أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    عيار 21 يتراجع لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة 10 مايو 2024 بالصاغة    21.3 مليار.. قيمة التداول بالبورصة خلال جلسات نهاية الأسبوع    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف قاعدة عوبدا الجوية الإسرائيلية بالمُسيرات (فيديو)    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية عسكرية ل"حزب الله" بجنوب لبنان    حركة حماس توجه رسالة إلى المقاومة الفلسطينية    كاف يوافق على تعديل موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو    محمد عبد الجليل: أتمنى أن تظهر شخصية الزمالك أمام نهضة بركان    شبانة يكشف مفاجأة في تقرير مراقب مباراة بيراميدز والأهلي بشأن واقعة الشيبي    أشرف صبحي يكشف ل«أخبار اليوم» تحديات وزارة الرياضة منذ توليه المهمة    مصرع عقيد شرطة في تصادم سيارة ملاكي بجمل بطريق الزعفرانة ببني سويف    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    هدية السكة الحديد للمصيفين.. قطارات نوم مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    مؤثر.. باسم سمرة يتحدث عن دوره بفيلم "عمارة يعقوبيان"    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 10 مايو بالبورصة والأسواق    لتقديم طلبات التصالح.. إقبال ملحوظ للمواطنين على المركز التكنولوجي بحي شرق الإسكندرية    بمناسبة يوم أوروبا.. سفير الاتحاد الأوروبي ينظم احتفالية ويشيد باتفاقية الشراكة مع مصر    الدوري الأوروبي - أتالانتا لأول مرة في تاريخه إلى نهائي قاري بثلاثية ضد مارسيليا    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    الافضل | جائزة جديدة ل بيرسي تاو قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    اللواء هشام الحلبي: استهداف القطاع المدني للدولة يغير منظومة القيم للأسوأ باستمرار    لمناقشة الموازنة.. مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الإجتماعي بمجلس النواب    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    تصل ل40 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة المتوقعة باكر    ضبط المتهم بالشروع في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    إصابة رجليْ أمن جرّاء هجوم على مركز للشرطة في باريس    بالأغاني الروسية وتكريم فلسطين.. مهرجان بردية للسينما يختتم أعماله    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    الاحتلال يسلم إخطارات هدم لمنزلين على أطراف حي الغناوي في بلدة عزون شرق قلقيلية    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    عادل خطاب: فيروس كورونا أصبح مثل الأنفلونزا خلاص ده موجود معانا    الفوائد الصحية للشاي الأسود والأخضر في مواجهة السكري    مزاجه عالي، ضبط نصف فرش حشيش بحوزة راكب بمطار الغردقة (صور)    محافظ مطروح يشارك في المؤتمر السنوي لإحدى مؤسسات المجتمع المدني    4 شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزل في محيط مسجد التوبة بمخيم جباليا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    لمواليد برج العذراء والثور والجدي.. تأثير الحالة الفلكية على الأبراج الترابية في الأسبوع الثاني من مايو    مرادف «قوامين» و«اقترف».. سؤال محير للصف الثاني الثانوي    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان وطني موجود ومشهر وحاصل على ترخيص    تعرف على سعر الخوخ والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 10 مايو 2024    اليوم.. قطع المياه لمدة 8 ساعات عن عدد من مناطق الجيزة اليوم    بشرى للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر