سحب البساط من المسلسل الديني المصري في الوقت الذي شهدت فيه الأعمال الدينية التاريخية المنتجة من قبل بعض الدول العربية تقدماً ملحوظاً علي الرغم من الهجوم الذي قد تناله أحياناً بسبب اقترابها من الصحابة وآل البيت، ولكننا في النهاية أمام تراجع مصري يصل إلي حد الانحدار في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تضافر الإبداع مع الفكر الإسلامي لتقديم صورة حقيقية لديننا الحنيف. إن مصر منارة الإسلام وعاصمة الأزهر الشريف عار عليها أن تكون في أسفل القائمة بالنسبة للأعمال الدينية والتي اكتفينا فيها بنصوص جيدة في حين طغي الإنتاج علي كل بنود المسلسل الأخري فلم نظفر بممثلين كبار كما كان يحدث من قبل مثل نور الشريف ومحمود يس إلى جانب ديكورات فقيرة وملابس رثة والنتيجة مصر خارج المنافسة في الأعمال الدينية. مصطفى الشال: الأمل في أيدى الإسلاميين قال المخرج مصطفى الشال إننا في العصر البائد لم يكن هناك اهتمام علي الإطلاق بالمسلسل الديني وتعامل المنتجون معه باعتباره مسلسلاً غير جاذب علي الاستثمار ومن يعمل فيه يخسر أمواله ورغم أن الإنتاج مفتوح في الدولة إلا أنهم لم يفكروا في إنتاج عمل كبير يصلح لأن يكون معبراً عن ديننا، وأعتقد أن مصر في المرحلة المقبلة ستعود للاهتمام بتقديم مسلسلات دينية مرة أخرى، وتقدم مسلسلات علي مستوي عال في مواجهة المسلسلات السورية والقطرية والإيرانية، وأضاف أن المسلسلات الدينية في الفترة المقبلة لن تواجه صراعات مع رجال الدين لأن قواعد مصر التي تفترض منع ظهور الصحابة والأنبياء قرار يحترم وأنا كمخرج مسلسلات دينية لا أفضل ظهور الأنبياء لأننا لدينا خطوط حمراء لا نتحدث فيها وأنا تخيلت أن الضجة الشديدة التي أحدثها مسلسل الفاروق سيكون مسلسلاً بقوة عمر ابن الخطاب فوجدته شخصية عادية لم تعترف بقيمة الصحابي الجليل لكن للأسف وجدته بشراً عادياً فهناك إنجازات كثيرة نعرفها عن عمر لم يتناولها المسلسل فلم يتناول السيرة النبوية وكيف تم تناوله في القرآن وكيف دخل الإسلام فهو يتناول حتي الحلقة 24 فتح مكة والهجرة ولم يتحدث عن عمر إلا في 6 حلقات فقط رغم أن شخصيته تحتاج إلى ألف مسلسل لحكايتها، فللأسف الشركة المنتجة اهتمت بالصرف علي المسلسل لكنها لم تصرف على عمر نفسه ولا السيناريو، وأنا ضد ظهور الأنبياء لكني مع أن يري الناس الوجه المشرق للإسلام فكيف نقدم الشيء العظيم وأخذ الشخصية في إطار الجانب الإسلامي والمعارك وأركز علي الشخصية مثلما ركزنا علي الشيخ الشعراوي، وأضاف: أنا أتوقع أن الحكم الإسلامي سيتيح الفرصة، فإذا لم يكن في عهد الإخوان المسلمين تقدم أعمال دينية فمن سيقدمها وأكد أن النظام كان ينظر إلى الأعمال المدنية الليبرالية ويتعامل مع العمل الديني علي أنه سد خانة ليس أكثر لكن نتمني أن يكون الرئيس الذي يخطب أسبوعياً بعد صلاة الجمعة أنا أقول إن المسلسلات الدينية لابد أن تهتم بها الدولة مثل التعليم، فالاثنان في مستوي واحد، لكن النظام القديم كان يضع ميزانيات أقل بكثير من الأعمال الاجتماعية وأيضاً يصرفون أكثر على مسلسلات المخابرات ويصرفون عليها من أجل تحسين شكلهم. بهاء الدين إبراهيم: الحكومة انشغلت بمسلسلات الرقص لأنها تجمع أموالاً أكثر وأكد الكاتب الدكتور بهاء الدين إبراهيم أن هناك أزمات كثيرة تواجه إنتاج المسلسل الديني في مصر وهو ما أدى إلي تراجع الإنتاج الديني بشكل ملحوظ مثلاً أن إنتاج المسلسل الديني يحتاج إلى ميزانية كبيرة مقارنة بالمسلسلات الأخرى، والنصوص المتاحة عنه محدودة للغاية، بمعني أن النص الديني عزيز لأنه صعب في تأليفه ويحتاج إلي مراجعات كثيرة وموافقات من الرقابة والأزهر، ومن ناحية التليفزيون نفسه كان المسلسل يعرض دائماً في وقت غير ملائم وبالتالي لا يجمع إعلانات ولا يجمع إيرادات كلها عوامل تجعل الإقبال قليلاً علي إنتاج مثل هذه المسلسلات، ولو أن المسئولين في التليفزيون أعطوا له