«الداخلية» تسمح ل21 مواطنًا بالتجنس بجنسيات أجنبية    سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 وعيار 21 الآن في سوق الصاغة بعد آخر هبوط    الرئيس السيسي يشهد افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية    جولة تفقدية لمسؤولي المدن الجديدة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير    وزيرة التعاون الدولي تُشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالسعودية    ما آخر موعد لمبادرة سيارات المصريين بالخارج؟.. وزيرة الهجرة تجيب    اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية خلال احتجاج مؤيد للفلسطينيين بجامعة واشنطن    إسرائيل تقصف أهدافا لحزب الله في جنوب لبنان    روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني    مباريات اليوم الأحد.. الزمالك في الكونفدرالية و«ديربي شمال لندن» ب«البريميرليج»    عاجل.. سر إنقلاب محمد صلاح على يورجن كلوب أمام الملايين (القصة الكاملة)    مصرع شخص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم بصحراوي أسوان    مطروح تستعد لامتحانات الترم الثاني.. غرف عمليات ومراعاة مواصفات الأسئلة    دور الصناعات الثقافية والإبداعية في دعم الاقتصاد.. أولى جلسات مؤتمر النشر بأبوظبي    الجزار: مسئولو المدن الجديدة في جولات موسعة لمتابعة مشروعات رفع الكفاءة والتطوير والنظافة    روسيا تعلن تدمير 17 مسيرة أوكرانية    صباحك أوروبي.. دعم صلاح.. معجزة ليفركوزن.. وميلان يتفق مع لوبيتيجي    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    حصول 4 برامج ب«آداب القاهرة» على الاعتماد من هيئة الجودة    42 عاما على تحريرها تنمية سيناء رد الجميل لشهداء الوطن    كولر يجهز حسين الشحات لنهائي أفريقيا فى مباريات الأهلي بالدوري    انطلاق دورة دراسات الجدوى وخطط الصيانة ضمن البرنامج التدريبي للقيادات المحلية    أغصان على شكل صلبان وورود.. الآلاف من الأقباط يحتفلون ب«أحد الشعانين» في كنائس المنيا (صور)    غدا.. «بلينكن» يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن    بعد اتهامها بالزنا.. عبير الشرقاوى تدافع عن ميار الببلاوى وتهاجم محمد أبو بكر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى على الدعوة00!؟    النسوية الإسلامية (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ): فى القرآن.. الناس يسألون النبى! "91"    نصائح هامة لتنظيم ساعات النوم مع التوقيت الصيفي    تحرير 7 محاضر مخالفة ضد أصحاب مخابز بالأقصر    خلال شهر مايو .. الأوبرا تحتفل بالربيع وعيد العمال على مختلف المسارح    تزامنًا مع قضية طفل شبرا.. الأزهر يحذر من مخاطر Dark Web    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    انتوا بتكسبوا بالحكام .. حسام غالي يوجّه رسالة ل كوبر    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    مصرع 5 أشخاص وإصابة 33 آخرين في إعصار بالصين    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    آمال ماهر ل فيتو: مدرسة السهل الممتنع موهبة ربانية ومتمرسة عليها منذ الطفولة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    تملي معاك.. أفضل أغنية في القرن ال21 بشمال أفريقيا والوطن العربي    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جينات المصريين حضارية.. وأفكارهم رجعية
عالم المصريات الدكتور وسيم السيسى ل«الوفد»:
نشر في الوفد يوم 09 - 01 - 2017

الدكتور «وسيم السيسي» باحث في تاريخ مصر القديم، ومدافع عن الهوية المصرية، وحافظ لتاريخ أجدادنا وكاشف لنقاط الفخر والزهو فيه في العديد من دراساته وكتبه ومقالاته وصالونه الثقافى المميز.
برأي «السيسي» فإن الهوية بالأرض وليست باللغة أو بالدين وأن جينات المصريين سواء مسلمين أو مسيحيين هي جينات واحدة وأن الصهيونية العالمية هي أخطر تحد يواجه الهوية المصرية.
