كالفراشة تطير من غصن لآخر، كانت تنتقل «أميرة» 10 سنوات فى شوارع قريتها بأبورواش بكرداسة، أثناء ذهابها إلى كُتاب القرية لحفظ القرآن الكريم، برفقة أصدقائها وصديقاتها الصغار، لكنها لم تكن تعلم بأن هناك عيوناً تترصد حركاتها وتطمع فى جسدها الصغير لتطبيق مشاهد الأفلام الإباحية التى اعتاد المتهمون على السهر عليها وإدمانها. يوم الحادث الأليم خرجت «أميرة أيمن» بخطوات واثقة وملامحها الطفولية البرئية متجهة إلى كُتاب القرية لحفظ القرآن الكريم، حملت الطفلة بين يديها مصحفاً وكُراسة، وراحت تعيد ما حفظته من آيات الذكر الحكيم على أذنيها أثناء الطريق قبل أن تتلوه أمام شيخ الكُتاب. «شاطرة يا أميرة، ربنا يبارك فيكى» قالها شيخ الكُتاب للطفلة بعد أن تلت عليه ما حفظته من القرآن، وهمت بعدها تحمل مصحفها فى يدها وسلكت طريق العودة إلى المنزل، على أمل أن تصل إلى والدتها لتخبرها بثناء الشيخ عليها، وراحت تلعب على جانب الطريق مع أقرانها، حتى قادها حظها العثر لتقابل «مروان» و«إسلام» واللذين يكبراها من عامين إلى ثلاثة، وبحكم أنهم جيران وقفت لتتحدث معهما، وتخبرها بتفوقها فى حفظ القرآن وهى طائرة من السعادة. رغم صغر سن التلميذين اللذين لم يتجاوزا المرحلة الإعدادية، إلا أنهما نجحا فى استدراج الطفلة التى وثقت بهما إلى منطقة مهجورة على أطراف بلدتهم، وأخراها على عودتها إلى أسرتها وأنسوها لهفتها فى لقاء أمها «نلعب شوية ونروح»، ومضى الوقت فى اللعب، المتهمان الصغيران يحاولان إلهاء الطفلة. مع أذان العشاء خيم الليل بظلامه على جوانب الحياة، وجد التلميذان أنهما فى أمان بعيداً عن أعين أبناء قريتهما، وبدءا يلمسان مناطق حساسة من جسد الطفلة الصغيرة اعتادا هما على رؤيتها فى أفلامهما الإباحية، لم تدر الطفلة ما ينويان لها، لكن فطرتها وتذكر بعض كلمات أمها، أدركت بأن ما يفعلاه معها غير أخلاقى «عيب»، وحاولت الهرب منهما قبل الاعتداء عليها، وهددتهما بوالدها «هقول لأبويا». مع تهديد الطفلة لهما تسلل الخوف إلى قلب الذئبين الصغيرين وأمسك أحدهما زجاجة مياه غازية فارغة قام بكسرها واعتدى بها عليها فى منطقة الرأس قبل أن تهرب وتفضحهما، ثم ذبحاها من رقبتها، خرجت روح الصغيرة وسكنت عن الحراك تماماً، وتركا جثتها بمنزل مهجور، على الرغم من صغر سن الجناة إلا أنهما ارتكبا الواقعة بحرفية شديدة يعجز عنها معتادو الإجرام، وتركا الجثة وعاد كل منهما إلى منزله وكأنهما لم يرتكبا شيئاً، حتى أنهما ذهبا يبحثان عن الضحية مع أسرتها بعد شعورهما بتأخرها فى العودة إليهم. لحظات من الرعب والقلق عاشتها أفراد الأسرة مرت عليهم الدقائق والساعات وكأنها دهر، وذهب والدها إلى الكُتاب يسأل عنها الشيخ ليخبره بأنها غادرت بعد أذان المغرب ولم تستغرق المسافة بين المنزل والكُتاب أكثر من 5 دقائق، لتزداد ضربات قلب الأب مع كل كلمة تخرج من فم الشيخ، وتأكد بأنها تعرضت لمكروه، وتجمع مع أفراد القرية