الاهتمام الكافي سيتصدر كما كان، والمسلسل الديني كان يتصدر المسلسلات منذ سنوات قليلة مثلما حدث مثلاً مع مسلسل عمر بن عبدالعزيز وأبو حنيفة وإمام الدعاة وتراجع هذا الاهتمام بعد تراجع الدولة بالاهتمام بالمسلسل الديني، بالإضافة إلى أنه ما أوصل لهذه المكانة الآن المسلسلات السورية أولاً ثم أعقبتها المسلسلات الإيرانية، وأضاف بهاء الدين أن المسلسلات الإيرانية تمثل خطورة كبيرة علي الأمن القومي المصري لأن هؤلاء لا يقدمون مسلسلات دينية لمجرد التدين إنما يقصدون بها النصر والتسلل إلي الناس لنشر الطريقة الشيعية، فالمسألة لابد أن تتصدى لها الدولة قبل أن يفوت الوقت عندما نري مسلسلات إيرانية كلها تتسلل بخفاء إلي المشاهد وهو بذلك لا يقصد الإمتاع فهو يتعمد إنتاج مسلسلات عالية التكلفة وأنا أقترح من الدولة أن تقف بإمكانياتها حتي يمكن أن ننتج مسلسلات دينية مناسبة بدرجة كافية، فهذا العام قدمت مسلسلات اجتماعية كثيرة في حين تقدم مسلسل واحد فقط ديني ولم يحظ بأي نسبة مشاهدة، الأساس أن الدولة كانت لا تهتم بإنتاج المسلسلات الدينية لكننا الآن نرجو ألا يستمر هذا الأمر، والجهات المسئولة لا تقصد أن تنتج عملاً دينياً لكنها تنتجه فقط لمجرد التواجد. وأضاف أنا على يقين أن الاتجاه الإسلامي لابد أن يكون طريقه الصحيح في إنتاج مسلسلات دينية فهو لن يعطيها أكثر من حقها وحتي لو الحكم ليس إسلامياً لكنه يفكر مع المصلحة العامة سيعطي للمسلسلات الدينية هذا الحق، فهذا الاتجاه ليس نابعاً من الاتجاه الديني للدولة لكنه نابع من تصحيح أوضاع خاطئة، وقال إن مسلسل أسماء بنت أبي بكر مازال حتي الآن يبحث عن وسيلة للخروج رغم انتهائى من كتابة المسلسل من ثلاث سنوات وقيام الفنانة صابرين بعمل بروفات ولكن قطاع الإنتاج المنتج للمسلسل يتكاسل بشكل غريب في الوقت الذي يدفع فيه فلوساً كثيرة لمسلسل كاريوكا وغيره وهو ما يحزنني. صابرين: غياب التجارب الجدية السبب في الانهيار وقالت الفنانة صابرين إن السبب الحقيقي وراء انهيار الإنتاج المصري في تقديم مسلسلات دينية هو عدم وجود مساع حقيقية وتفكير جدي في تقديم أعمال محترمة، وهو ما يحدث معي مثلاً منذ ثلاث سنوات عندما عرض على قطاع الإنتاج مسلسل أسماء بنت أبي بكر ومن وقتها لم يتم اتخاذ أي خطوات دقيقة وأنا لن أقدم شخصية دينية إلا إذا كانت ذات تكلفة عالية جداً وديكورات جيدة، ويحظي بكل معايير النجاح، لأنه عمل يجسد شخصية مهمة جداً في تاريخ البشرية لا يمكن أن نهينها أو نقدمها بشكل لا يليق. رشوان توفيق: الحل في يد القنوات الفضائية والمنتجين وأكد الفنان الكبير رشوان توفيق أن الفنان المصري يتمني لو يقدم أعمالاً دينية طوال الوقت، والدليل أننا حتي عندما نقدم أعمالاً اجتماعية فيكون هدفنا ترشيد السلوك ونشر القيم والمبادئ، وهذا ما حدث معي مثلاً في مسلسل «أين قلبي» أو «الليل وآخره» فهم يدعمون قيم الدين وأن النهاية دائماً سيئة علي الظالم، أما المسلسلات الدينية في مصر فكانت طوال الأيام الماضية تواجه أزمة خطيرة تنحصر في أن تقديم مسلسل محترم مثل «هوامش السيرة» و«عمر بن عبدالعزيز» وهي تحتاج تكلفة كبيرة فبدأت شركات الإنتاج الحكومية والمختصة بإنتاج تلك المسلسلات في وضع ميزانية محدودة وشخصيات بعينها وأيضاً المؤلفون المسئولون عن الكتابة في الدين أغلبهم انتقل إلي رحمة الله ومنهم محمد محمود شعبان وعبدالسلام أمين وبالتالي افتقدنا إلي المسلسلات المحترمة، بالإضافة إلي المنتج الخاص يهرب دائماً من إنتاج المسلسلات الدينية لأنه يعلم أن القنوات تضعها في أوقات سيئة جداً في العرض وبناء عليه يلجأون للمسلسلات الاجتماعية التي يسهل توزيعها ولذلك أعتقد أن عودة الروح للمسلسلات الدينية في يد الحكومة التي لابد أن تصرف جيداً علي تلك المسلسلات وأيضاً في رقبة أصحاب القنوات الفضائية الذين لا بد أن يجعلوا من عرض مسلسلاتهم رسالة وليس فقط وسيلة لجمع المال.