انتقد الدكتور «وسيم» المثقفين ورأي انهم يشوهون تاريخهم القديم وقال إن معظم وزراء الثقافة والتعليم يحتاجون إلي تربية وتعليم ولهذا نحتاج إلي مصالحة بين المصري وبين تاريخ أجداده حتي لا يعتقد أنهم كانوا يعبدون الجعران والخنافس.
وأضاف أن مبارك وحكوماته ووزراء الثقافة والتعليم جنوا علي المجتمع بمنطق فاقد الشيء لا يعطيه وأن المسئولين يتعاملون مع النصيحة وكأنها كلام من رصاص وجثثهم من نحاس وإلي نص الحوار..
ما الذي يؤكد أن الحضارة المصرية هي أصل الحضارات؟
بدأت الحضارة المصرية القديمة 5619 قبل الميلاد ونضيف إليها 2106 فتصبح أكثر من 7000 سنة رغم أنف المتحف البريطاني الذي قال إن الأسرة الأولي كانت 3200 ولكن «اندريه يوشان» العالم الفرنسي حصل علي عينات من المحميات المصرية للأسرة الثانية فوجدها أقدم مما أعلنه المتحف البريطاني بألفي سنة، و«مانيتون» المؤرخ المصري قال ان الأسرة الأولي 5615 قبل الميلاد وسبب استقرار الحضارة المصرية القديمة هو النهر كما قال «هيجل»: الحضارة تحتاج بنية تحتية «الزراعة» القائمة وبنية فوقية «الحضارة»، ولهذا حضارة مصر حقيقية لأنها قامت علي الزراعة وانبثق عنها «الصناعة»، ثم إن الحضارة النهرية تقوم علي التعاون والحب لأن الإنسان لا يستطيع أن يزرع أو يحصد أو يصد مخاطر الفيضان بمفرده ولهذا يحتاج إلى تعاون باقي المجتمع.
ما الذي استمر من هذه الحضارة ولم يتغير حتي الآن؟
يكفي ما توصل إليه الفريق العلمي لجامعة كامبردج بقيادة «مارك دوبلج» ورفاقه بأن جينات الآسيويين» والأوروبيين منذ 55 ألف سنة مضت هي جينات مصرية وشعب واحد جينيا وبيولوجيا وأن 97٫5٪ جينات المسلمين والمسيحيين واحدة وأن 87٫5٪ من جينات أجدادنا مازالت فينا ومصر أصل الحضارة وقد انبثق عنها حكومة مركزية لم ينفرط عقدها حتي الآن.
إذن ما الذي يميز مكنون الهوية المصرية؟
أولاً نحن مصريون نتحدث اللغة العربية لأن الهوية ليست باللغة، لأنه يوجد 28 دولة فرانكوفونية تتحدث الفرنسية وليسوا فرنسيين وأمريكا تتحدث الانجليزية وليست انجليزية، وكذلك أمريكا اللاتينية تتحدث الإسبانية وليست إسبانية فاللغة ليست مقياسا للهوية ثم إن العرب أنفسهم يقولون علينا مصريين ومن الناحية الدينية العرب أحفاد أحفادنا لأنهم أبناء «هاجر» والمفترض أن ينسب الحفيد الي الجد وليس العكس أو من يقول
إن مصر دولة إسلامية فلابد أن تكون عربية، فماذا عن ايران وتركيا وأندونيسيا هذه دول اسلامية وليسوا عربا ولهذا الهوية بالأرض وليست باللغة ولا بالدين.
وما هي التغيرات التي طرأت علي الهوية المصرية.
