برلماني: الدولة تسعى لتحسين التجربة السياحية وترسيخ مكانتها بالخريطة العالمية    إزالة 17 حالة تعد جديدة على نهر النيل بدمياط    «إجيماك» تتفاوض مع بنوك محلية للحصول على قرض بقيمة 700 مليون جنيه    واشنطن «غير أكيدة» من وضع قوات كييف...رئيسة ليتوانيا: هذه هي مساعدات أمريكا الأخيرة    غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة بجنوب لبنان    مدرب يد الزمالك يعقد جلسة فنية مع اللاعبين قبل لقاء الترجي    حملات تموينية على الأسواق في الإسكندرية    مفاجأة إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز ضيفة «صاحبة السعادة» في شم النسيم    الطلاق 3 مرات وليس 11..ميار الببلاوي ترد على اتهامات شيخ أزهري    رامي جمال يتخطى 600 ألف مشاهد ويتصدر المركز الثاني في قائمة تريند "يوتيوب" بأغنية "بيكلموني"    أحمد حسام ميدو يكشف أسماء الداعمين للزمالك لحل أزمة إيقاف القيد    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    ختام امتحانات النقل للمرحلتين الابتدائية والإعدادية بمنطقة الإسماعيلية الأزهرية (صور)    غدا انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة بالتجمع    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    مجرم في كهرباء الجيزة!    السر وراء احتفال شم النسيم في مصر عام 2024: اعرف الآن    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب النسخة العاشرة    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الرئيس التنفيذي للجونة: قدمنا بطولة عالمية تليق بمكانة مصر.. وحريصون على الاستمرار    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    أمن أسيوط يفرض كرودا أمنيا بقرية منشأة خشبة بالقوصية لضبط متهم قتل 4 أشخاص    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    بايدن: لن أرتاح حتى تعيد حماس الرهائن لعائلاتهم    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    الصين: مبيعات الأسلحة من بعض الدول لتايوان تتناقض مع دعواتها للسلام والاستقرار    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريف عمر: الأطباء غير مؤهلين ولا يتلقون تدريبًا كافيًا
نشر في الوفد يوم 09 - 11 - 2016

أرجع الدكتور شريف عمر، عميد معهد الأورام الأسبق، والذى رأس لعدة سنوات لجنة الصحة فى البرلمان، تدهور المنظومة الصحية فى مصر إلى أواسط السبعينيات، حين تراجعت ملفات التعليم والصحة فى اهتمامات الدولة لصالح الأمن والطعام والشراب.
واعتبر أن قرار إغلاق مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات الصغيرة والذى اتخذ فى أواخر عهد مبارك «كان كارثيًا» لأن هذه المراكز كانت تقدم خدماتها للفقراء بأقل تكلفة.
وقال إن انخفاض مستوى الإنفاق على الصحة وضعف تدريب الأطباء والفنيين وهيئات التمريض وسوء توزيع الكوادر المهنية على المحافظات «تحديات كبرى تواجه تطوير المنظومة الصحية».
وطالب الدولة بالتدخل لعلاج الفقراء من المرضى، خصوصًا مرضى الأمراض المبرحة مثل السرطان والقلب وأمراض الرئة، باعتبار أن الصحة من الحقوق الأساسية للإنسان التى أكد عليها دستور 2014.
وشدد «عمر» على أهمية تطوير قانون الجامعات لتحقيق التنافسية والارتقاء بمستوى الأطباء وتحويل الجامعات إلى «بيوت خبرة فى الخدمات والمعرفة ذات الصلة».
وعاب على صناعة الدواء فى مصر اقتصارها على استيراد المكونات وتعبئتها وتغلفتها، مطالبًا بإنشاء مصانع للخامات الدوائية، ما سيؤثر بالطبع على تكلفة الدواء.
وبرأيه فإن نظام التأمين الصحى الحالى «غير مقبول ويعانى الترهل والبيروقراطية ويحتاج إلى إعادة هيكلة.
