خريطة الأسعار: ارتفاع الأرز والسكر والبيض وقفزة الذهب    ڤودافون مصر توقع اتفاقية تعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لدعم الأمن السيبراني    بروتوكول تعاون بين جامعة الفيوم والاتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية    مفوض أوروبي يدافع عن المساعدة في البحث عن مروحية الرئيس الإيراني المنكوبة    الكاف يدين سلوك جماهير الزمالك في نهائي كأس الكونفدرالية.. ويلوح بالعقوبات    الإعدام لقاتل طفلين والتخلص منهما بمساعدة نجله في الشرقية    تفاصيل عيد الأضحى 2024 ومناسك الحج: الموعد والإجازات    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    حجز استئناف أحمد عز على إلزامه بدفع 23 ألف جنيه إسترليني لتوأم زينة    "إطلالة أنيقة".. هيفاء وهبي تخطف الأنظار بأحدث ظهور لها والجمهور يعلق (صور)    الوفد الروسي بجامعة أسيوط يزور معهد جنوب مصر للأورام لدعم أطفال السرطان    "النواب" يوافق على منحة لقومي حقوق الإنسان ب 1.2 مليون جنيه    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    افتتاح دورة إعداد الدعاة والقيادات الدينية لتناول القضايا السكانية والصحية بمطروح    الليجا الإسبانية: مباريات الجولة الأخيرة لن تقام في توقيت واحد    استبدال إيدرسون في قائمة البرازيل لكوبا أمريكا 2024.. وإضافة 3 لاعبين    مدرب الزمالك يغادر إلى إنجلترا بعد التتويج بالكونفيدرالية    مصطفي محمد ينتظر عقوبة قوية من الاتحاد الفرنسي الفترة المقبلة| اعرف السبب    وزير الري: 1695 كارثة طبيعية بأفريقيا نتج عنها وفاة 732 ألف إنسان    البنك الأهلي المصري يتلقى 2.6 مليار دولار من مؤسسات دولية لتمويل الاستدامة    المؤشر الرئيسي للبورصة يتراجع مع نهاية تعاملات اليوم الاثنين    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأجيل محاكمة رجل أعمال لاتهامه بالشروع في قتل طليقته ونجله في التجمع الخامس    العثور على طفل حديث الولادة بالعاشر من رمضان    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    سوزوكي تسجل هذه القيمة.. أسعار السيارات الجديدة 2024 في مصر    الحياة على كوكب المريخ، ندوة علمية في مكتبة المستقبل غدا    ل برج الجوزاء والميزان والعقرب.. أكثرهم تعاسة وسوء حظ 2024 بحسب التوقعات الفلكية    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    «صحة الشرقية» تناقش الإجراءات النهائية لاعتماد مستشفى الصدر ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    الدايت أسهل في الصيف- إليك السبب    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    مسرح التجوال يقدم عرض «السمسمية» في العريش والوادي الجديد    نائب جامعة أسيوط التكنولوجية يستعرض برامج الجامعة أمام تعليم النواب    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    ورشة عمل عن مبادئ الإسعافات الأولية ب"طب الفيوم"    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    32 صورة فاتنة.. الطبيعة تقدم أضخم استعراض لأزياء الطيور    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    شكرى: الاحتياجات ‬الإنسانية ‬للأشقاء ‬الفلسطينيين ‬فى غزة ‬على رأس أولويات مصر    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    وزيرة الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين فى قرغيزستان    في طلب إحاطة.. برلماني يحذر من تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    تفاصيل أغنية نادرة عرضت بعد رحيل سمير غانم    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف استيقظت واشنطن علي مفاجأة الثورة

في اليوم السابق علي خروج المصريين ضد النظام السابق بأعداد غير مسبوقة‏,‏ كان المسئولون عن شئون مصر في وزارة الخارجية الأمريكية يطرحون الأسئلة علي بعضهم البعض وعلي خبراء الشرق الأوسط عما تعنيه دعوة الخروج يوم‏25‏ يناير. ومدي جديتها في تهديد نظام حسني مبارك ولم يصل المسئولون الأمريكيون إلي نتيجة مقنعة بإن مسيرات اليوم التالي سوف تشكل علامة فارقة رغم أن كل المؤشرات كانت تشير إلي حدث كبير.
