"زراعة النواب" تطالب بوقف إهدار المال العام وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    أستاذ تمويل يوضح كيف تنعكس أموال "رأس الحكمة" على حياة المواطن    حماس تدعو الدول العربية لاتخاذ إجراءات تجبر الاحتلال على إنهاء الحرب    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. الشحات: مواجهة الترجي صعبة وجاهزون للتتويج باللقب    إنطلاق المشروع القومي لتطوير مدربي المنتخبات المصرية لكرة القدم NCE    "الأرصاد" تعلن موعد انتهاء الموجة الحارة.. وتوجه نصائح للمواطنين    بالفيديو.. كواليس كوميدية للفنانة ياسمين عبد العزيز في حملتها الإعلانية الجديدة    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس    باسم سمرة يعلن انتهاء تصوير فيلم اللعب مع العيال    شي جين بينغ بمناسبة قمة البحرين: العلاقات الصينية العربية تمر بأفضل فترة في التاريخ    الهلال السعودي يراقب نجم برشلونة    وزارة الصحة: إرشادات مهمة للحماية من العدوى خلال مناسك الحج    فيفا يدرس مقترح إقامة مباريات الدورى المحلى خارج البلاد في مرحلة القادمة ... نجوم الدورى السعودى يتصدرون قائمة فوربس للرياضيين الأعلى دخلا فى العالم سنة 2024    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    مد فترة استلام الطلبات لوظائف القطار الكهربائي الخفيف حتى 23- 5- 2024    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    حريق في طائرة أمريكية يجبر المسافرين على الإخلاء (فيديو)    فانتازي يلا كورة.. الثلاثي الذهبي قبل الجولة الأخيرة في بريميرليج    قرار حكومى باعتبار مشروع نزع ملكية عقارين بشارع السبتية من أعمال المنفعة العامة    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    "هُتك عرضه".. آخر تطورات واقعة تهديد طفل بمقطع فيديو في الشرقية    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    التموين: وصول 4 طائرات تحمل خمسة آلاف خيمة إلى أهالي قطاع غزة    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    طريقة عمل طاجن العكاوي بالبطاطس    فنانات إسبانيات يشاركن في الدورة الثانية من ملتقى «تمكين المرأة بالفن» في القاهرة    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    تأكيدا ل"مصراوي".. تفاصيل تصاعد أزمة شيرين عبد الوهاب وروتانا    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    صحفي ب«اتحاد الإذاعات العربية»: رفح الفلسطينية خط أحمر    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    مد فترة التقديم لوظائف القطار الكهربائي الخفيف.. اعرف آخر موعد    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‮"كلاب السلطة" قادوا الرئيس إلي الهاوية
نشر في الوفد يوم 17 - 02 - 2011