للقطاعين العام والخاص    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    هيئة الدواء تعلن انتهاء تدريب دراسة الملف الفني للمستلزمات الطبية والكواشف المعمليّة    الدفاع الأمريكية: نريد إزالة حماس من رفح بشكل ملائم.. وقدمنا أفكارنا لإسرائيل    حدث بالفن| فنانة تكشف عودة العوضي وياسمين ووفاة والدة نجمة وانهيار كريم عبد العزيز    فيديو.. ريهام سعيد: "مفيش أي دكتور عنده علاج يرجعني بني آدمه"    سعود أبو سلطان يطرح أغنيته الجديدة الثوب الأبيض    مذكرة تفاهم بين جامعة عين شمس ونظيرتها الشارقة الإماراتية لتعزيز التعاون    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُنى على خمس فقط    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا الثورة ( 2)
نشر في الوفد يوم 15 - 01 - 2012

بدأ العد التنازلي لمرور العام الأول للثورة، وسط أجواء عصيبة. فتحت الثورة باب الحرية على مصراعيه، فأسرع الأوباش لاحتلال مكانة لهم تحت الضوء، يزاحمون بها مكانة الثوار، الذين خرجوا من الميدان، فور خلع النظام السابق. لم تكتمل حلقات الثورة بعد، وها نحن نحصل مؤخرا على اعتراف رسمي من أعمدة النظام السابق،
بأن ما قام به الشعب ثورة تستحق أن نحتفي بها ونقيم لها احتفالا رسميا، تعطل فيه المدارس والجامعات والأجهزة الحكومية. اعتراف شكلي جاء متأخرا، ربما تفاديا لصدام مرتقب بين الشعب والسلطة، أو هاجس أمني جعل المسئولين يرتعدون من قدوم الذكري الأولي للثورة العظيمة.
في كل الأحوال، لا يستطيع أحد أن ينكر أن ما قام به الناس ثورة شعب حقيقية، خرج فيها الملايين، ضد الظلم والطغيان مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية. وعندما نرصد ما حصدناه خلال عام فائت، سنجد أن الثورة لم تحقق أية انجازات كبرى، حتى الآن. فلا يكفي أن الثورة مكنت تيارا بعينه من التواجد في الساحة السياسية، والفوز بأغلبية ساحقة في البرلمان، بينما السلطة مازالت جميعها في يد مجلس سلطوي ينتمي إلى زمن انقضى. ولا يمكن أن نحتفى والشعب لم يعرف بعد جزاء الذين قتلوا حتى الآن 1200 شهيد وشوهوا أجساد آلاف الشباب والبنات، ونهبوا مليارات فقراء المصريين.
الكارثة الكبري أن طائفة من الشمبانزي، الذين يطيرون مثل بهلوانات السيرك، من خدام النظام السابق قفزوا على الثورة، ويظهرون بكل بجاحة في أجهزة الإعلام التي كانت أدوات التضليل في العصر البائد. هؤلاء القردة محترفو « النط» على المقاعد والمواقف، يخلعون على أنفسهم، خلعة الثوار، بدون حياء ولا خشية ظهور لمواقفهم المسجلة بالصوت والصورة وما زالت محفوظة على شبكة الانترنت. فهم يتحكمون في الإعلام، أكثر من الماضي، ويلمعون من يرونه في دائرتهم الجهنمية، ويطاردون من يقف في طريقهم أو يذكرهم بأيامهم السوداء، حيث عملوا خداما للسلطة، وبعضهم أثرى من الفساد الذي كان يمارسه رجالها جهارا، دون رهبة أو حياء.
وهناك طائفة أخرى احترفت التكسب من حالة الفوران السياسي في المجتمع، لجلب المال الحرام من السفارات ، عن طريق كتابة تقارير ملفقة. هذه الطائفة التي تحولت بين عشية وضحاها إلى نخب مالية متوحشة، أرادت أن تمارس نفس الدور الذي لعبته في الماضي، بتسهيلات من النظام السابق وأجهزة الأمن، مع تبوئها مراكز مرموقة، في مجتمع الثورة. فمنهم من أصبح ضيفا دائما على الفضائيات التي يديرها بعض بهلوانات النظام السابق، وفلوله الذين أنشأوا قنوات جديدة، وآخرون متصلون بمؤسسات إعلامية لا تستحي أن تكون لسان إسرائيل أو أمريكا وغيرها، ليظلوا جميعا في مقدمة الصفوف.لم يتورع بعض هؤلاء العراة من ثوب الحق، أن يشنوا حربا علينا عندما واجهناهم بحقائق التمويل الذي رصدته وثائق وكيليكس وما ينشر على موقع وزارة الخارجية الأمريكية رسميا.