بكل أسف مر علي مصر 2500 سنة احتلالا منذ الاحتلال الفارسي حتي الاحتلال الانجليزي، وهذا كان له دور كبير في إلغاء الاحساس بالتاريخ لدي المصريين حتي لا ننهض وهذا ما قاله أحد المؤرخين اليونانيين هزمناهم حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم ثم انه خلال الأربعين سنة الماضية جزء كبير من الشعب هاجر الي الخليج، وعاد إلينا حاملاً الثقافة الرملية الخليجية وبعدما كنا مصدرين للثقافة المصرية، أصبحنا مستوردين لثقافة رملية مختلفة عن ثقافتنا وأصبحوا يلبسون دبلة فضة ويتركون الذهب للمسيحي ويرتدون الجلباب القصير والحجاب والنقاب وهذه بدايات الانقسام من المخططات الصهيونية كما قسموا الهند وباكستان وكوريا الشمالية والجنوبية وبلاد الشام الي الأردن وفلسطين والشام وسوريا واليوم قسموا السودان.
لكن مصر عصية علي التقسيم؟
علينا الحذر والفهم والعمل لأن خطة «برنارد لويس» الذي تقدم بها الي «برفيكس» مستشار الأمن القومي للرئيس «كارتر» وافق عليه الكونجرس بالإجماع علي أن يكون خطة ممنهجة مستقبلية وعلي الحكومات المتتابعة لأمريكا تنفيذها وأيضا مذكرات «موشيه شاريت» وزير خارجية اسرائيل مع «بن جوريون» وكيفية تدمير الدول الكبري حول اسرائيل وهي العراق وسوريا ومصر وبالفعل دمرا سوريا والعراق ثم تحول الهدف الي مصر وسارت الأمور علي هواهم وجهزوا جيش مصر الحر علي غرار جيش سوريا الحر ليحارب قواتنا المسلحة في سيناء من خلال الحفريات الحية التي تنعق كالبوم في الخرائب بوضع بذور الفتنة الطائفية في مصر حيث بدأوا بالصعيد مع الفقر والجهل والتهميش ولكن فاق الشعب في 30 يونية وانتبه والتاريخ يؤكد ان العصور الذهبية لمصر عندما يكون المسلم والمسيحي إيد واحدة.
وكيف تستمر هذه الاستفاقة والانتباهة؟
بالتعليم ولكن للأسف معظم وزراء التعليم كانوا في احتياج الي تربية وتعليم حتي يعلموا تاريخهم جيدا ويعلموه لأولادنا تاريخا صحيحا حقيقياً.
هل تطالب بإعادة كتابة التاريخ؟
نعم.. والدكتورة «نعمت أحمد فؤاد» طالبت بذلك فمثلا نحن نذكر لأولادنا أن «عمر مكرم» قام بثورة شعبية عزلت «خورشيد» باشا وجاء ب«محمد علي» والياً علي مصر ولا نذكر أنه كان معه «جرجس الجوهري» وكان رجلا له صولجان عظيم وانهما الاثنان عزلا «خورشيد» وأتيا ب«محمد علي» وواقعة أخري في ثورة«عرابي» بعدما عزله «توفيق» ان «عرابي» عاد الي الجيش عن طريق الشيخ «إمبابي» شيخ الأزهر مع «كرلس الرابع»أبو الاصلاح وأول من فتح مدارس بنات في مصر وأول من أدخل المطبعة بعد أن تم منعها دخول مصر 100 سنة فقد ضغطا علي الخديو «توفيق» بمساندة الشعب لإعادة«عرابي» ثم رفع «كرلس» الرابع والشيخ «امبابي» وثيقة الي الباب العالي يطالبان فيها بعزل الخديو «توفيق» لأنه خان الملة والدين والشرع فهذه هي الوحدة الوطنية التي عاشتها مصر حتي أوائل الخمسينيات والأرقام خير لغة علي هذا فمنذ 1919 وحتي 1971 سجل حالتين عنف ضد المسيحيين في الخانكة والاسماعيلية، ومنذ 1971 وحتي اليوم سجل 400 حالة اعتداء عنيفة.