حاشية الرئيس المخلوع‮ "‬حسني مبارك‮" كانوا من أكثر المدافعين عن نظامه،‮ ليس حباً‮ فيه أو إيماناً‮ منهم بقدرته علي إدارة البلاد،‮ وإنما حفاظا علي البيزنس ومصالحهم الشخصية،‮ لذلك حاولوا تسخير كافة مؤسسات الدولة للإبقاء علي الرئيس وجعلوا من أنفسهم متحدثين رسميين عن نظامه،‮ وازدادوا بجاحة وراحوا يروجون لصعوبة انتقال الثورة التونسية الي مصر،‮ بحجة أن النظام المصري يعد من أفضل الأنظمة السياسية في العالم هكذا كانوا يعتقدون‮.. الغرب أن كل هؤلاء تحولوا بسرعة البرق من معارضين للثورة أو متحفظين علي أساليب الشباب الي مؤيدين ومتحمسين بل حرصوا علي أن يكونوا دائما داخل الصورة وليس في اطارها وحاولوا اقناع الجماهير بأنهم أكثر الفرحين بتنحي الرئيس وسقوط النظام ولكن عبثا حاولوا فقد فشلوا في أول اختبار وطالب جموع المتظاهرين بمحاكمة هذه المجموعة التي تضم سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وفنانين وغيرهم‮.. وتحول‮ "‬كلاب السلطة‮" إلي حماة للثوار؟‮!‬
ولم يكن‮ غريباً‮ أن يكون مبارك أول المدافعون عن نفسه ونظامه الأول والثاني،‮ عندما ذكر أنه بطل الحرب والسلام وأنه استطاع الحفاظ علي أمان هذا البلد حرباً‮ وسلماً،‮ بالاضافة الي تقديمه العديد من التنازلات والرشاوي المؤقتة للشعب،‮ بداية من إقالة حكومة‮ "‬نظيف‮" وتعيين‮ "‬عمر سليمان‮" نائباً‮ له،‮ وصرف‮ 15٪‮ زيادة في‮ المرتبات للعاملين في القطاع العام‮.‬
وعلي ما يبدو أن‮ "‬مبارك‮" ومن حوله من حاشيته لم يكن يتوقع أن تصل الأمور إلي ما وصلت إليه،‮ وأن تتم الاطاحة به وبنظامه في‮ 18‮ يوماً‮ فقط،‮ حيث خرج علينا‮ "‬أحمد أبو الغيط‮" وزير الخارجية ليؤكد أن مصر ليست تونس،‮ وأن ماحدث من تطورات علي أرضها لن ينتقل الي الاراضي المصرية‮.‬
وبعد اندلاع المظاهرات وفشل الشرطة في السيطرة ونزول قوات الجيش الي الشوارع،‮ لوح في مداخلة له بقناة‮ "‬العربية‮" بتدخل الجيش لقمع الثورة،‮ بحجة الدفاع عن السلطة ضد مجموعة‮ "‬المغامرين‮" علي حد وصفه آنذاك اللذين يريدون انتزاعها،‮ في محاولة منه لتأليب العلاقة بين الجيش والشعب‮.‬
ولن ينسي الشعب الدكتور‮ "‬ابراهيم كامل‮" رجل الأعمال وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني،‮ الذي قال بالحرف الواحد في مداخلة تليفونية مع قناة‮ "‬العربية‮" قبل خروج المظاهرات المؤيدة للرئيس بيوم واحد‮ (‬بكره هتشوفوا مظاهرات تانية خالص‮) في اشارة تهديدية منه بالقضاء علي هذه الثورة‮.. وتنسب إليه أيضا واقعة الجمال والخيول التي هاجمت ميدان التحرير لإخلائه من المتظاهرين‮.‬
الفقي ورجاله
أما‮ "‬أنس الفقي‮" وزير الاعلام فكان اكثر الذين نافقوا الرئيس ونظامه،‮ حيث وجه الاعلام الحكومي المرئي والمقروء لتشويه الثورة وحاول ترويج شائعات وجود أجندات خارجية وراء هذه الثورة،‮ ووجه تعليماته الي جميع المذيعين باتباع هذا الاسلوب في تناولهم للأحداث،‮ ولوح لهم بالفصل والإيقاف،‮ وبدا ذلك واضحاً‮ في تصرفه مع الاعلامي‮ "‬محمود سعد‮" مقدم برنامج‮ "‬مصر النهارده‮" حيث عاقبه بإيقافه عن العمل واعتباره في اجازة مفتوحة بسبب إبداء تعاطفه مع المتظاهرين‮.‬