وأكد على الدور المهم الذى يمكن أن يلعبه القطاع الأهلى والقطاع الخاص بموازاة القطاع الحكومى لإصلاح المنظومة الصحية، مشترطًا أن يكون ذلك تحت نظر وتشجيع ودعم الحكومة.
وإلى تفاصيل الحوار:
صف لنا الوضع الصحى فى مصر؟
مصر كانت تتميز فى مجال الرعاية الصحية فى العصر الحديث من خلال الصحوة التنموية التى أحدثها «محمد على»، واستمر هذا الوضع المتميز حتى منتصف السبعينيات، ثم فقدت مصر رويدًا، رويدًا ريادتها الطبية نتيجة عدم تحديث المنشآت الصحية، بما فيها كليات الطب، وقبول أعداد كبيرة من الطلاب تزيد على القدرة الاستيعابية لهذه الكليات، ما أدى إلى ضعف مستوى التعليم والتدريب، وتراجع مستوى أعضاء هيئات التدريس، نتيجة القوانين التى لم تراع التنافسية كمؤشر للتميز، وتراجع البعثات العلمية، وعدم الاهتمام بالبحث العلمى الجاد، وتسرب المتميزون من أعضاء هيئة التدريس للعمل فى الخارج، ونتج عن ذلك تدهور مستوى التعليم والخدمة الصحية، والمعاناة الكبيرة لمحدودى الدخل والفقراء فى الحصول على مستوى علاجى مناسب. وبشكل عام فإن الحالة الصحية فى المجتمع تعكس مستوى تنميته، ويعتبر العمر المتوقع عند الميلاد، ونسبة الإنفاق فى مجال الصحة معيارين جيدين للحكم على الحالة الصحية للسكان. وتشير مؤشرات الصحة والسكان إلى أن عدد سكان مصر يقترب من المائة مليون نسمة بزيادة سنوية 2.1٪، وتبلغ نسبة السكان أقل من 15 سنة 31.5٪ ونسبة من تجاوز سن 65 سنة 3.7٪، معدل الإعالة 54.6٪ ويعيش 43٪ من السكان فى الحضر، و50٪ منهم يعيشون فى 1105 مناطق عشوائية تفتقر إلى الخدمات الأساسية مثل المياه النقية والصرف الصحى والسكن المناسب، وهناك أسر تعيش فى المقابر وتحت أسطح الكبارى، هذا بخلاف أطفال الشوارع، وهم ظاهرة شديدة الخطورة، ونسبة الكثافة السكانية، فى القاهرة والإسكندرية حوالى 100.000 نسمة فى الكيلو متر المربع، ومتوسط العمر 70.4 سنة بنحو 69 سنة للإناث و71.7 سنة للذكور، وهذا معدل منخفض مقارنة بالدول العربية، ويوجد تفاوت فى مؤشرات الصحة بين الوجه القبلى والوجه البحرى، وبين الحضر والريف فى جميع الأقاليم وأيضًا بين الأغنياء والفقراء، باختصار فإن محصلة الصحة العامة تتجه لصالح الحضر وبالطبع لصالح الأغنياء.
وما الأمراض المتوطنة فى مصر؟
البلهارسيا فى نهايتها، ولكن ظهر حاليًا مرض التليف الكبدى، والالتهاب الكبدى الوبائى النوع (C) تبلغ الإصابة به 18.9٪، أما النوع (B) فالإصابة 4.5٪ فى حين يمثل ضغط الدم المرتفع 26٪ ومرض السكرى 9٪ من عدد السكان، هذا بخلاف مرض الدرن المرتبط بالفقر، وسوء التغذية، والحقيقة أن الدكتور «عوض تاج الدين» قدم جهدًا كبيرًا فى علاج مرض الدرن خلال وجوده بالوزارة، وأيضًا مرض الخلايا متوطن فى الفيوم والشرقية، وما زالت مصر تعانى وطأة الأمراض المعدية الأخرى مثل الأنفلونزا الموسمية والكوليرا والتيفود، إضافة إلى الأمراض النفسية والعقلية والإعاقة، حيث تشغل 60٪ من الأسرة مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية، كما بدأ يظهر التقزُّم بسبب سوء التغذية فى الصغر، كما أن وفيات الحوادث المرورية والإصابات غير المميتة عن حوادث المرور من النسب الأعلى فى العالم.