وكيف استقبلت مقولة الرئيس «السيسي» عن حتمية استعادة الهوية؟
بالطبع الرئيس يشعر بالخطر علي الهوية، والهوية لن تتأتي إلا بحب هذا الوطن والحب لن يتأتي إلا بالإعجاب به وبتاريخه والاعجاب لن يأتي إلا بالمعرفة التي تتحدث بالتنوير، ومن هنا يفخر المصري ان بلده قام بأول عملية جراحة مخ منذ 4 آلاف سنة وأجرت عملية المياه البيضاء وهذا مرسوم علي الجداريات في المعابد والعالم كله كان يعيش في الكهوف والدراسات الحديثة تقول ان الأهرام كانت مراصد فلكية ومحطات لتوليد الطاقة لتقطيع الجرانيت والكتابات الموجودة علي الجرانيت لا يمكن أن تكون بالأزميل بل بالليزر والملحق الثقافي الألماني، قال: ان لديهم عقدا فرعونيا في برلين لا يمكن أن تكون ثقوبه بهذه الجودة إلا انها ثقبت بشعاع إذن المصري عندما يعرف تاريخه هذا سيستعيد هويته.
إذن ما هو الحافز المهم والقوي لدي المصريين يستطيعون استخدامه كأيقونة للتنوير؟
أولاً.. لابد من عمل صلح بين المصري وتاريخه لأنه لا يعرف شيئاً عن هذا التاريخ ويعتقد ان أجداده كانوا يعبدون الخنافس والجعران، ثم نعرفه ان كلمة دين وصوم وحج وكعبة وماعون كلمات مصرية قديمة، وأن تاريخه لا يتعارض مع الأديان التي جاءت لتذكر الناس بما كان والمصريون القدامي كانوا يصلون وصورهم تدل علي ذلك، والقرآن قال: أولئك الذين يخرون للأذقان سجداً والمصريون هم الذين سجدوا علي أذقانهم ونعلم المصريين ان العلوم الطبية نشأت في مصر لأنها أم العلوم والحضارة، وأول قانون للأخلاق نشأ في العالم من مصر، ويكفي ما قالته «كارن شويت» عمدة برلين الحالية في تصريح: كيف كان سيكون شكل العالم اليوم ما لم تكن الحضارة المصرية القديمة.. وأيضاً «والسي باتش» عالم المصريات الحديثة، قال: نحن في حاجة إلي قرنين من الزمان حتي نصل إلي هذا المستوي الرفيع من الحضارة المصرية القديمة.. و«جيمس هربرست»، قال: كان يوم اسود في حياتي عندما بدأت دراسة قانون الأخلاق في مصر القديمة لأنني وجدته أسمي بكثير من الوصايا العشر ويكفي أن بها اعترافات للمصري، تقول: لم أعذب نباتاً بأني نسيت أسقيه ماء، أو لم أكن سبباً في دموع انسان.. ولم أكن سبباً في شقاء حيوان ولم أتعال علي غيري بسبب منصبي ولم أرفع صوتي علي غيري أثناء حواري معه.
كيفية المصالحة مع تاريخنا ونحن نفصل تاريخ مصر إلي حقبة تاريخية مع انه تاريخ أمة واحدة.
هذه نقطة مهمة جداً لأن القائمين علي دراسة التاريخ لا يفهمون أن الهوية تتأتي كحقبة واحدة وأن المصريين تاريخ واحد وجينات واحدة فالشعب المصري أنقي شعب في العالم بيولوجياً لأنه لم يختلط مع شعوب أخري، و«مارجريت كاندل» عملت دراسات علي اليهود وعلي الجنس الآري فوجدتهم انهم أجناس «بزراميط» لكن الجنس المصري نقي.