وبنفس الطريق سار أمين التنظيم في الحزب الوطني‮ "‬أحمد عز‮"‬،‮ الذي سخر كل اجهزة وامكانيات الدولة لخدمة فكرة التوريث،‮ التي كان ينوي تنفيذها في الانتخابات الرئاسية القادمة،‮ وعلي الرغم من اختفائه تماماً‮ من المشهد السياسي منذ بداية الثورة الا أنه استبعد تكرار المشهد التونسي في مصر حينما وقف علي منصة المؤتمر السنوي للحزب الوطني وخاطب جموع الحاضرين بقوله‮ "‬تحية الي جمال مبارك مفجر الثورة‮" وعندما انتبه الحاضرون لقوله استطرد‮ "‬مفجر ثورة التحديث والتطوير في الحزب الوطني‮".‬
وعلي النهج سار رجل الأعمال الدكتور حسن راتب‮ - عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني،‮ ورئيس مجلس قناة المحور‮ - الذي حل ضيفاً‮ علي برنامج‮ "‬90‮ دقيقة‮" في الأيام التالية ثورة،‮ وانتقص من قدر الشباب وطالبهم ودافع بكل قوة عن الحزب الوطني ومؤسساته وما إن انتصر الشباب وأعلن عمر سليمان عن تنحي مبارك تحول الرجل الي داعم أول للشباب وفوجئنا به يعلن‮ "‬أن هؤلاء الشباب فخر لمصر،‮ وكان يتوقع نجاحهم‮".‬
أما الدكتور‮ "‬هاني هلال‮" - وزير التعليم العالي والمشرف علي وزارة التربية والتعليم في الحكومة الحالية‮ - فلم تصدر عنه أي تصريحات لا بالتأييد ولا بالنفي حتي نجحت الثورة في تحقيق أهدافها،‮ فوجه تنحيته الي جموع الشعب المصري من خلال إحدي الصحف قائلا‮: "‬مبروك لمصر وأتمني من الله ان تقف مصر علي رجليها وأن يأخذ الشباب القيادة‮".‬
ولم يكتف عضو مجلس الشوري عن دائرة السيدة زينب‮ "‬نبيل لوقا بباوي‮" بدفاعه المستمر عن النظام‮ "‬المباركي‮" في وسائل الاعلام الحكومية،‮ بل سارع بملء شوارع القاهرة وميادينها بلافتات ضخمة تكلفت مئات الآلاف ملأها بنفاق ساقط لمبارك،‮ وأعلن فيها أن الشعب بملايينه الثمانين تؤيده‮ "‬6‮ ملايين مسيحي يبايعون سيادة الرئيس القائد‮"‬،‮ "‬مصر كلها تبايعك يا ريس‮"‬،‮ ويعتبر‮ "‬بباوي‮" عضو مجلس الشوري الوحيد الذي تقدم بمشروع قانون لمنع المظاهرات حيث طالب بتفعيل القانون رقم‮ 14‮ لسنة‮ 1923،‮ الذي يمنع القيام بمظاهرات دون ترخيص،‮ وقال في طلب قدمه الي صفوت الشريف‮ - رئيس المجلس‮ - أن القانون ينص علي أن راغبي التظاهر عليهم التقدم بطلب قبل المظاهرة بثلاثة أيام مع تحديد مكانها وخط سيرها وموعدها،‮ ومن يخالف ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي‮ 6‮ أشهر وغرامة‮ 100‮ جنيه‮.‬
