"نبروه " أحد مراكز محافظة الدقهلية والتي تشتهر في صناعة وبيع الفسيخ ،لتلقب "بمملكة الفسيخ" حيث تعد احد قلاع الصناعة علي مستوي الجمهورية، وذاع صيتها مع جودة الصناعة لتخرج إلي العالمية،وتصل إلي الحضور إليها للتسوق أو طلب من أصدقائهم المصريين بإرسالها كهدايا مرحب بها. وتحتوي مدينة نبروه علي أكثر من 125 محل ومصنع لصناعة الفسيخ والسردين ، فلا يكاد يخلو شارع بالمدينة من محل لصناعة وبيع الفسيخ،ويعد أصحابها من أقدم صناع ذاك المنتج ،فيتوارثونها كمهنة عن أبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم، حيث استطاعوا أن يحافظوا على هذه الشهرة حتى الآن لتبقى المدينة من أشهر قلاع صناعة الفسيخ على مستوى مصر. وفي جولة" للوفد " داخل مملكة الفسيخ "نبروه" لتتعرف علي عائلات ساهمت في نشر هذه الصناعة مثل عائلات "اليماني،والغلبان، والمندوه،وأبو شعير "وهم من أشهر عائلات نبروه في تصنيع وبيع الفسيخ والذي يقصدهم الراغبين في الشراء ويعلمون أماكنهم نظرا للجودة والخبرات المتوارثة . وفي هذه الأيام وقبل قدوم عيد الربيع " شم النسيم " يتوافد المئات من كافة المدن والمحافظات بل ومن بعض الدول العربية والأسيوية، ليصطفوا في طوابير، وصفوف،وزحام شديد للحصول على أكلة الفسيخ المنتظرة، فيما تري مشاهير الفنانين وممثلين وشخصيات مشهورة وبارزة. وتتحول نبروه في تلك الأيام قلعة تجارية ينتعش فيها البيع والشراء لأنواع الأسماك المملحة " البوري" المسمي بالفسيخ ، والسردين المملح ، والرنجة المدخنة وهذا يعود بالدخل لتلك العائلات والتي تتضاءل حركة البيع في الأيام العادية باستثناء الأعياد . وجاء "الوفد " ليتعرف علي تلك الصناعة الجاذبة من أصحاب المحلات الفسخانية،وحقيقة أسعارها،ورأي المواطنين فيها،وكذا كيفية التعرف علي الفسيخ الصحي عند الشراء. يقول بدوي شولح مدير الكرة بنادي نبروه،منذ ان خرجت للحياة واري رواد كثيرون يأتون من كل إنحاء الجمهورية ،ومن عرب وأجانب،وبحكم إننا من أبنائها نجد الأصدقاء يحبون منتجات الفسيخ ذات الجودة العالية،ويسعدون عند تقديمها كهدية لهم في المناسبات والأعياد. مشيرا إلي ان صناعة الفسيخ بدأت منذ عام 1870م، وازدهرت صناعته بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر، حيث استطاعت القوات البريطانية السيطرة بسهولة على مديرية جزيرة الورد في حينها، أو محافظة الدقهلية الآن ،حيث كانت 60% من مساحتها مسطحات مائية ، وسيطرة الاحتلال الاراضى الزراعية، ولحاجة قواتها إلى البذور والأقطان، ومحاصيل القمح والأرز فترك معظم السكان المهنة الأصلية للإقليم وهى الزراعة، وتوجهوا للصيد وتمليح الأسماك ومن هنا جاءت شهرة مدينة نبروه فى تصنيع الأسماك المملحة حيث لم يجد أهل هذا المركز الصغير سوى تصنيع الأسماك المملحة كمصدر رزق لهم بعد كساد زراعتهم ، مؤكدا علي ان إنتاج نبروه في شم النسيم يزيد عن 100 طن من الأسماك المملحة بأنواعها . وفي زيارة لأقدم محال بيع الفسيخ بنبروه،والذي تم افتتاحه عام 1933م،والذي يستحوذ على شهرة واسعة بين سكان محافظة الدقهلية،تصطف بالعديد من طوابير الرجال والسيدات بمقدمة المحل، لشراء الأسماك المملحة مثل"الفسيخ والسردين" حيث توارث أصحاب المحال وهم من عائلة اليماني المهنة منذ الصغر . ويقول شريف اليماني،فسخاني: أنها مهنة الأجداد وشهرتنا الواسعة في تصنيع ،وبيع الفسيخ ،للخبرة العالية في تصنيع الأسماك المملحة بشكل جيد ومميز عن باقي المصانع فى أنحاء الجمهورية، لأن الصنعة لها فن وأسرار". وعن أسرار المهنة "لابد من اختيار كل شيء فى مرحلة تصنيع الفسيخ بعناية فائقة، فمثلاً لابد من اختيار الملح الخشن الجيد " ملح الشركة "،والبراميل الخشبية،لأن الصناديق المعدنية معرضة للصدأ،والصناديق البلاستيكية تتفاعل مع الملح،كما يتم