ما المشكلة التى تعرقل علاج الأمراض المزمنة؟
أكبر مشكلة هى عدم وجود آلية للتشخيص المبكر وقصور فى التسجيل، وبالتالى عدم القدرة على تقييم حجم المشكلة، إضافة إلى عدم وجود نظام يعمل على تحويل الحالات المرضية إلى مراكز متخصصة مثل معاهد ومراكز السرطان ومعهد القلب ومستشفيات الأمراض الصدرية، وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفيات، ويليها مرض السرطان الذى يسجل ظهور 113 حالة سرطان جديدة لكل 100 ألف مواطن كل عام.
وماذا عن أثر العوامل البيئية على الصحة العامة؟
نسبة معدن الرصاص فى هواء المدن مرتفعة؛ نظرًا إلى شدة الازدحام وعدم تفعيل قوانين البيئة، ما أدى إلى تنامى الاستثمارات الأجنبية فى الصناعات الملوثة مثل الأسمنت والسماد والألومنيوم، والتى تحجم الدول المتقدمة عنها ترشيدًا للطاقة وحماية لصحة مواطنيها.
وهذا يعنى تصدير الصحة الجيدة إلى مواطنى هذه الدول، واستيراد سوء الصحة لمواطنينا، وحتى الآن لا يوجد فى مصر مدفن آمن للنفايات الخطرة، والفقر من أشد العوامل المؤدية إلى تدنى مستوى الصحة فى مصر، ويزيد فى محافظات أسيوط وسوهاج والشرقية والبحيرة، وهذه المحافظات الأكثر فقرًا.
وماذا عن قدرة المستشفيات والمعاهد على توفير الرعاية اللازمة للمرضى؟
الخدمة الصحية والعلاجية بها 139619 سريراً منها 33063 فى القاهرة و10930 فى الجيزة، و10092 فى الإسكندرية، ولكن عدم قدرة المستشفيات الحكومية على الإنفاق بالقدر الكافى لهذا العدد من الأسرة يجعل إشغال المستشفيات بنسبة 50٪.
أما الرعاية الصحية الأولية فيها 4254 وحدة موزعة على القرى منها 298 فى المستشفيات المركزية فى المدن الصغيرة، و237 مراكزاً للأمومة والطفولة، أما مستشفيات التكامل القروية فعددها يزيد على 500 مستشفى صغير سعة 15 سريرًا، ولكنها لا تعمل، أيضًا مستشفيات الحميات لا تعمل بكفاءة منذ عام 2005، أما مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية فتشغل من أسرتها 60٪ للمرضى المزمنين، وهذا يقلل من كفاءتها فى القيام بدورها فى علاج الحالات الجديدة.
ولماذا لا تعمل مراكز الرعاية الصحية؟
لأن أحد وزراء الصحة فى أواخر عهد «مبارك» أصدر قرارًا بإغلاق مستشفيات الرعاية الطبية فى البداية، ثم أغلق المستشفيات الصغيرة كلها، وكان قد تم اختياره وزيرًا بعد حصوله على الدكتوراه بيوم واحد، وقلت له: يا دكتور الناس غلابة وفقراء فى المحافظات فلماذا تغلق هذه المراكز، وهى تقدم الكشف وصرف الدواء وبعض البحوث المعملية البسيطة؟ فقال: «لو انت زعلان أعطيك مستشفى تديرها»، وللأسف القطاع الطبى حينها كان مفسداً إلى أقصى درجة.
