يخوض عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية منذ تعيينه من قبل العاهل المغربي رئيسا للحكومة بعد احتلال حزبه المرتبة الأولى 107 مقاعد في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 نوفمبر الماضى ، مفاوضات عسيرة لتشكيل حكومة تواجه انتظارات كثيرة وملفات اجتماعية شائكة. وما زاد من صعوبة هذه المفاوضات رفض حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ( يساري 39 مقعدا )أحد أهم أقطاب الكتلة الديمقراطية ، المشاركة في حكومة بنكيران والعودة إلى صفوف المعارضة امتثالا لقرار مجلسه الوطني ، واضعا بذلك حدا لمراهنات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية على إشراك كل مكونات هذا التكتل السياسي ، ولم يبق أمامه بالتالي سوى أحزاب الاستقلال (يميني محافظ 60 مقعدا) و التقدم والاشتراكية (يساري 18 مقعدا) فضلا عن الحركة الشعبية (يميني 32 مقعدا) العضو في التحالف من أجل الديمقراطية الذي يضم ثمانية أحزاب، فضل اثنان من أهمهما وهما التجمع الوطني للأحرار (وسط 52 مقعدا ) والأصالة والمعاصرة (47 مقعدا ) خيار الاصطفاف في المعارضة. وكان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قرر الانتقال إلى صفوف المعارضة تنفيذا لقرار مجلسه الوطني (بمثابة برلمان الحزب) اتخذ بشبه إجماع خلال اجتماع المجلس مؤخرا ، بعد أن شارك في كافة الحكومات منذ 1998. كما قرر حزبا (التجمع الوطني للأحرار) و (الأصالة والمعاصرة ) في بيان أصدره كل منهما بعد تعيين بنكيران ،التوجه نحو معارضة حكومته. وفي انتظار المواقف من المشاركة في حكومة بنكيران التي ستقررها غدا الأحد الهيئات التقريرية للأحزاب السالف ذكرها. وتحسبا لقرار مفاجئ من هذا الحزب أو ذاك، من المتوقع أن يجري رئيس الحكومة المعين مشاورات مع الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري (يميني 23 مقعدا ) العضو في التحالف من أجل الديمقراطية ليعرض عليه المشاركة في حكومته،تجنبا للوقوع في وضعية حرجة إذا ما فشلت الحسابات العددية في ضمان الأغلبية المطلوبة. ويلزم الحكومة المقبلة أغلبية مؤيدة لها تتجاوز 198 مقعدا من مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 395 مقعدا. ويسعى بنكيران إلى ضمان أغلبية مريحة لحكومته، بضم حزب الاتحاد الدستوري أو التقدم والاشتراكية علما بأن انضمام أحزاب (الاستقلال) و(الحركة الشعبية ) سيوفر 199 مقعدا فقط بما فيها المقاعد ال107 التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية، وهي أغلبية قد تبدو هشة في نظر المتتبعين للشأن السياسي المغربي . في هذا السياق اعتبر ندير المومني الأستاذ الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط في تصريح أن الاقتراحات التي قدمتها الأحزاب الكبرى في إشارة الى حزبي الاستقلال والحركة الشعبية خلال مفاوضاتها مع بنكيران بخصوص عدد ونوعية الحقائب الوزارية " يدخل ضمن نهج تكتيكي يشكل جزءا من استراتيجية هذه الأحزاب المتعلقة باقتسام المناصب الحكومية. وأضاف ندير المومني أن الأحزاب الأخرى التي أعلنت مبدئيا أنها ستكون جزء من الأغلبية الحكومية يتوقع أن تتقدم بطلبات تتجاوز وزنها الانتخابى مما قد يدخل مفاوضات رئيس الحكومة المعين في "عنق الزجاجة". وكان بنكيران قد أكد أمس خلال اجتماع اللجنة الوطنية لحزب العدالة والتنمية أنه بعد موافقة الأحزاب المشاركة في المفاوضات على الدخول في الحكومة المقبلة ، سيتم الانتقال خلال الاسبوع المقبل الى المرحلة المتعلقة بتفاصيل التحالف وخاصة توزيع الحقائب والوزارية والأشخاص المقترحين لتوليها . إلى ذلك ستكون الحكومة المقبلة في مواجهة ملفات شائكة وانتظارات اجتماعية عبرت عنها فئات عريضة من الشعب المغربي خلال مسيرات ومظاهرات نظمت على مدار السنة الجارية، ومن ضمنها محاربة البطالة والفساد وتوسيع الخدمات الصحية وإصلاح التعليم وتحسين عيش السكان الذين يعانون من الهشاشة خاصة في الأرياف. يشار إلى أن بنكيران أكد أن حكومته ستولي الأولوية لخمس قطاعات ذات صلة مباشرة بانتظارات المغاربة قائلا في هذا الصدد " لقد قمنا بتحليل الأوضاع في المغرب واتضح لنا أن المشاكل التي تعرفها البلاد مرتبطة أساسا بخمس قطاعات هي القضاء والتعليم والبطالة والسكن والصحة. و أظهر استطلاع للرأي حديث أجراه معهد فرنسي متخصص أن 82 في المائة من المغاربة يثقون في عبدالإله بنكيران . واستعرض الاستطلاع الذي أجراه معهد " إيل إم إس - سي إس أ " لحساب أسبوعية (أكتوال) المغربية ،الملفات ذات الأولوية التي يتعين على الحكومة القادمة الانكباب عليها والمتمثلة في مكافحة الرشوة ( 62 %) والسياسة الصحية (59 %) وإصلاح التعليم والتربية (51 %).