لو خلصت النوايا الامريكية حقا تجاه شعب مصر طيلة العقود الماضية ما وجهت كل هذه المليارات «المشبوهة» الى جمعيات حقوقية كل شغلها الشاغل هو ارباك الحياة السياسية في الشارع المصري، ولو أن جمعيات المجتمع المدني كانت جادة هي الاخرى لركزت جهودها على انتشال أطفال الشوارع من مستنقع الجريمة ومخالب المتطرفين وأنصار الثورة المضادة، وحتى تكون « المعونة المصرية «البديلة فعالة أقترح أن تتبنى مشروعا وطنيا محددا ينطلق بأطفال الشوارع كي لا توصف بالمبادرة العاطفية، خاصة اذا علمنا كيف يستغل هؤلاء الضحايا كوقود لزعزعة الامن والاستقرار في البلاد . وتتجلى ظاهرة عمالة الأطفال بشكل واضح في مصر، حيث يتراوح عدد الأطفال المشردين فيها حول رقم 2 مليون طفل، ويوجد في مدينة القاهرة وحدها أكثر من 90 ألفًا . وتشير الإحصائيات إلى زيادة حجم الجنح المتصلة بصلة أطفال الشوارع بالانتهاكات القانونية، حيث كانت أكثر الجنح هي السرقة بنسبة 56%، والتعرض للتشرد بنسبة 16.5%، والتسول بنسبة 13.9%، والعنف بنسبة 5.2%، والجنوح بنسبة 2.9% وهناك عدة أسباب رئيسية هي التي ساعدت على تفاقم هذه الظاهرة، وهذا ما يؤكده علماء الاجتماع، الذين اتفقوا على أن الأسباب الرئيسية للمشكلة هي الفقر، التفكك الأسري، البطالة، إيذاء الطفل، الإهمال، التسرب من التعليم، وتأثير المحيطين، ونتيجة لهذا كله يتشرد الأطفال في الشوارع ويتخلفون عن الدراسة وتترسب لديهم مشاعر الكراهية نحو الحياة والمجتمع وكل من حولهم مما يؤدي بهم إلى الدخول في دائرة الانحراف والتمرد على القيم والنظم وإدمان المخدرات مع استغلال تجار المخدرات لهؤلاء الأطفال في ترويج السموم، وصولاً إلى أمراض أخرى أخطر وأعمق تأثيرًا في بنية المجتمع مثل التطرف والانحراف الفكري والإرهاب. وطبقا لما كشفته الحلقة النقاشية بمنتدى الخدمة الاجتماعية بسوهاج يعتبر كل من الإدمان والاستغلال الجنسي من أبرز تجليات هذه المشكلة المخيفة التي يعاني منها نسبة من الأطفال في المجتمع المصري، فمليونا طفل من بين نحو 27 مليون طفل، موجودون في مصر نسبة ليست باليسيرة ويعتبر أيضًا كل من الإدمان والاغتصاب أو الاستغلال الجنسي من بين أبرز مشكلات أطفال الشوارع في مصر. ومن أهم المشكلات الصحية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال؛ التسمم الغذائي، ويحدث هذا التسمم نتيجة تناول هؤلاء الأطفال لأطعمة فاسدة انتهت صلاحيتها، حيث يقومون بجمعها من القمامة وتناولها، وكذلك الإصابة بمرض التيفود وهو مرض منتشر بين أطفال الشوارع نتيجة تناول خضراوات غير مغسولة يجمعها هؤلاء الأطفال من القمامة، أو تناولهم لأطعمة غير صحية تجمع عليها الذباب والحشرات المختلفة والميكروبات نتيجة ضعف الرقابة والإهمال. ومعظم الأمراض المنتشرة بين أطفال الشوارع هي بسبب تناولهم للطعام من القمامة نتيجة لعدم توفر المال لديهم لشراء طعام نظيف بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية مما يؤدي إلى تقرحات بالجسم بالإضافة إلى استحمامهم في المياه غير النظيفة. وتعتبر مشكلة الإدمان من المشاكل الخطيرة التي قد يتعرض لها هؤلاء الأطفال، وهي مشكلة يعاني منها المجتمع المصري وتهدد بضياع جيل بأكمله، حيث تعمل العصابات وتجار المخدرات على استغلال صغر سن هؤلاء الأطفال لإدخالهم في دائرة الجريمة وترويج المخدرات وغالبًا ما يكون الطفل لديه حب الاستطلاع فيحاول تعاطي هذه المخدرات ليتعرف عليها وتكون النتيجة الطبيعية الإدمان واستغلال التجار لهم في تجارتهم القذرة. ويعد أطفال الشوارع أكثر فئات المجتمع تعرضًا للإدمان بسبب أميتهم وعدم استقرارهم النفسي وسرعة تحركهم من مكان إلى آخر وسهولة حصولهم على جميع أنواع المخدرات بسبب استغلال التجار لهم، لذلك تهتم الهيئات والمنظمات المختلفة بهذه المشكلة وتبذل الجهد من أجل التغلب علي هذه الظاهرة الخطيرة. كما يؤكد خبراء علم الاجتماع أن أخطر ما يتعرض له أطفال الشوارع هو «الاستغلال الجنسي» والاغتصاب لصغر سنهم، وعدم قدرتهم على مواجهة الإساءة الجنسية، من قبل مرتكبيها، وبوجه عام تنتشر هذه العادة السيئة في البلدان الصناعية، ففي الولاياتالمتحدة وحدها ما لا يقل عن 100 ألف طفل، متورطين في هذا النوع من الاستغلال. ويؤدي الاستغلال الجنسي للأطفال إلى إصابتهم بالعديد من المخاطر الصحية بما في ذلك الأمراض النفسية، والإصابة بنقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، فهؤلاء الأطفال معرضون لمخاطر كثيرة، فمن الناحية النفسية والانفعالية فهؤلاء الأطفال مصابون بالقلق والتبول اللا إرادي، بالإضافة إلى جانب الحقد على المجتمع والعصبية وشعورهم بعدم الأمان والظلم. أما من الناحية الجسدية فهؤلاء الأطفال معرضون لحوادث السيارات أو الاغتصاب بالإضافة إلى تعلمهم عادات سيئة، ويلاحظ على هؤلاء الأطفال مشكلات سلوكية خطيرة كالكذب والسرقة وذلك بسبب عدم توفر الرقابة الأسرية عليهم، أما من الناحية العقلية فيلاحظ تدني مستوى الطموح لديهم فكل ما يشغلهم هو كيفية توفير لقمة العيش. وبطبيعة الحال فإن تأثير هؤلاء الأطفال خطير على المجتمع فنتيجة لشعورهم بالحرمان والنقص، ومن ثم يخلص منتدى الخدمة الاجتماعية بسوهاج الى حقيقة أن الأطفال هم ركيزة المستقبل، فمجتمع بلا أطفال هو مجتمع بلا مستقبل، فكل قائد كبير كان طفلاً وكل مجرم كان أيضًا طفلاً. ويبقى أن نقول أن الحماس الوطني لمبادرة المعونة المصرية يجب أن يكون مصحوبا بمشروع قومي حتى لا تفقد المبادرة البوصلة أو تفرغ من مضمونها، وحتى لا نكرر أخطاء النظام السابق.