وما التحديات التى تواجه الارتقاء بمستوى الصحة فى مصر؟
أهم التحديات هو انخفاض مستوى الإنفاق الحكومي، والتفاوت الكبير فى القدرات المؤسسية بين المحافظات، إضافة إلى سوء توزيع الكوادر المهنية التى لا تتوفر بصورة متكافئة على كل المستويات وفى كل الأماكن، هذا مع ضعف القدرات التدريبية للأطباء الجدد وهيئات التمريض والفنيين، وكذلك ضعف الإدارة الصحية والإشراف على توجيه الخدمات فى المناطق النائية، وانخفاض مستوى الجودة فى الأداء مع ضعف واضح فى المجال الخدمى فى المستشفيات؛ نظراً إلى ضعف مستوى الخريجين وضآلة حظهم من التدريب، وعدم تفرغ الاستشاريين فى التخصصات المختلفة وتفتيت جهودهم بين العمل الحكومى والقطاع الخاص، نظراً إلى سوء المرتبات الحكومية، وعدم وجود نظام عادل للتفرغ الكامل للعمل فى مؤسسة صحية واحدة.
وكيف ترى إمكانيات هيئة التمريض؟
هيئة التمريض فئة مظلومة ظلماً فاحشاً لأن تعليمهم سطحى وتدريبهم غير كاف، مع عدم تقدير المجتمع لدورهم وعملهم فى الفريق الطبي، بالإضافة إلى أن ساعات العمل لهم طويلة، ويكبلون بالحفاظ على العهدة الطبية، وهذا النظام غير معمول به فى العالم كله، لأن معظم الأدوات الطبية تستخدم مرة واحدة وتنتهى لعدم تداول الفيروسات والميكروبات بين المرضي.
دكتور شريف كنت تتولى رئاسة لجنة الصحة فى مجلس الشعب لمدة 10 سنوات فلماذا لم تفعل الصواب؟
عملت كل ما أستطيع فعله، من دراسات وتقارير وأبحاث ولو أن أى فرد ذهب إلى مجلس النواب وطلب تقارير دكتور «شريف عمر» سيجدها، لدرجة أن الزميل الذى تولى رئاسة لجنة الصحة من بعدى قال: دكتور «شريف» عمل كل شيء فماذا سنفعل؟! وأنا الوحيد فى مصر الذى حصل على وسام العلوم والفنون مرتين، ووسام الاستحقاق الفرنسى من الرئيس «ساركوزي» وكنت ثالث مصرى يتم انتخابه عضواً لاتحاد المجلس العالمى للسرطان بعد الدكتور «لطفى أبوالنصر» الذى أنشأ معهد السرطان القومى فى الأربعينيات، ثم الدكتور «إسماعيل السباعي» الذى علمنا الجراحة الحديثة فى الستينيات، وأنا الثالث ثم انتخب الدكتور «حسين خالد» وهو المصرى الرابع فى هذا المنصب أول نوفمبر 2016 وكنا معه ندعمه.
ماذا يفعل المرضى الفقراء مع الأمراض المكلفة فى علاجها؟
على الدولة أن تتدخل لعلاج المرضى الفقراء من الأمراض المبرحة مثل السرطان والقلب وأمراض الرئة، وحوادث الطرق وحالات الولادة الصعبة المتعثرة، فمثلاً السرطان فيه حالات تحتاج حقنة يصل سعرها إلى 12 ألف جنيه وأخرى 18 ألف جنيه والمريض يحتاج على الأقل 8 حقن فى 8 أسابيع أو 8 أشهر، ولهذا لا بد أن تغطى مظلة التأمين الصحى محدودى الدخل دون أن يتحملوا أى مبالغ للعلاج، والعمل على وجود تأمين صحى آخر مدفوع القيمة يكون اختيارياً.
ما أولويات ترتيب ملف الصحة والتعليم فى ملفات الدولة؟
للأسف ملفا الصحة والتعليم فى ترتيب متأخر لدى الدولة نتيجة زيادة الفقر وهو عامل معاكس، ولهذا تأخرت هذه الملفات بعد ملفات الأمن والطعام والشراب، الآن الفقر متربص بنا فى كل خطوات حياتنا، وترتيبنا دولياً فى التعليم والصحة غير مشرف. علماً بأن الصحة حق من الحقوق الأساسية للإنسان التى أكد عليها دستور 2014، وتعتبر الرعاية الصحية من الوسائل الجوهرية لحماية هذا الحق، ما يستدعى توفيرها للمواطنين دون معوقات اقتصادية أو اجتماعية أو تمييز ثقافى أو اجتماعى وجعلها سهلة المنال، لأن الصحة لا تعنى خلو الإنسان من المرض البدنى أو العاهات، فهى أكثر من ذلك.
