تحتفل الأمة الإسلامية هذه الأيام بمولد رسولنا الكريم «محمد» صلى الله عليه وسلم، وكما هى عادة الدراما التلفزيونية والسينمائية، ترصد الشخصيات الدينية لتعليم الناس بقواعد دينهم باعتبار الفن هو الوسيلة الأقرب لتوصيل المعرفة والعلم، وكانت سيرة الحبيب مادة خصبة للعديد من المسلسلات من بينها «محمد رسول الله»، «الهجرة»، «السيرة النبوية»، و«النبى محمد».. كلها مسلسلات حققت نجاحًا منقطع النظير، لكن الغريب أنه منذ تقديم هذه المسلسلات وما تلاها من بعض الأعمال التى تناولت السير الذاتية للأنبياء والعشرة المبشرين بالجنة والأئمة لم نشاهد أعمالًا أخرى، ولم تعد شركات الإنتاج تهتم بتقديم أعمال تتناول الشخصيات الدينية وأصبح اعتماد الدراما بأنواعها على المواضيع الاجتماعية والبلطجة، ولم يعد المنتجون يهتمون بتقديم هذه النوعية من الأعمال.. حاورنا صنّاع الأعمال الفنية لمعرفة أسباب غياب المنتجين عن تقديم هذه الأعمال فكانت هذه آراؤهم. الكاتب بهاء الدين إبراهيم قال: إن المنتجين أصبح لديهم غياب عن الوعى بأهمية الأعمال الدينية، فهى ليست مجرد مسلسلات تليفزيونية، لكنها أعمال ذات قيمة وضرورة تقديمها امر يعتبر واجبا دينيا لا يقل اهمية عن التعليم فى مصر، وأشار إلي ان الايام الماضية شهدت الكثير من كبت الحريات كان أبرزها تحريم ظهور الانبياء كما جعل المنتج يسعى «لتكبير دماغه» من الرقابة، وعدم الدخول فى مشاكل مع الدولة، والأهم من ذلك هو غياب المنتج الوطنى، فلم يعد هناك إنتاج حكومى، يحترم الأعمال الدينية ويقدمها، الكل يسعى إلى الإنتاج الذى يجمع إيرادات سريعة، ووصلت الأزمة أن صاحب القناة نفسه يعرض العمل الدينى فى أوقات توصف «بالمميتة» ويحرم المشاهد منها باعتبارها لا تجلب إعلانات، وتكون النتيجة فى النهاية هى إصرار المنتج على إلغاء هذه النوعية من الأعمال نهائياً من حياتهم. بينما أكد المخرج مصطفى الشال أكثر من قدم هذه النوعية من الاعمال، ان الحل الوحيد لعودة الأعمال الدينية من جديد هو عودة قطاع الإنتاج الخاص بالدولة، لأنهم المسئولون عن ذلك، المنتج الخاص لا يسعى على الإطلاق لتقديم هذه النوعية من الأعمال لأنه يعلم أنها لا تجلب إعلانات، وهذا ليس فى عهدنا فقط والجميع يتعامل معه باعتباره مسلسلاً غير جاذب للاستثمار، ومن يعمل فيه يخسر أمواله ورغم أن الإنتاج مفتوح فى الدولة إلا أنهم لم يفكروا فى إنتاج عمل كبير يصلح لأن يكون معبراً عن ديننا، وأعتقد أن مصر فى المرحلة المقبلة ستعود للاهتمام بتقديم مسلسلات دينية مرة أخرى، وتقدم مسلسلات على مستوى عالٍ فى مواجهة المسلسلات السورية والقطرية والإيرانية. وأضاف أن المسلسلات الدينية فى الفترة المقبلة لن تواجه صراعات مع رجال الدين لأن قواعد مصر التى تفترض منع ظهور الصحابة والأنبياء قرار يحترم، وأنا كمخرج مسلسلات دينية لا أفضل ظهور الأنبياء لأننا لدينا خطوط حمراء وكان يتم التعامل مع العمل الدينى على أنه سد خانة ليس أكثر، المسلسلات الدينية لا بد أن تهتم بها الدولة مثل التعليم، فالاثنان فى مستوى واحد، لكن النظام القديم كان يضع ميزانيات أقل بكثير من الأعمال الاجتماعية، وأيضاً يصرفون أكثر على مسلسلات من أجل تحسين وضعهم وهذا حرام، المسلسلات الدينية هى الأمل الأكبر لنشر مفاهيم الدين الصحيح بشكل راقٍ، ونجاح مسلسل «محمد رسول الله» فى عرضه حتى هذه الأيام يؤكد الخيبة التى نعيش فيها. الكاتب يسرى الجندى أكد أن النص الدينى عزيز لأنه صعب فى تأليفه ويحتاج إلى مراجعات كثيرة وموافقات من الرقابة والأزهر، ومن ناحية التليفزيون نفسه كان المسلسل يعرض دائماً فى وقت غير ملائم، وبالتالى لا يجلب إعلانات ولا يجمع إيرادات وكلها عوامل تجعل الإقبال قليلاً على إنتاج مثل هذه المسلسلات، ولو أن المسئولين فى التليفزيون أعطوا له الاهتمام الكافى سيتصدر كما كان، منذ سنوات قليلة مثلما حدث مثلاً مع مسلسل عمر بن عبدالعزيز وأبو حنيفة وإمام الدعاة وتراجع الدراما الدينية نتيجة عدم الاهتمام بالمسلسل الدينى، بالإضافة إلى أن هذا ما أوصل لهذه المكانة الآن المسلسلات السورية أولاً ثم أعقبتها المسلسلات الإيرانية، ولذا اذا لم يكن هناك اهتمام بتقديم الأعمال الدينية ستكون ذلك أيضاً وسيلة لنقص التدين فى مصر لأن هناك الكثيرين الذى يستندون الى ثقافتهم من الشاشة. وقالت الفنانة عفاف شعيب إن السبب الحقيقى وراء انهيار الإنتاج المصرى فى تقديم مسلسلات دينية، هو عدم وجود مساعٍ حقيقية وتفكير جدى فى تقديم أعمال محترمة، فالمسلسل الدينى يحتاج إلي تكلفة عالية جداً وديكورات جيدة، حتى يحظى بكل معايير النجاح، وأضافت: لذا لا يتم النظر للأعمال ذات الجنسيات الأخرى ومواجهة الخطأ فيها فعلى سبيل المثال المسلسلات الإيرانية تمثل خطورة كبيرة على الأمن القومى المصرى لأن هؤلاء لا يقدمون مسلسلات دينية لمجرد التدين إنما يقصدون بها التسلل إلى الناس لنشر الطريقة الشيعية، فالمسألة لا بد أن تتصدى لها الدولة قبل أن يفوت الوقت عندما نرى مسلسلات إيرانية كلها تتسلل بخفاء إلى المشاهد وهو بذلك لا يقصد الإمتاع فهو يتعمد إنتاج مسلسلات عالية التكلفة، وأنا أقترح علي الدولة أن تقف بإمكانياتها حتى يمكن أن ننتج مسلسلات دينية مناسبة بدرجة كافية، فهذا العام قدمت مسلسلات اجتماعية كثيرة فى حين تم تقديم مسلسل واحد فقط دينى ولم يحظ بأى نسبة مشاهدة، الأساس أن الدولة كانت لا تهتم بإنتاج المسلسلات الدينية، لكننا الآن نرجو ألا يستمر هذا الأمر، والجهات المسئولة لا تقصد أن تنتج عملاً دينياً لكنها تنتجه فقط لمجرد التواجد.