الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء قال في لقائه مع رؤساء مجالس ادارات ورؤساء تحرير الصحف يوم الثلاثاء الماضي ان مصر تحتاج الي مائتين وأربعين مليار جنيه للخروج من الازمة الطاحنة التي تمر بها البلاد، ورغم ان مصر اقترضت حتي الآن منذ اندلاع الثورة مبلغ مائة وثلاثين مليار جنيه إلا أن هذا المبلغ لم يؤثر في حل الازمة.. كلام قنديل مهم وبالغ الخطورة، فالحقيقة.. ان البلاد غارقة في كم كبير من المشاكل بسبب نقص الاموال، ولدي اقتراح للخروج من هذه الورطة الشديدة التي تعاني منها الامة المصرية.. المبلغ الذي تحتاجه مصر قد يبدو لأمثالي كبيراً جداً وباهظا ويجعل المرء يحتاسا ويضرب أخماساً في أسداس فهو رقم يوحي للمصريين الفقراء من أمثالي بأنه طامة كبري ولا محيص للحكومة المصرية من أن تقدم تنازلات كثيرة للحصول عليه من الخارج. لكن في حقيقة من الامر هو مبلغ تافه جداً مع مصريين آخرين يشاركون الفقراء علي أرض الكنانة في هذا الوطن فهناك عدد من المصريين لا بأس به يمتلك أضعاف هذا الرقم الكبير ولا أجد غضاضة أبداً في أن أطالب هذه الفئة القليلة من المصريين التي تمتلك الاموال الضخمة التي قيل انها تعادل ميزانية دولة بأن يكون لهم باع في تسديد هذا المبلغ.. وليس لدي أدني شك في أن منهم وطنيين يحبون تراب هذا البلد بل ان منهم من يتحدث ليلاً ونهاراً عن العدالة الاجتماعية وتذويب الفوارق الشاسعة بين هؤلاء الاغنياء والفقراء ولا أعتقد أبداً ان هؤلاء من الممكن أن يبخلوا علي مصر بالمشاركة برفع هذه الاعباء الثقيلة عن كاهلها. ولا أجد أيضاً غضاضة في أن يدعو الرئيس محمد مرسي والدكتور هشام قنديل هذه الجماعة من المصريين التي ترفل في غني فاحش وتمتلك من الاموال الباهظة الكثير أن تتكاتف لتوريد هذا المبلغ الذي تحتاجه مصر عملاً بأبسط الحقوق الانسانية فالأم التي تحتاج من ابنها أن يرعاها ويبخل عليها أقل وصف نطلقه عليه بأنه جاحد ولا أظن أبداً أن أغنياء مصر الذين يمتلكون هذه الاموال يتمتعون بالجحود.. وحتي لا يفهمني أحد خطأ اننا أطالب بالتأميم فهذا التأميم الذي اتبعته مصر في الحقبة الناصرية مرفوض جملة وتفصيلاً لانه بقدر ما كانت له فوائد فإن له عيوباً كثيرة ليس هنا مجال شرحها بالتفصيل الآن. وكل ما أطلبه وأنادي به هنا هو قيام هذه الفئة التي أفاء الله عليها بالاموال أن تشارك في رفع المعاناة عن هذا الشعب المصري المطحون الذي سيواجه كارثة محققة خلال السنوات القادمة طالما اننا نمد يدنا بالتسول من الخارج سواء كان هذا مع دول غربية أو عربية نتائج هذا التسول وخيمة جداً علي البلاد ولا يمكن أن تحقق حلم مصر في العبور الي بر الامان. مؤخراً جلست مع أحد هؤلاء الذين يمتلكون فواحش الاموال وكان لقاء عابراً وبالصدفة وعدد لي أسماء كثيرة من رجال الاعمال الوطنيين الذين لديهم القدرة الفائقة علي تسديد هذا المبلغ الذي تحتاجه مصر ولديهم ايمان راسخ وقناعة بأن يقوموا بتمويل المشروعات التي تحتاجها البلاد شرط أن يشعروا بالامان وألا تنقلب عليهم الدولة فيما يشبه عمليات التأميم وخلافه من الشعارات التي رددتها مصر في فترة من الفترات وقلت له إن الامر الآن يتطلب سرعة تدبير هذه المبالغ التي تحتاجها الدولة ولا يحتمل القيام أو الانتظار لمشروعات تدر في المستقبل قيمة هذا المبلغ وعلي كل حال فالأمران يتطلبان وعلي وجه السرعة نجدة مصر من أزمتها بتدبير المبلغ المطلوب وفتح المشروعات الجديدة التي تستوعب أعداداً من العمالة المعطلة. ولم أنس أن أقول له انه لو تم ترك الامور هكذا فإن علي الدنيا السلام وستغرق البلاد ويكون أول الغارقين فيها هم أصحاب الاموال الطائلة لانه بطبيعة الحال فإن السواد الاعظم من المصريين غارق في مشاكله وكيفية توفير لقمة العيش أما أصحاب النعيم والاموال فإن الكارثة ستحيق بهم وهذا هو الجديد وأيهما أفضل لاصحاب المليارات أن ينجدوا اخوانهم وينتشلوهم من مصائبهم أم يغرقوا معهم؟!. لو أن هؤلاء الوطنيين أصحاب الاموال قاموا بنجدة مصر التي تستغيث بهم لصنع لهم الشعب المصري تماثيل في الشوارع والميادين فالمصريون يحفظون الجميل ويقودون عمن ينقذهم بأرواحهم ودمائهم.. والاغنياء المصريون أولي برعاية بني جلدتهم من اللئام في الخارج.