وفي صباح الخامس والعشرين, إستيقظ المسئولون الأمريكيون علي أنباء خروج عشرات الألأف إلي شوراع القاهرة للمرة الأولي في الأعوام الثلاثين من حكم مبارك إلا أنهم في نهاية اليوم لم يكن لديهم تصور عن تفاقم الموقف خاصة بعد تفريق المتظاهرين بعد منتصف الليل. ووفقا لمسئول رفيع المستوي في الخارجية الأمريكية كان التصور الأمريكي أن مظاهرات الخامس والعشرين من يناير لم تكن تحمل مطالب واضحة ضد النظام وهو ما أعتبره المسئولون الأمريكيون علامة علي عدم قدرة الحركة الإحتجاجية علي الوصول بهدفها إلي ابعد من الخروج بمسيرات تتفرق في نهاية اليوم. وبعد منتصف ليل القاهرة, كانت التقييمات في واشنطن أن النظام ووزارة داخليته قادرة علي إحتواء الغضب الجماهيري, ولو بالقوة, وأن الأيام القادمة ربما تحمل قدرا من التوتر إلا أن سلطة مبارك ليست مهددة تماما وهو القييم الخاطئ لمقدمات الثورة والذي حكم أداء الإدارة حتي مساء الجمعة82 يناير. في مساء جمعة الغضب, إستيقظ الأمريكيون في التاسعة صباحا- بتوقيت واشنطن- ومن جديد علي أنباء إنهيار الألة القمعية لنظام مبارك أمام هدير وزحف ملايين المصريين في القاهرة والمدن الكبري ثم كانت الخطوة الأولي بطلب الإدارة من مبارك أن يستجيب لغضب الجماهير وأن يجري تغييرات تستجيب إلي حجم الغضب في تحول جديد عن كلمات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي كانت قد بعثت علي مدي ثلاثة أيام برسائل تتحدث عن مساندة شرعية مبارك ومساندة واشنطن لحليفها التقليدي.. وبينما كان أحد الرموز الدالة للنظام الممثلة في مبني الحزب الوطني يحترق وسحب الدخان الأسود تتصاعد في سماء القاهرة كان النظام يرسل, بدوره, إشارات خاطئة عن قدرته علي إحتواء موجة الإحتجاجات بنزول قوات الجيش لتأمين المنشآت الحيوية والسيطرة علي الشارع, وقتها كان السؤال في العاصمة الأمريكية' ما هو موقف القوات المسلحة من ثورة الشعب وهل سيتدخل بالقمع أو استخدام الشدة؟'. فرغم وجود رئيس الأركان المصري في واشنطن في مهمة عمل خاصة بالحوار الإستراتيجي بين البلدين ومغادرته واشنطن بعد ظهر يوم الجمعة عائدا إلي القاهرة إلا أن الأسئلة المتصلة بموقف الجيش من الثورة ظلت تلف واشنطن طوال الساعات التي تلت إنتشار القوات المسلحة ولم يكن المسئولون حديثي العهد بالسياسة المصرية في الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض يدركون ما يعنيه الجيش المصري في حياة المصريين والرابط القوي بين الشعب وقواته والعقيدة الراسخة أن نيران الجيش لا يمكن أن توجه صوب مواطنيه في توقيت عصيب علي الأمة خرجت الملايين فيه للتخلص من مبارك وحاشيته. وقد سمعت السؤال من أكثر من مسئول أمريكي في الساعات التي تلت إنهيار قوات الشرطة وكانت الخشية أن تسقط مصر في الفوضي وصراعا داخليا رهيبا لو أصبح الجيش طرفا في الصدام الداخلي وعندما تأكدت واشنطن من إمساك الجيش بزمام الأمور بدأت عملية التشاور حول كيفية مساندة التغيير في السلطة دون خسارة كبيرة للمصالح الأمريكية والتضحية بحليف العقود الثلاثة الماضية إلا أن استجابة مبارك كانت دون المستوي وساهمت في قرار الولايات المتحدة بعد أيام قليلة من جمعة الغضب مساندة' نقل السلطة' بتعبيرات غامضة حتي تظهر ملامح التغيير الممكن في قمة السلطة. ومن