الاعلام الحكومي سواء القنوات التليفزيونية التابعة لمبني ماسبيرو أو الصحف القومية،‮ كان لها النصيب الأكبر من النفاق للنظام والرئيس مبارك،‮ وراح رؤساء تحرير الصحف القومية في خط المانشيتات العريضة التي تمجد النظام وتدافع عنه في الصفحات الاولي بل تجاوزوا ذلك الي انتقاد ثورة الشباب واعتبارهم مجموعة من الشواذ والعاطلين الذين وجدوا في ميدان التحرير فرصة لتضييع وقتهم‮.‬
وبمعدل انقلاب وصل الي‮ 360‮ درجة مئوية أدارت هذه المجموعة من المنافقين ظهورهم للنظام ولمبارك وكل أفراد حاشيته بمجرد اقتراب الشباب من تحقيق مطالبهم،‮ وراحوا يمتدحون ثورة الشباب التي أعادت الحرية الي المصريين بعد‮ غياب‮ 30‮ عاماً،‮ وما إن اعلن الرئيس المخلوع مبارك تنحيه عن الرئاسة حتي بدأوا في فصل جديد من النفاق،‮ وبدأوا في كشف أوراقهم السرية الخاصة بمصائب واختلاسات الوزراء السابقين وأفراد حاشية القصر‮.‬
محمد إبراهيم يغير جلده
ومن أبرز هؤلاء الاعلاميين الذين دافعوا دفاعاً‮ مستميتاً‮ عن النظام وانقلبوا عليه بمجرد رحيله،‮ "‬محمد علي ابراهيم‮" - رئيس تحرير جريدة‮ "‬الجمهورية‮" - الذي يصر دائما علي تبرير أخطاء الوزراء والمسئولين في حكومة الحزب الوطني،‮ ويدافع عنهم حتي دون علمهم في قضايا لا يجدون لأنفسهم متنفساً‮ للخروج منها،‮ وظل يقلل من قيمة الثوار الشباب،‮ ومقدرتهم وأفكارهم،‮ بمانشيتاته اليومية والتي جاء فيها‮ "‬50‮ متظاهراً‮ بالمنصورة و100‮ بدمياط و200‮ بالاسكندرية وبورسعيد والمنوفية هادئة‮"‬،‮ "‬المتظاهرون عطلوا المرور وأثاروا الشغب في ميدان التحرير‮"‬،‮ "‬عناصر المحظورة وسط‮ 10‮ آلاف من المتجمهرين ألقوا الحجارة وأتلفوا المنشآت‮".‬
وفي البيان الثاني لنائب الرئيس‮ "‬بتنحي مبارك عن رئاسة البلاد‮" اتجه رئيس تحرير الجمهورية الي تغيير جلده تماما وكتب مقالة في اليوم التالي مباشرة للتنحي تحت عنوان‮ "‬25‮ يونيو‮ 76‮ و25‮ يناير‮ 2011‮" بدأه بعبارة‮ "‬مبارك وهم‮" مشيداً‮ بهؤلاء الثوار الأبطال،‮ ومنتقداً‮ لنظام مبارك الذي حكمنا علي مدار السنوات الماضية‮.‬
أما ممتاز القط‮ - رئيس تحرير‮ "‬أخبار اليوم‮" - فكان الأكثر نفاقاً،‮ سواء في ظل هذه الأحداث أو قبلها فهو معروف بأنه دائم السير وراء جمال مبارك،‮ ودائم الدفاع عن كل من ينتمي الي الحزب الوطني،‮ وصاحب أشهر‮ "‬افتكاسات‮" في حياة المسئولين،‮ فهو صاحب مقال‮ "‬طشة الملوخية‮" التي حرم‮ منها الرئيس علي مدار سنوات حكمه،‮ والغريب أنه لم يوضح فيها أسباب حرمان الرئيس من‮ "‬الطشة‮"‬،‮ أما حكاية ال‮ "‬65‮" جنيها قيمة الجمارك علي كرتونة بلح صغيرة بعث بها الأمير‮ "‬فهد بن سلطان‮" للرئيس مبارك والتي حكاها لنا‮ "‬القط‮" في‮ "‬أخبار اليوم‮" فتستحق الرد‮: حيث فوجئ‮ "‬يوسف بطرس‮ غالي‮" - وزير المالية السابق‮ - بمدير مكتبه يخبره بأن مدير الجمارك يريده في أمر هام وعندما قام بالاتصال به قال له‮: يا فندم عندنا كرتونة بلح صغيرة قادمة للرئيس مبارك،‮ وحضر موظف من رئاسة الجمهورية لاستلامها،‮ لكنه أصر علي دفع الرسوم،‮ فرد عليه‮ غالي مستنكراً‮ موقفه‮: ازاي‮ "‬مكنتش عايز تاخد منه الرسوم،‮ علي طول خد رسم الوارد‮"‬،‮ وبعد دقائق عاود‮ غالي الاتصال به وقال له‮: "‬ماتنساش تاخد ضريبة المبيعات علي الكرتونة‮"‬،‮ وقام الموظف باستلام الكرتونة بعدما سدد الرسوم المستحقة عليها وهي‮ 30‮ جنيها رسم وارد و35‮ جنيهاً‮ ضريبة مبيعات‮.‬