فى مهمة البحث عن الطفلة، لم يتوان أفراد القرية فى مهمتهم، وحملوا الكشافات لتساعدهم فى الرؤية ليلاً، لكنهم عادوا مع حلول الصباح دون جدوى. مر يومان على اختفاء الطفلة حرر فيهما الأب محضراً بتغيبها داخل قسم الشرطة بكرداسة، وانطلقت عدة مأموريات للبحث عنها حتى نجحت إحدهما فى العثور عليها جثة داخل منزل مهجور «الشرطة لقت أميرة»، هرول الجميع إلى مكان العثور عليها ليتفاجأ الأب بأنها جثة ابنته المختفية، «ربنا يصبرك، أوعدك هنجبلك حقك وحقها» قالها ضابط الشرطة وكلف بنقل الجثة إلى الطب الشرعى لفحصها ومعرفة سبب الوفاة. «12 ساعة» من البحث عكف خلالها ضباط المباحث على جمع الأدلة والتحريات، لفك طلاسم لغز الواقعة التى تدمى القلوب حزناً على الصغيرة، «مروان وإسلام آخر اتنين كانوا معاها» معلومة وصلت إلى ضباط المباحث من أحد مصادرهم، وأكدتها كاميرا مراقبة بشارع جانبى فى القرية، جلس ضباط المباحث يفكرون فى سبب يدفع تلميذين لا تتجاوز أعمارهما ال 13 عاماً على القدوم على جريمة قتل، ولم يجدوا أمامهم سوى استدعائهما وسؤالهما، لإنهاء حيرتهم. «آخر مرة شوفتوا أميرة كانت إمتى؟» وبدأ بعدها الضباط فى طرح الأسئلة عليهما حتى اعترفا، بأنهما أثناء لهوهما معها صدمتها سيارة وفرت هاربة، بعد ذلك الاعتراف تأكد ضابط الشرطة بأن القضية فى طريقها إلى الحل، رغم عدم اقتناعه بروايتهما، فأعطاهما بعض الوقت ليستعيدا تركيزهما وبدأ فى إعادة الأسئلة مرة أخرى حتى نجح فى اقتناص الاعتراف منهما «كنا عايزين نقلد فيلم إباحى، ولما رفضت خوفنا وقتلناها»، راح بعدها الذئبان الصغيران يسردان تفاصيل الواقعة، وأنهما استدرجاها إلى منطقة نائية بعد خروجها من الكُتاب إلى منزل مهجور وحاولا الاعتداء عليها، تقليداً للأفلام الإباحية، ولم يخططا إلى قتلها إلا أنهما تخلصا منها خوفاً من فضحهما. قتلت أميرة.. دبحت أميرة.. حافظة القرآن وهى تدافع عما تعتقد أنه عيب أن يحدث لها.. رغم صغر سنها لكنها رفضت بكل قوتها أن تسلم نفسها لقاتلها.. استفاقت.. صرخت.. استعطفت، ذكرتهما بأنها أخت لهما ولكن هيهات أن يسمعا صرخاتها وتوسلاتها.. فالمراهقان الصغيران عميت عيناهما عن أى شىء سوى أن يقلدا ما يشاهدانه فى الأفلام التى انتشرت فى المجتمع دون ضابط أو رابط أو رقيب، وعندما أعيتهما الحيلة وأصرت أميرة الصغيرة أن تدفع حياتها ثمناً لشرفها رغم أنها لا تعى معنى هذه الكلمة نفذا جريمتهما بكل هدوء.. ذبحاها، سالت دماؤها، روت التراب الذى حدثت عليه الجريمة.. أم أميرة فقدت صوتها وجفت دموعها من لوعتها على فراق طفلتها التى كانت تحلم بأن تراها عروساً، طفلتها التائهة التى كانت تعتبرها أختاً لها وكانت كلماتها «بنتى حافظت على شرفها.. بنتى محدش قدر يلمسها» وغابت عن الوعى، المتهمان الصغيران أو الذئبان كما أطلق عليهما أهل القرية، فكان مصيرهما دار رعاية الأحداث لصغر سنهما، وطلب أهل القرية من أسرتيهما المغادرة فوراً.