ثم, بدأت الزيارات المكوكية لمسئولين أمريكيين إلي القاهرة لإستكشاف المجهول في الأيام العشرة الأولي من فبراير وكثير منها زيارات- لم تكشف تفاصيلها بعد- حتي كانت زيارة المبعوث فرانك وانز والتي شكلت علامة فارقة بلورت الصراع في واشنطن بين الوكالات المختلفة. فقد حضر السفير السابق لدي القاهرة بهدف بحث إمكانية سيناريو جديد لنقل السلطة إلا أن الرجل عاد إلي واشنطن بتطمينات خاطئة تماما عن قدرة مبارك علي عبور الأزمة وضرورة بقائه في السلطة حتي نهاية فترة حكمه في سبتمبر1102. فقد أراد الصديق القديم لمبارك أن يرمي طوق النجاة للرئيس السابق وأن يحشد الإدارة وراء سيناريو بقاء مبارك وبالتالي بقاء أركان حكمه في السلطة حتي موعد الإنتخابات المقبلة إلا أن السيناريو كان قد فات أوانه فعليا وراحت الثورة في طريقها غير عابئة بالحسابات في واشنطن.
حصاد عام من ثورة 25 يناير بعيون فرنسية
تباينت أراء المراقبين الفرنسيين حول تقيم حصاد عام من ثورة التحرير مبدية وميض من التفاؤل في مستقبل مشرق رغم كل العراقيل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي توجهها مصر في المرحلة الراهنة وما لها من تداعيات وضغوط داخلية وخارجية لتستنبط جل الآراء ان الثورة المصرية تمضي في طريق الديمقراطية.
فمن خلال مقتطفات لما استشفه المحللون من مسار عام لثورة التغير نجد ان الخبير في شئون الشرق الاوسط والمغرب العربي'آلان جريش' رئيس تحرير' لوموند دوبلوماتيك' يري انه بالرغم من التنبؤات الموحية بالتشاؤم التي تخيم علي الوضع في مصر وما اطلقوا عليه حلول الخريف العربي بعد ربيعه ما هو الا أحكام مسبقة علي مسار الثورة وان ما يروجه البعض عن خسارتها او ثورة مضادة او احتمالية اندلاع ثورة حقيقية ماهي الا توقعات بعيدة عن الحقيقة-حسب تحليل الكاتب-.
حيث يري جريش ان سقوط مبارك ومحاكمته هو وأولاده ورجاله وتعين حكومات متتالية بديلة عن النظام السابق ما هي الا مرحلة اولي من عمر الثورة... وان ثمة الاتهامات او اطلاق احكام بعينها علي مسار الثورة المصرية في الفترة الراهنة غير منطقي ومبكرا لان تاريخ الثورات من الانجليزية او الفرنسية..ومن الثورة البلشفية الي الجزائرية اثبتت ان التغيرات تحتاج وقتا وصراعات عنيفة معللا ان من كان في يدهم مقاليد السلطة من الصعب ان يتنازلوا عنها بسهولة كما انه ليس هناك دليلا قاطعا علي انتصار الثورات المضادة مهما كانت ضراوتها.
ويخلص الكاتب الي انه من الصعب التنبؤ بمجريات الامور في الفترة المقبلة ومن المؤكد أن الشعب المصري لا يبحث عن فرعون جديد. مشيرا الي إن ما قدمه المجلس العسكري من بعض التنازلات مثل استقالة الحكومة والوعد بانتخابات رئاسية في منتصف العام وعودة السلطة إلي المدنيين ماهي الا مؤشرات جيدة وان جاءت متأخرة وغير كافية!.
اما المحلل السياسي' تايلر ماكورميك' فقد ذهب الي ان مسار تقدم الثورة مرهون علي التناحر الخفي علي السلطة مابين الاخوان والعسكر واتفق مع تايلر في الرأي نخبة من المحللين السياسيين بفرنسا. حيث اهتم المراقبون المهتمون بشئون الشرق الأوسط وثورات الربيع العربي بما يحدث في مصر في تلك الآونة من عملية شد وجذب بين العنف والاستقرار وما آلت اليه بعض المظاهرات الأخيرة من أعمال تخريب معتبرين اياه انقضاضا علي مسار الثورة.
