لماذا الضغط على الزناد أسهل دائما من إعمال العقل ، صوت الرصاص دائما مايشنف آذان الجهلاء الذين مازالوا يتوارثون العادات التى عفى عليها الزمن ليدفع الأبرياء الثمن ، يطلقون الرصاص للثأر تارة ، وفى الأعراس والأفراح تارة أخرى والنتيجة دائما موت ودماء ، عويل وصراخ ، ونحن نحتفل بإنتهاء حقبة ظالمة كان مبارك عنوانها وبداية عهد جديد كله أمل فى غد مشرق ونير كانت هناك سيدتان بريئتان تدفعان ثمن الجهل والعناد فاغتالتهما يد الغدر ، كل منهما أصبحت ضحية فى لحظات، وكل منهما لديها طفل برئ لايدرى عن أمره إلا أنه أتى فى زمن لايمكن أن تتبدل فيه الموروثات لتصبح فى خبر كان " حنان " شابة حملت فى أحشائها جنينا الأول ، كانت تأمل أن يرى النور والرئيس الجديد يحقق نهضة الأمة التى وعد به ، هذا طفل الثورة وليدها الذى أحبته قبل أن يرى النور ، سوف تروى له المعاناة التى عاشها المصريون من فقر وبطالة ، فساد وظلم وإستبداد ، راحت حنان تمنى نفسها بمستقبل تزهو على أعتابه ، فأبت ألا تنزوى فى الركن والجميع يدلون بدلوهم فاصطفت فى طابور النساء ولسان حالها يقول : هانت الآن أستطيع المشاركة لأول مرة لن أقاطع كما طالب البعض ، من أجل ولدى صوتى فى الصندوق الشفاف ، سأختار الأصلح للوطن ، فارتأت أن ترشح الفريق شفيق وعادت مسرعة إلى بيتها بعدما أجهدها الحمل وحرارة الجو ليكشر زوجها " أحمد عبد الوهاب "عن أنيابه فعاجلها بالسؤال - لمن أدليت بصوتك ؟ - لشفيق - ألم نتفق وإياك على مرسى ؟ لم تكمل بعد الحوار .... فانهال عليها ضربا وحشيا وركلا بالأقدام توسلت أن يرحمها وطفلهما معا إلا أن اللكمات كانت أسرع من جسدها الضعيف فسقطت فاقدة الوعى وفى مستشفى الجمهورية بالأسكندرية أسلما الروح حنان والجنين أما نجوى فلم تستطع أن تشارك فى مسيرة الأفراح التى إنطلقت فى محافظة المنيا إبتهاجا بفوز محمد مرسى واكتفت بالنظر خلف شرفتها المطلة على الشارع الرئيسى كعادة المصريين جميعا وربما أطلقت الزغاريد وصفقت مهللة دون أن تترك بيتها فطفلتها بأعوامها الثلاثة مازالت صغيرة ربما لاتتحمل السير لمسافات طويلة ، وقفت نجوى تتابع الأمر وفرحة الفوز تجوب كل أنحاء مصر ، اليوم رئيس جديد بعد ثورة مجيدة ، لكن الفرحة أبت أن تكتمل فى الحى البسيط لتنطلق رصاصتان غادرتان إستقرت الأولى فى رأس الأم فأردتها قتيلة ، أما الثانية فقد إخترقت بطن الطفلة البريئة لترقد بين الحياة والموت فالإصابة خطيرة والأهم أنها باتت يتيمة فى لحظة دون ذنب فقد كانت تلهو وربما وعدتها الأم أن هناك حلوى للفوز يعدون بها ، أى جهل وأى عنف مانعانى منه ونحن فى الألفية الثالثة ؟ بات السلاح عنوان الرجولة والتباهى ، مفخرة كل بيت ، السلاح شعار نرفعه للإستعراض فهل كانت المسيرة ستفشل بدون إطلاق الأعيرة النارية ؟ من يعيد الحق للأسرة المكلومة وللطفلة التى مزقت أحشائها وفقدت أمها ؟ ينقصنا تعليم وثقافة ، وعى وإدراك ، لو تعلمنا إحترام الإختلاف لما ماتت حنان ولو أن هناك دولة القانون التى نطالب بها لما أصبح هناك سلاح لكل مواطن خاصة بين أبناء الصعيد لتهديد الأبرياء ولما ماتت نجوى ، مطلوب من الرئيس الجديد الكثير فليضع فى أولوياته التعليم والتربية الوطنية ليغرس فى الطفل منذ نعومة أظفاره حب الآخر حب الحياة والوطن بالحب تتهذب الأرواح فينبذ العنف ، إن الأفكار البالية سوط تنطق المواجع الرابضة فى الروح كنصل لايبرح أن يفارق أفئدة المصريين المخلصين ، بالجهل نتوه فى الظلام نتلظى فى الشتاء يصعقنا الهجير ، نجنح بعيدا عن القيم والمألوف ، إن مرارة الجهل مازلنا نتجرعها على يد هؤلاء الموتورين فحين يفيض الألم ويكسر فى عمقنا الصمت تولد كلمات فوق الشفاه كلمات برائحة الحزن ، الجهل يجعل البعض مستهترا بحياة البشر ، القتل خيانة للدين والوطن