تراث مصر مليء بالمفكرين والليبراليين والمحافظين أو القيادات الدينية المستنيرة فما الذي أوصلنا إلي هذا الوضع المتدهور؟
نستطيع القول ان النصف الأول من القرن العشرين كان به ديمقراطية وحرية حتي الحالة الاقتصادية كانت منتعشة لأن الجنيه المصري كان يساوي 4 دولارات ولكن المسئولين لدينا أصبحوا سياسيين ينظرون إلي الكرسي وليسوا مصلحين ينظرون إلي المصلحة العامة فمثلاً: «أحمد لطفي السيد» استقال من الجامعة لمجرد أن «طه حسين» حول إلي المحاكمة بسبب أفكاره ولكن بعد 1952 أصبح المناخ مختلفاً، أضف إلي ذلك تلك الهيمنة الخاطئة لمفهوم الدين مع أن الدين صالح لكل زمان ومكان وأن النص وجد من أجل المصلحة وإذا تعارض النص مع المصلحة فنبدي المصلحة علي النص لأنها هي الأساس لكن المؤسف ان التفسير اتجه إلي عموم اللفظ وأصبح النص يعمم علي كل شيء دون البحث في أسباب النزول أو نزل النص لمن وفي أي موقف والنتيجة هو انحدار المجتمع إلي هذا الحد الذي نعيشه.
تقصد اننا نعيش في مجتمع بجينات حضارية وأفكار رجعية.
طبعاً.. ويبدو بكل أسف ان سلاح المال في يد الوهابية جعلهم يشترون الكثيرين من أصحاب الأقلام والآراء والفتاوي مما جعل الوهابية هي الأخطر علي العالم كله.
هل المثقفون يخضعون للنظم السياسية أم للمناخ العام كفكر منغلق؟
للأسف لاحظت أن المثقفين ليست لديهم دراية بتاريخهم مع أن من ضمن الشروط التي دفعها «ويل ديوارنت» للمثقف أن يكون ملماً بتاريخ بلده من قبل التاريخ وأن يجيد لغة الأم إجادة تامة فهماً وتعبيراً وأن يجيد لغة أجنبية حتي يقرأ فكر المؤلف وليس فكر الترجمة وأن يكون ملماً بالثورات الكبري التي غيرت تاريخ البشرية مثل الثورة الفرنسية والروسية والأمريكية والمصرية ولكنهم للأسف لا يعلمون أن الحرب العالمية الأولي مصر قدمت فيها جيشا من 1200000 مليون ومات منهم 600 آلاف ومقابرهم شاهدة علي ذلك في فرنسا وبلجيكا وهولندا ودول العالم والدكتور «أشرف صبري» له مؤلف في هذا الموضوع وحكي أن «سيد درويش» غني ويجت.. يا وينجت بلادنا خربت ثم ان مقولة مصر أم الدنيا نشأت في ذلك العصر لأنها كانت تطعم 18 جيشا ل18 دولة علي أرضها.. فهل المثقفون يعرفون ذلك؟ وهل يعرفون الانفجارات العلمية التي غيرت مسار العالم وأن «كابلنك» في كتابه الاعترافات يقول: ليغفر لي الله سرقتي قوانين حركة الأجرام السماوية من علي التماثيل الذهبية في مصر القديمة، فمصر لديها 36 وثيقة أصلية في الرياضيات جمعها 4 علماء «أرشيبال» و«تشيز» و«يانج» و«بيل» ويكفي أن مصر اكتشفت قانون النسبة التقريبية 22/7، ولكن للأسف المثقفين غير ملمين بتاريخهم بل يشوهونه.
