من جديد يتأكد كل يوم أن الأمل في إنقاذ الرياضة المصرية أصبح ضربًا من ضروب الخيال، وأن المجاملات والمحاسيب أكبر وأقوى من القانون ومصلحة البلد. منذ أيام ليست قليلة خرجت علينا اللجنة الأولمبية بدعم وتأييد من وزارة الرياضة بما أطلقت عليه لائحة استرشادية، تضمنت في بنودها قمة العار، حرص خلالها هشام حطب، رئيس اللجنة الأولمبية، على إسقاط الدستور بالسماح للهاربين من التجنيد وأداء الخدمة الوطنية بخوض انتخابات الأندية والاتحادات، ليصبح الهروب من الواجب المقدس أمرًا عاديًا لا يحاسب عليه الهارب، بل أصبح الهارب رمزًا من الرموز والقدوة بإدارة الأندية المسئولة عن إعداد الشباب وتأهيلهم أو الاتحادات الرياضية المسئولة عن إعداد الأبطال، وامتد الأمر ونحن في القرن ال21 إلى تشجيع الجهل بإلغاء شرط المؤهل العالي من الترشيح لرئاسة الأندية والاتحادات الرياضية وهم قمة إعداد الشباب للمستقبل. المؤسف أن اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس شورى الإخوان هي أول من بدأت لعبة محاولة إلغاء شرط التجنيد في الانتخابات في 2013 والعمل على تعديل المادة الخامسة من قانون الانتخابات، التي تنص على شروط الترشح بأن يكون المرشح بالغًا من العمر خمسًا وعشرين سنة ميلادية على الأقل يوم فتح باب الترشيح، وأن يكون حاصلاً على شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي، أو ما يعادلها على الأقل، وأن يكون أدى الخدمة العسكرية الإلزامية، أو أُعفي من أدائها، وألا تكون قد أسقطت عضويته بقرار من مجلسي النواب أو الشورى، بسبب فقد الثقة والاعتبار، أو بسبب الإخلال بواجبات العضوية. وتصدى الجيش للمحاولة ورفض بشكل «قاطع» مشروع قانون يتيح لمن لم يؤدوا الخدمة العسكرية وتهربوا منها الترشح لأي انتخابات تشريعية مقبلة، مشددًا على أن «الدفاع عن الوطن واجب مقدس وإلزامي ولا يصح أن يكون الهارب من الخدمة ممثلاً للشعب»، وأن «مشروع القانون لن يمر». وقال اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع، وقتها خلال اجتماع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشورى، أن الوزارة ترفض شكلًا وموضوعًا السماح لمن تهرب أو تخلف عن التجنيد بالترشح للانتخابات البرلمانية. وعرض «شاهين» خلال الاجتماع، خطابًا تلقته وزارة الدفاع من الأمانة العامة للحزب الوطني، أثناء الإعداد لانتخابات 2010، بشأن استطلاع رأي الوزارة حول التماس بعض الأشخاص ممن لم يؤدوا الخدمة العسكرية، حتى يستطيعوا الترشح للبرلمان. وتابع: «قمنا بالرد عليهم بأن هذا الأمر مرفوض شكلًا وموضوعًا، ولم يُعمل به، وأكدنا أن الدفاع عن الوطن والتجنيد أمر إجباري، وأداء الخدمة أو الإعفاء، منها شرط أساسي للترشح للبرلمان، والمساواة بين من أدى الخدمة ومن لم يؤدها فيه مخالفة لما أقرته المحكمة الدستورية العليا، ومحكمة القضاء الإداري». جريمة كبرى ولفت إلى أن «الهروب من التجنيد جريمة كبرى بالنسبة للقوات المسلحة ويشكل (خيانة عظمى) في وقت الحرب قد يعاقب صاحبها بالإعدام»، مشيرًا إلى أن «إقرار هذا القانون سيشجع الشباب على الهروب من تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية». وبنظرة وطنية وعلمية يتضح بما لايدع مجالًا للشك أن واضع اللائحة يهدف في الأساس الأول لمصلحة الأصدقاء والمحاسيب على طريقة شيلني وأشيلك وليس مصلحة البلد والرياضة. وكالعادة مر الأمر دون حساب أو مراجعة وكيف ستتم محاسبة الكبار على إهدار القيم ومخالفة الدستور، واستمرارًا للفوضى خرجت علينا للجنة الأولمبية بتشكيل غريب للجنة التسوية والتحكيم من دون العودة للأندية والاتحادات صاحبة الحق في تشكيل لجنة محايدة من القضاة بالتنسيق مع وزرة العدل والهيئات القضائية. وشمل تشكيل المجلس اسم رئيس اللجنة الأولمبية المفترض أنه خصم دائم في كل المنازعات ليتحول إلى قاضٍ وجلاد، ثم الكارثة الكبرى بتشكيل اللجنة لتضم رجلًا واحدًا من أهل القضاء وهو المستشار إبراهيم الهنيدي، عضو مجلس القضاء الأعلى، بينما جاء باقي التشكيل أكثر غرابة ليضم رئيس اللجنة الثلاثية، الحاكم بأمره أخيرًا في الرياضة، وموظفًا في وزارة الرياضة وصحفيًا رياضيًا، ومساعد وزير الدفاع من دون تحديد ما دوره في فض المنازعات الرياضية. تشكيل اللجنة جاء قبل أيام قليلة من الانتخابات وظهور بعض المعارضين لرجال اللجنة الأولمبية والوزير في الاتحادات والأندية الرياضية، وهو ما ينذر بمذبحة لهؤلاء قريبًا، ليفصل في الأمر اللجنة الجديدة المشكلة عن طريق أحد أطراف النزاعات الحالية والمستقبلية. التراجع الرهيب والسقوط المتتالي وفضائح بطولة العالم لشباب السلة بالقاهرة، ثم شباب اليد في مونديال الجزائر وفضيحة التايكوندو في بطولة العالم، وفشل ملف إعادة الجماهير للمدرجات وخلافه، ثم القرارات الأخيرة لا تعني سوى أمرًا واحدًا عودة زمن المصالح بكل قوة وأن الكبير كبير يفعل ما يشاء من دون حساب. القاضي والجلاد من جانبه، أكد الدكتور ياسر أيوب، مدير قطاع الإعلام بالنادي الأهلي، أن مسألة تشكيل مركز للتحكيم الرياضي وتسوية المنازعات، أمر تأخر كثيرًا بالنسبة للرياضة المصرية، خصوصًا أن الأهلي وغيره من الأندية طالب منذ فترة ليست بالقليلة بعدم مخالفة المواثيق الدولية واللجوء للقضاء الرياضي وليس القضاء العادي في المنازعات الخاصة بالرياضة. وأشار أيوب إلى أن تشكيل اللجنة عليه ملاحظات أبرزها أنه كان من الأفضل عدم وجود رئيس اللجنة الأولمبية على رأس المركز الخاص بالتحكيم الرياضي، لأنه ربما يكون خصمًا قائلًا: «كان من الأفضل أن تكون هناك شخصيات رياضية بعيدة عن المناصب ومشهود لها بالكفاءة والنزاهة وهناك أمثلة كثيرة». وأكد أن وجود شخصية تنتمي للقوات المسلحة أمر رائع، كما أنه من المفترض أن يزيد تمثيل الشخصيات القضائية، لأن المركز التحكيمي يعتبر بمثابة هيئة قضائية للأمور الرياضية بجانب وجود شخصيات قانونية، مثلما حدث في اتحاد الكرة قبل سنوات، حين قام بتطبيق لجنة الانضباط، وتم تعيين المستشار أحمد الزند رئيسًا لها.