وحسب مقال' تايلر ماكورميك' الذي يري فيه أن المعضلة السياسية الحقيقية في مصر تكمن في وقوف الإسلاميين ضد الجيش المتمثل في المجلس الأعلي للقوات المسلحة.
واخذ ماكورميك من مقولة الأديب الراحل نجيب محفوظ'إن الثورات يفكر بها الأذكياء ويقوم بها الشجعان ويستفيد منها الجبناء' بداية لمقاله- المنشور مؤخرا علي موقع'akhbarboom'- حيث يري أنها مقولة حكيمة وتنطبق علي ما يحدث في مصر من منطلق أن المستفيدين الرئيسيين من الأحداث في مصر هم أنفسهم من ظلوا صامتين طوال فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك والآن تحول المشهد السياسي إلي صراع حاد بين جماعة الإخوان المسلمين والجيش بينما يقف الشعب المصري الذي وقف في طوابير طويلة لممارسة حقوقه السياسية مشاهدا لما يحدث.
ويشير الكاتب إلي أنه مع فوز الاخوان والسلفين في الانتخابات البرلمانية وبنسبة غير قليلة من المقاعد في الجولات الانتخابية المنصرمة يشير الي الدخول في مرحلة صراع بين الإخوان والجيش قد تؤدي إلي منحني عدائي صريح.
ويذكر الكاتب بأن جماعة الإخوان المسلمين لديها خبرة في الدخول إلي المعارك الطويلة وإنهم ينوون التعاون مع الليبراليين والعمل علي تقليل المخاوف من صعود الإسلاميين كما يتحسب الغرب.
مؤكدا ان الولايات المتحدة لم تعد تتعامل مع مصر او دول الربيع العربي بنفس الأسلوب السابق الداعي الي استبعاد الإخوان بل انه بعد نتيجة فوزهم الساحق في الانتخابات التشريعية أصبحت القوي العظمي تضغط علي الجيش للتخلي عن السلطة وتسلمها لمدنيين.
ويري الكاتب ان جماعة الإخوان المسلمين بدأت تظهر في المشهد السياسي بمصر كلاعب سياسي جاد وقوي وهو ما يبطل النظرية القديمة التي تخاف من الإسلاميين ويمثل التخوف من تكرار ما حدث في الجزائر عام1991 عندما فاز الإسلاميون بالانتخابات وقام الجيش بالسيطرة علي البلاد وان تولي الحكم نقطة فاصلة بالنسبة للغرب وهو ما يدفعهم للتعامل مع جميع الأطراف في نفس الوقت.
ويري الكاتب ايضا إن الإخوان المسلمين لا يحظون علي تأييد يشمل كل فئات المجتمع مشيرا الي المعارضين وتحديدا في صفوف العلمانيين والشباب اليساريين الذين قاموا بالثورة منوها الي ما لديهم من شعورا قويا بأن هناك صراعا بين النخبة مما لا يترك لهم أي خيارات متاحة.
ووفقا للكاتب:لا يشعر الكثير من الشعب المصري بالراحة لانتخاب الناشطين الليبراليين ووضعهم في مكان مميز بعد أن كان يبشر بهم الناس قبل ذلك ويعلق الكاتب الفرنسي-اللبناني بسام طيارة علي مقالة تايلر ماكورميك مستعيرا من مقولة محفوظ مرة أخري حيث يقود الشجعان الثورات ولكنهم الآن يتراجعون وكأنهم جبناء الأمة لأنهم لم يملكون الشجاعة الكافية لقيادة البلاد نحو تحول مؤسسي حقيقي.
المانيا وإشكالية التعامل مع ثورة لم تكتمل بعد
عندما إندلعت ثورة25 يناير كانت المانيا بعد فترة صدمة وإرتباك اصابت الغرب عموما- من بين اولي الدول الكبري التي أعلنت دعمها السياسي لمصر الثورة وخصص وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله وهو الوزير الغربي الوحيد الذي زار القاهرة مرتين منذ الثورة, مبلغا لدعم عملية التحول الديموقراطي في مصر وتونس كما أعلنت المستشارة أنجيلا ميركل عن إسقاط ديون مصرية بقيمة240 مليون يورو إضافة إلي إستثمارات المانية بقيمة150 مليون يورو خلال عامين وغيرها من المساعدات بشرط أن تسير مصر قدما علي طريق الإصلاحات الديموقراطية.