إذن ما هو تعريف الصحة؟
الصحة هى حالة اكتمال الإنسان من الناحية البدنية والنفسية والاجتماعية والروحية، ويعنى هذا أن يكون الإنسان قادراً على تحقيق كافة أساسيات الحياة الصحية من مسكن وغذاء صحى وملبس مناسبة ومياه نقية وصرف صحي.
وما متطلبات رفع مستوى الصحة فى مصر؟
أولاً يحتاج تطوير العملية التعليمية بالجامعات إلى تطوير قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972، ويشمل تنظيم تفرغ عضو هيئة التدريس، وأسلوب مكافآته، وتعديل نظام الترقية ليحقق التنافسية والارتقاء العلمي، ثم التفرغ للبحث العلمى الجاد فى مجالات العلم والمعرفة، ووضع ضوابط لاستقلالية الجامعة فى أن تكون بيت خبرة فى الخدمات والمعرفة ذات الصلة، والحصول على دخل نتيجة ما تقدمه من خدمات لمجتمع الأعمال ليضمن لها تمويلاً ذاتياً.
وما قدرات وإمكانيات الممارس العام؟
الممارس العام فى مصر بعد الامتياز لا شيء، ولا يمارس الطب بأساس قوى ومتين، ولا يصلح لتقديم الخدمة الحقيقية الحديثة للمرضي، وبعد ذلك يحصل على درجة الماجستير، ولأن الأستاذ المشرف عليه غير متفرغ له فيتخرج نصف إعداد، ولكننا نطلق عليه «أخصائى»، وتكون قدراته فى العمل غير آمنة، وهذا أحد الأمور الخطيرة، ثم يحصل على درجة الدكتوراه لأنه يريد أن يقول إنه درس وتعلم.
ما الحل.. وكيف يتم إعداد الممارس الجيد؟
الحل فى تطبيق نظام التفرغ الجغرافى كما فى أمريكا، حيث يعمل الطبيب فى مستشفى واحد، ويسمح له بعيادة خاصة داخل المستشفى الذى يعمل به، وهو الذى يوفر له الممرضة والآلات والمعدات ويحصل على نصف دخل العيادة، فيجود فى أدائه ويعلِّم ويدرب مساعديه ويحسن رعاية مرضاه، ويتم تشجيعه على القيام بالبحث العلمى مع فرصة للكسب الشخصي، وهذا التفرغ الجغرافى استبدال للعيادات داخل المستشفى الذى يكون تحت مراقبة الهيكل الإدارى له.
الأطباء حالياً استطاعوا الوقوف أمام الحكومة بالإضرابات والاعتصامات فكيف ستلغى لهم عياداتهم؟
لو تم تطبيق نظام التفرغ الجغرافى سنبدأ مع الأطباء من البداية، بأن يظل الطبيب 3 سنوات فى المستشفى ثم يختار بين التفرغ الجغرافى الكامل أو العمل فى القطاع الخاص سواء عيادة أو مستشفى خاصاً.
وكيف يمكن تحقيق التنافسية للارتقاء بالأداء المهنى للأطباء؟
هذا التنافس يتم بشرط أن تكون جميع وظائف القطاع الطبى بالإعلان سواء فى قطاع الريف أو فى قطاع المستشفيات أو الجامعات، لأن الإعلان يوضح للمتنافسين المزايا والمرتبات التى سيحصل عليها الطبيب، ولا يعقل حاليًا مساواة الطبيب فى المدن الكبرى بالطبيب فى الصحراء أو فى أطراف المدن من حيث المرتب والمزايا المختلفة، كما يمكن أن يكون العمل بالتعاقد لمدد تصل إلى 5 سنوات.