فى أى جانب يتم هذا التشويه؟
عندما يعتقد البعض أنه تاريخ وثنى، وأذكر أننى فى مؤتمر به عدد من الأساقفة قلت لهم بدلا من أن تعلموا أولادنا أن العائلة المقدسة أثناء رحلتها إلى مصر كانت الأوثان تتساقط فلماذا لا تخبرونهم أنها كانت أوثان الرومان لأن مصر عرفت الإله الواحد منذ 5 آلاف سنة، وعندما جاء «سان مارك» القديس «بطرس» سنة 65 ميلادية إلى مصر، قطع حذاءه فأعطاه إلى اسكافى مصرى فى أثناء خياطته له دخل المخراز فى اصبع الاسكافى فقال: يا الله الواحد فقال له «سان مارك» أنا قادم لأعرفك الإله فقال الإسكافى نعرف الإله الواحد منذ 5 آلاف سنة فقال له سأعرفك العذراء «مريم» فقال لدينا العذراء «إيزيس» فقال «سان مارك» سأحدثك عن الطفل الإله يسوع، فقال الإسكافى لدينا الطفل الإله «حورس» فقال «سان مارك» لقد وجدت المسيحية فى مصر وهذا مما سهل دخولها كديانة إلى مصر.
كيف نرى الرباط المصرى الذى جعل «سينوت خا» يفتدى «النحاس باشا» والمسيحيون يضحون بكنائسهم بعد 30 يونية حتى لا تشتعل حرب أهلية؟
هذا لأن المصريين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين يعرفون أن هذه بلادهم وأرضهم ووطنهم وعندما يظهر 100 ألف يعملون جلبة من بين 100 مليون مصرى فهذه ليست مصر بل هى رياح شريرة وافدة على هذا الوطن، لكن المصائب دائما صوتها عال والشر صوته أعلى.. ونغمة المسلم والمسيحى لم تكن موجودة فى السابق، وأذكر عندما رجعت من إنجلترا قدمت أوراقى فى جامعة الأزهر دون حساسية، وقابلت الدكتور «حسن عبدالعال» وقال لى كلية الطب جامعة إسلامية وستتولى مستشفى «أحمد ماهر» لأننا سنحولها إلى مستشفى جامعى ونضمها إلى الأزهر وستعين لأننا نعين المسلمين ونترك المسيحيين، فقلت له: إذن أنا لن أتقدم لأننى مسيحى، فاعتذر وارتبك وانتهى الأمر.
أين يكمن السر فى تماسك مصر؟
هذا التماسك فى التراث لأن الأجيال توارثت ثراث أجدادها، ولنا أن نعرف فى لغتنا المعاصرة 15 ألف كلمة نتحدث بها وهى كلمات مصرية قديمة خاصة فى الريف المصري، ولهذا مصر تختلف عن أى دولة أخرى فى العالم، فشعب مصر لازال يحتفى بذكرى الأربعين والخميس فى الوفاة، ويحتفى بمناسبة السبوع فى الميلاد، فهذه الطقوس استمرت بالتوارث، و«ستامب» يقول: رغم الغزوات الكثيرة التى مرت على مصر إلا أنها لم تتغير فى الهوية أو الجنسية ولكن التغيير كان فى الحكام، لأن المشكلة فى مصر ليس فى غزوها بل الوصول إليها ونادرًا ما نجد شعبًا متماثلاً فى الشكل الظاهرى بل طباعه وصفاته وأخلاقه وسلوكه ومزاجه كما نجد هذا التماثل فى الشعب المصرى خاصة فى الأفكار.
وما هو التحدى الأخطر الذى يواجه هذه الهوية؟
الصهيونية العالمية هى أخطر وأكبر تحد يواجه الهوية المصرية لأنها تحاول أن تفرقنا وتقسمنا، وهذا ثابت فى مذكرات «موشيه شارين» الصهيونى الذى يؤكد سعى الصهيونية إلى تدمير 3 دول حول إسرائيل مصر والعراق وسوريا على أسس دينية وطائفية، ويقول إن نجاحهم لا يعتمد على ذكائهم بقدر ما يعتمد على غباء وجهل الطرف الآخر الذين يسعون إلى شرذمته وتقسيمه ولهذا على المثقفين أن ينتبهوا ويقوموا بدورهم الفكرى والتوعوى والثقافى تجاه أوطانهم وأيضا على المسئولين أن يتوحدوا ويستمعوا إلى النصيحة ولا يتعاملوا كالمثل القائل ودن من طين وأخرى من عجين، أو أن يستمعوا إلى كلام مثل الرصاص وجثثهم من نحاس الآن التاريخ حينها لن يرحمهم إذا تكاسلوا أو خضعوا أو خنعوا فعليهم الاستعداد والتحصين والمواجهة.