غير أنه مع مرور الوقت دون وضع جدول زمني واضح لنقل السلطة في مصر وإطالة الفترة الإنتقالية وما أرتبط بذلك من أحداث عنف في ماسبيرو وفي محيط مجلس الوزراء وشارع محمد محمود تغيرت اللهجة الألمانية وأعلنت ميركل صراحة انه لامفر من إنتظار ما ستسفر عنه عملية نقل السلطة في مصر قبل تقديم اي دعم إقتصادي وأزدادت إنتقادات المسؤلين الالمان تدريجيا للمجلس العسكري لتتضمن تشكيكا في رغبته في التنازل عن السلطة لحكومة ديموقراطية ورئيس منتخب وبات هناك تركيز إعلامي وسياسي شديد في المانيا علي قضايا إطلاق الحريات وحماية الأقليات والمحاكمات العسكرية للمدنيين حتي كاد الإعلام الألماني في فترة ما أن يختزل الثورة المصرية في قضيتي مايكل منير وعلاء عبد الفتاح. وأخيرا بلغت الإنتقادات الألمانية الرسمية والإعلامية للمجلس العسكري الحاكم ذروتها بعد تفتيش مقر مؤسسة كونراد اديناور الالمانية في القاهرة وهي مؤسسة سياسية أهلية قريبة من الحزب المسيحي الديموقراطي الحاكم في المانيا الذي ترأسه المستشارة انجيلا ميركل ذات نشاط واسع وقديم في مصر منذ عقود ونشطت بعد الثورة تحت شعار دعم الديموقراطية. وفي تصريحات لأندرياس ياكوبس رئيس فرع المؤسسة في القاهرة لوسائل الإعلام الألمانية قال أن المؤسسة'.. تعمل في مصر من30 عاما خارج إطار التعاون التنموي الرسمي وفي وضع قانوني غير واضح' علي حد تعبيره, غير أن أحدا لم يعترض علي ذلك في مصرطيلة السنوات الماضية لذا فإن تفتيش مقرالمؤسسة والتحفظ علي اجهزة الكمبيوتر والمستندات بها تسبب في إستياء كبير في المانيا. وفسرالإعلام الألماني ما حدث بأنه رد فعل المجلس العسكري في مصر علي تسليط المؤسسة وغيرها من المنظمات غير الحكومية الضوء علي ملفات شائكة مثل وضع الأقباط وإستخدام العنف ضد المتظاهرين.
واليوم وبعد مرور عام تقريبا علي الثورة المصرية يمكن القول بأن النظرة الالمانية لمستقبل مصر اصبح يسودها الكثير من التشاؤم في ظل إستمرار الفترة الإنتقالية تحت قيادة المجلس العسكري إلي اليوم ما دعا الإعلام الألماني لإطلاق وصف الثورة غير المكتملة علي الثورة المصرية. وينتقد هذا الأمر بشدة مسؤلون المان بارزون مثل هيرمان جروهه سكرتير عام الحزب المسيحي الديموقراطي الذي وصف المؤسسة العسكرية في مصر بأنها لا تريد ديموقراطية حقيقية او مثل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البوندستاج روبرشت بولنس الذي يري أن المجلس العسكري سيتخلي في نهاية المطاف عن السلطة ولكنه لا يتعامل بشفافية مع هذا الأمر مما يستلزم ضغطا المانيا ودوليا علي مصر بإستخدام ورقة المعونات والمساعدات الإقتصادية.