اختيار أفضل أنواع الأسماك لتمليحها،ويكون التمليح وصناعة السمك بغسله مرتين علي الأقل ، والتأكد من سلامة الأسماك، ثم وضع الملح فى الخياشيم، ثم وضع السمك بترتيب معين داخل البراميل، ووضع الملح الخشن بين صفوف السمك بعناية فائقة،ويستمر التخزين مدة لا تقل عن 10 إلي 15 يوم علي الأقل حسب حجم الفسيخ . وحذر اليماني المواطنين قائلا ان عليكم بالاحتراس عند الشراء من يصنعون الفسيخ في بيئة غير صحية بتعرضه للذباب بسبب فرشه في الشمس ، كما ان هناك آخرين يسلقون السمك ليملحوه في يوم واحد لاستغلال الموسم وهذا غير صحي . ويضيف محمد شعير فسخاني قائلا ان الفسيخ تأثر بارتفاع أسعار الأسماك،والتي يتراوح سعرها من 40 وحتى 60 جنية للكيلو ، وحيث إن كيلو السمك العادي، يزن كيلو إلا ربع عند تمليحه ليصبح فسيخ ، فيخسر ربع كيلوا يضاف إلي أسعار الأسماك مرتفعة بشكل كبير، عن الأسعار العادية، خاصة أسعار العام الماضي والأعوام القليلة الماضية،كما ارتفعت أسعار المواد المساعدة والداخلة في التصنيع، والتمليح، حيث ارتفع سعر جوال الملح إلى 45 جنيهًا بعد أن كان ب10 جنيهات،وارتفع سعر البرميل الخشبي ل600 جنيه، بعد أن كان 350 جنيهًا،وتبلغ صيانة البرميل 80 جنيهًا، ورغم هذا فالأسعار التي نبيع بها متوازنة لا تقارن بالنسبة لمحلات القاهرة وغيرها من محافظات الجمهورية،فأسعارنا حاليا بالنسبة للفسيخ من 70 وحتى 120 جنية للكيلو، إما بالنسبة للسردين المملح فيتراوح السعر من 40 وحتى 50 جنية للكيلو، أما الرنجة يتراوح سعر الكيلو من 35 إلي 45 جنية،وهذه الزيادة بالمقارنة للمحافظات الأخرى لا تقارن لأننا دائما الأرخص، كما ان السعر لم يرتفع عن العام الماضي . فيما ينصح الحاج محمد الملاح صاحب محل فسيخ بنبروه المواطنين قائلا عند شراء الفسيخ يراعي ان يكون مشبع بالملح لأنه يقضي علي أغلب المسببات المرضية ،ويراعي التأكد من بريق ولمعان عين السمكة،وان القرنية شفافة، والخياشيم مكتملة ،والغطاء الخيشومي يكون ذو لون أحمر وردي والزعانف سليمة ليس بها تآكل أو تورم أو احمرار،وعند الضغط علي جسم السمكة يعود إلي وضعه الطبيعي، ولا يترك جزءا غائرا، وعند فتح بطن السمكة تظهر الأعضاء الداخلية سليمة، ولا ينبعث منها رائحة. وأما بالنسبة للأسماك المدخنة كالرنجة يجب أن تكون مغلفة ذات لون ذهبي بدون تهتكات بالجلد، وليس بها علامات للعفن أو ديدان في تجاويفها الداخلية. فيما جاءت السيدة جيهان محمود من محافظة الغربية لتؤكد أننا نعاني من الأسعار المرتفعة في محلات الفسيخ بالمحلة ، فالأسعار نار، ولهذا نأتي لنبروه لجودة الفسيخ وسعره المناسب،وعادة هذا يتم في شم النسيم، أما الرنجة فتشهد رواجا والتي يبدأ سعرها من 45جنيها للكيلو والتي لقبت بأكلة البسطاء" علي حد قولها" نظرا لانخفاض سعرها مقارنة بالفسيخ والسردين. مشيرة إلي أننا نشترى لوازم الفسيخ أو الرنجة كالعادة مثل الليمون والخس فالسعر يزداد بشكل أكثر من الضعف ليصل سعر كيلو الليمون 30 جنية من 10 جنية،وربطة الخس تصل إلي 4 جنية من 2 جنية ،وكذا الملانة والبصل الأخضر الذي يصل سعر الربطة إلي 5 جنية بها ثلاث بصلات وهذا جشع من التجار لاستغلال الموسم بشكل يحتاج إلي رادع . فيما يؤكد أبو النجا المرسي رئيس لجنة الوفد بنبروه أن مشاهير مصر تعلم أننا احد قلاع الصناعة في مصر ومن بينها صناعة الفسيخ والذي يصدر لدول عربية مثل السعودية والكويت،وان هذا الإقبال علي محلات بيع الفسيخ في نبروه لخير دليل علي جودة المنتج وخبرة الصناعة ، ومؤكدا علي ان بيع الفسيخ خلال شم النسيم يتوقف تماما قبل الاحتفال بيوم نظرا لانعدام المنتج فلا تجد حبه واحدة بأي محال للفسيخ تعرض للبيع لنفاذ الكميات، مما يؤكد علي أننا نحوذ علي رضاء معظم الشعب المصري والذي يفرق في نوعية الجودة ويصل إليها .