يتجاوز طوله نحو 6 أمتار من خشب الزان الهندى تسمى «مدراية».
مسافة تتجاوز نحو 500 متر، من البر إلى وسط مياه الملاحات حيث تقع «العشة» التى بها أدوات ومعدات الصيد المتعددة والمتنوعة، يقطعها «عم رمضان»، فى حوالى 5 دقائق، وعندما يصل ل«عشته» يقابله شقيقه «حمودة» الذى سبقه فى الوصول، والبالغ من العمر 37 عاما والذى يعمل فى نفس المهنة، صانعا «برادا» من الشاى «الثقيل»، يتناولان منه عدة أكواب، قبل أن يقوما باستبدال ملابسهما، والتأكد من وجود رخصة وتصريح «الصيد» معهما وكذلك ترخيص «الفلوكة» تحسبا لوجود شرطة المسطحات المائية، وتحضير ال«طراحة» وهى أحد أنواع شباك الصيد المليئة ب«الفلين والرصاص» ويقومان وهما فى «الفلوكة» بإلقائها فى المياه لصيد السمك القريب من السطح.
بعدها يقومان بجولة داخل مياه «الملاحة» فى حدود المنطقة المسموح لعائلتهما الصيد فيها، ومعهما نوع آخر من الشباك أشبه بالصندوق المستطيل تسمى «الجوبيا» تسمح فقط بدخول الأسماك داخلها ولا تسمح بخروجها أو هروبها، يقومان بوضع عدد كبير منها بالقرب من الحشائش الكثيفة، بهدف صيد الأسماك الموجودة بها.
نحو3 ساعات وهما يقومان بعملهما المعتاد لهما منذ عشرات السنين واللذين توارثاه أبا عن جد، يصاحبهما غناءهما الأشبه ب«محايلة الرزق» و«الابتهالات الدينية»، وكلها أغانى ل«البحر» منها أغنية تقول: «رزقنا الرزق عالله، بحرنا والرازق الله، يارب ارزقنا وما تغلبنا ورجعنا وأجبرنا .. ومن خيرك ما تحرمنا»، وغيرها من الأغنيات عن عالمهما «عالم المياه».
بعدها بدأت جولة أخرى من العمل، وتسمى «العس» أو «العسعسة» وأيضا «الزغزغة»، وفيها تولى عم رمضان قيادة «الفلوكة» وقام أكثر من مرة بضرب قاع المياه ب«المدراية» بهدف «تطفيش» الأسماك من القاع وهروبها داخل الشباك.
قرب الثانية عشرة ظهرا كانت الجولة الثانية من عملهما والأشبه بعملية «الحصاد»، حيث قام «رمضان» باستقلال «الفلوكة» مع شقيقه، وقام فيها بجمع «شباك الصيد» التى قاما بإلقائها فى المياه فى الصباح الباكر، واستخراج «الجوبيات» والأسماك الموجودة بداخلها من بين الحشائش، والعودة بالأسماك إلى «العشة» للخروج لبيعها فى السوق، بنفس طريقة الوصول للبر عبر «الفلوكة» الخشبية.
بمجرد الوصول للبر، شعر عم رمضان، بالسعادة حيث استوقفه أحد قائدى السيارات الملاكى، والذى كان بصحبة أسرته وعرض عليه شراء كل ما لديه من أسماك بلطى وبورى البالغ وزنها نحو 7 كيلو جرامات، بمبلغ اقترب من 50 جنيها ارتضى بها الطرفان.
بعدها عاد عم رمضان إلى عشته مرة أخرى مقتسما المبلغ مع شقيقه، ووزع الباقى على من معهما، وقرب الساعة الثالثة عصرا وبعد أن أنهكهما تعب اليوم وشقاؤه، قاما بإعداد طعام الغداء من السمك أيضا، عبر ما يعرف ب«الكانون» مستخدمين بعض الأخشاب والأعشاب، ليلتف الجميع البالغ عددهم 4 أفراد حول وجبة السمك الطازجة.
عقب الغداء والراحة كانت حكايتهم وذكرياتهم أيضا، فى رحلتهم اليومية داخل «عالم المياه»، بحثا عن الرزق، التى غلب على حديثهم خلالها الشكوى من قلة المكسب وغلاء المعيشة والأسعار، وعدم اهتمام الدولة بالبحيرة وأحوالهم، الأمر الذى جعل بعض الصيادين «الدخلاء» على «الملاحة» يقومون فى غفلة من الصيادين الأصليين، بمخالفة «عرف وآداب الصيد» باتباع وسائل غير مشروعة ومجرمة قانونا، مثل الصيد بالمبيدات الحشرية والشباك الضيقة التى تقوم بتدمير الثروة السمكية باصطياد سمك الزريعة، بالإضافة لمعاشهم الذى لا يتعدى 80 جنيها لمن وصل سن 65 عاما، والذى لم تطرأ عليه أى زيادة منذ ما يقرب من ربع قرن- حسب قولهم.