تحالف الأوباش لم يتورعوا عن قولهم إنهم رموز للثورة لا يجب المساس بها. غاب عن فهمهم الضيق أن نار الثورة لم تعرف الشارع إلا بعد أن قدم شهداء السويس أنفسهم فدءا للوطن، وسقط عشرات القتلى في ميدان التحرير تحت عربات الشرطة وطلقات الرصاص. سقط من ذاكرتهم صورة الملايين التي تدفقت عبر ميادين مصر، وهي رافعة شعار واحد «يسقط حسنى مبارك» ثم « ارحل ..ارحل» دون أن يكون لهذه الملايين رأس واحد، ولا زعامة ولا تيار يجمعهم. فات عليهم أن زعماء الثورة كان منهم الشيوخ والشباب والنسوة اللائي رفعن رايات العصيان ضد الظلم والقهر والاستبداد مما عانين فقدان الولد وضياع الشرف.
ذكرتني وقفات الأوباش بما قاله صاحب نوبل الأديب نجيب محفوظ في حواره مع الأديب الراحل رجاء النقاش: «من خلال قراءتي في التاريخ، وبخاصة تاريخ الثورات الكبرى، وجدت أن هناك قاعدة مشتركة تنطبق عليها جميعاً، وهي أن الثورة يدبرها الدهاة وينفذها الشجعان ويفوز بها الجبناء». (نجيب محفوظ: صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته. ص 216). ويكتب الأديب السوري أدونيس: «لا يتم تغيير المجتمع بمجرد تغيير حكّامه. قد ينجح هذا التغيير في إحلال حكّام أقل تعنفاً أو أكثر ذكاء، ولكنه لا يحل المشكلات الأساسية التي تنتج الفساد والتخلف. إذاً، لا بد في تغيير المجتمع من الذهاب إلى ما هو أبعد من تغيير الحكام، أعني تغيير الأسس الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية». (في ضوء اللحظة السورية، 31مارس 2011، جريدة الحياة اللندنية.
لقد ذكرتني كلمات نجيب محفوظ بحالنا الآن، فقد ركب الثورة الآن فئة من الجبناء الذين اعتادوا اشعال المعارك في المكاتب، ولم يقدروا على مواجهة القنابل المسيلة للدموع، فما بالكم بطلقات الرصاص التي حصدت أرواح الشباب في الميادين. في الوقت نفسه فضل الآباء الحقيقيون للثورة، العودة إلى العمل لملاحقة لقمة العيش، التي لا يستطيعون توفيرها إلا بالتعب ومزيد من الشقاء، وتركوا الساحة فارغة لفئة من المتنطعين القادرين على مد اليد للأجانب وأخذ الأموال بطرق ملتوية، بدون عمل أو مجهود.
كم تمنت أن يحتفل المصريون جميعا بثورتهم التي قام بها الشعب بأسره، ولكن كيف يكون ذلك وهناك من ينصبون أنفسهم ثوارا، بينما الثوار الحقيقيون، يرفضون أن تظهر صورهم على شاشات التلفزيون وأوراق الصحف؟. فإذا رغبنا في أن يكون الاحتفال مهيبا فما علينا إلا أن يحمل كل فرد منا مشعله وليعلن على الملأ؛ أنا الثورة وهذا شعبي الذي فجرها، حتى لا نترك الميادين شاغرة أمام محترفي الظهور أمام الفضائيات وأجهزة الإعلام. فهؤلاء هم لصوص الثورة وما قبلها، ما قدموا شيئا وإلا تكسبوا من ورائه، أما الشعب فآن الأوان بألا يترك ثورته يظفر بها حفنة من اللئام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.