الي هنا انتهت قصة الاطفال التي حكاها المبدع ممتاز القط،‮ ولم تمر عدة ساعات علي صدور جريدة‮ "‬أخبار اليوم‮" التي سردت هذه الأكذوبة،‮ حتي خرج الناطق بلسان القصر الجمهوري بنفيها جملة وتفصيلاً‮!‬
ناهيك عن دفاعه الشديد في برنامج‮ "‬التوك شو‮" عن نزاهة الانتخابات البرلمانية الماضية،‮ والدور المعارض الكبير الذي سوف ينتج عن وجود ال‮ "‬64‮" نائبة الممثلة عن كوتة المرأة في البرلمان‮.‬
أما مدحه للرئيس مبارك فتجاوز كل الحدود،‮ فدائما كان يصفه بأنه رمز يفخر به تاريخ مصر لأنه عبر بهذا الوطن المحن والشدائد الصعاب،‮ وعلي ما يبدو أن ممتاز القط رئيس تحرير‮ "‬أخبار اليوم‮" لا يعجز عن ايجاد القضايا التي يمدح فيها النظام،‮ وكان آخرها إحداث هذه الثورة،‮ فمنذ اندلاعها وهو يتجه بمقالاته الي الثناء المطلق علي الرئيس وحكمه لدرجة انه كتب في بعضها عبارات لابد من الوقوف عندها،‮ منها‮ "‬إلي من نشكو يا سيادة الرئيس إلا إليك‮" و"من نلجأ إليه‮ غيرك‮"‬،‮ وكأن مبارك تحول الي ذات إلهية‮.‬
وبمجرد‮ "‬خلع الرئيس مبارك‮" توجه‮ "‬القط‮" الي النفاق وصدر العنوان الرئيسي للعدد التالي بعنوان‮ "‬ورحل مبارك‮"‬،‮ "‬قواتنا المسلحة‮.. أنا الشعب‮" وقام بوضع صورة صغيرة للرئيس مبارك بجانب أخري للمشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع ولكن بدرجة أكبر،‮ وكتب مقالاً‮ بعنوان‮ "‬رجال نفخر بهم‮".‬
وحتي جريدة‮ "‬الأهرام‮" التي يترأس تحريرها‮ "‬أسامة سرايا‮" عالجت الأزمة بانحياز كامل للرئيس مبارك ولنظامه وخصصت صفحاتها للوزراء والمسئولين لكي يدافعوا عن أنفسهم ويستمرون في نشر أكاذيبهم التي‮ اعتادوا عليها طوال الفترات السابقة،‮ وكان أشهر هذه الحوارات اللقاء الذي جمع رئيس التحرير مع اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق،‮ الذي راح يؤكد علي انتظام الأمن في اداء مهامه وقدرته علي منع هذه المجموعة القليلة من شباب المتظاهرين الذين يعملون وفقاً‮ لأجندات خارجية من قلب نظام الحكم في مصر وزعزعة الأمن،‮ وبمجرد إقالة الحكومة وتحويل عدد من الوزراء الي المحاكمة وتجميد أموالهم نشرت‮ "‬الأهرام‮" في صدر صفحتها الاولي الخبر وجاء فيه‮ "‬منع العادلي وعز وجرانة والمغربي من السفر وتجميد أموالهم‮".‬