هل يمكن استحضار تجربة الدكتور «طه حسين» وطرح تساؤله أين نحن فى الحضارة الحديثة؟
يمكن أن نأخذ فى أى بلد ما يصلح لنا، لكن كيف المسئولون لدينا ليسوا مصلحين، بل سياسيون، فعندما سألوا «هيربرت سيمتبر» كيف تتقدم أوروبا؟ قال: يجب أن يكون لها تاريخ، فقالوا: ليس لها تاريخ، فقال فلنأخذ التاريخ اليونانى أو الرومانى، فحصلت على التاريخ اليونانى المأخوذ فى مصر القديمة، والدكتور «محمود السقا» فى كتابه «فلسفة وتاريخ القانون المصرى القديم» اثبت فيه أن القانون خرج من مصر لأن «سولون» اعتنق الأمونية حتى يدخل المعابد المصرية ويطلع على القوانين المصرية ثم نقلها إلى اليونان، ثم حصلت عليه روما من اليونان واطلقت عليه قانون «جوستنيان» ثم نقله
«نابليون» من روما إلى فرنسا وأطلق عليه قانون «نابليون» ثم نقل إلى القانون المصرى ولهذا قال الدكتور «السقا» بضاعتنا ردت إلينا، وهذا يؤكد أن مصر أصل الحضارة، ولا مانع من الاستفادة من أى تجربة حضارية فى العالم لأنها ستكون بضاعتنا وردت إلينا.
وماذا عن دور التعليم فى الحفاظ على الهوية المصرية وغرس القيم المصرية من تعاون وانتماء وحضارة؟
التعليم عليه جانب كبير جدا فى الحفاظ على الهوية من التشتت والضياع، ولكننى اتمنى من وزير التربية والتعليم أن يطبع على ظهر كل كتاب يتم تدريسه لأولادنا من الاعدادى حتى المرحلة الجامعية خريطة «برنارد لويس» التى تسعى إلى تقسيم المقسم وتفتيت المفتت استكمالا لاتفاقية «سايكس بيكو» خاصة بعدما تم تقسم العراق إلى سنة وشيعة وأكراد، وتم طرد المسلمين السنة والمسيحيين من جنوب العراق، وما يحاك لمصر من تقسيم خاصة بعد تقسيم السودان وسعيهم لإقامة دولة النوبة ثلثها فى السودان وثلثان فى مصر حتى أسيوط وعاصمتها ستكون أسوان فهذا هدفهم الذى يسعون إلى تحقيقه، وحتى نتأكد من الخطر المحيط بنا سنتوحد كما توحدنا فى أكتوبر 1973 وفى 30 يونية، وهذا الخطر سيجعلنا نتحمل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد.. ولكن للأسف لا أحد يعرف شيئًا عن هذه المخططات التى غيرت وتغير وجه المنطقة، ولهذا قالوا إن التربية فى النشأ تبدأ قبل 25 سنة من ميلاد الطفل، أى أن الأب والأم يكونان متعلمين لأن فاقد الشيء لا يعطيه، و«لاميروزو» قال: إن المجرم الحقيقى هو المجتمع غير مؤسساته، وما هؤلاء المساكين إلا ضحاياه فى تنفيذ جريمته، فالحكومات ووزراء التعليم والثقافة والرئيس «مبارك» جنوا على المجتمع خلال الثلاثين والأربعين سنة الماضية لأنهم لم يقدموا شيئا للتعليم والثقافة «وتركوا الدنيا ترقع فى بعضها»، لأنهم لم يكن لديهم شيء يعطونه حيث ينطبق عليهم مقولة «فاقد الشيء لا يعطيه».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.