ولكن من ناحية أخري فإن المانيا الرسمية والإعلامية لا تري في البديل الذي ستأتي او اتت به بالفعل الإنتخابات البرلمانية الديموقراطية في مصر وهي القوي الإسلامية حلا مطمئنا, وتوجد حيرة حقيقية في كيفية التعامل مع هذه القوي الصاعدة. فهناك رأي سائد يعبر عنه سياسيون محافظون في الإئتلاف الحاكم وعبر عنه المحلل السياسي المعروف جيدو شتاينبرج بأن سقوط نظام مبارك لم يخدم القوي الديموقراطية والليبرالية وإنما خدم الإخوان المسلمين الاكثر تنظيما وتمويلا لذلك يري اصحاب هذا الرأي في حالة الإحباط والمخاوف التي يثيرها فوز حزبي الحرية والعدالة والنور لدي القوي الليبرالية المصرية والشباب والمثقفين دليلا علي صحة المخاوف الغربية بأن المجتمع المصري لن يكون تعدديا في ظل وجود التيار الإسلامي علي رأس السلطة, بل أن إستبعاد القوي الأخري من المشاركة السياسية في ظل حكومة ذات مرجعية إسلامية سيكون حتميا. غير أن هناك رأي آخر يؤكد علي ضرورة إتاحة الفرصة للقوي الإسلامية وعدم التخويف أو الخوف منها بل أن وصولها للسلطة من خلال قبولها بقواعد اللعبة الديموقراطية يعني انها ستضطر لممارستها حتي النهاية بل أن رئيس البرلمان الألماني نوربرت لامرت يري أن إمكانيات بلاده للتأثير والدفع نحو الديموقراطية ستزداد في ظل إقامة علاقات قوية بالبرلمان المصري المنتخب حتي لو كان ذو أغلبية إسلامية.
ثورة 25 يناير.. نموذج يفتخر به اليونانيون!
بالرغم من أن اليونان هي بلد التظاهرات, و لم يمر أسبوعا واحدا بدون مسيرات و احتجاجات سواء في ساحة البرلمان وسط أثينا أو أمام الوزارات و المؤسسات المختلفة, إلا أن ثورة25 يناير المصرية, حازت علي إعجاب الجميع هنا, و أصبح ميدان التحرير رمزا للحرية و الكرامة, و الشاب المصري نموذجا يحتذي به, و امتلأت شوارع أثينا بصور الثوار و المتظاهرين المصريين, و تمني الجميع هنا في اليونان بأن تتحلي احتجاجاتهم بما قام به شباب مصر في ثورته السلمية و أيضا في ما آلت إليه الأمور من نجاح للثورة و معاقبة المفسدين.
و علي مدر أيام اندلاع الثورة منذ بدايتها و حتي بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك, تصدرت أحداث ثورة يناير البيضاء صدر الصفحات الأولي في الصحف اليونانية, كما استحوذت علي مساحات زمنية طويلة علي شاشات القنوات التلفزيونية سواء الخاصة أو المملوكة للدولة, و أشاد الجميع بثورة مصر و بنضال شعبها, و أن أرض الكنانة التي تغيبت طويلا نتيجة السياسات البائتة لابد أن تعود مجددا إلي ركب الدول القيادية المتحضرة و المتقدمة.
و بمناسبة مرور عام علي ثورة مصر المجيدة, كثر مجددا الحديث عن مصر و الثورة التي أبهرت العالم و غيرت مجري التاريخ سواء في مصر أو في المنطقة بأكملها, باعتبار أن مصر هي أم الدنيا كما يردد الكثيرون هنا و خصوصا هؤلاء اليونانيين الذين عاشوا و ترعرعوا علي أرض مصر التقدم والرقي في الستينات و عندما كان الجنية المصري يساوي3 دولار أمريكي كما سردت ل' الأهرام' ماريه يانكوبولو المولودة في مصر و عادت لليونان عام.1969 و تناول مركز البحر المتوسط للدراسات هنا في اليونان, الثورة المصرية و أهم ما تبعها من أحداث علي الأرض, و تساءل الباحث حول افتراض أن الأخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخري صغيرة تولت زمام الحكم في البلاد, فماذا يحدث عن التاريخ المعاصر والمستقبل السياسي لمصر؟ و هؤلاء الذين كانوا السبب الرئيسي للاضطرابات السياسية في مصر علي المدي الطويل, كما أن النظام القومي العربي فشل في تحقيق ما يصبو إليه العالم العربي, و عجز الحكام في تحقيق الوعود حول الاتحاد و التقدم الاجتماعي والاقتصادي, و المعاداة الجماعية ضد إسرائيل, وطرد النفوذ الغربي, كما فشلوا لفترات طويلة في القضاء علي الفساد في وقت غابت فيه الحريات. و أوضح المركز علي موقعة الإلكتروني أن الأسباب المباشرة لنجاح الثورة, شملت عدم رضا الشعب عن خلافة نجل الرئيس السابق مبارك, و خاصة هو الذي شكل نخبة ثرية خاصة من المحيطين به, في ظل المصاعب من الناحية الاقتصادية بالنسبة لجموع الشعب, و مصر الآن تتغير و لكن مع استمرارية الثقافة السياسية وبنية البلد, و لكن من الواضح أن مصر سوف تتحرك نحو التدين الإسلامي, بالرغم من صعوبة التحديد الدقيق لهذا التغيير حتي الآن.