يشار هنا الي أن‮ "‬الأهرام‮" كانت الجريدة الوحيدة التي نشرت ثلاث حلقات متتالية لأمين التنظيم في الحزب الوطني‮ "‬أحمد عز‮" والتي دافع فيها عن نزاهة الانتخابات البرلمانية الأخيرة،‮ وغيره من الكتاب المعروفين بانتمائهم للحزب الوطني،‮ اما في دفاعها عن الرئيس‮ "‬مبارك‮" ونجله‮ "‬جمال‮" فتحدث ولا حرج،‮ فكانت تصوره علي أنه إله،‮ لا يجوز لأحد معارضته مهاجمته،‮ وإنما علي الجميع أن يلتزم بالسمع والطاعة تجاهه،‮ الغريب في الأمر ليس في دفاعها المستمر عنه،‮ وإنما في انقلابها عليه بمجرد تخليه عن الحكم،‮ حيث تحولت لنشر مظاهر احتفال المواطنين وعلي ما يبدو انها اكتشفت فجأة ان‮ "‬مبارك‮" ونجله‮ "‬جمال‮" حولا مصر الي عزبة خاصة بهما،‮ والأكثر من ذلك أنها أكدت علي أن الفرج قادم مع الثورة والتغيير‮.‬
اما صحيفة‮ "‬روزاليوسف‮" فلا يخفي علي أحد أنها تتبع‮ "‬جمال مبارك‮" مباشرة،‮ وأنه وعز هو الممول لها،‮ وأن سياستها التحريرية في ظل رئيس مجلس ادارتها الحالي‮ "‬عبدالله كمال‮" تتوجه للدفاع عنه وحاشيته،‮ بجانب مجموعة رجال الأعمال التابعين له،‮ ولم تكتف الصحيفة بالدفاع عن مموليها فقط،‮ وإنما اتجهت للترويج لهم ولأفكارهم،‮ والهجوم علي كل من يعترضهم،‮ ومن هنا كان وصف‮ "‬عبدالله كمال‮" لشباب الثورة بالمتمردين،‮ بل وصل به الأمر الي وصفه لمجموعة شباب‮ 6‮ أبريل‮ "‬بمدمني الحشيش‮".‬
ولو أن الجريدة كانت قد استمرت في خط الدفاع عن العائلة‮ "‬المباركية‮" حتي بعد التنحي،‮ لكان من الصعب علي أي انسان ان يتهمها بالنفاق،‮ ولكن يحمل عددها الصادر في اليوم الثاني للتنحي مقالاً‮ افتتاحياً‮ لرئيس مجلس ادارتها بعنوان‮ "‬روح التفاؤل‮" مجد فيه الثورة وشبابها،‮ فهذا هو الغريب حيث قال‮: "‬روح التفاؤل تلم بالمجتمع منذ يوم الجمعة الماضي‮.. عهد جديد لا شك،‮ روح متجددة‮.. بالتأكيد،‮ آمال عريضة‮.. لا جدال‮"‬
أما سيد علي وهناء السمري مقدما برنامج‮ "‬48‮ ساعة‮" علي قناة‮ "‬المحور‮"‬،‮ فليس من حقهما ان يشاركا جموع الشعب المصري فرحتهم بتنحي الرئيس‮ "‬مبارك‮" او ان يرسما علي وجهيهما مظاهر تلك الفرحة،‮ لأنهما منذ انطلاق الثورة،‮ وهما يقفان موقف عداء منهما،‮ علي الرغم من تشجيعهما لها في أول ظهور لهما في اليوم التالي لاندلاعها،‮ حيث استضافا المستشار‮ "‬مرتضي منصور؛ الذي راح يكيل التهم للنظام وللحزب الوطني ولكل حاشية الرئيس وعلي رأسهم‮ "‬أحمد عز‮" و"صفوت الشريف‮" سبغت هذه التهم مقدمة ساخنة من مقدمي‮ البرنامج اتهما فيها الوزراء ورجال الرئيس ب‮ "‬قلة الدم‮"‬،‮ ولكن في اليوم التالي مباشرة،‮ عادا للظهور مرة اخري في ساعة مبكرة عن موعد تقديم البرنامج،‮ ومعهم ايضاً‮ المستشار مرتضي منصور،‮ الذي انقلب حاله ووجه سهامه هذه المرة الي المؤيدين للثورة وعلي رأسهم الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل،‮ وسبقت اتهاماته أيضا مقدمة ساخنة من مقدمي البرنامج،‮ ولكن هذه المرة ضد المتظاهرين في ميدان التحرير،‮ واتهموهم بتنفيذ أجندات خارجية‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.