قرب الخامسة مساء استقل عم رمضان «الفلوكة» مرة أخرى وقام بجولة لم تستغرق النصف ساعة، استخرج خلالها باقى «الجوابى» الموجودة بين الحشائش، وعاد بما تحويه من أسماك، قبل أن يترك «الجوابى» فى مكانها لليوم التالى.
«فلوكة» و«جوبية» و«شانشولة» و«قطة».. أشهر أدوات الصيد
كما أن لكل مهنة أدواتها، فإن لصيادى «الملاحات» أدوات تعارفوا عليها منذ بداية العمل فى الصيد، وقت أن كانت أعمارهم لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، لا بحكم التعلم ولكن بحكم الخبرة التى توارثوها عن آبائهم ومن قبلهم أجدادهم، ولعل أهم أدوات صياد البحيرة، التى لا غنى له عنها، المركب الذى يطلق عليه «الفلوكة»، وهو كما يقول حمودة محمد إبراهيم، صياد، «37 سنة»، كان يرسو بمركبه بالقرب من البحيرة «لأن الدرجة الأولى والثانية دى المراكب بتاعة البحر، مراكب كبيرة تستطيع السفر، وتحمل مئات الركاب، إنما الفلوكة حمولتها 5 أنفار بالعافية».
ويؤكد أن «الفلوكة» لا غنى عنها لصياد البحيرة فهى التى تقله للتوغل داخل البحيرة للحصول على الأسماك، وهى المناطق التى قال إن الأسماك تتواجد فيها بسبب ابتعادها عن الشاطئ الذى يتسم عادة بارتفاع نسبة الطمى به، وقيام الأهالى- بحسب قوله- بإلقاء مخلفاتهم على شاطئ البحيرة.
أضاف «حمودة»: «عندما يصل الصياد بقاربه إلى المنطقة التى سيعمل بها يتوكل على الله، ويخرج باقى عدته وهى «الغزل» وهو ثانى أدوات الصياد والتى تعتبر السمة الثانية له فقد يطلق على شخص اسم صياد بدون «فلوكة»، ولكن لا يطلق عليه هذا اللقب بدون «غزل» وهى العدة التى لها اشتراطات من حيث حجم العيون أو الثقوب بها وهى الاشتراطات التى تقوم شرطة المسطحات بمتابعتها بشكل دورى، وتحرير المخالفات للصيادين المخالفين.
وأوضح أن الشباك يعمل بها الصياد فى فترة الربيع وطول فترة الصيف وتكون المياه دافئة وينتشر السمك فى البحيرة بأكملها بخلاف الشتاء حيث تلجأ الأسماك إلى المناطق الدافئة من البحيرة وتتطلب استخدام «الجوبية» وهى عبارة عن صندوق من السلك يغطى بالشبك الضيق وبه ثقب واسع من الخارج ويضيق إلى داخل «الجوبية» حتى يسمح بدخول السمكة ولا يسمح بخروجها- حسب قوله.
وتابع: هذه الطريقة تحتاج مكاناً لتثبيت الجوبية فيها ويطلق عليه الصيادون «المنصب» الذى يتركون فيه الجوبية لعدة أيام لاصطياد الأسماك، ويقوم كل صياد بإلقاء عدد من الجوابى فى البحيرة ويقوم كل فترة ب«عس» الجوابى واستخراج ما بها من أسماك، وأكد أن الصيادين يلجأون فى فترة الشتاء، نظراً لهروب الأسماك إلى المناطق الدافئة، إلى خداع الأسماك عن طريق توفير بيئة دافئة لها وسط المياه، عن طريق إنشاء تجهيزات صناعية من البوص والحشائش وتثبيتها فى وسط البحيرة التى لا يتعدى ارتفاعها مترين ونصفاً، مضيفاً أن هذه الطريقة فى الصيد يطلق عليها الصيادون «الشناشيل» ومفردها «شانشولة»، والبعض يطلق عليها «لبشة»، ويتركونها طوال العام للعمل بها فى فترة الشتاء، وقتها تكون الأسماك كبيرة الحجم، وتحتاج إلى عدد كبير من الصيادين بحيث يقومون بإحاطة «الشانشولة» بالشباك ويقوم آخر بتثبيت الشباك فى الأرض، وتحتاج إلى عدة أيام لإخراج الأسماك منها بخلاف الطرق الأخرى التى يقوم فيها الصياد بالحصول على رزقه كل يوم.
واستطرد: «أطرف أدوات الصياد هى القطة، التى لا يستغنى عنها لتنظيف «العشة» التى أنشأها فى وسط المياه من بقايا الأطعمة وحمايتها من الفئران، نافياً أن تكون القطط الموجودة فى العشش جذبتها روائح الأسماك التى يصطادها الصيادون»، وأوضح أن الصيادين هم الذين يحضرون القطط لهذا الغرض وهو تنظيف العشش وأصبحت أداة من أدواته لا يستغنى عنها الصياد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.