يؤدى نحو مليوني مسلم هذا الأسبوع مناسك الحج في مدينة مكةالمكرمة، قادمين من مختلف بقاع الأرض لإتمام واجبهم الديني والقيام بما أطلق عليه بعضهم "رحلة العمر". وتجري مناسك هذا العام في ظل عودة الحجاج الإيرانيين بعد غيابهم العام الماضي، وفي خضم أزمة دبلوماسية كبرى في الخليج وخسارة تنظيم "داعش" بعض مناطق سيطرته في العراقوسوريا. ايني (47 عاما) الآتية من اندونيسيا، واحدة من آلاف الحجاج الذين وصلوا إلى المملكة السعودية لأداء المناسك. تجلس ايني تقرأ آيات من القرآن الكريم تحت الشمس الحارقة في ظل درجات حرارة مرتفعة، والعرق يتصبب من رأسها متسللا على وجهها من تحت حجابها البني. وتقول لوكالة فرانس برس “اشعر بحماس شديد، فالكثير من الناس يحلمون بالمجيء إلى هنا. وعندما نغادر، نشعر بأننا أصبحنا أكثر تدينا”. وتضيف قبل أن تعيد القراءة من القرآن بين يديها “بعدما أتممت الحج للمرة الأولى، أحسست بأنني أريد أن أعود إلى هنا لأشعر بأنني اقرب” إلى ديانتها. والحج، أحد أركان الإسلام الخمسة، واحد من اكبر التجمعات البشرية السنوية في العالم. وقال عبد المجيد محمد الأفغاني مدير شؤون الحج والعمرة “نتوقع وصول نحو مليوني حاج هذا العام”. - عودة الإيرانيين يعود الحجاج الإيرانيون هذا العام إلى السعودية لأداء مناسك الحج بعد حادثة التدافع في العام 2015 والتي تسببت في مقتل 2300 شخص، في أكبر كارثة بشرية في تاريخ مواسم الحج. ومن بين هؤلاء، لقي 464 إيرانيا حتفهم ما دفع السلطات الإيرانية إلى انتقاد إجراءات التنظيم السعودية. يضاف إلى ذلك قطع العلاقات بين طهرانوالرياض في يناير 2016 اثر مهاجمة السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية احتجاجا على إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر في المملكة. وأدت حادثة التدافع والأزمة الدبلوماسية الى غياب الحجاج الإيرانيين عن شعائر العام الماضي. الآن طهرانوالرياض أوضحتا إنهما تريدان إنهاء هذه المقاطعة وإعادة فتح الباب أمام الإيرانيين للحج. ويرى الكاتب والصحفي سليمان زغيدور الذي ألف كتابا تناول فيه الحياة اليومية في مكة ان “تسييس هذه المناسبة لن يأت بنتيجة”. لكن السعودية اتهمت على مدى الأسابيع الماضية بتسييس الحج من قبل قطر التي تواجه إجراءات عقابية اتخذتها بحقها الرياض ودول اخرى على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب، وهي تهمة تنفيها الدوحة. وقطعت السعودية علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو الماضي، وأغلقت حدودها البرية معها، ومنعت طائراتها من الهبوط في مطاراتها، قبل ان تتخذ قرارا بالسماح بعبور الحجاج القطريين الى أراضيها. - سعادة غامرة في مطار جدة، يسير الحجاج قرب بعضهم البعض في مجموعات وعينهم على الحجاج المرافقين لهم خشية فقدان احدهم. محمد سعيد (43 عاما) الأتي من نيجيريا، يؤدي مناسك الحج للمرة الثالثة. ويقول محمد الذي ارتدى ملابس الإحرام البيضاء “اشعر بسعادة غامرة لأداء المناسك. أريد أن اكرر ذلك في كل عام إن استطعت. في كل مرة يكون الأمر مختلفا، وكأنني أحج لأول مرة”. بالنسبة الى زغيدور فان شعائر الحج تتطلب مجهودا ذهنيا وجسديا كبيرين، ولذا فان “الأزمة السياسية أخر ما يمكن ان يفكروا فيه”، مضيفا ان العديد من الحجاج يأتون من آسيا وأفريقيا بعيدا عن الشرق الأوسط الى مكان يتطلعون لان ينعزلوا فيه عن تفاصيل حياتهم اليومية. ويحمل بعض الحجاج مآسي الحروب والهجمات التي تعصف بعدد من الدول المجاورة، وبينها سورياوالعراق، في قلوبهم ودعواتهم. وبلغت هذه الهجمات أوروبا في السنوات الماضية. لكن بالنسبة الى فاطمة الآتية من بربينيون في جنوبفرنسا، فان هذا التهديد لا يبدد فرحتها بالتواجد في مكة. وتقول فاطمة “انتظرت طويلا قبل أن آتي الى هنا”.