وكيف يتم تطوير منظومة الرعاية الصحية؟
بالارتقاء بالأطباء والتمريض والعاملين عن طريق التدريب التقنى فى التخصص، والتدريب على سلامة وأمان المريض، والتدريب على إدارة المخاطر، وإدارة الكوارث، والاستفادة من كافة الموارد التقنية مثل الأجهزة الطبية، وتفعيل متابعة الصيانة الدورية، ودعم كافة مراكز التميز خاصة التى تقوم بعلاج ومتابعة مرض الأورام والكلى والكبد.
وكيف يمكن مواجهة الأمراض غير المعدية؟
تشكل الأمراض غير المعدية مثل السرطان ومرض السكرى، وأمراض القلب والصدر، والأمراض النفسية والعقلية والإعاقة خطرًا جديدًا على المجتمع، لذك تحتاج خطة قومية للوقاية والاكتشاف المبكر، وحسن العلاج لهذه الأمراض لتصبح جزءًا لا يتجزأ من نظام تقديم الخدمات الصحية، وتكثيف الجهود للحد من مخاطر مسببات هذه الأمراض، كمكافحة التدخين، وتحاشى السمنة وزيادة الوزن.
وماذا عن التعامل مع الأمراض المعدية؟
توجد شبكة واسعة من خدمات الرعاية الصحية الأولية موزعة توزيعًا جيدًا منذ بداية ظهور وزارة الصحة ككيان مستقل 1936، واهتمت بالوقاية من التيفود، والكوليرا وشلل الأطفال والحصبة والدفتيريا، والجدرى، والبلهارسيا، وقد تحققت نتائج ملموسة فى الوقاية من هذه الأمراض، والآن تستنفر جهودها لمجابهة الالتهاب الكبدى الوبائى من نوع «C» لأن التطعيم من الالتهاب الكبدى الوبائى «B» أصبح إجباريًا على مستوى الجمهورية.
وكيف يتم رفع كفاءة خدمة الطوارئ؟
فى الفترة الأخيرة ازدادت حوادث الطرق، بشكل لافت للغاية، وهذا يتطلب تغييرًا جذريًا فى منظومة سلامة الطرق، أما ما يخص خدمة الطوارئ والإسعاف، فيجب أن تكون أكثر كفاءة، ويمكن الاستفادة بالنظام الفرنسى الذى يحدد دوائر جغرافية لمراكز استقبال الحوادث وحركة سيارات الإسعاف، على أن تجهز المراكز تجهيزًا خاصًا بما فى ذلك توافر الأخصائيين، مع التمييز فى التجهيزات اللازمة لسرعة التشخيص والعلاج وقد حان الوقت لاستخدام الإسعاف الطائر.
وهل الإصلاح سيتطرق إلى صناعة الدواء أم تظل تحت سيطرة المستثمر؟
بالطبع صناعة الدواء تقسم بالأهمية الاستراتيجية، وليس المقصود استيراد المكونات وتعبئتها وتغليفها، كما يتم الآن، ولكن لا بد من صناعة الخامات الدوائية، وإنشاء مصانع للخامات الدوائية فى مصر سيحظى بنجاح متميز نظرًا للتنوع البيولوجى المصرى الغنى بالنباتات الطبية الصحراوية، والتى ستكون من أصول هذه الصناعة، وستؤثر بالطبع على تكلفة العلاج.
هل توجد عوامل أخرى مثل أهمية الأمان الغذائى؟
بالطبع لأن الرقابة على الغذاء ومياه الشرب أمر مهم جدًا لأنه مرتبط بالأمراض المعدية مثل التيفود، والكوليرا، والفشل الكلوى والكبدى بل ومرض السرطان، ولهذا يجب وضع سياسة واضحة تضمن سلامة الغذاء والمياه وفقًا للمواصفات العالمية وتشرف على تنفيذها جهة مركزية متخصصة لها القدرة والكفاءة على الرقابة وإنفاذ التشريعات.
ويمكن الاستفادة من تجربة الهند لأنها تعانى مشكلات مماثلة، ولكن أصبحت تجربتها ناجحة فى رفع مستوى الأمان الغذائى والصحى.