من جانبه أكد وزير السياحة والثقافة اليوناني بافلوس جرولانوس أن مصر تغيرت في أعقاب قيام ثورة25 يناير, موضحا أنها مرت بأحداث عصيبة وقوية لتحقيق مطالب الشعب المصري, وأنها أثرت نفسيا علي الشعب اليوناني, وتوقع المسؤول اليوناني أن مصر سوف تصبح أكثر قوة خلال الفترة المقبلة, سواء علي المستوي المحلي أو العالمي, مشيرا إلي أن أمامها وقت لتأخذ وضعها الطبيعي الذي قامت من أجله الثورة.
من جهة أخري, صرح وزير خارجية اليونان ستافروس ديماس أن بلاده تتطلع للتعاون الوثيق مع مصر الصديقة, وذكر أن هناك مجالات عديدة تفرض نفسها علي الساحة للتعاون المستقبلي مع مصر, في مقدمتها البحث عن الغاز في البحر المتوسط, و الجاليتين, اليونانية التي تعيش في مصر و المصرية التي تعيش في اليونان, و الموقع الجغرافي و القضايا ذات الاهتمام المشترك موضحا أن بلاده تسعي بأن يكون لها علاقة جيدة وإيجابية مع جميع الأطراف في المنطقة, مشيرا إلي العلاقات التاريخية الوطيدة مع مصر منذ القدم, و مؤكدا علي أن مصر تعتبر من أهم الشركاء والأصدقاء لليونان. و في إطار حرص اليونان علي علاقاتها الجديدة مع مصر بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير, جعلها لا تصدر أي تحذيرات لرعاياها من السفر إلي مصر خلال الثورة أو بعدها, كما توالت زيارات المسئولين والبرلمانيين ورجال الأعمال اليونانيين إلي مصر.
وفي بيان صادر عن الخارجية اليونانية, أكد المتحدث الرسمي غريغوري ديلافيكوراس أن اليونان تري في مصر ركيزة استراتيجية للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ككل, ودولة يعد إسهامها ضروريا في المضي قدما نحو الديمقراطية بعد ثورة25 يناير, و أن أثينا تطلع لتعزيز علاقات تعاون متميزة مع القاهرة, واهتمامها بمتابعة التقدم الذي تحرزه مصر في عملية الإصلاح والتحول الديمقراطي وإعادة الأوضاع في البلاد إلي طبيعتها.
و نظمت الرابطة اليونانية- الأمريكية بالتعاون مع مركز الفنون التابع لمكتبة الإسكندرية, معرض للصور الفوتوغرافية التي تم التقاطها علي مدار18 يوما, منذ اندلاع ثورة25 يناير في ميدان التحرير مرورا بجمعة الغضب حتي سقوط النظام, و المعرض افتتحه السفير المصري بأثينا طارق عادل ورئيس مجلس إدارة الجامعة الأمريكية سبيروس قوسقوس جاء تحت عنوان' يوميات ثورة بلادي', والصور عرضت احتجاجات ثورة شباب مصر و التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ المصري, وأكد المعرض من خلال الصور, الإرادة القوية والإصرار علي العزيمة و الأمل في التغيير من قبل المتظاهرين في مصر, وقد تزاحم الزوار اليونانيون علي زيارة المعرض والتطلع من قرب علي فعاليات الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.