تستند مزاعم قيام الرياض بتسييس الحج إلى منطق متهافت تفضحه وتفنده وقائع تاريخية عدة تؤكد نزاهة السعودية كدولة ونظام منذ سنوات طويلة فى الإشراف على الأماكن المقدسة. يسرد الكاتب السعودى مشارى الذايدى هذه الوقائع، مفنداً مزاعم قطر وحلفائها بتسييس المملكة لحج، مستشهداً بأكثر من واقعة حدثت خلال العقود الماضية تنفى عن المملكة شبهة تسييس الحج. يشير الكاتب السعودى إلى رفض الرياض تسليم رئيس الجهاز العسكرى والأمنى لحزب الله اللبنانى عماد مغنية لواشنطن فى عام 1995. وأوضح الذايدى أن مغنية، الذى ارتكب جرائم بحق السعودية، وصل إلى المملكة على متن طائرة مقلعة من الخرطوم هبطت بجدة، وكانت فيما يبدو متجهة لطهران، وكان وقتها المطلوب رقم واحد فى العالم للسلطات الأميركية وغير الأمريكية. وقال الكاتب السعودى إن واشنطن فوجئت برفض السلطات السعودية تسليمه، بل ورفض السماح بهبوط طائرة خاصة على متنها أعضاء من «إف بى آى»، على الأرض السعودية لتسلم مغنية. ولفت الذايدى إلى أن الأمير نايف، ولى العهد الأسبق ووزير الداخلية حينها، كان مصمماً جداً على عدم التسليم، رغم علم السلطات السعودية بهوية الرجل، ورغم تغيير اسمه، الذى كان يستقل الطائرة المقبلة من الخرطوم. ونوه بأن حجة السعودية كانت سهلة واضحة، وهى أن أى شخص يريد الزيارة الدينية للحرمين، بالمواسم الدينية، لا يمنع، والسعودية ملتزمة بذلك، وفى الوقت نفسه ملتزمة بواجباتها الدولية الأمنية، لكن مع مراعاة الخصوصيات السعودية الاستثنائية. كما استشهد الذايدى أيضاً بأن السعودية لم تمنع الحجاج الليبيين من القدوم للحج حتى حين كانت ليبيا محاصرة جوياً، تحت حكم معمر القذافى، وكانت وسيلة الناس للوصول من خلال مصر أو مالطا أو تونس. ونقل الكاتب عن مسؤول سعودى عن تلك المرحلة قوله: «اكتشفنا قبل يومين من وقفة عرفة إرسال مخابرات القذافى متفجرات فى حقائب بعض الحجاج، فأرسل المرحوم الملك فهد مبعوثاً للقذافى، وقال له ما معناه: نعلم ما فعلت، ومع ذلك لن نمنع حجاج ليبيا». ويضيف الكاتب السعودى: «أثناء الحصار الدولى على العراق، كان حجاج العراق يأتون للسعودية عبر مطار عمّان بالأردن، أو عبر منافذ الأردن البريّة، لأنه لم تكن من وسيلة جوية أو برية للعراق مباشرة إلى السعودية، ولكن السعودية لم تمنع - أو تفكر بذلك حتى - حاجّاً أو معتمراً عراقياً». كما أشار إلى أن حجاج إيران، لم يتم يوماً منعهم أو محاولة ذلك، رغم كل جرائم النظام الخمينى بمكة المكرمة والمدينة المنورة.