وماذا عن خدمات التأمين الصحى غير الجيدة؟
التأمين الصحى الحالى غير مقبول بسبب الخدمة غير الجيدة التى يقدمها، حيث يشرف عليه نظام أوحد يجمع بين التمويل وتقديم الخدمة فى وقت واحد، وفى جميع أنحاء الجمهورية، ما أدى إلى حالة من الترهل والبيروقراطية والعجز المالى المستمر.
وكيف يتم إصلاح هذا الترهل؟
الإصلاح يحتاج إلى إرادة سياسية تعيد هيكلة التأمين الصحى بفصل التمويل عن تقديم الخدمة، وتغيير الشكل الإدارى الحالى إلى هيئات حكومية منفصلة تتنافس فيما بينها على تقديم خدمة ذات جودة عالية تتيح للمواطن أن يفاضل بين خدمة وأخرى وأيضًا يمكن له وفق هذا النظام اختيار طبيبه المعالج.
ويمكن تقسيم التأمين الصحى طبقًا للشرائح المجتمعية، مثل وجود هيئة خاصة للموظفين، وأخرى للعمال، وهيئة لباقى أعضاء المجتمع كل حسب مستوى اشتراكاته، والحكومة تدعم الشرائح الفقيرة بإعفاءات كاملة لاشتراكاتهم.
وهل الصحة المدرسية ستلحق بالتطوير والإصلاح؟
بالطبع.. ولا بد من العودة إلى نظام الرعاية الطبية المدرسية الذى كان موجودًا حتى منتصف القرن الماضى، ويقدم التطعيمات ضد الأمراض، وتقديم عناصر غذائية لازمة للنمو مع تشجيع الأنشطة الرياضية والكشفية اللازمة لحسن البنيان الجسدى والمعنوي، ولكن نتيجة إهمال هذه الرعاية ظهر التقزم وضعف البنيان الجسدى للأطفال، ويظهر هذا فى عدم تأهيل نسبة عالية من الشباب المتقدمين للالتحاق بالكليات العسكرية.
وماذا عن دور القطاع الأهلى والقطاع الخاص فى المنظومة الطبية؟
القطاع الأهلى فى مصر له تاريخ مشرف فى تقديم رعاية صحية للمواطن الفقير ومحدود الدخل، ودور الجمعيات الخيرية مثل الجمعية الطبية الإسلامية، وجمعية المبرة، والجمعية القبطية تاريخ ما زال ممتدًا، ولهذا فإن دور القطاع الأهلى يجب أن يتسع وأن يكون تحت نظر وتشجيع ودعم الحكومة، حتى يزداد حجمه خاصة فى المناطق الفقيرة والمهمشة كما لا يجب إغفال دور القطاع الخاص، ويجب السماح له بمزيد من النمو وإشراكه فى المنظومة الصحية الوطنية، وعلى الحكومة متابعة عمله، وتقديم العون والتشجيع له ومنحه مميزات ضريبية تسمح له بالتوسع والارتقاء بخدماته.
وما الدور المجتمعى للأطباء تجاه المرضى؟
الحقيقة أن وضع الأطباء سيئ، لأن الطبيب دائمًا متهم بالإهمال، مثلاً أى عملية فى العالم يكون لها نسبة نجاح ونسبة فشل ونسبة وفاة حتى وإن كانت 5٪، ولو أصابت نسبة ال5٪ فهذه مسئولية العلم، وليست مسئولية الطبيب، ولكن فى مصر الاتهام يشير إلى الطبيب، ثم إن رواتب الأطباء متدنية، وكليات الطب بها أعداد أكبر من التجهيزات المتاحة، ويتم اختيار الأساتذة بالتعيين دون التنافسية التى تؤدى إلى التجويد، مع قلة التدريب والإعداد، نظرًا إلى عدم حصولهم على حقوقهم المادية، فسمح لهم بافتتاح العيادات التى أصبحت الهدف الأساسى فى حياة أى طبيب، ولهذا لا بد من القضاء على هذه السلبيات حتى يستطيع الأطباء القيام بدورهم المجتمعى على أكمل وجه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.